حكومة «خدم» رجال الأعمال.. صدمة التعديل الوزاري في حكومة شريف إسماعيل.. موظفو الشركات الخاصة وبنوك الاستثمار يديرون اقتصاد مصر .. بدلا من رجال الأعمال «القلعة وأوراسكوم والخرافي» بوابة الوزراء الجدد
السبت، 26 مارس 2016 04:24 م
أخيرا حدث التعديل الوزارى المنتظر الذى طالبت به قوى شعبية ونواب برلمانيون ورئيس الدولة نفسه الذى أبدى استياءا من اداء الحكومة وبعض وزرائها ورغم تعثر المشاورات والمفاوضات التى اخرت اعلان التغيير نتيجة اعتذارات وعدم قبول شخصيات مهام ثقيلة فى حكومة شريف اسماعيل الا ان التعديل الذى شمل ١٠ وزراء و٤ نواب حمل الكثير من المفاجآت وربما يصفها البعض بالصدمات فقط أعيدت الكره كالوزارة السابقة.
وأسندت حقائب المجموعة الاقتصادية الى شخصيات جاءت من القطاع الخاص ومن شركات كبرى وبنوك استثمار جانب كبير من نشاطها قائم على الخصخصة واستبعاد دور الدولة من النشاط الاقتصادي لقد وقع الاختيار على داليا خورشيد بدات حياتها المهنية كمصرفية ثم انضمت لشركة أوراسكوم للإنشاء كمدير تنفيذى وهى الشركة التى يملكها ناصف ساويرس وهو ما يطرح علامة استفهام لقد جاء اشرف سالمان وزير الاستثمار السابق من شركة سى اى كابيتال البنك الاستثمارى الذى يعمل في خدمات الوساطة في الاوراق المالية وإدارة الأصول ورغم ذلك فشل فى مهمته فى جذب استثمارات وفى إدارة ملف قطاع الاعمال العام الذى شهد على يديه تحقيق خسائر فضلا عن فشل مؤتمر شرم الشيخ الذى مر عاما على انعقاده دون نتائج مرجوة وكان سالمان بمثابة جوكر المؤتمر ولكنه لم ينجح فى الترويج لمشروعاته الى جانب عدم قدرة الوزارة على تنفيذ نظام الشباك الواحد وحل مشاكل المستثمريين فماذا فعل الاختيار من القطاع الخاص فى هذا الملف الهام
الصدمة الكبرى فى التعديل الوزارى كانت اختيار عمرو الجارحى لوزارة المالية عصب الاقتصاد المصرى والحارحى كان يشغل منصب العضو المنتدب للتمويل المؤسسى بشركة القلعة القابضة منذ عام 2013 وكان قبلها يتولى منصب نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك الاستثمار القومي منذ نوفمبر 2004، وقد اثار ذلك العديد من التخوفات من عودة رجال البيزنس للقطاع المالى كيف تفتح بطن الدولة المصرية على مصراعيها لخبراء هم مع اولويات الإنفاق على مجالات تبعد تماماً عن مفهوم العدالة الاجتماعية وعن سياسات المالية العامة المفترض ان توجه للخدمات ولقطاعات الصحة والتعليم وتحسين الأجور والتوظيف التخوفات تأتى من فرض ضرائب جديدة على الفقراء لسد عجز الموازنة البالغ ٢٤٠ مليار جنيه دون استخدام ادوات واليات غير تقليدية لسد العجز
لقد سالت وزير المالية السابق هانى قدرى قبل رحيله بأيام عقب اخر اجتماع لمحلس الوزراء حضره عن كيف سيسد العجز فى الموازنة الجديدة ؟ وهو قد انتهى من الموازنة بالفعل وقدمها لمجلس الوزراء فرد بثقة من الضرائب طبعا خاصة للضريبة المضافة وقال بالحرف " لازم تتطبق " رغم انخفاض قيمة الجنيه والغلاء السائد وتوقع الوزير السابق حصيلة ٣٢،٤٠٠ مليار جنيه من الضريبة الجديدة
