وفتح المزاد علي رقبة الزند
الثلاثاء، 22 مارس 2016 06:32 م
من العقل التسليم الفوري القاطع الساطع بأن المستشار احمد الزند وزير العدل قد أخطأ بالفعل خطأ جسيما ، في انزلاقه المندفع الي القول مستفزا ،بفتح الفاء ، ومستفزا ، بكسر الفاء، بأنه مستعد أن يحبس " نبي " ، ولم يقل النبي ، وقد استدرك فقال صلي الله عليه وسلم ، فذهب المعني الي النبي محمد صلي الله عليه وسلم ، ثم أتبع ذلك بالإستغفار إذ أدرك علي الفور أنه ارتكب شططا ، وذهب بعيدا في الإحساس بالذات ، وبما تحت يديه من سلطان العقاب بالحبس لنبي ، إذا خالف القانون .
منذ اللحظة التي رفع فيها الزميل حمدي رزق. عينيه متسائلا في دهشة ، " تحبس صحفيين "استفزت لسان الوزير ، فتفوه بما اعتذر عنه في اليوم الثاني ، أقول منذ تلك اللحظة ، وشعب الفيس بوك أعلن المظاهرات ، والاحتجاجات ، واحتل الميادين الإليكترونية ، رافعا البوستات المنددة والمكفرة ، والمطالبة بعزله علي الفور أسوة بسلفه محفوظ صابر الذي انزلق الي ما يقال سرا ولا يجهر به عرفا في المجتمع المصري ، من أن ابن الزبال لا يولي القضاء !
علي الخط كانت الحكومة ، وبالتأكيد الرئاسة ، والرئيس متدين ، والزند تربية اب شيخ قرية ، وهوحافظ للقرآن الكريم ، وخريج شريعة الأزهر ، وبالطبع ، كانت تقارير قياس الرأي العام تبقبق من الغليان الشعبي الإليكتروني .
كان الفيس بوك قد طرح سؤالا واحدا يفضي بأي مستجيب للرد بإجابة واحدة : كان السؤال : هل تقبل حبس النبي محمد علي يد أحمد الزند( مع بعض ألفاظ السباب ونزع التدين عن الرجل )؟
وكانت الإجابة الحتمية هي :
- الإ رسول الله .. الإ رسول الله .
ثم كان السؤال التالي : ما دمت ممن الله عليهم بالإيمان فماهي في نظرك وعقيدتك الخطوة التالية الواجب العمل بها مع من جرؤ علي التهديد بحبس نبي الاسلام محمد ؟!
ولأن المزاد انفتح ، تبارت الألسن ، ورفعت الرايات ، واحتشدت الحشود .
كل ذلك وعين الحكومة علي شعب الفيس وشعب تويتر وشعب انستجرام وشعب انستجرام ، وشعب الواتس آب، ولابد ان الحشود ذكرتها بحشود ليلة ٢٥ يناير ،٢٠١١، فهرولت الي طرد الزند بأن يستقيل .
قرار مثل هذا يشترك فيه الرئيس ورئيس الحكومة ، وفق الدستور ، بالنسبة للوزارات السيادية ، ومن المفهوم أن الرئيس يكون أكثر حساسية في تفهمه للغضب الشعبي الاليكتروني ، لاعتبارات مرتبطه بتدينه الواضح سلوكا وألفاظا ، ثم لأن عليه الآ يسمح بصدم الناس في مشاعرهم الدينية من وزير في حكومة هو الذي عينها !
اللحظة التي رفض فيها الزند أن يقدم استقالته قائلا لشريف اسماعيل رئيس الحكومة : مش حقدم الاستقالة لو انطبقت السما علي الأرض ، اقيلوني او احبسوني أو اعتقلوني ، لكني لن أظلم نفسي بنفسي،و حفاظا علي تاريخي اخرجوني مع التغيير الوزاري الوشيك .
كان القرار ، بالعقل والمنطق ، هو قرار الرئيس ، بأن يقال الوزير الذي رفض ، الخروج المهين ، رغم اعتذاره ، حفاظا علي تاريخه . انقسم الناس فور خروج الوزير الزند من الحكومة ، بعض الأقلام رأته افضل قرار لشريف اسماعيل في هذه القضية والبعض الآخر رأي أن الرجل ارتكب خطأ جسيما ، وأن الطرد انتصار للارهاب !
