وحققت الموازنة العامة للدولة، نموًا فى الإيرادات بنحو 31% خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر من السنة المالية الحالية، نتيجة زيادة حصيلة الضرائب بنسبة 38%، وهو أعلى معدل نمو يتحقق خلال السنوات الماضية، وكذلك ارتفاع الفائض الأولى بشكل ملحوظ بنحو 81 مليار جنيه ليحقق 1.3% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو أعلى فائض أولى تم تحقيقه خلال 20 عامًا.
وجاء ضبط الإنفاق العام للموازنة من خلال تحسين إدارة الدين من خلال توزيع أعباء مدفوعات الفوائد على السنة المالية، وتغيير مصادر التمويل من خلال تقليل الاعتماد على حساب الخزانة الموحد والالتزام بالحدود القانونية، وانخفاض الاستثمارات الممولة من الخزانة، فى ضوء توجه الدولة نحو إعادة ترتيب أولويات الصرف ومراجعة خطة الاستثمارات العامة فى ظل الالتزام بسقف للإنفاق الاستثمارى للعام المالى الحالى.
جاء ذلك بالرغم من التحديات التى شهدها الاقتصاد المصرى نتيجة للضغوط العالمية وتسارع الأحداث والتوترات الإقليمية إلا أنه أثبتت صلابة فى مواجهة تلك التحديات، وهو ما انعكس على النتائج الفعلية للأداء المالى خلال النصف الأول للعام المالى 2024/2025، والذى صاحبه نموًا اقتصاديًا أعلى من السنوات السابقة.
وجاء تنفيذ الموازنة أكثر إدراكًا واستجابة للصدمات المتتالية من خلال ما تبنته وزارة المالية من سياسات وإصلاحات مالية واقتصادية تعمل على تعزيز ثقة المستثمرين والمستهلكين، وتمكين القطاع الخاص لقيادة قاطرة النمو، وتلبية كافة احتياجات قطاعى الصحة والتعليم، مع مراعاة الاهتمام ببناء المواطن المصرى ودعم شبكة الحماية الاجتماعية وبرامج التنمية البشرية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يشهد فيه الاقتصاد العالمى تحديات ومخاطر العالمية وتباينات الإقليمية، من المتوقع أن يبلغ معدل النمو العالمى بنسبة 3.3% لعام 2025 بزيادة طفيفة قدرها 0.1 نقطة مئوية فى ضوء أحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمى الصادر عن صندوق النقد الدولى فى يناير 2025 مقارنة بتوقعات أكتوبر 2024، مما يعكس معدلات نمو معتدلة للاقتصاد العالمى بالرغم من تحديات ارتفاع أسعار الفائدة والتباطؤ الملحوظ فى معدلات التضخم العالمية.
كما أنه من المتوقع أن ينمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بنسبة 3.6% فى عام 2025 مع مراجعة تنازلية قدرها 0.3 نقطة مئوية بسبب الصراعات الإقليمية التى تزيد من حالة عدم اليقين للاقتصاد العالمى، ويرجع هذا التأخر نتيجة للتطورات الجيوسياسية فى المنطقة، بما فى ذلك التوترات الإقليمية المتصاعدة فى كل من غزة والبحر الأحمر، الأمر الذى أدى إلى اضطرابات كبيرة فى مسار التجارة العالمية الأساسية.
وعلى نحو آخر لقد أظهرت الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة قوة نمو ملحوظة وفقًا لصندوق النقد الدولى، بينما تواجه كل من أوروبا والشرق الأوسط تحديات متعددة مرتبطة بارتفاع الديون وتكلفة التمويل، ما يحد من النشاط الاقتصادى ويبطئ نمو الإنتاجية.