عماد حمدان وزير الثقافة الفلسطيني لـ«صوت الأمة»: طمس الهوية الفلسطينية مشروع إسرائيلي طويل الأمد.. ونعيش كارثة حقيقة
السبت، 08 مارس 2025 12:26 م
عماد حمدان وزير الثقافة الفلسطيني
محمود علي
الاحتلال دمر 80 مؤسسة ثقافية في غزة ومئات المواقع الأثرية واستشهاد 25 كاتباً و30 فناناً تشكيلياً و10 موسيقيين ونزوح 300 مثقف
تقارير دولية رصدت استغلال إسرائيل حالة الفوضى في القطاع لنهب القطع الأثرية وحرق آلاف الكتب
الفلسطينيون يحوّلون الدمار إلى إبداع.. ونحتاج تحرك عربي مشترك في المحافل الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه
تقارير دولية رصدت استغلال إسرائيل حالة الفوضى في القطاع لنهب القطع الأثرية وحرق آلاف الكتب
الفلسطينيون يحوّلون الدمار إلى إبداع.. ونحتاج تحرك عربي مشترك في المحافل الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه
في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، لم يكن الاستهداف مقتصرًا على البشر والمباني السكنية، بل طال الموروث الثقافي الفلسطيني في محاولة ممنهجة لطمس الهوية وقطع صلة الفلسطينيين بتاريخهم وتراثهم. فقد دُمِّرت المكتبات، وأُحرقت المخطوطات، واستُهدفت المسارح، وفُقدت أرواح مبدعين شكلوا جزءًا أساسيًا من المشهد الثقافي الفلسطيني. أمام هذه التحديات الكبرى، تُطرح تساؤلات جوهرية: كيف يمكن استعادة المشهد الثقافي الفلسطيني؟ وما دور الثقافة في تعزيز الصمود ومقاومة محاولات الطمس؟.
في هذا الحوار، يكشف وزير الثقافة الفلسطيني، الدكتور عماد حمدان، عن حجم الدمار الذي لحق بالبنية الثقافية في غزة، وخطط الوزارة لمواجهة هذه الكارثة الثقافية، وأهمية الفنون في توثيق الجرائم الإسرائيلية وتعزيز التعافي النفسي والاجتماعي لسكان القطاع. وإلى نص الحوار..
كيف أثّر العدوان الإسرائيلي الأخير على المؤسسات الثقافية والمراكز التراثية في غزة؟
العدوان الإسرائيلي الأخير لم يكن استهداف عسكري للبنية التحتية فقط، لقد كان هجوماً ممنهجاً على الذاكرة والهوية الفلسطينية. العديد من المؤسسات الثقافية، مثل المكتبات، دور النشر، المسارح، والمراكز الفنية، تعرضت للدمار أو لأضرار جسيمة، ما أدى إلى توقف نشاطها بالكامل. القصف لم يفرّق بين المباني السكنية والمرافق الثقافية، لقد كان استهدافاً مقصوداً للمراكز التي تلعب دوراً في تعزيز الهوية الفلسطينية. فقدان هذه المؤسسات لا يعني فقط خسارة أماكن للفعاليات الثقافية، بل هو محاولة لحرمان المجتمع الفلسطيني من فضاءات التعبير والإبداع، وقطع حلقة الوصل بين الأجيال وتراثهم الثقافي.
وما هي حجم الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية الثقافية؟
لقد كانت الخسائر في البنية التحتية الثقافية كبيرة جداً، حيث تشير التقارير الأولية الى تدمير أكثر من 70% من البنية التحتية الثقافية، فقد تم تدمير مكتبات عامة وخاصة تحتوي على آلاف الكتب والمخطوطات التاريخية، وهو ما يمثل خسارة معرفية كبيرة. كما تم استهداف المراكز الثقافية والفنية مثل المسارح وقاعات العرض الفني، مما أدى إلى وقف النشاط الثقافي وتعطيل الحركة الفنية بالكامل. وتم تدمير دور النشر والمطابع التي كانت تساهم في نشر الكتب والمواد الثقافية، مما أدى إلى تعطيل دورة الإنتاج الثقافي.
