التهجير أو الموت.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل الحصار القاتل على غزة.. والقطاع يدخل مرحلة المجاعة
السبت، 19 أبريل 2025 06:00 م
حكومة القتل الإسرائيلية ترقض إدخال المساعدات الإنسانية.. والأرقام تفضح نتانياهو: وفاة 45% من مرضى الفشل الكلوى
"لا حياة هنا".. شعار رفعه الاحتلال الإسرائيلي في حصاره المطبق على قطاع غزة، فلا مساعدات إنسانية، ولا أي مظاهر للعيش، ولا حتى ساعة يصمت فيها الرصاص، كي يتنفس الفلسطينييون الصعداء، ليواصلوا هرولتهم من وقع الرصاص والقصف، فلا مناص لهم سوى التهجير أو القتل.. فالأول لا وجود له في قاموس أصحاب الأرض، والثاني هو صديقهم الذي لازمهم لعقود، ويرفض تركهم.
الأسبوع الماضى، أعترف وزير دفاع دولة الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أنه لن يتم السماح بإدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة كآداة ضغط على حماس، بما يؤكد أمام العالم كله، التعنت الإسرائيلي الواضح تجاه القطاع وسكانه.
ونتيجة للتصرفات الإسرائيلية غير الإنسانية، قال أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، إن "قطاع غزة دخل مرحلة متقدمة من المجاعة، وبدأنا نشهد حالات بالآلاف من الأطفال لديهم سوء تغذية وهي مؤشرات ستكون لها تداعيات خطيرة"، مشيراً إلى إلى أن القطاع يعيش أيضا كارثة بيئية فى ظل انتشار كثير من الأمراض إضافة إلى نقص كبير في المياه فى ظل عمليات النزوح المتكررة وعدم توفر إمكانيات الإيواء وغيرها.
وأشار الشوا إلى أن تصريحات وزراء الحكومة الاسرائيلية واليمين المتطرف تؤكد أن الاحتلال ماض في حرب التجويع التي يمارسها بحق الشعب الفلسطيني، محذرا من أن التهديدات الاسرائيلية باستمرار منع دخول المساعدات وفرض ما يسمى بـ "خطة عسكرة المساعدات" أمر بالغ الخطورة فى ظل سيطرة جيش الاحتلال على آلية استلام وتوزيع المساعدات.
كما حذر مروان الهمص مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بغزة، من التداعيات الخطيرة لنقص الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية على مرضى القطاع، وقال إن مستشفيات القطاع فقدت حوالي 39% من رصيد الأدوية، بالاضافة إلى 57% من المستلزمات الطبية، مما يهدد حياة المرضى أصحاب الأمراض المزمنة في غزة، كما أن مراكز الرعاية الأولية فقدت أيضا حوالي 54% من رصيد الأدوية الخاصة بمرضى السرطان، لافتا إلى وفاة 45% من مرضى الفشل الكلوي بسبب نقص الأدوية والمياه وعدم توفر الغذاء الصحي.
ووجه الهمص نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي ومنظمات الصحة العالمية للمساهمة في تعزيز الأرصدة الدوائية بالمستشفيات ومراكز الرعاية الاولية التي باتت شبه خاوية من الأدوية في ظل وضع صحي غير مسبوق، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 80 ألف مريض بالسكري و110 آلاف مريض بضغط الدم لا تتوفر لهم الأدوية الأساسية في مراكز الرعاية الأولية، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي إدخالها إلى قطاع غزة.
وفى مقابل الجرائم الإسرائيلية، تواصل مصر مساعيها وتحركاتها دوليا وإقليميا لتخفيف معاناة الاشقاء في غزة، حيث يتسم الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية بالثبات والوضوح، مستندًا إلى قناعة راسخة بأن استقرار المنطقة لا يمكن أن يتحقق دون حل عادل وشامل يُنصف الشعب الفلسطيني ويكفل له إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وقد شكّل هذا المبدأ أحد ثوابت السياسة الخارجية المصرية، التي لم تتغير رغم تبدّل المعادلات الإقليمية والدولية، بل ظلّت تنطلق من مسؤولية تاريخية وإرث وطني يتجاوز حدود الجغرافيا والمصالح الظرفية، ليجسّد التزامًا صريحًا بحماية حقوق الشعب الفلسطيني ورفض أي مسارات قسرية تُفرض عليه.
