هؤلاء هم كفن مصر الي مثواها الأخير !
السبت، 27 فبراير 2016 03:30 م
الكل يزعق ويزأر في هذا البلد الآن . عمرو أديب يزعق . مرتضي منصور يزعق . وائل الابراشي يزعق . لميس الحديدي تزعق . عكاشة يزعق . وغيرهم وغيرهم ، بل إن المواطن العادي يزعق ، والمواطن المثقف يزعق ، والمواطن نصف المتوسط يزعق ..الكل يزعق باعلي ما في الحناجر من قدرات علي شرخ الهواء ، والكل يزعق بعلو ما فيه ، حتي ضجت منهم ومنا الرئات . الكل علي حق ، والكل ينتقد الكل والكل لا يعجبه شيئا ولا شخصا ، ولو اتخذت الحكومة قرار ا، فعصوه تفعيصا ومحصوه تمحيصا، الي أن يعثروا علي عيب أو نقص ، أو يرونه عيبا أو نقصا . وعندئذ تبدأ الملطمة والمندبة، و يشخط الكل في الحكومة ، و ويتقدمون بثقة ليلقنوا الدولة دروسا غير مسبوقة ولا ملحوقة يعلمون كيف تفكر وكيف تخطط ، وكيف تنفذ ، وكيف تصلح ، ولو فشلت لانها لم تسمع كلام العباقرة علماء العصر الشاملين ، الذين يفهمون في السياسة والاقتصاد والذرة والجزيئات والعسكرية ، والثقوب السوداء ، وحركة الأفلاك ، وادارة شئون الحكم ، فإنها حكومة كسيحة وفاشلة ولازم لازم تمشي .
لا أحد عاجبه أحدا ، والمشهد كله ، إعلاميا وسياسيا ، واجتماعيا ، واقتصاديا ، يدعو للرثاء ، وينذر بعواقب كارثية ، دونها ربما ما وقعت فيه البلد بعد يوم ٢٥ يناير ، حتي اليوم .
مايجري في السيرك أدني الي الاحترام ، والنظام والعقل والنظافة ، مما يجري لنا وبنا ، خارج السيرك . كنا زمان نصف عبثية أي حالة بأن الموقف أشبه بالسيرك ، لكن الآن لا وجه للمقارنة ، فالواقع فاق الخيال بمراحل وطبقات . صرنا من شدة الدهشة لا نندهش ، ومن قوة الذهول لا نذهل ، ومن قبح الالفاظ لا نخجل ، ومن بذاءة الزعيق ، لا نحس ، ولا أحد يعرف من الصح ومن الغلط . الكل ماسك علي الكل ذلة أو عارف له مكان بطحة ، أو موقع حسنة سوداء في ثنايا جسمه ، ولو شاء لأخرج له تسجيلا بالصوت والصورة والألوان الطبيعية والمؤثرات الصوتية .
نزوع عام للفضح العام ،ورغبة مسعورة في تمزيق الملابس وكشف العورات ، حتي التي يسترها الله . نقدم لأولادنا أحط الأمثلة ، وأحقر النماذج ،ليعتبروها الصور المثلي للنجاح .
من نحن. .الآن ؟!
يقع للوطن هذا كله ،وهو في حالة حرب ، من الداخل ومن الخارج ، ويستعين عدو الخارج بعملاء في الداخل ، وأغبياء الاعلام والصحافة في الداخل ، بعلم بعضهم أو بجهل بعضهم ، لا يهمهم ، المهم أن يذهب هو الي فراشه راضيا عن صرخاته المشككة في كل شئ المحذرة من كل شئ المعلمة لكل شخص ، بينما يذهب المواطن الي فراش من الشوك والقلق والكدر ، قد جافاه النوم ، يحسبها يمين ، ويحسبها شمال ، يجدها حياة سوداء مدلهمة ( هي جت كده ).
حالة العويل والعواء والعصبية والعنف الآخذة بخناق الجميع ، سندفع ثمنها جميعا ، أما المعددون والندابون ، فسوف يحلقون فوق جثث من خدروهم ، وشتتوهم وأهلكوا الدولة بروشتات سياسية واعلامية جاهلة ،أو مضروبة .
المشهد العبثي الحالي ، برموزه من الشخصيات العامة ، في السياسة والبرلمان ، ممن طفحوا علي الوش الاجتماعي للبلد ، قد جعل الناس في حال من الاشمئزاز يمهد لأمرين : إما أن أدير لك ظهري ، قرفا ويأسا وحزنا ، وانتظارا لتسونامي يعصف بنا بسبب جهلك ورعونتك وحنجرتك الزلزالية ، أو اتحرك لأمنعك بقوة الخوف والقانون ، لأقول لك : انت تمارس حرية تدميري وتخريبي و إضاعة الوطن ، تحت ستار غبي مكشوف اسمه حرية الاعلام وحرية الصحافة ، وكلاهما وهم ممقوت حتي في الدول التي تعتبرهما نشيد الصباح في مدارسها وطوابيرها الحكومية ، او تعتبرهما من فروض الصلاح السياسي في صفوف مراطنيها . حين تتعارض الحرية مع بقاء الدولة ، ويصير خازوق الحرية صاروخا موجها الي اساسات الأمة ، فإنها تفقد رمزيتها ، إذ الحرية للبناء وللجمال وللحق ، وليست للتخريب والهدم والقبض .
لا يوجد اعلام غربي يحارب جيش بلده . لا يوجد اعلام اسرائيلي يحرض علي بلده ، لا يوجد اعلام تركي يهد في بلده . اعلامنا شغال لحساب من ؟! الحرية ؟! أكاد أنفجرضحكا ، فالحرية بريئة من ممن يمتطونها !
في أجواء رمادية ضبابية عكرة ، كهذه ، يصبح من المستحيل قيادة سيارة ، علي طريق معوج ، محفوف بالغام الأعداء والعملاء ، فما بالك بقيادة وطن .
لا يكاد يمضي رئيس البلاد خطوة أو خطوتين ، حتي يزعق فيه أحدهم : حاسب ، حتودينا في داهية ، تعالي يمين شوية ! يسمع الرجل النصيحة ويتحسس الطريق ليعدل المسار ليرضي الست حرية وعاهرتها الشقيقة ديموقراطية ،فلا يكاد يمضي عجلتين ثلاثة ، حتي ينازعه الدركسيون حنجوري جارف الصوت كأنه سيل مجنون : يا عمنا إإف هنا ( مقصودة إإف وليس قف ).. إنته أصلك مش فاهم ، خليني آني أفهمك ولا أقولك .. قوم فز من مكانك ، واتعلم مني بقه السواقة يا معلم .
رؤساء ايه دول يا خويا علي آخر الزمن .
وثالث يجيب من الآخر : حجيب عاليها واطيها ، لا لا لا. مافيش حاجه نافعة ، لازم ولابد نعمل انتخابات من اول وجديد ، نجيب رئيس جديد ، وبرلمان جديد وحكومة جديدة ودستور جديد وشعب جديد في جديد !
هم الاعلي صوتا وأجرا في البلد ، وهم موضع غم وهم الأمة ، وهم يعرفون أو لا يعرفون أنهم كفن مصر الي مثواها الأخير لاقدر الله ولاسمح .