القصف المباشر للمواقع الأثرية والمساجد القديمة، أدى إلى فقدان أجزاء من التراث المعماري الفلسطيني الذي يعود لآلاف السنين، كما تم إلحاق الضرر بالجامعات والمؤسسات الأكاديمية، حيث تم استهداف العديد من الكليات التي تضم برامج دراسات ثقافية وفنية، مما أثر على مستقبل الأجيال القادمة في هذه المجالات.
هل لديكم إحصاءات حول عدد المرافق الثقافية التي دُمّرت أو تضررت خلال العدوان؟
العدوان الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023 أدى إلى كارثة ثقافية في فلسطين، حيث تم تدمير أكثر من 80 مؤسسة ثقافية، و4 مسارح رئيسية، و3 متاحف تراثية، ومئات المواقع الأثرية، إلى جانب توقف العروض المسرحية واستشهاد 8 مسرحيين، أبرزهم إيناس السقا. كما دُمِّرت دور السينما القديمة في غزة، وأُحرقت آلاف الكتب، بما في ذلك مخزن عسقولة الذي احتوى 8000 كتاب من المطبوعات الحجرية القديمة.
استُهدفت المكتبات العامة والأكاديمية، ومنها مكتبة مركز التخطيط الفلسطيني ومكتبات الجامعات الكبرى. كما استشهد 25 كاتباً، و30 فناناً تشكيلياً، و10 موسيقيين، مع نزوح أكثر من 300 مثقف في ظروف قاسية كما تعرض 146 بيت اثري قديم للتدمير الكلي أو الجزئي أبرزهم بيت الغصين وبيت السقا، وبيت العلمي وسباط العلمي، وكان عدد كبير منها يستعمل للندوات والعروض الثقافية؛ هذا التدمير يشكل ضربة كبيرة للهوية الثقافية لسكان القطاع، حيث يعتمد الكثير من الشباب على هذه المؤسسات في تكوين وعيهم الثقافي والاجتماعي. فإن غياب هذه المراكز يترك فراغاً يصعب ملؤه، ويفرض تحدياً كبيراً على محاولات الحفاظ على الثقافة الفلسطينية في ظل الاحتلال والحصار.
كل هذه الخسائر أثرت على الحياة الثقافية في غزة؛ فقد توقفت الأنشطة الثقافية والفنية مع غياب المساحات الثقافية، فأصبح من الصعب تنظيم المعارض الفنية، العروض المسرحية، والأنشطة الموسيقية التي كانت توفر متنفساً إبداعياً للمجتمع الغزي.
أن تدمير المكتبات ودور النشر جعل الوصول إلى الكتب والمراجع أكثر صعوبة، مما أثر على الطلاب والباحثين في مجالات الأدب والتاريخ والفن. والكثير من الكتاب والفنانين فقدوا أدواتهم ومساحاتهم الإبداعية، مما أدى إلى توقف مشاريع ثقافية مهمة.
كما أن ضياع أجزاء من الذاكرة التاريخية الفلسطينية؛ من تدمير للوثائق والمخطوطات القديمة يعني فقدان مصادر قيمة توثق تاريخ وهوية الشعب الفلسطيني.
إن ما حدث كان هجوماً ممنهجاً يستهدف القضاء على الموروث الثقافي الفلسطيني، في محاولة لقطع العلاقة بين الفلسطينيين وتاريخهم، ومنع الأجيال القادمة من الوصول إلى روايتهم الحقيقية. ورغم ذلك، فإن الفلسطينيين في غزة، كما في كل فلسطين، لم يتوقفوا عن إعادة بناء ثقافتهم، وإحياء تراثهم، وتحويل الدمار إلى قوة إبداعية تعكس صمودهم أمام محاولات الطمس والتشويه.
ما هي أولويات الوزارة في إعادة إعمار المشهد الثقافي في غزة بهذه المرحلة؟
إعادة إعمار المشهد الثقافي في غزة يتطلب رؤية شاملة تتجاوز فكرة إعادة بناء المباني المدمرة. حيث شملت الأولويات إعادة تأهيل المكتبات العامة والمراكز الثقافية لتمكين الشباب والأطفال من العودة إلى بيئات تشجع على التعلم والإبداع، وإطلاق برامج دعم للفنانين والمبدعين الذين خسروا أعمالهم أو أدواتهم الفنية خلال القصف، وإقامة فعاليات ثقافية تعيد بث الحياة في المجتمع، مثل المهرجانات الموسيقية ومعارض الفن التشكيلي وورش الكتابة الإبداعية، وتوثيق الدمار الذي لحق بالمشهد الثقافي الفلسطيني من خلال الإنتاجات السينمائية والأبحاث الأكاديمية. وتعتمد الخطة الزمنية لتنفيذ هذه المبادرات على توافر الموارد والدعم الدولي، لكننا نسعى لجعل العام القادم بداية قوية لعودة الحياة الثقافية في غزة.
ما تعليقكم على محاولات تل أبيب طمس الهوية الفلسطينية عبر تنفيذ مخططات التهجير؟
طمس الهوية الفلسطينية مشروع إسرائيلي طويل الأمد، بدأ منذ النكبة واستمر بوسائل مختلفة، من تدمير القرى إلى تزوير التاريخ ومحاولة تغيير معالم المدن الفلسطينية. محاولات التهجير القسري ليس قضية سياسية فقط، بل هي محاولة لمسح أي وجود ثقافي فلسطيني. نحن نواجه هذه التحديات بتعزيز الإنتاج الثقافي الذي يرسّخ الهوية، وبتكثيف الجهود الدبلوماسية والقانونية لمساءلة الاحتلال عن هذه الجرائم. أما الضغوط الأمريكية، فهي جزء من المشهد السياسي، لكنها لن تغير من حقيقة أن الفلسطينيين متجذرون في أرضهم، وأن الثقافة الفلسطينية ستظل حاضرة رغم كل محاولات الطمس.
كيف عملت الوزارة على توثيق التراث الثقافي المهدد في غزة؟ وهل توجد مبادرات لحماية الموروثات الثقافية التي تعرضت للدمار أو النهب؟
عملت الوزارة على إنتاج ونشر برومو يوثق الخسائر التي تكبدها القطاع الثقافي في غزة. هذا العمل كان بمثابة شهادة حية للعالم على أن الثقافة الفلسطينية، رغم محاولات الطمس، ستظل شاهدةً على الظلم، وسلاحاً ضد النسيان، كما تم تطوير نماذج لحصر الأضرار على القطاع الثقافي في المحافظات الجنوبية. وقمنا بإطلاق مبادرات رقمية تهدف إلى توثيق المواقع الثقافية والتراثية المتضررة من خلال فرق متخصصة، كما نسعى لإنشاء قاعدة بيانات مفتوحة توثق جميع الأضرار التي لحقت بالموروث الثقافي، مما يسهل استعادة ما يمكن استعادته ويساعد في مساءلة الاحتلال قانونياً.
هل سرق الاحتلال قطعًا أثرية بجانب تدميره الممنهج للمواقع التراثية خلال العدوان الإسرائيلي على غزة؟
نعم، هناك تقارير أولية تشير الى أن الاحتلال الإسرائيلي استغل حالة الفوضى في غزة لنهب القطع الأثرية، تماماً كما فعل في الضفة الغربية خلال العقود الماضية. فعمليات التدمير الممنهجة للمواقع التراثية لا تتم فقط بهدف القصف، فغالباً ما يسبقها عمليات نهب مدروسة تستهدف القطع الأثرية النادرة التي تعكس تاريخ فلسطين العريق.
وما هي إجراءاتكم من أجل استعادة ما تم سرقته من آثار فلسطينية في غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير؟
سنقوم بالتعاون مع منظمات دولية متخصصة مثل اليونسكو لمتابعة هذه الجرائم، ونطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإعادة ما نهبته. بالإضافة إلى ذلك، كما سنعمل على توثيق القطع الأثرية المسروقة ونشر معلومات عنها عالمياً لمنع بيعها في الأسواق السوداء.
كيف يمكن للثقافة أن تساهم في معالجة الصدمات النفسية التي لحقت بالأطفال والشباب والسيدات في غزة جراء العدوان؟
الثقافة ليست ترف أو نشاط جانبي، أنما هي وسيلة فعالة لإعادة بناء الروح الجماعية وتعافي الأفراد من الصدمات النفسية، في غزة، حيث عاش الأطفال والشباب والسيدات تجربة قاسية من القصف والدمار والفقدان، حيث يمكن للثقافة أن تلعب دوراً أساسياً في التخفيف من الآثار النفسية العميقة عبر؛ التعبير عن الألم بدلاً من كتمانه؛ من خلال الفنون، سواء كانت الرسم، الموسيقى، المسرح، أو الكتابة، حيث تمنح الناجين من العدوان مساحة للتعبير عن مشاعرهم بطريقة آمنة، مما يساعد في تفريغ التوتر النفسي، حيث أن الأنشطة الثقافية الجماعية، مثل ورش الفنون أو العروض المسرحية، تساعد الأطفال والشباب على استعادة شعورهم بالأمان، والتواصل مع الآخرين بعد فترات العزلة والخوف.
كما أن القصص الشعبية، والحكايات التراثية، والموروثات الثقافية تذكّر الفلسطينيين بأنهم جزء من تاريخ طويل من الصمود والمقاومة، مما يعزز لديهم الإحساس بالقوة والانتماء؛ حيث يمكن تحويل التجربة القاسية إلى إنتاجات فنية وأدبية تروي القصة الفلسطينية من منظور الناجين أنفسهم.
هل هناك برامج ثقافية مخصصة لذلك؟
نعم، فقد أطلقت وزارة الثقافة مشروع النشر الرقمي لمبدعين ومبدعات من غزة، حيث تم طباعة ونشر العديد من الإنتاجات الأدبية التي تتحدث عن العدوان على غزة؛ مثل كتاب "الحرب لا تنتهي"، "رمال حمراء"، "تغريدة النورس الأخيرة" وغيرهم.
كما أن هناك العديد من المبادرات التي سيتم أطلقتها بالتعاون مع مؤسسات ثقافية محلية ودولية لدعم التعافي النفسي عبر الثقافة، ومنها ورش الفن العلاجي للأطفال، حيث يتم تنظيم جلسات رسم ونحت وموسيقى للأطفال لمساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم وإعادة بناء إحساسهم بالأمان، فيما يتم عمل مسرحيات تفاعلية حول الصمود، حيث تُستخدم العروض المسرحية التفاعلية لمساعدة الأطفال والشباب على فهم تجاربهم بطريقة إبداعية وتعليمية، وبرامج الكتابة الإبداعية للشباب، ويتم تشجيع الشباب على كتابة قصصهم وشهاداتهم حول الحرب كجزء من عملية التعافي وإيصال صوتهم للعالم، ومشاريع التوثيق الثقافي النسوي، كما يوجد هناك برامج تدعم السيدات في توثيق تجاربهن عبر الكتابة أو الفنون، مما يمنحهن فرصة للشفاء وتعزيز دورهن في نقل الرواية الفلسطينية.
ما دور الفنون والموسيقى والمسرح في إعادة بناء الروح المعنوية للمجتمع الغزاوي والفلسطينيين بصفة عامة؟ وكيف تدعم الوزارة هذه المبادرات؟
الموسيقى تُعتبر وسيلة قوية لرفع الروح المعنوية، حيث تعزز الأغاني التراثية والوطنية الشعور بالوطنية والانتماء، وتوفر مساحة للتعبير عن المشاعر بطريقة جماعية، فيما يعد المسرح أداة مقاومة، حيث يُستخدم لنقل معاناة الفلسطينيين وتسليط الضوء على قضاياهم بأساليب فنية مؤثرة. في غزة، تدعم الوزارة المبادرات المسرحية التي تركز على التعافي النفسي وبث الأمل.
وتشجع الوزارة الكُتّاب والشعراء على إنتاج أعمال أدبية تعكس تجربة الفلسطينيين في غزة، وتوفر لهم المنصات للنشر والتوزيع، وفي هذا الإطار يتم عرض لوحات وأعمال فنية تعبر عن معاناة وصمود الغزيين، وتُستخدم كأداة للتواصل مع العالم ونقل الواقع الفلسطيني من منظور ثقافي.
هل هناك مبادرات لتشجيع الفنانين وصانعي الأفلام على توثيق جرائم العدوان الإسرائيلي على غزة؟
نعم، الوزارة تدعم جهود الفنانين وصانعي الأفلام سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في توثيق العدوان عبر عدة مبادرات، منها برامج دعم الإنتاج السينمائي التي تشمل دعم مشاريع وثائقية وأفلام قصيرة تروي قصص الفلسطينيين أثناء الحرب، وتبرز الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين. كما سنعمل على تنظيم مهرجانات سنمائية لعرض الأفلام الفلسطينية التي توثق العدوان ونقدمها للجمهور العالمي؛ وتوفير منصات عرض دولية بالتنسيق مع مؤسسات ثقافية ومنظمات حقوقية لعرض هذه الأفلام في محافل دولية، مثل مهرجانات السينما وفعاليات الأمم المتحدة.
كما سيتم دعم المصورين والفنانين الغزيين لتوثيق الدمار والقصص الإنسانية عبر الصور والفيديوهات، وإبراز الرواية الفلسطينية في الإعلام العالمي. بالإضافة الى تشجيع الإنتاج المشترك؛ من خلال التعاون مع مخرجين وفنانين عرب ودوليين لإنتاج أفلام وأعمال فنية تسلط الضوء على القضية الفلسطينية، مما يضمن انتشار السردية الفلسطينية بشكل أوسع.
ما أبرز التحديات التي تواجهها الوزارة في استئناف الأنشطة الثقافية بعد وقف إطلاق النار؟
إن أكثر ما يواجهنا هو نقص التمويل بسبب الحصار وصعوبة الوصول إلى الجهات المانحة، بالإضافة الى تدمير البنية التحتية وغياب المرافق الخاصة بالفعاليات الثقافية، وصعوبة إدخال المواد الثقافية مثل الكتب والأدوات الفنية، بسبب القيود الإسرائيلية.
بالنسبة الى التحدي النفسي والاجتماعي، يحتاج المجتمع إلى وقت لاستعادة حيويته بعد الدمار النفسي الذي خلفه العدوان.
كيف تقيمون الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية؟ وخاصة موقفها خلال العدوان الأخير على غزة ورفضها للتهجير؟
مصر كانت ولا زالت دائماً شريكاً أساسياً في القضية الفلسطينية، بحكم موقعها الجغرافي ودورها التاريخي. فخلال العدوان الأخير على غزة، لعبت مصر دوراً محورياً في أكثر من جانب، حيث كان الموقف المصري واضحاً في رفض أي محاولات لتهجير سكان غزة إلى سيناء، وهو موقف مهم لأنه أوقف أحد أخطر السيناريوهات التي كان الاحتلال يحاول فرضها كحل مؤقت يتحول إلى دائم.
كما أن مصر قادت جهوداً مكثفة لوقف إطلاق النار ومنع التصعيد، مستخدمة علاقاتها الإقليمية والدولية للضغط باتجاه إنهاء العدوان على غزة، وفتح معبر رفح لاستقبال الجرحى وإدخال المساعدات الطبية والإنسانية إلى القطاع، رغم التحديات اللوجستية والأمنية.
وكيف تنظرون إلى القمة العربية الطارئة التي عقدت بالقاهرة؟
القمة العربية في القاهرة جاءت في لحظة حاسمة، حيث يتطلب الوضع في فلسطين مواقف أكثر حزماً وقرارات عملية تتجاوز بيانات الإدانة، فالموقف العربي القوي الرفض للعدوان الإسرائيلي والضاغط على المجتمع الدولي سيؤدي حتما لوقف الانتهاكات بحق الفلسطينيين.
غزة تحتاج إلى خطة إعمار حقيقية، يجب إنشاء صندوق عربي لدعم البنية التحتية الثقافية والتعليمية في القطاع، ويجب أن يكون هناك تحرك عربي مشترك في المحافل الدولية، خاصة في محكمة الجنايات الدولية، لمحاسبة الاحتلال على جرائمه في غزة.
وأخيراً؛ دعم فلسطين في الأمم المتحدة، وتعزيز الاعتراف الدولي بها، والضغط لإنهاء الاحتلال من خلال أدوات دبلوماسية فعالة.
وما الذي تريد أن تختم به هذا الحوار؟
أريد التأكيد أن الثقافة ليست عنصر جانبي في مواجهة الاحتلال، انها السلاح الأقوى في معركة الصمود والوجود. فالوزارة تعمل على تحويل الفنون والسينما والموسيقى إلى أدوات توثيق، وإلى وسائل تعاف نفسي واجتماعي، لأن الفلسطينيين لا يسعون إلى النجاة فقط، إنما إلى الحفاظ على هويتهم ونقل قصتهم إلى العالم كله.