معزوفة منى زكى

ان تقف متفردا على قمة لم يصل لها فى جيلك سواك ، وان تقدم اداء تمثيلى يخطف مشاعر المشاهد لافاق بعيدة تصل به لكوكب جديد من الابداع لم يعرفه من قبل ، فهذا امر صعب للغاية ، ورغم ذلك استطاعت النجمة منى زكى ان تفعلها وهبطت وحدها على فوق ذاك الكوكب من خلال مسلسل او تحفة " أفراح القبة "
فى دور " تحية عبده " تمردت منى زكى على شخصية الفتاة الجميلة الكسيرة الوجدان ذات الملامح الرقيقة ونسقها الجسمانى الصغير ، ورغم انها بدأت التمرد على هذا الدور فى مسلسل " اسيا " الا ان دور تحية عبده سيظل احد اهم المحطات فى تاريخ منى زكى الفنى
استغلت منى زكى شخصية تحية عبده لتعلن عن مساحة جديدة من ابداعها حيث استخدمت نفس الملامح والجسد والعيون ووضعتها تحت سيطرة تحية عبده تلك الفتاة البائسة التى تنتمى لاسرة تملك تاريخ فاضح للغاية بل ومشين لتتحدث وترقص وتغنى بشكل مغاير تماما لما عرفت به حيث ظهرت معجونة بالتمرد والرفض لبيئتها وحياتها كلها ومحاولة تغييرها ولكن اصلها دائما ما كان يجذبها لتبدو دائما فى حالة صراع بين ما تسعى له وبين الواقع الذى لا يعرف وقتها الا الصعود بثمن ما
امتعتنا منى زكى بغوصها فى تفاصيل الشخصية التى قدمتها على الشاشة حتى صات هى وتحية عبده واحد لا يمكن ان تنفصل بينهما ، قدمت تلك النجمة الشابة أداء تمثيلى اقرب لالة الكمان داخل اوركسترا يقدم معزوفة موسيقية رائعة اسمها " افراح القبة " .
رغم التناقضات الموجودة فى شخصية تحية والصراع بين ما تريده والحاصل على ارض الواقع كما قلنا الا ان اداء منى زكى جاء يحمل عمقا شديدا ساعدها فى التلون كالحرباء حسب طبيعة وايقاع ونوع كل مشهد تقوم به فترى الذكاء ممزوج بالخبث والحذر فترى الرقة والانوثة الطاغية يتفاعل معها فى نفس الوقت الجبروت والقسوة ، تشاهد جمال الروح يقف امام قبح التفكير فى مشهد واحد ، تجد دلال الانثى يختلط باخلاق ابنة " الشرشوحة " سوسن بدر ، انه الاداء المدهش والبديع لمنى زكى او تحية عبده
مما لا شك فيه ان منى زكى تعيش حالة فنية بالغة النضج ساعدتها كثيرا فى خروج هذا الدور الذى بلا ادنى شك يقترب فى مستواه من فنانيين سبقوا منى للقمة بسنوات كثيرة مثل يسرا ويحيى الفخرانى ، لذا فإن دور تحية عبده صنع فارقا بين منى زكى ونجوم جيلها بلغ سنوات ضوئية عديدة ووضعها فى منطقة وحيدة ومتفردة ربما لن يصل اليها احد سواها من ابناء جيلها .
الخبرات الكبيرة التى اكتسبتها منى زكى عبر تجارب محسوبة بذكاء شديد وهو امر يكون احيانا اهم من الموهبة وهو ادارتها بشكل جيد عبر اختيارات متأنية وسليمة ودقيقة ايضا ، لذا لم يؤخذ عليها يوما انها قدمت عمل فنى يحمل ابتذال او حتى عرف حتى معنى لكلمة فشل
المتابع لمسيرة النجمة الشابة سيجد انها حافلة بتجار رصينة للغاية وان كان النصيب الاكبر للسينما الا انها بمسلسل " افراح القبة " ستتحمل اعباء اكثر السنوات القادمة حيث سيطالب جمهورها بمسلسل بنفس المستوى فى شهر رمضان كل عام لتمنحه نجمته المفضلة وجبة فنية بديعة الاحساس .