العريش تتصدر المشهد.. بين رسائل الرؤساء وصوت الشعب
الثلاثاء، 08 أبريل 2025 04:58 م
أحمد سامي يكتب:
زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مدينة العريش لم تكن حدثًا بروتوكوليًا تقليديًا، بل كانت لحظة نادرة تكشف عن تماسك الدولة المصرية شعباً وقيادة في وجه الضغوط والابتزاز السياسي الذي يسعى لتفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها تحت ذريعة "الحلول الإنسانية"، في مشهد استثنائي.
الرئيسان تفقدا مستشفى العريش العام، حيث كانت الرسالة تؤكد على الدعم المصري والدولي للجهود الإغاثية والإنسانية لضحايا العدوان على غزة، ومن جهة أخرى، إظهار للجاهزية المصرية في التعامل مع الكارثة، ولكن ضمن سقف السيادة الوطنية، لم تكن الكاميرات هناك لتوثّق تعاونًا طبيًا فقط، بل لتسجّل موقفًا أخلاقيًا وسياسيًا مفاده أن مصر تساعد ولا تساوم.
في اللحظة ذاتها، كانت شوارع العريش تعج بمظاهرات شعبية في مشهد مهيب بمشاركة آلاف المواطنين في تظاهرة وطنية سلمية رافضة لأي مخطط لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، لم يكن الاصطفاف الشعبي مفاجئًا، لكنه جاء في توقيت حرج ليُسقط كل المراهنات على إمكانية تمرير مشروع تصفية القضية الفلسطينية على حساب السيادة المصرية.
ما جرى في العريش لا يجب أن يُقرأ فقط كمشهد لحظي، بل كتحذير استراتيجي لكل من يظن أن مصر قد تقبل في لحظة ضعف أو مساومة ببيع جزء من أمنها القومي تحت مسمى "حلول سياسية"، الدولة المصرية بقيادتها ومؤسساتها وشعبها، وجهت رسالة واضحة بأن مصر تقف مع الشعب الفلسطيني، ولكن ليس على حساب أرضها ولا مستقبلها.
في ظل العجز الدولي الواضح عن فرض وقف لإطلاق النار في غزة، تبقى مصر، رغم التحديات، الطرف الأكثر اتزانًا ومسؤولية، فهي تُدير المعبر، تنسّق المساعدات، وتحمي حدودها، وتفاوض الأطراف، وفي الوقت ذاته تقف في وجه سيناريوهات التهجير الممنهج، التي وإن غُلفت بشعارات إنسانية، فإنها تحمل في طياتها أخطر مشروع لتفريغ الأرض من أصحابها الشرعيين.