وفي ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل، وما يرافقه من محاولات ممنهجة لفرض الأمر الواقع وتهجير السكان من قطاع غزة، برزت مصر كركيزة أساسية في الدفاع عن الحق الفلسطيني، من خلال تحركات دبلوماسية متوازنة، تجمع بين الإسناد الإنساني والمواقف السياسية الحاسمة، وأكدت القاهرة عبر مواقفها المتتالية أن التهجير القسري للفلسطينيين خط أحمر، لن يُسمح بتجاوزه، وهو ما جسدته الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، وتيسير إدخال المساعدات، والدعوة إلى مؤتمر لإعادة إعمار غزة، في سياق رؤية أشمل تسعى إلى كبح المخططات الإسرائيلية وتوجيه البوصلة الدولية نحو حل الدولتين كمسار لا بديل عنه.
ويتجلى ذلك من خلال نشاط الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ اشتعال الأزمة الأخيرة في 7 أكتوبر 2023، والدفع نحو وقف إطلاق النار، لكن شهد الجاري تحركات واسعة قادها الرئيس في حشد موقف دولي للرؤية المصرية الرامية لوقف الحرب وإعادة الإعمار وإدخال المساعدات، وفرض الاستقرار في المنطقة ككل.
وشهدت أنشطة الرئيس السيسى، خلال الفترة من 1 أبريل إلى 15 أبريل الجاري، فعاليات مكثفة، كان أبرزها زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لمصر، والتى تضمنت مباحثات مهمة حول تطورات الأوضاع في غزة، والتأكيد على الرؤية المصرية للحل، كما أجرى الرئيس السيسي جولة خليجية، حملت دلالات استراتيجية بالغة الأهمية، وتعكس وعيًا مصريًا متقدمًا بمتطلبات المرحلة وتحدياتها، خصوصًا في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والضغوط المتزايدة على القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى أنها تأتي في توقيت بالغ الدقة، إذ تتزايد المحاولات الرامية إلى فرض حلول قسرية على الشعب الفلسطيني، أبرزها مخططات التهجير الجماعي تحت ذرائع إنسانية أو أمنية.
وجاءت زيارة الرئيس السيسي لكل من قطر والكويت كجزء من رؤية مصرية شاملة تسعى لتفعيل التنسيق العربي، وإعادة تشكيل البيئة الإقليمية والدولية بما يخدم الحقوق الفلسطينية المشروعة، ويُثبت دعائم السلام العادل والشامل في المنطقة، ويعزز الموقف العربي الموحد، والتصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية وفرض واقع جديد في قطاع غزةـ
وتعمل القيادة المصرية على تثبيت موقف رافض بشكل قاطع لأي مسارات تستهدف إخراج الفلسطينيين من أرضهم، وهو ما يتجلى في التحركات المتتالية التي شملت لقاءات مكثفة مع قادة دول مؤثرة، وطرح مبادرات واضحة لإعادة إعمار غزة من الداخل دون المساس بالحق التاريخي للفلسطينيين في أرضهم.
ويأتي انعقاد مؤتمر القاهرة المرتقب لإعادة الإعمار ليؤكد هذا النهج، حيث تسعى مصر لحشد الدعم الإقليمي والدولي لجهود تنموية وإنسانية تصون كرامة الفلسطينيين وتحول دون استغلال أزمتهم لفرض حلول منقوصة أو مشوهة.
كما أن مصر لم تكتفِ بالتحرك داخل الإطار العربي، بل كثّفت جهودها الدبلوماسية على الساحة الدولية، بدءًا من اللقاءات مع القيادات الأوروبية، مرورًا بتحركاتها في القمم الإقليمية، وصولًا إلى التنسيق مع دول إسلامية مؤثرة، وقد أسفرت هذه الجهود عن بلورة موقف دولي متنامٍ يدرك خطورة التهجير القسري كأداة لتصفية الصراع، ويؤكد على ضرورة العودة إلى حل الدولتين باعتباره المسار الوحيد القادر على إنهاء النزاع وتحقيق العدالة.
وتكشف الجولة الخليجية عن استراتيجية مصرية متماسكة لا تتحرك برد الفعل، بل تبني مواقفها استنادًا إلى قراءة شاملة للمشهد الإقليمي والدولي، وتسعى لصياغة تحالفات تستند إلى المصالح المشتركة والرؤية الموحدة في مواجهة التهديدات. ويأتي ذلك في لحظة فارقة، تشهد تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق، وسط صمت دولي مريب، الأمر الذي يتطلب تحركًا عربيًا جماعيًا يضع حدًا للانتهاكات ويُعيد الاعتبار للشرعية الدولية.
والمؤكد أن ما تفعله القيادة المصرية يعيد بالضرورة توجيه البوصلة نحو الأولويات المصرية الاستراتيجية، وفي مقدمتها حماية الأمن القومي العربي، والدفاع عن الحقوق الفلسطينية، ورفض أي تسويات تقوم على فرض الأمر الواقع أو مقايضة الحقوق بالمساعدات، وهي بذلك تؤكد أن دورها لم يعد مقتصرًا على الوساطة أو التهدئة، بل يتعداه إلى صياغة موقف إقليمي ودولي متماسك، قادر على كبح الانفلات الإسرائيلي، وفرض قواعد جديدة للعدالة والاستقرار في المنطقة.