لماذا ؟
لا يخفي علي الحكومة ، واجهزة المعلومات أن الفيس بوك وكافة المواقع الاجتماعية مستعمرات دولية مفتوحة ،للارهابيين والعملاء واجهزة المخابرات الدولية ، بل هي الأرض غير المسورة التي يتخندق فيها الجيش الإليكتروني للإخوان والسلفيين والدواعش .
بصراحة مباشرة ، فإن الذين قادوا الحكومة والمشاعر الشعبية وأثروا علي القرار هم جرذان الإخوان ، ولا أعفي الزند من المسئولية ومن اعتداده البالغ بعلمه ومكانته وتاريخه ،ما ساقه الي منزلق فتح المزاد حتي لتطبيق الحد عليه وقتله !
بل ان من الناس من ساير و كانوا ممن اكتفوا بقبول اعتذار المستشار الزند، بعد ان هالهم حجم وكثافة التجريم ، ورأوا بأعينهم كيف ان الدولة المصرية حكومة ورئيسا غسلت يديها من زلة لسانه الزند ومنه شخصيا ومنصبا ، وآثرت استرضاء الرأي العام ، وهي تعلم أنه مساق بالتحريض الاخواني السلفي !
لم تكتف كتائب الإخوان والسلفيين ببث المقطع المشهود الذي أخطأ فيه المستشار الزند ، بل بثوا تباعا مقاطع عديدة جرحت مشاعر الناس من قبيل" نحن الاسياد وغيرنا عبيد" ، مجتزأة من سياقها ، فضلا عن اكاذيب كثيرة بأنه يوزع الاموال توزيعا ويرفع الموتبات رفعا ويمنح البدلات لقاء الهيبة والأبهة .
أظن ان الحكومة بخلعها وزير منها علي هذا النحو قد أتاحته لسكاكين السكك ، فهل لم تتحسب لعواقب وخيمة ربما تودي بحياة رجل ، كان مقاتلا بالفعل وبالشراسة الواجبة لجيوش وطغاة الاخوان ؟!
وتبلغ الأحداث ذروتها ، فهاهو مسيحي يقيم قضية علي الزند المسلم ، لتثور فتنة ، وقاض يقيم دعوي ، ، ثم مستشار قانوني في السعودية يقيم قضية حسبة وتطبيق الحد الشرعي وهو قتل الزند ، وتحريض السلطات السعودية علي وضعه علي قوائم الترقب والوصول ؟
والأخطر من هذا أن ماكان معروفا علي أنه مهزلة ظهرت علي جدران الفيسبوك ، جعله الاعلام الاهطل الغبي ، مذاعا ، ليزداد عدد المجانين المطالبين بالقصاص من الرجل !
ألم تعلم المذيعة انها فتحت المزاد علي رقبة المستشار احمد الزند ؟ ألم تعط المحتسب الذي تقدم بطلبه الي السلطات السعودية يستأذنها في رفع الدعوي ، فرصة جمع الناس معه علي حياة رجل اخطأ واعتذر واحتسب ، وهو مقيم الصلاة وحافظ لكتاب الله ؟! ما ادراك أنه ليس اخوانيا ، قد صرت له بوقا ؟!
أهو أي موضوع وخلاص ؟ نحن في حرب ، وعلي وسطاء الغباء وسماسرة السذاجة الامتناع .
بل الاعجب أن الحكومة صارت رهينة لسوق الفوضي
المفتوحة المسماة بالفيسبوك وتويتر ، تخشاه بأكثر مما تخشي حتي الصحف الورقية .
لا أدافع عن الزند لكني أدافع عن فضيلة الاعتذار ، ولا ادافع عن وزير لكني ادافع عن رجل واجه معنا الارهاب ، وتصدي له وفضح حكومة مرسي أمام العالم في صلابة وشموخ . لا أعفي الزند أيضا من عجب سكنه فأرداه اجتماعيا ، ومنح أعداءه الفرصة لجلده وتشويه تاريخه .
الرابح الوحيد في هذه المهزلة الاعلامية ، وطرد الرجل هو محمد بديع ومحمد مرسي وابو بكر البغدادي !