لقد أشار زميلنا الصحفى الاقتصادى المميز وائل جمال ان رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير حين ادخل موظفى الشركات فى الحكومة نشر كتاب وقتها اسمه "الدولة الأسيرة " عن سيطرة شركات على بريطانيا اوضح الكتاب انه قد حصل تدهور فى الخدمات العامة والسياسة المالية ببريطانيا الدولة الراسمالية الكبرى بعد ما اتخذ قرارات لصالح المؤسسات التى كانت توظف هؤلاء الوزراء اصحاب هذه التجارب رفعوا شعار " البلد مش شركة "
هذا قد يقودنا الى قانون تعارض المصالح الذى لم يطبق فى مصر عموما ولا حين تختار الحكومة وزرائها
ايضا أسندت حقيبة السياحة وهى ركن هام فى دعم الاقتصاد الى محمد يحيى راشد مدير عام الاستثمار بمجموعة الخرافى وقيل انه يتمتع بخبرة عالية فى مجال ادارة الفنادق العالمية فى محاولة لاستعادة السياحة المهاجرة ايضا تولى محمد عبد العاطي وزارة الرى خلفا للوزير السابق حسام المغازى الذى فشل فى ادارة ملف سد النهضة وكان عبد العاطى يعمل في البنك الدولي، وارجع المحللون الاستعانة به لعودة علاقته الجيدة مع الخبراء الأثيوبيين بعد أن تولى رئاسة مكتب التعاون الفني بين دول النيل الشرقي "مصر والسودان وأثيوبيا" لعدة سنوات، مما مكنه من الاقتراب من القيادات الأفريقية التي تتفاوض حاليًا حول سد النهضة.
بالإضافة إلى ذلك فإن توليه رئاسة قطاع مياه النيل المسئول عن التعاون مع دول حوض النيل قد مكنه من قربه من مفاوضات سد النهضة
حمل التعديل الوزارى مفاجأة اخرى وهى عدم تغييرًوزراء التعليم والصحة اكثر الوزارات عرضة للانتقادات خلال الفترة السابقة حيث احتفظ الوزيران بحقائبهما وقد علق رئيس الوزراء على ذلك بقول غريب وهو ان ال٦ شهور الماضية غير كافية للحكم على ادائهما وانهما محملان بملفات ثقيلة تصريح اسماعيل حمل صدمة اكبر لانه غير وزراء آخرون بعد مضى نفس الفترة لم يشهد أداءهم هذا الكم من الانتقاد والمطالبة بالتغيير
وكان ابرز ما تضمنه التعديل عودة وزارة قطاع الاعمال العام بعد فصلها عن وزارة الاستثمار ليتولاها اشرف اشرقاوى وذلك بعد ان كان اخر تواجد ملف لها فى الحكومات المصرية فى عهد رئيس الوزراء الاسبق الراحل عاطف عبيد عام ٢٠٠٤ اى بعد غياب ١٧ عاما ويرجع المحللون ذلك الى اهمية ان تخصص وزارة مستقلة للشركات العامة التى شهدت تدهورا فى أدائها خلال تولى وزير الاستثمار الاسبق اشرف سالمان ومن قبله وزاراء آخرون. وأسندت الوزارة الى الشرقاوى الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية فى عهد حكومة نظيف والذى وصفه البعض بالوجه القديم لوزارة جديدة
لوحظ فى التعديل عودة الدكتور جلال السعيد الذى كان محافظا للقاهرة الى شغل منصبه للقديم كوزير للنقل والمواصلات فى حكومة الدكتور كمال الجنزورى عام 2011. وهى من الوزارات التى شهدت مفاوضات ومشاورات عديدةبشان من يتولى مسئوليتها بحسب ما ذكرته مصادر نظرا لزيادة اعباء هذه الوزارة
ياتى التغيير الذى شمل ثلث حكومة شريف اسماعيل تقريبا تعبيرا عن عدم رضاء الرئيس السيسى عن اداء الحكومة ورغبة فى ان تحظى برضى نواب البرلمان بعد عرض برنامجها الاسبوع المقبل وخرص السيسى خلال اجتماعه بالحكومة بتشكيلها الجديد على اسناد تكليفات محددة وواضحة اعتمادا على ان التعديل الوزارى على الاشخاص دون السياسات لن يحقق انجازا على الارض