الداخلية تغسل سمعتها بعد أزمة أمناء الشرطة.. «دربكة» شرارة انتفاضة جديدة ضد الحكومة.. و«عبد الغفار»: ما حدث لا يعبر عن طبيعة العمل.. ومحاسبة الجاني مسئوليتي الشخصية.. «أمناء الشرطة»: نحن لسنا «داعش»
الإثنين، 22 فبراير 2016 08:59 م
علي طريقة المبدعين: «يوسف شاهين، وخالد يوسف» بفيلم هي فوضة، يرفع أمناء شرطة مصر شعار: «البلد دي فيها قانون واحد بس.. قانون حاتم.. أوعو تكونو فاكرين البلد ديه سايبة.. البلد فيها حكومة.. والحكومة دي هي أنا».
كلمات أطلقها الراحل المبدع «خالد صالح»، أفضل من جسد شخصية «أمين الشرطة الفاسد» في السينما المصرية، وأكدها ومشي علي خطاها، أمناء الشرطة المصرية من جديد، بعد ثورة قامت في المقام الأول علي رجال الداخلية، تخللها مشاهد عنيفة قام ببثها رجال الشرطة علي صفحات الانترنت لبث الرعب في قلوب المصريين من حماة حقوق البشر، كان أبرزها مقاطع التعدي بالضرب علي المواطنين وسحلهم داخل أقسام الشرطة.
دون تعليق أو عقاب رادع من قيادة وزارة الداخلية لـ«بشواتها»، واليوم وبعد السخط العام الذي عانت منها الداخلية من قبل المواطنين، واعتقاد البعض أن شوكة الداخلية انكسرت بعد أحداث 25 يناير، يعود «حاتم الداخلية» من جديد.
عودة لعصر «حاتم الداخلية»
تعيش الدول بأكملها حالة من الصراع مع «أمناء الشرطة»، حقًا ليس بالجديد علينا بطشهم واستغلالم للنفوذ، ولكن علي ما يبدوا أنهم لم يعوا حجم التغير الذي مرت به البلاد، كما انهم لم يدركوا أن المصريين «فاض بهم الكيل».
شهدت الدولة فى الأيام الماضية، عودة لمسلسلات «التعدي، والسحل، والقتل»، وهى ما أثارت حاظة المصريين تجاه الداخلية من جديد، وكان أبرز تلك الأحداث هو: مقتل السائق «محمد دربكة»، علي يد أمين شرطة، بسبب «أجرة العربة».
بدأت أحداث الواقعة في منتصف يوم عمل للسائق الراحل «دربكة»، الذي خرج إلي صراع الحياة باحثًا عن فرصة كسب «لقمة عيشه»، وأثناء عمله بخط الدرب الأحمر لنقل المواطنين، استقل سيارته احد أمنا الشرطة، والذي رفض أن يدفع له «أجرة السيارة»، وعندما طالب السائق بحقه، أعترض «أمين الشرطة» علي دفع الأجرة، حتي قامت مشاد لفظي بينهما أدت إلي مقتل «دربكة».
مقتل «دربكة» كان «القشة التي قسمة ظهر البعير»، فلم تكون هي الواقعة الأولة لرجال الداخلية، ففى يوم الجمعة 5 فبراير، اعتدى «أمين شرطة» بالضرب على ممرضة بمستشفى كوم حمادة، فى البحيرة، ما دفع نقابة التمريض لإرسال رسالة استغاثة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ووزير الداخلية، للتحقيق فى وقائع الاعتداء على المنشآت والأطقم الطبية، وإحالة المعتدين لمحاكمات جنائية، فضلًا عن تحرش أمين شرطة أخر بسيدة أمام محطة مترو المرج، وتهديدها بالسلاح لاصطحابها لمنزله، بالإضافة إلي كارثة جديدة شهدتها محافظة بورسعيد اليوم، وهو قتل أمين شرطة لزميلة داخل السكنات الخاصة بقسم شرطة بوسعيد، بواسطة سلاحه الميري.
الداخلية تغسل سمعتها
أثارت جرائم «حاتم الداخلية»، الجدل والحنقة لدي المواطنين، خاصة بعد قرارات «إخلاء السبيل» التي شهدتها العديد من وقائع: «البلطجة، والتعدي.. واخرها إخلا سبيل الأمين المتحرش»، خاصة وأن خطايا رجال الشرطة أصبحت لا تحصي، كما أنها تحظي بأستمرارية يومية، وهو ما دفع الوزارة إلي البحث عن السبيل لحفظ ماء الوجه، وتهدئة الشعب، من خلال القسم علي محاسبة المخطئ.
