43 عاما.. سيناء من التحرير إلى التنمية الشاملة
السبت، 26 أبريل 2025 07:00 م
دينا الحسيني
43 عاما على تحرير أرض سيناء الحبيبة، ففي الخامس والعشرين من إبريل من كل عام، تحتفل مصر بتحرير كامل أرض الفيروز، ففي هذا اليوم وتحديداً عام 1982، تم رفع العلم المصرى على سيناء، بعد تحريرها، ومن يومها ونُحيي بكل فخر وعرفان أرواح شهدائنا الأبرار الذين سالت دماؤهم على رمال سيناء لتكتب أنشودة نصر لا تُنسى، ونستحضر بطولات جنودنا البواسل الذين خاضوا المعارك بكل شجاعة، فكانوا بحق أبناء مصر الأوفياء. ولا ننسى دور الشعب المصري العظيم الذي وقف خلف جيشه، مؤمنا بحقه في الأرض ومستعدا للتضحية من أجلها.
إنها الذكرى الـ 43 لانتصار الإرادة المصرية، ورفع علم مصر عاليا على آخر نقطة من ترابها الطاهر بعد سنوات طويلة من الاحتلال والمعاناة، لتصبح هذه الذكرى رمزًا للكرامة الوطنية، وتخليدًا لتضحيات أجيال متعاقبة من أبطال القوات المسلحة والشعب المصري.
تمثل سيناء جزءا غاليا من أرض مصر، ليس فقط بموقعها الاستراتيجي، وإنما أيضا بتاريخها العريق الذي شهد على مر العصور صراعات ومعارك وملاحم بطولية، ومنذ احتلالها في يونيو 1967، ظلت مصر على العهد، لم ولن تتخلى عن أي شبر من أرضها، فبدأت معركة الاستنزاف، ثم جاءت حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، تلك الحرب التي أعادت للعالم كله هيبة الجندي المصري، وقلبت موازين القوى، وكانت بداية النهاية للاحتلال.
ولم يكن تحرير سيناء نتيجة لحرب فقط، بل كان أيضا نتيجة معركة دبلوماسية وسياسية خاضتها مصر بقيادة حكيمة، انتهت بتوقيع اتفاقية السلام التي مهدت الطريق لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي وعودة السيادة الكاملة لمصر على أرض سيناء في 25 أبريل 1982، واستكملت بعد استرداد طابا بالتحكيم الدولي، وبذلك تُوجت جهود الجيش المصري بتحقيق النصر الكامل، وعودة السيادة الوطنية على كامل تراب سيناء.
وسالت دماء الشهداء على رمال سيناء، وكانت هي الثمن الحقيقي لكل شبر استعدناه. دماء أبناء القوات المسلحة البواسل، والشعب المصري العظيم، الذين صمدوا، وضحوا، وتحملوا، كانت وقودًا لحياة جديدة، فتحت الباب أمام مستقبل أفضل، لا يقوم فقط على التحرير، بل على البناء والتنمية.
وتأتي ذكرى تحرير سيناء اليوم ونحن نعيش مرحلة جديدة من التحديات، حيث تخوض مصر معركة أخرى لا تقل أهمية عن معركة التحرير، وهي معركة البناء والتنمية، لنُحول دماء الشهداء إلى طاقة عمل وإنجاز، ونكمل المسيرة نحو مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وتخوض مصر اليوم معركة جديدة في سيناء، معركة التنمية الشاملة، فقد أولت الدولة المصرية اهتماما غير مسبوق بهذه البقعة الطاهرة من أرض الوطن، وبدأت مشروعات ضخمة تهدف إلى تحويل سيناء من ساحة صراع إلى واحة أمل وحياة، لتشهد سيناء اليوم مشروعات قومية كبرى في مختلف المجالات من البنية التحتية، من مشروعات الطرق، والكهرباء، والمياه، والإسكان، إلى المدارس، والمستشفيات، والمزارع، والمناطق الصناعية، كلها تهدف إلى إعمار سيناء ودمجها الكامل في جسد الوطن، وتحويلها إلى واحة أمان وتنمية حقيقية.
ولم تدخر الدولة جهدًا لتنمية شبه جزيرة سيناء ومدن القناة، بدعم غير مسبوق من الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث تم تنفيذ مشروعات قومية وتنموية كبرى، تؤكد وضع سيناء ومدن القناة فى مقدمة خريطة التنمية الشاملة والمستدامة وفقًا لرؤية مصر (2030)، حيث نفذت الدولة نفذت العديد من المشروعات في كافة المجالات، أبرزها في مجال التعليم العالي بسيناء، بتكلفة إجمالية تبلغ 23 مليار جنيه، حيث أكدت وزارة التعليم العالى في تقرير حديث لها وجود العديد من المشروعات القومية للتعليم العالي، التي تم تنفيذها بسيناء ومدن القناة؛ لاستكمال التنمية الشاملة بها.
كما لم تتوقف تضحيات الجيش المصري بعد التحرير، فقد خاض وما زال يخوض معركة شرسة ضد الإرهاب في سيناء، فرجال القوات المسلحة والشرطة يقدمون أرواحهم يوميا من أجل الحفاظ على أمن الوطن، والقضاء على قوى الظلام، لتبقى سيناء آمنة مستقرة، حرة أبية، لا تُدنسها يد خيانة أو تطرف.
ذكرى تحرير سيناء ليست مجرد تاريخ نحتفل به، بل هي درس للأجيال في الوطنية، والإرادة، والصبر، والعمل. إنها رسالة مفادها أن الأرض لا تُسترد إلا بالتضحية، وأن بناء الأوطان لا يكتمل إلا بالتنمية والوعي، وأن الحفاظ على مكتسبات الوطن مسؤولية كل مصري ومصرية.
في ذكرى تحرير سيناء، نقف إجلالًا لأرواح الشهداء، وتبقى الذكرى الخالدة مناسبة غالية نُجدد فيها العهد على الوفاء لتضحيات أبطالنا، ونؤكد فيها أن مصر ستظل قوية بجيشها، راسخة بوحدة شعبها، ماضية في طريق التقدم، ورايتها خفاقة فوق كل شبر من أرضها الطاهرة.