«عيد الأم» يعكس معاني الحب والعطاء والتضحية التي لا تجف

الأحد، 20 مارس 2016 12:37 ص
«عيد الأم» يعكس معاني الحب والعطاء والتضحية التي لا تجف
صوره تعبيريه
خالد الغول - أحمد حماد - أحمد الفقي - أسماء يوسف

تحتفل مصر غد الاثنين بعيد الأم الذي يتزامن مع ميلاد الربيع في الحادي والعشرين من شهر مارس من كل عام ، احتفالا يعبر عن أسمى معاني الحب والتقدير لعطائها وحنانها وتضحيتها التي طالما جادت بها دون انتظار للمقابل.

هي تعطي دون كلل أو ملل، غير منتظرة عطاء الآخرين فهي كالنهر ، كلاهما لا ينضب ولا يجف ، ويبقى فضل الأم وذكريات الطفولة على مدى العمر ، محفورا في الوجدان إلى ما لا نهاية رغم مرور الأيام والسنون ، وعندما يكبر الصغير ، ويصبح الشاب كهلا. 

ورغم أن كلمة "الأم" كلمة صغيرة وحروفها قليلة ، إلا إنها تحتضن بين حروفها عطاءا متدفقا لا حدود له أو نهاية ، فالأم سبب الوجود في الحياة ، وأول من نتعرف عليه فيها ، وهي مصدر الحب والحنان والرعاية ، وهي الجندي المجهول الذي يسهر الليالي يكد ويتعب من أجل الأبناء ، وهي الروح في كل زمان ومكان ، والشعاع الذي يمنح الأمن والأمان والعطف والحنان ، وهي من تخفف الآلام وتزرع الأمل ، وتحمي الأبناء من كل خطر، وهي من تبقى حتى بعد رحيلها رمزا باقيا.

ومهما تحدثنا عن فضل الأم ودورها في الحياة ، فلن ندرك مقدار الدور العظيم الذي تقوم به الأمهات من أجل الأبناء ، ومدى الحاجة إلى وجودها في حياتهم ، فالأم هي رمز للعطاء والتضحية ، فهي التي احتضنتهم قبل أن ترى عيونهم النور ، وسهرت الليالي عند مرضهم ، فكانت بلسما لآلامهم وضمادا لجروحهم ، وهي التي تفانت في تضحيتها لرعاية الصغير وتربيته حتى كبر ، فكانت المرشدة الناصحة والصابرة المدبرة والموجه الأول في الحياة؛ تغرس الإيمان بالله وحب الوطن وتراب الأرض في وجدان أبنائها وتزرع فيهم الأخلاق الحميدة. 

وضربت الأم المثل في العطاء والتفاني والإخلاص فاستحقت أن تكون الجنة تحت أقدامها ، كما استحقت تكريم الإسلام لها بأن وصى بها النبي الكريم (صل الله عليه وسلم) في حديثة الشريف عندما سأله أحد الصحابة عن أحق الناس بحسن صحبته فقال مكررا "أمك" ثلاث مرات. 

ويختلف الاحتفال بعيد الأم من دولة لأخرى كما يختلف أسلوب الاحتفال به ، ففي مصر تم اختيار بداية فصل الربيع في ٢١ مارس من كل عام عيدا للأم، ليكون رمزا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة، ومرجعية الاحتفال به جاءت على خلفية رسالة تلقاها الأخوين علي ومصطفى أمين من أم شكت فيها جحود أبنائها ونكرانهم لفضلها.

بينما تقيم النرويج احتفالها "بعيد الأم" في الأحد الثاني من شهر فبراير، وتخصص الأرجنتين يوم الأحد الثاني من شهر أكتوبر للاحتفال بهذه المناسبة ، وفي لبنان اليوم الأول من فصل الربيع هو يوم عيد الأم ، أما جنوب إفريقيا فتحتفل به يوم الأحد الأول من مايو ، وفي السويد يقوم الصليب الأحمر ببيع ورود صغيرة من البلاستيك تقدم للأمهات اللائي يأخذن إجازة لرعاية أطفالهن ، وفي اليابان يكون الاحتفال بعيد الأم يوم الأحد الثاني من شهر مايو، وكذلك في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يتم عرض صور رسمها أطفال تتراوح أعمارهم بين السادسة والرابعة عشرة ، وتدخل هذه الصور ضمن معرض متجول يحمل اسم "أمي" يتم نقله من ولاية لأخرى.

وكما سبق القدماء المصريون بحضارتهم دول العالم أجمع ، فقد سبقوا الجميع أيضا في تبجيل الأم ، وظهر ذلك في النصوص العديدة التي زخرت بها المعابد والتي تعكس احترامهم لها وتحكي عن دورها ومكانتها الكبيرة ، فكان يُرمز لها على جدران المعابد (بأنثى العقاب) ، ذلك الطائر الضخم الذي يضم بجناحيه الكبيرين الضعفاء ، تعبيرا عن كونها رمزا للحماية والحنان ، واعتبرت الحضارة الفرعونية القديمة الأم رمزا أيضا للعدالة والانضباط الكوني من خلال "أسطورة إيزيس وأوزوريس " ، فإيزيس هي أكثر النساء شهرة في التاريخ الفرعوني ، وفي بعض الأحيان ترمز إلى مصر، وقدم أحمس نفس الاحترام والتبجيل لأمه الملكة "راع حتب" ، التي تولت قيادة البلاد خلال معركته مع الهكسوس ، حيث تمكنت من توحيد الجيوش ، فكانت أول امرأة تنال وساما عسكريا.

وعلى الجانب الآخر، يؤكد بعض المؤرخين أن الإغريق هم أول من احتفل بعيد الأم ، احتفال أهدوه إلى الإلهة الأم ريا، زوجة كرونس الإله الأب ، وهذه الاحتفالات بدأت قبل ميلاد السيد المسيح بنحو 250 سنة قبل الميلاد ، و سميت عند الرومان باسم هيلاريا.

ولا يجب أن ننسى، أم الشهيد وما لها من فضل يفوق فضل جميع الأمهات ، فضل يجعلها الأكثر جدارة بلقب "الأم المثالية العظيمة" ، لأنها تمتلك قلبا صابرا محتسبا ، فهي من ضحى ابنها وفلذة كبدها بحياته من أجل أن يعيش الوطن في أمن واستقرار ، وأخفت دموعها ، وألم قلبها لتثبت لأولادها وأقرانهم أن الوطن أغلى من الروح ، تضحية قابلتها بصبر شديد في سبيل حماية تراب الوطن ، وفي يوم عيدها يتحتم على الجميع أن يكونوا أبنائها ، يقدرون ويحيون كل أم فقدت ابنها ويتسابقون لإهدائها ، إلى أن تحين الفرصة لتقديم الهدية المستحقة التي تنتظرها وهي الثأر لدم ابنها ثأرا يضع التاج فوق رأسها وفوق رأس مصر.

وهناك من اضطلعت بمفردها بتربية أبناءها وإعالتهم بعدما فقدت زوجها ، فلحمت رموشها عليهم حتى عبورهم لبر الأمان والأمل، رسمت لهم الطريق ليكونوا ناجحين نافعين لأنفسهم ومجتمعهم.

ولنا في التاريخ الكثير من العبر والعظات لزوجات وأمهات استحقين وبجدارة أن تخلد أسماءهن ، فها هي خديجة بنت خويلد زوج النبي (صل الله عليه وسلم) ، التي ساندت زوجها ووقفت إلى جواره تؤازره وتشد من عضده وتدافع عنه ، وأنجبت له أجمل النفائس ، فها هما رقية وأم كلثوم زوجتا ذو النورين عثمان بن عفان ، وهذه هي فاطمة الزهراء زوجة علي ابن أبى طالب رضي الله عنهم.

وهناك نماذج لأمهات يفخر بهن الإسلام كأم الشافعي والخنساء وغيرهن الكثيرات، اللائي آثرن حب الله ورسوله والدفاع عن دينه على غريزة الأمومة فكان جزاؤهن عظيما في الدنيا والآخرة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق