«الراشى والوسيط» براءة بأمر الدستور.. مطالبات حول تعديل قانون العقوبات.. «أحمد عاشور»: عوار دستورى تشوب المادة 107 لابد من تعديلة.. و«مظهر فرغلى»: الرشوة هي العمود الفقري لجرائم الفساد

الأحد، 08 مايو 2016 08:54 م
«الراشى والوسيط» براءة بأمر الدستور.. مطالبات حول تعديل قانون العقوبات.. «أحمد عاشور»: عوار دستورى تشوب المادة 107 لابد من تعديلة.. و«مظهر فرغلى»: الرشوة هي العمود الفقري لجرائم الفساد
«رشوة الزراعة»
ايمان السيد

بعد أن أثارت القضية المعروفة إعلاميًا «رشوة الزراعة» جدﻻ واسعا للرأي العام، بعد أن خرج من القضية وسيط الرشوة محمد فودة براءة من القضية، بدأت مطالبات قضائية بتعديل نص مادة قانون العقوبات.

جدل واستياء

وأكد المستشار أحمد عاشور، عضو المكتب الاعلامى، بهيئة قضايا الدولة، أن إعفاء الراشى والوسيط فى قضية الرشوة الكبرى بوزارة الزراعة، تسبب فى جدل غاضب بين أوساط الرأى العام، وذلك لاعفاء متهم شريك فى الجريمة من العقاب، مما دعا المحكمة لمطالبة المشرع بتعديل المادة – 107- التى تنص على ذلك حتى لاتكون بابا خلفيا لإفساد الموظفين، وتشجيع الراشين على التمادى فى جرائمهم، ومتى سقطوا ضحوا بالمرتشى فى سبيل حصولهم على الاعفاء من العقاب بالقانون، فهى رخصة للفساد، بينما يعتبرها آخرون مهمة لكشف جرائم المفسدين.

وقال «عاشور» في تصريحات له، إنه لا شك أن الحكم الذى صدر باعفاء الراشى والوسيط من العقاب، فى القضيه التى أدين فيها وزير الزراعه الأسبق، ومدير مكتبه بجريمة الرشوه، استنادا الى نص المادة - ١٠٧- مكررمن قانون العقوبات، والتى تقضى "بأن يعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي، وهذا يؤكد وجود عوار دستورى به.

العمود الفقرى لجرائم الفساد

كما قال المستشار الدكتور مظهر فرغلى، عضو المكتب الفنى لرئاسه قضايا الدولة، إن الرشوة كما عرّفها قانون العقوبات في المادة 102 وما بعدها، وما استقر عليه الفقه والقضاء هي طلب أو قبول أو وعد موظف عام أو مكلف بخدمة عامة - لنفسه أو لغيره – عطية أو منفعة لأداء عمل من أعمال وظيفته، ولو توهم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته على خلاف الحقيقة.

وأضاف «فرغلي» أن الرشوة هي العمود الفقري لجرائم الفساد، فإن انتشرت واستفحلت في مجتمع أفسدته وكانت معول هدم في مفاصل الدولة، فهي تقع على الوظيفة العامة فتخل بالثقة في القائمين عليها لإتجارهم بالوظيفة العامة، وتؤدي إلى تفشي الفساد والإخلال بالمساواة بين المواطنين؛ لذلك اهتمت كل الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد - وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الذي تم التوقيع عليه في 2003 ودخل حيز التنفيذ عام 2005- بهذه الجريمة وبأهمية تجريمها ووضع التدابير اللازمة لمكافحتها وفقًا للمعايير الدولية.

