حياة المصريين تحت رحمة «الدولار».. الأزمة تعصف بسوق الدواء.. اختفاء 188 صنفا ضروريا أبرزها «حقن أرتش» للولادة.. و«مذيبات الجلطات»..وأسعار «البدائل» تضاعفت 200%

الأحد، 13 مارس 2016 04:09 م
حياة المصريين تحت رحمة «الدولار».. الأزمة تعصف بسوق الدواء.. اختفاء 188 صنفا ضروريا أبرزها «حقن أرتش» للولادة.. و«مذيبات الجلطات»..وأسعار «البدائل» تضاعفت 200%
إيهاب زيدان

أزمات متلاحقة ومتتابعة، تطل على السوق المصري بوججها القبيح، بسبب إرتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري، بسبب ندرة العملة المعروضة فى الأسواق المحلية، خاص بعد قرار الحكومة المصرية فى ثمانينيات القرن الماضي بتعويم الجنيه، وعدم التحكم فى أسعار الصرف.

فقد سجل الدولار الأمريكي، اليوم الأحد، مع إستهلال تعاملات الأسبوع فى السوق السوداء، ليسجل تسع جنيهات للبيع، وأكثر منها بثلاثون قرشًا للشراء، وذلك فى أعقاب قرارات البنك المركزى المصرى الخاصة بإلغاء حدود السحب والإيداع بالعملات الأجنبية للأفراد، والشركات المستوردة للسلع الأساسية.
بداية الأزمة
تصاعدت أزمة نقص الدولار فى السوق المصري، وأرتفع السعر في السوق غير الرسمية " السوداء" ليتخطى السعر الرسمي بفارق جنيهان أو أقل قليلأ، تزامنا مع إزدهار التبادل التجاري فى سوق العملة الغير رسمي "السوداء".
وتعاني مصر من وجود سعرين لصرف العملات، فبجانب السعر الرسمي بالبنوك، يوجد سعر آخر بالسوق غير الرسمية، كما تظهر الأزمة دائما في أوقاتنقص العملة.
وقام البنك المركزي في نهاية يناير الماضي، برفع حد الأقصى للإيداع النقدي الدولاري من 50 ألف دولار إلى 250 ألف دولار شهريًا، وبدون حد أقصى للإيداع اليومي، وزيادة الحد الأقصى للإيداع النقدي للشركات العاملة في مجال التصدير إلى مليون دولار.
فيما قررت عدد من البنوك المحلية وضع حد جديد للسحب النقدي عن التعامل بكروت الدفع خارج مصر، وذلك بعدما رصدت استخدام بعض الأفراد لتلك الكروت في عمليات الإتجار في السلع عند التعامل بها خارج البلاد، كما خفضت منح "الكاش" لعملائها عند السفر للخارج من 3 آلاف دولار إلى ألفين فقط.