من جهة أخرى، أكد المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، أن النقابة قادرة على أن تكون ذراعًا فاعلًا في معركة إعادة الحياة إلى غزة، مشددا على أن مصر كانت وستظل درعًا وسندًا لفلسطين، وأن المهندسين المصريين، لن يدخروا جهدًا في سبيل أن تقوم غزة من تحت الركام، أقوى مما كانت.
وقال "النبراوي" في مؤتمر صحفي عقدته اللجنة الاستشارية لإعمار غزة بنقابة المهندسين، الأربعاء الماضى، "إن نقابة المهندسين المصرية، وهي واحدة من أعرق النقابات المهنية في الوطن العربي، لم ولن تقف يومًا صامتة أمام معاناة أشقائنا، إذ كان موقفنا ثابتًا، وطنيًا، وعربيًا منذ اليوم الأول، رفضًا للعدوان، ورفضًا لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ودعمًا كاملًا لحقه المشروع في الحياة والحرية ودولة مستقلة".
وأعلن النبراوى من خلال اللجنة الاستشارية لإعمار غزة، رؤية النقابة الفنية للمرحلة العاجلة من جهود الإعمار، لوضعها بين يدي المؤسسات الرسمية المعنية دعمًا للجهود المخلصة للدولة المصرية والقيادة السياسية في ملف إعادة إعمار غزة، وقال إن نقابة المهندسين تضع إمكانياتها وخبراتها في خدمة القضية الفلسطينية، ونؤكد أن إعمار غزة ليس مجرد مشروع هندسي، بل هو التزام قومي وإنساني وأخلاقي، وستظل فلسطين حاضرة في ضمير كل مهندس حر، كما هي حاضرة في وجدان كل مصري وعربي شريف، وندعو في هذا الإطار كل المؤسسات المهنية والهندسية في الوطن العربي، والمنظمات الدولية، إلى الانضمام إلى جهد موحّد يعيد الحياة إلى غزة، ويصون كرامة شعبها، ويؤكد أن ما دمرته آلة الحرب، ستعيده الأيدي المؤمنة بالحق والعدل والعلم.
وقال المهندس أحمد زكى عابدين، رئيس لجنة إعادة إعمار غزة، إنه كانت هناك ادعاءات غير منطقية تؤكد أنه لا يمكن إعادة الإعمار فى ظل وجود أهلها على ارضها، إلا أن لجنة نقابة المهندسين تصدت لهذه الادعاءات الكاذبة، حتى وضعنا خطة عاجلة لإعادة الإعمار.
وقال المهندس طارق وفيق، وزير الإسكان السابق، رئيس لجنة الإعمار العاجل المنبثقة من اللجنة الاستشارية لإعمار إعمار غزة بنقابة المهندسين، إن خطة إعادة الإعمار التى عكف على إعدادها أعضاء اللجنة سيتم توجيهها لكافة الجهات المعنية بإعادة الإعمار، مشيرا إلى أن اللجنة كانت حريصة على التعاون والتنسيق مع العديد من الدراسات المرجعية والخرائط والمعلومات للوصول الي مخرجات تتماشى مع الواقع بنسبة كبيرة، موضحاً أن الملامح الأساسية للرؤية العاجلة هى أنها يتم تنفيذها خلال 6 أشهر، والركيزة الثانية هى أن القضية ليست إعمار فقط بما تشملها من بنية تحتية وطرق ومياه، إلا أنه لابد أن يتماشى الإعمار مع تنمية اقتصادية، وتأمين احتياجات البناء الأمن، وتوفير وحدات إقامة مؤقته، خاصة أن 54 % من مبنى القطاع حدث بها تدميرًا بالكامل، وإزالة الركام، وتحديد الحجم السكانى وتوزيعها فى غزة ومحافظتها المختلفة.
وأشار وفيق إلى أن أهالى غزة يعتمدون بنسبة 90% على مياه الآبار، والخدمات الأساسية للحياة اليومية سيتم وضعها فى مناطق السكن المؤقتة، بالتزامن مع إعادة تأهيل شبكات الطرق، لافتا إلى أنه من المتوقع أن تضم الخيام الموجوة فى 54 تجمع نحو 350 ألف نسمة، بمتوسط سعة استيعابية 750 ألف نسمة، مشيرا وجود حاجه ملحة إلى 125 ألف وحدة إسكان مؤقتة، وبناءا على ذلك تم تحديد 30 موقع لإعادة الإعمار فى 7 محافظات، أغلب تلك المواقع ملكية عامة.