وتابع: «مشرع في القانون القديم عام 1883 يعاقب كل من الراشي والمرتشي والوسيط بذات العقوبة، ولم يكن هناك إعفاء للراشي أو الوسيط من العقاب. وحين صدر قانون العقوبات الأهلي عام 1904 وضع نص مستحدثًا في المادة 93 يقضي بأنه»، ومع ذلك يعفى من العقوبة الراشي أو المتوسط إذا أخبر الحكومة بالجريمة أو اعترف بها"، وقد سار المشرع في قانون العقوبات الحالي على ذات النهج في المادة رقم 107 مكرر التي نصت على أنه "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي، ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها". بما مفاده أن إعفاء الراشي أو الوسيط يكون وجوبيًا على المحكمة في حالتين: حالة إبلاغه عن الجريمة مما يمكن جهات الضبط من القبض على المرتشي، وحالة الاعتراف بالرشوة بعد القبض على المتهمين.

وأكد «فرغلى» على ضرورة تعديل نص المادة 107 مكرر من قانون العقوبات بما يحقق الآتي: أن يقتصر الإعفاء الوجوبي من العقاب على حالة إبلاغ الراشي أو الوسيط للسلطات عن الجريمة قبل ضبطها، وأن يكون الإعفاء من العقاب اختياريًا للمحكمة حال اعتراف الراشي أو الوسيط بالرشوة بعد القبض عليهما، ويُترك تقدير الإعفاء الكامل من العقوبة أو تخفيفها للمحكمة حسب ظروف كل حالة وبشرط مساهمة هذا الاعتراف في إثبات إدانة المرتشي.

كما أوضح أن علة الإعفاء من العقاب أن جريمة الرشوه جريمة تتصف بالسريه ويحاط ارتكابها بالكتمان ويجتهد مرتكبوها فى إخفاء أمرها ويندر أن تترك آثارا تدل عليها ومن ثم كان جهد السلطات العامه فى تحقيقها وتعقب مرتكبيها ومحاكمتهم واقامة الدليل عليهم امرا عسيرا، ولذلك فان الراشى او الوسيط يؤدى خدمة للمصلحة العامه بالكشف عن جريمة الرشوه بعد وقوعها والتعريف عن الموظف الذى ارتكبها وتسهيل اثبات الجريمة عليه يستحق ان يكافأ عليها بالاعفاء من العقاب، ويتعين أن يتوافر فى الإعتراف أن يكون صادقا، ومطابقا للحقيقة والواقع ومفصلا يدل على نية المعترف فى مساعدة العداله.

ويظل حق الاعتراف والتمتع بالاعفاء قائما حتى اقفال باب المرافعة امام محكمة الموضوع، فلا يجوز ابداؤه أو التمسك به لأول مرة امام محكمة النقض، وعلى هدى ما سلف يتضح ان المشرع الجنائى عندما منح الراشى او الوسيط الاعفاء من العقوبة، فى حالة الاعتراف بدور كل منهما فى جريمة الرشوه التى وقعت فعلا، كان يحقق مصلحة عامه هى الكشف عن الموظف الخائن للامانة والثقة التى اودعت فيه، ومن ثم فان الغاء هذا الاعفاء او تقييده سوف يؤدى بالقطع الى افلات العديد من الموظفين الفاسديين من العقاب، وهو ما يضر بالمصلحة العامه كما وان المشرع الجنائى لم يقصر الإعفاء من العقاب على جريمة الرشوه وحدها، بل ان هذا النهج اتبعه ايضا فى جرائم احراز وحيازة المواد المخدرة.

وأكد أن وقف الموظف أو المسئول عن العمل مؤقتا للبحث فى مخالفة إدارية أو جنائية لا يحول دون مساءلته عن جريمة رشوة فى حالة اقترافها أثناء أدائه وظيفته، موضحا أن الاستقالة لا تجعله يعامل كمواطن عادى لأن العبرة بوقت ارتكاب الجريمة وبالتالى تنطبق مواصفات الجريمة عليه، مشيرا إلى أن القانون يشترط بالمنفعة أن تكون محددة فلا يمكن القبول بعرض الراشى منفعة على المرتشى دون تحديد لها، فيجب أن تكون معينة، وتدخل النقود والعقارات وكذلك المأكولات ضمن هذه المنافع، لإثبات الركن المادى لجريمة الرشوة، أما الركن المعنوى يتحقق بالعلم بغرض هذه العطية أو الرشوة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة