رمضان شهر الصبر
السبت، 01 مارس 2025 09:44 م
دكتورة جيهان ياسين
شهر رمضان الفضيل هو مدرسة المتقين، مدرسة عظيمة للترقي والفوز برضا ومحبة رب العالمين، فهو مدرسة لتربية النفوس وتهذيب القلوب. يتربى الصائم فيها بمنع نفسه عن شهوة مباحة وغير مباحة طاعة لمولاه، ويحبس نفسه عن لذيذ مرادها فيقول لها لن تنالي طعامك وشرابك حتى يأذن رب العالمين، فيتعلم الصائم معنى الصبر، لذلك سمى رسول اللهِ شهر رمضان بشهر الصبر.
وقال رسول الله ﷺ: صومُ شهرِ الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، يُذهبن وحرَ الصدر.
والصبر نصف الإيمان والصوم نصف الصبر، وأنواع الصبر الثلاثة كلها تتجمع في الصوم. صبر على الطاعة، وصبر على المعصية، وصبر على المصائب والأقدار.
صبر على الطاعة، فالصائم يصبر على الصيام بالنهار ويصبر على القيام بالليل، إيمانًا بأنه الامتثال لأمر الله، واحتسابًا بأن الأجر من الله، لقول رسول الله ﷺ: من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه.
فالصبر يولد لذة الطاعة التى يستغنى بها عن لذة المعصية، مما يجعل الصائم يتحرى مع صيامه الكف عن قول الزور والكذب والغيبة والنميمة حتى يتم ثواب أجره، وكذلك تحمل الصائم ألم الجوع والعطش أملا في الأجر والثواب من الله يجعله يتدرب على الصبر الذى يهون ألم المصائب والأقدار، أملا فى الفوز ببشرى وأجر الصابرين. "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ".
فالصوم هو خير معين للعبد ليصبح عبدا لله لا عبدا لشهواته وأهوائه ورغباته، ويقول المولى عز وجل: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾.
وقال أهل العلم إن الصبر فى هذه الآية هو الصوم، فشهر الصبر شهر جهاد النفس ليحررك من قيود وذل المعصية إلى عز ولذة الطاعة، فأرفع شعار إنى صائم وما أعظمه من شعار وكن صابرا وسارع أن يراك مولاك حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك، وأصبر على من آذاك. أعطى من حرمك، ووصل من قطعك، وأعف عمن ظلمك، تكن فى هذا الشهر الكريم من الصابرين الفائزين، "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ".
قال الأوزاعي: لا يوزن لهم بميزان ولا يكال لهم بمكيال وإنما يغرف لهم غرفا.
اللهم أجعلنا من الصابرين الفائزين في هذا الشهر الكريم يا أكرم الأكرمين.
دكتورة جيهان ياسين واعظة بوزارة الاوقاف