وفي اعقاب الأحداث المتلاحقة، لرجال الداخلية، ظهر اللواء مجدي عبد الغفار، في لقاء توعد ومحاسبة للجناة مع عائلة الراجل «دربكة»، وتوعد «عبد الغفار» قائلًا: «إن وزارة الداخلية وجميع رجالها يستكروًا التصرف الغير مسئول من أحد أفراد الشرطة»، وتابع: «ما حدث لا يعبر عن طبيعة العمل الوطني الذي يقوم به رجال الشرطة، من حفظ امن المواطن وصون كرامته».
واختتم «عبد الغفار» لقائه مع والد «دربكة»، أن وزارة الداخلية سوف تقتص من الجاني، لتطبيق القانون وحصول «دربكة» علي حقه القانوني، وتابع: «الحصول علي حق نجلك لن يضيع هدرًا، وأن الحصول علي حق نجلك هو مسئوليتي الشخصية».
وعلي صعيد أخر بدأت وزارة الداخلية بالعمل باستراتيجية جديدة، في عرض مجهودات رجال الشرطة في حماية المواطنين، وكان أبرز تلك الأعمال عرض مجهود الأمين «مجدي عزام نصيف»، الذي تصدي لأحد المواطنين مدافعً عن أطباء مستشفي الصف بالجيزة، حيث حاول مواطن التعدي على أطباء وفنيين مستشفي الصف بالجيزة، بسبب تأخرهم عن علاج شقيقته، وهو ما دفع «نصيف» للتصدي له واتخاذ الإجراءات القانونية.
أمناء الشرطة: «أحنا أسفين للشعب»
وفي ذات السياق استنكر العديد من أمناء الشرطة ما قام به العديد من زملائهم، واصفين إياه بأنها حالات فردية لا تعبر عن العاملين بقطاع الشرطة، ومطالبين المواطنين بالتروي والهدوء.
ومن جانبه صرح أحمد مصطفي، رئيس ائتلاف أمناء الشرطة، أن جميع أفراد جهاز الشرطة قد أصيبوا بحالة من الإحباط بسبب ما يتم تصديره بوسائل الإعلام بفساد الأفراد بشكل عام، وتشبيهم بتنظيمات إرهابية مماثلة لـ«داعش».
مشيرًا إلى أن الائتلاف تلقى الآلاف من الطلبات، من قبل أمناء الشرطة، تُفيد برغبتهم بترك جهاز الشرطة والعمل بمؤسسات مدنية بالدولة، نظرًا للإساءات التي طالتهم وأسرهم.
وأوضح «النادي»، أنهم يرحبون بأي تعديلات أو تشريعات قانونية يتم سَنها من أجل ضبط الأداء الأمني، لردع من يعتقد نفسه فوق القانون ومحاسبة المقصرين والمخطئين في أداء مهام أعمالهم، مشيرًا إلى أن من يرفض أو يعترض على تعديلات تحدثها القيادات منبوذ من بين صفوف الأمناء.
وقدم رئيس ائتلاف أمناء الشرطة، اعتذارهم الشديد لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، عن تجاوزات أضرت بالبلاد وتعهدوا بالاستمرار في التفاني في العمل ومحو المخالفات وبتر المخالفين، كما تعهدوا لجموع الشعب المصري بمواصلة عملهم الأمني من أجل الحفاظ عليه، بمواصلة التضحيات وبذل المزيد من الجهد وري الأراضي المصرية بمزيد من دماء الشهداء.
حقيقة المحاكمات العسكرية
وبعد توالى تلك الأحداث أقام وزير الداخلية مؤتمرا، لبحث كافة الأوضاع الخاصة بالجانب الأمنى، حيث أكد المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، أن اجتماعه، مع وزير الداخلية لمناقشة الأوضاع الأمنية الحالية، وهناك مجموعة من الإجراءات سيتم اتخاذها، ومنها توجيهات بإدخال التشريعات اللأزمة، بالإضافة إلي تعديل التشريعات فى أقرب فرصة ممكنة.
وجاء المؤتمر بعد اجتماع رئيس الوزراء مع وزير الداخلية ومساعديه، لمتابعة المنظومة الامنية والتحقيقات الجارية حول مقتل مواطن بالدرب الأحمر.
مشيرًا لعدم النية فى فرض المحاكمات العسكرية، ومؤكد أنه لا تستر أو تهاون فى أى تجاوزات ضد المواطنين، ولكن يجب ألا نحاسب جهازا بالكامل على تصرف فردية، موضحًا أن الوزارة سوف تطبق نظام متابعة مستمرة فى الأقسام.