
وُلد "شيخ الملحنين" سيد مكاوى في حي الناصرية بالسيدة زينب بالقاهرة في 8 مايو 1928، لأسرةٍ بسيطة الحال. فقد بصره وهو في الثانية من عمره دون أن تتمكن أسرته من إنقاذه بسبب ضيق اليد، فوجهوه إلى حفظ القرآن وإتقان الإنشاد الديني. لم تمنعه الإعاقة من صقل موهبته، بفضل دعم والدته التي توسمت فيه نبوغًا فنيًا، فاشترت له أسطوانات لكبار المطربين من بائعي "الروبابيكيا" لتنمية حسه الموسيقي.
يُعد مكاوي أول من أدخل فكرة المقدمات الغنائية للمسلسلات الإذاعية والتليفزيونية، حيث قدم عشرات المقدمات لأعمال شهيرة مثل "شنطة حمزة" و"ريا وسكينة" و"عمارة شطارة". كما أبدع في تلحين أغانٍ خالدة لكبار المطربين، مثل ليلى مراد في "حكايتنا احنا الاتنين"، وشادية في "هوي يا هوي ياللي انت طاير"، ونجاة الصغيرة في "لو بتعزني"، وصباح في "أنا هنا يا ابن الحلال".
كان لمكاوي فضل تأسيس اللحن الحديث لـ"المسحراتي"، حيث رفض أن يقتصر دوره على التلحين فقط، وأصر على أدائه بصوته عام 1964، مستغنيًا عن الفرقة الموسيقية ليقدمه بالطبلة فقط. حقق العمل نجاحًا مدويًا، لتصبح "مسحراتية سيد مكاوي" تقليدًا سنويًا تُسنَد إليه حصريًا حتى رحيله.
رحل مكاوي في 21 أبريل 1997 عن عمرٍ ناهز 68 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا من الألحان التي مَزجت بين الأصالة والابتكار، ومَثلت صوتَ الشارع المصري ببساطته وعمقه. لتبقى ألحانه شاهدةً على عبقرية فنانٍ حوّل التحديات إلى إبداع، وأثبت أن الفن رسالةٌ تتجاوز الزمان والمكان.