خبراء: ترسيم حدود الشرق الأوسط على أسس عرقية «كارثي»
الإثنين، 21 مارس 2016 08:02 م
حذّر خبراء سياسيون أن ترسيم الحدود بمنطقة الشرق الأوسط على أسس طائفية أو عرقية سيسفر عن نتائج كارثية، مطالبين بصياغة عقد اجتماعي جديد بين الحكومات والشعوب في المنطقة يمنح الجميع، دون تمييز، نفس الحقوق والواجبات.
وقال وزير الخارجية السابق نبيل فهمي – خلال مؤتمر منتدى البحوث الاقتصادية الذي اختتم أعماله بالقاهرة اليوم - إن أهم أسباب اندلاع ثورات الربيع العربي كانت تحطم العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم، مما جعل الجماهير تندفع مطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، علاوة على تفشي البطالة والفقر وعدم المساواة، واستمرار عدد من الزعماء بدول المنطقة في السلطة لفترة طويلة دون وجود رؤية ترضي الشباب الغاضب وتلبي متطلبات المستقبل.
وأضاف فهمي أن تطور التكنولوجيا، وتعدد مصادر المعلومات ساهما أيضا في اندلاع تلك الثورات؛ حيث لم تعد الحكومات تحتكر المعلومات.
وأوضح فهمي أن في مصر وتونس كان للعوامل الداخلية التأثير الأهم في حركة الأحداث، بينما كان للتدخل الخارجي التأثير الأكبر في ليبيا، مؤكدا أن العراق وسوريا لن يحرزا أي تقدم نحو الوصول لحل ناجز إلا بتوافق أطراف مثل روسيا وأمريكا وتركيا وإيران والسعودية.
وحذر فهمي من الانجرار وراء من يدعون إلى "سايكس بيكو" جديدة، وإعادة ترسيم حدود الدول والمنطقة، مشددا على أن نتائج ذلك ستكون كارثية، خاصة أن المطروح هو ترسيم الحدود على أسس طائفية وعرقية، مؤكدا أنه إذا كان هناك من يطرح حل الفيدرالية في بعض الدول، فإنه كان يمكن تقبل الحوار حول ذلك لو كانت الفيدرالية جزء من عملية وطنية لبناء انسجام وتكامل وتقوية عناصر المجتمع وليست عملية طائفية أو عرقية، داعيا إلى البحث الموضوعي حول كيفية بناء المواطنة عبر ميثاق للمواطن العربي يتيح نفس الحقوق والواجبات للجميع.
ونوه إلى أن النقاش في الأعوام الخمسة الماضية انجرف بعيدا عن القضية الفلسطينية، وتشعب إلى سني وشيعي وكردي وعربي، و"نسينا أن القضية الفلسطينية هي أهم قضية عند الشعوب وأنه بدون حلها سيستمر السرطان يعمل في المنطقة".
وقال فهمي إن اتفاق إيران وأمريكا سينجم عنه مشاكل، وقد يشجع إيران على أن تكون أكثر عدوانية وانتهازية بالمنطقة، داعيا إلى تضافر جهود رجال السياسية والاقتصاد لبناء النموذج الجديد للعقد الاجتماعي بالمنطقة، مع درجة من المشاركة يرضى عنها المواطن وتشعره بحق أنه شريك.
ومن جانبه، قال مدير منطقة الشرق الأوسط في مركز دراسات تسوية النزاعات جوست هيلترمان إنه يجب على الاقتصاديين والسياسيين العمل معا لوضع نقاط الارتكاز لأي عقد اجتماعي جديد للمنطقة، مضيفا أنه يفضل الحديث عن اللامركزية بدلا من الفيدرالية، معتبرا أن اللامركزية خطوة حتمية نحو تحسين المشاركة في دول الصراعات، وخلق قواسم مشتركة بين مواطنيها من جديد بعد أن تفسخ نسيج المجتمع، ومنوها بأنه لا يمكن قبول أن تكون الهويات سببا لخلق حدود جديدة.
وتوقع هيلترمان اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة في ظل ما يعانيه الشباب الفلسطيني من إحباط ومعاناة وضغوط، منوها إلى أن الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا فيما يبدو على حد أدنى من التهدئة بالمنطقة، تفاديا لحدوث حرب كبيرة لا يستطيع أي طرف أن يتحمل مسئولية إشعالها.
وحذر هيلترمان من التدخلات الخارجية والداخلية للتلاعب بالشئون السياسية والاقتصادية للدول والشعوب بالمنطقة.
وفي السياق ذاته، قالت خبيرة شئون الشرق الأوسط بجامعة نيويورك الدكتورة سارة كليف إن دول المنطقة ينبغي عليها استيعاب تجارب إندونيسيا وأيرلندا وجنوب إفريقيا وتشيلي، لتعزيز جهودها الرامية إلى بناء الاستقرار، منبهة إلى أن من أهم عوامل النجاح بناء الثقة وتقوية المؤسسات، وضربت أمثلة بسيطة لكيفية بناء الثقة بعد أجواء الصراعات والحروب، مثل القيام بحملات مشتركة لتطعيم الأطفال ورعاية الأمهات الحوامل، واختيار شخصيات لها ثقل من النظام السابق وتسكينها في مواقع مناسبة، والعلاقة الجيدة بين الشرطة والمواطنين وتسريع جهود الإصلاح.