«المركزي» يسعى لتجاوز الأزمة
وأكدت مصادر مصرفية لـ«صوت الأمة» أنه تم ضخ قرابة 500 مليون دولار، في السوق المحلي لمواجهة أزمة إرتفاع أسعارالدولار فى مصر فى الاونة الأخيرة.
مشيرًا إلى إستمرار حالة الترقب فى السوق المحلي للنتائج المترتبة على إجرارات البنك المركزي لغحتواء الأزمة.
ورجحت المصادر، أن يقدم البنك المركزى المصرى على مزيد من الإجراءت المفاجئة التى تعيد التوازن إلى سوق الصرف، وسط تراجع المعروض من العملة الخضراء، وفى ظل تدفقات استثمارية متوقعة، بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى دول آسيوية كبرى، إلى جانب زيادة تدفق إيرادات السياحة تدريجيًا خلال الفترة القادمة.
وعقد طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، وقيادات مصرفية مصرية رفيعة المستوى، لقاءات مع عدة صناديق استثمار عالمية فى العاصمة البريطانية لندن، لبحث فرص زيادة استثماراتهم فى مصر خلال الفترة القادمة
وعقد طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، وقيادات مصرفية مصرية رفيعة المستوى، لقاءات مع عدة صناديق استثمار عالمية فى العاصمة البريطانية لندن، لبحث فرص زيادة استثماراتهم فى مصر خلال الفترة القادمة.
واعتبر المحلل المالي إسلام عبدالعاطي، أن ارتفاع الدولار في السوق الموازية بمثابة أزمة على كافة المستويات حيث تعتمد مصر على الاستيراد أكثر من الانتاج المحلى، لاسيما ما يخص المواد البترولية، مرجحا أن تتأثر بعض السلع بذاتها وأخرى من ارتفاع الجمارك، إضافة لزيادة أسعار بعض السلع بالتبعية منها الطاقة والمواد الخام.
وأوضح "عبدالعاطى" أن السوق الموازي يعبر بنسبة كبيرة عن السوق الرسمي، وهو ما ظهر في حسابات موازنة العام المالي المقبل 20162017 حيث تم تثبيت سعر الدولار الأمريكي عند 8.30 قرشا ما يعنى أن سعر الصرف الرسمي سينخفض مقابل الدولار، أما من ناحية الاستثمار فإنه أوضح أن تخفيض العملة قد يكون أمرا جاذبا للاستثمار الأجنبي مقابل بعض السلبيات، حيث يتعامل المستثمر الأجنبي بالعملة المحلية، كما لا تفرض الحكومة قيود عليه بشأن التحويلات للخارج.
وشدد عبدالعاطي على أن تذبذب سعر الدولار قد يؤثر على توافرها بالأسواق، وذلك من ارتفاع السعر وبالتالي سحبه من السوق من جانب بعض المستثمرين للمضاربة والاستثمار بالعملة إضافة إلى مشكلات أخرى للمستوردين.
وإستمرارًا للأزمات التى تطال مصر، بسبب أزمة الدولار، فقد أصبح مرضى مصر مهددين، بعدم وجود أدوبة العلاج الخاصة به فى الأسواق، خاصة بعد إرتفاع أسعار الدولار وندرة المعروض منه في السوق المحلي، وهو ما تسبب فى عدم توفير الأموال اللازمة لإستيرادها.
فقد أصدر المركز المصري للحق في الدواء بيانا امس أعلن فيه أن أزمه نقص الأدوية تعاظمت بشكل كبير الأسبوع الماضي، وأن ذلك يشكل خطورة كبيرة على أرواح المرضي وعبئًا مضافًا على المواطن حيث رصد أن نحو ٨٠٠ صنف بالاسم التجاري ناقصة رغم وجود بدائل لها وإن كانت بأسعار مضاعفة أكثر من ٢٠٠٪ من الثمن الأساسي.
188إختفاء دواء و1600 نوع تجاري
كما رصد المركز نحو ١٨٨صنف دواء حيوي يشكل خطورة مباشرة على الحياة ليس لهم مثيل في السوق مثل "حقن ارتش" التي تستخدم بعد حالات الولاده، و"حقن الصبغات" و"سيولة الدم" و"مذيبات الجلطات" وأدويه أخرى مهمة للغاية لمرضي الأورام التي تمكنهم من تكملة العلاج الكيميائي الذي بدأ في التوقف.
أما عن عدد الأدوية الناقصة بالاسم التجاري الذي يصر عليه الطبيب فقد يصل إلى أكثر من 1600 صنف، بحسب تأكيد رستم الذي قال إن "هذه الأرقام من واقع بيانات عدة صيدليات في السوق".
بداية قال الدكتور مصطفى خالد، صاحب صيدلية، أن مشكلة ندرة الأدوية فى الأسواق تزايدت الفترة الأخيرة بسبب أزمة الدولار، لدرجة بلوغ النقص حوالي 1000 نوع دواء مختلف، بسبب سياسات الشركات العالمية المصدر للمواد الخام، وإرتفاع أسعار الدولار التى تستورد بها الشركات المحلية المواد الخام ومستلزمات الأدوية.
وأضاف "خالد" أن باكورة الأدوية التى تعاني نقصًا فى السوق المحلي حاليًا، 8 أدوية للحموضة، و8 لقرحة المعدة، و12 لعلاج الجيوب الأنفية، و8 لأمراض القلب، و8 لعلاج الغدة الدرقية، و18 للضغط، وغيرها من أقراص سيولة الدم، وعلاج "أبيلاكسين" ملين لعلاج الإمساك، "ألوكال" لعلاج الحموضة، بالإضافة إلى ألبان الأطفال، خاصة وأن مصر تستورد ألبان الأطفال بالكامل، ولا توجد مصانع مصرية لتضنيعها، وكذلك محلول الملح، و"حقن الكالسيوم".
وأشار إلى أن أسعار الأدوية ارتفعت بصورة كبيرة حيث وصل ارتفاع الأسعار إلى 100% في العديد من الأصناف الدوائية ضاربا مثال بدواء للروماتويد كان يبلغ سعره 5 جنيهات وأصبح حاليا يباع بمبلغ 50 جنيها.

