« الإعلام » على هوى الرئيس
الإثنين، 30 مايو 2016 04:17 م
اصبح من الواضح دون ادني شك ان خطة الادارة السياسية في مصر هي للسيطرة علي بوق الاعلام واعلان عصر جديد قد بدأت بالفعل ، وبات من المنطقي لاي متابع ان ينتظر شكل جديد تصوغه مجموعة متخصصة صدرت لها الاوامر بان تعيد تشكيل خريطة الاعلام المصري بما يتوافق ورؤى دولة "الرئيس"
هناك بالفعل معلومات اكثر من مؤكدة تتحدث حول مخطط بدأ منذ نهاية العام الماضي اهدافه هي السيطرة علي العقل المصري بشكل كامل ، اما عناصره فغير قابلة للحصر لكن ملخصها بدأ مع اعلان بيع قنوات اون تي في لرجل الاعمال احمد ابو هشيمة ، وهي اجرءات يعرف المتابعين للوضع السياسي انها بيعت للدولة وان ابو هشيمة ليس اكثر من برواز لتجمل الصورة
لكن المثير بالفعل ان هناك تحركات للخلف من اصحاب وملاك الاعلام ، فالجميع آمن واقتنع ان هذا العهد ليس عهده وان المعايير تغيرت ، وان قواعد اللعبة اصبح شعارها اما ان تكون معي او انت ضدي ، كما ترسخ مبدأ اهمية السيطرة علي الاعلام باعتباره الحاكم الفعلي والموجه للرأي العام ، واصبح من الضروري ترشيده ليس فقط اخباريا او حواريا لكن حتي علي مستوى الدراما
الكواليس تتحدث عن تفاصيل غاية في الاهمية ابرزها ان مصر ستشهد خلال السنوات المقبلة عودة كبيرة للدراما التلفزيونية لكنها ستكون بمعايير معينة – وهي خطة مباركية استخدمت ونجحت في حقبة التسعينات - ، الغريب ايضا ان جميع ملاك القنوات استسلموا بمنتهي السهولة وباعوا من اول جولة
فهناك من باع واراح رأسه مع الحصول علي مزايا مالية اضخم ، واخر طاردته ذنوبه "وبطحة" علي رأسه ،وثالث "ميع " قنواته وحولها الي "سلة " من برامج الترفيه السخيفة ، ورابع فضل الاختفاء تماما واصبحت مجموعة قنواته غير فاعلة ، والخامس فتح الباب علي مصراعيه لابواق مطلوب ظهورها ، وسادس اعلن شعار "عاش بطيخ الملك"
وكان من الواضح ان تلميحات الرئيس في خطاب شهير قبل اشهر عندما تحدث عن ازمات الاعلام عن وجود مصائب بالقطاع وخص احد المذيعين – خالد ابو بكر – ابان ازمة غرق الاسكندرية انها كانت كلمة السر بالفعل لاعادة هيكلة الاعلام المصري
ورغم تحسس الجميع وتأكدهم من نية الرئيس او الحكومة في هذا الشأن الا ان البعض نافق وتملص وراوغ لكن الكل يعلم ان النية ذاهبة الي اعلام شمولي علي طريقة كوريا الشمالية ، حيث دولة القناة الواحدة والتوجه الواحد دون غيره فالجميع يسير في خطوط متوازية هدفها واحد ومعلن ومحدد
لكن الغريب ان النظام لم يدرك ان الشعب الذي اسقط نظامين بمحض ارادته ، فان رأسه اكبر من مجرد السيطرة عليها بمجموعه من المذيعين التافهين ، وموضوعاتهم الموجهة وطريقتهم السقيمة التي مل منها المشاهد واغلق في وجهها ابواب رأسه حتي تحولت الي صراخ في مالطة
تناست الحكومة ان الاعلام الذي جامل مبارك لسنوات لم يفلح ان يحميه عندما ضاق بالمصريين الحال وتمكن المرض من اجسادهم والفساد من حياتهم ، الان وان كان لايعلم او لاتعلم اجهزة الدولة فالجياع زادوا والفساد تفحل ، والرأس اختمرت بان هناك حالة عك تعيشها البلاد ، وانه ليس بمجرد شراء قناة او انتاج مسلسل او تخصيص مجموعة للابداع واختراع مسلسلات تكرس لفكرة رب الاسرة هي من ستطعم الابناء وتحمي البيوت وتوفر الامان في الشوارع ، وتقاوم الجلوس علي المقاهي انتظارا لغيث السماء
فالمشروعات العظيمة مازالت بعيدة ان اصابع اطفال ينتظرون شروق الشمس وملامسة حياة كرية تقيهم شر التشرد والجوع والتفكك ، ولم تعد السياسة بمعناها تمنع الامراض الحكومية من ان تفتك باجساد ملايين البشر ، بعد ان توقفت مشروعاتهم وضاعت تحويشة العمر بسبب مضاربات وخناقات بنوك الحكومة وتجار العملة الصعبة
ما بيننا هو مشاكل صغيرة يمكن ان تحل بتكة زر لكنها تحتاج الي ارادة كالتي خططت لاقتناص صفقة اون تي في ، ارادة تتحدث عن واقع مر وشلل اصاب البلد في مقتل قد لاتشعر به الحكومة ، التي غفلت عن حالات انطلاق للنهب والسرقة
يكفي ان في بلادنا بادغال الريف قد عادت السرقات ، والقتل علي الرغيف ، والموت من اجل وظيفة ، واصبح متعلمي القرى يناطحون هم ايضا من اجل الحصول علي وظيفة وان كان الجميع تخلي عن فكرة الوظيفة الميري ، لكن يبدو انه لم يعد يشعر احد بعامة المصريين ، وظن البعض من المقربين او الرئيس نفسه ان توجيه بوصلة الرأس ستخمد حرائق البطالة وارتفاع الاسعار والفساد والظلم الذي تمارسه مؤسسات الدولة