التسعيرة الجبرية
من جانبه أكد رئيس شعبة تجارة الأدوية، الدكتور على عوف،، أن نقص الدواء سببه التسعيرة الجبرية المفروضة على الدواء داخل مصر والتي تطبق منذ نحو 20 عاما إلى وقتنا الحاضر في الوقت الذي إرتفع خلاله سعر الدولار، الذي يتم التعامل به لتصنيع الدواء واستيراد مكوناته فسعر أي سلعة يتحرك بمجرد تحرك أسعار الدولار ولكن سعر الدواء ثابت في مصر، وهو الأمر الذي يجعل تكلفة الإنتاج تتحملها شركات إنتاج الدواء وهو ما ترتب عليه أزمة كبيرة خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف "عوف" أن الحل يتمثل في ضرورة عقد لجنة مشتركة بين كل من وزارة الصحة والصناعة وشعبة الأدوية، والجمارك، والمالية كل فترة للإتفاق على سياسة واضحة من أجل مواجهة الأزمة الخاصة بالدواء لأن كل تلك الجهات يوجد في يدها الحلول الخاصة به.
وأشار إلى طريقة أخرى للتخلص من المشكلة وهي صرف الصيادلة للدواء بالإسم العلمي وليس الإسم التجاري، فهناك العديد من الأنواع المختلفة للأدوية والعبرة في الاختيار يجب أن تكون في وجود المادة الفعالة من عدمه وليس في نوع الدواء.

«الصيادلة» تفند كواليس أزمة الدواء
وفي سياق متصل، قال الدكتور صبري الطويلة، رئيس لجنة صناعة الدواء بنقابة الصيادلة، أن هناك بالفعل أزمة تواجه قطاع الدواء في مصر، وتتمثل في إنخفاض معدل الأدوية داخل السوق بصورة كبيرة، الأمر الذي ينذر بخطورة على حياة المرضي ولاسيما مع وجود الكثير من الأدوية الحيوية والتي تتفاوت أعدادها وتختلف مع مرور الوقت وتصل إلى كمية كبيرة من الأدوية العادية علاوة على نحو 43 صنفا حيويا وهاما.
وأكد "الطويلة" أن الأدوية التي تعاني من النقص هي "أدوية الكانسر" و"حقن الـ hr" الخاصة بالسيدات ما بعد فترة الحمل، إلى جانب أدوية "الروماتويد" وغيرها من الأصناف الأخري، بسبب أزمة الدولار وعدم وجود إستراتيجيات سليمة من قبل القائمين على صناعة الدواء في مصر على المدي الزمني القريب والبعيد.
رفع أسعار الدواء
وأعترفت رئيس الإتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، سعاد الديب، بالأزمة الكبيرة في نقص الأدوية بالأسواق، بعد جولات متعددة على الصيدليات.
وأشارت "الديب" إلى أن هناك اتجاها لرفع أسعار الأدوية من قبل شركات الدواء لمواجهة أزمة الدولار حتى تستطيع تلك الشركات إنتاج الأدوية يفتقدها السوق مرة أخرى ولكن يجب أن تكون تلك الزيادة محسوبة، مؤكدة أن قرار زيادة أسعار الدواء يجب أن يكون مبنيا على دراسة حقيقية من مختلف الأطراف، فحياة الناس غير مرهونة بمساومات تجارية.
حلول الأزمة
وعن الحلول المفترضة التى يجب على الحكومة اللجوء لها فقد أكد الدكتور محيي عبيد، نقيب الصيادلة، أن الحل يكمن فى السعي لإنشاء ما يمسى بـ"الهيئة المصرية للدواء" حتى تتمكن مصر من توريد الأدوية بشكل آمن، لافتًا أن هذه الهيئة ستساعد على تحريك أسعار الأدوية المحلية بنسبة بسيطة، حتى نستطيع سد الفارق والعجز.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة