أسبانيا تنضم إلى قائمة «شركاء مصر الإستراتيجيين»
السبت، 22 فبراير 2025 01:15 م
القاهرة ومدريد يوقعان "الشراكة الاستراتيجية" واتفاقيات اقتصادية.. ويتفقان على رفض تهجير الفلسطينيين
الرئيس السيسي: تقديم كافة التسهيلات اللازمة للشركات الإسبانية.. وتذليل أية عقبات أمام المستثمرين
الملك فليب السادس: الدور المصرى مهم فى الاستقرار الإقليمي
الرئيس السيسي: تقديم كافة التسهيلات اللازمة للشركات الإسبانية.. وتذليل أية عقبات أمام المستثمرين
الملك فليب السادس: الدور المصرى مهم فى الاستقرار الإقليمي
ترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وتوقيع عدد من مذكرات التفاهم فى مجالات التعاون المختلفة، هو أحد ثمار الزيارة الرسمية المهمة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى، الأسبوع الماضى، إلى مملكة إسبانيا، حيث شهدت الزيارة لقاءات مع ملك إسبانيا، ورئيس الوزراء، وممثلي بعض من الشركات الإسبانية الكبرى، كما شارك الرئيس السيسى في فعالية اقتصادية مع مجتمع الأعمال والشركات الإسبانية.
وترتبط مصر وأسبانيا بعلاقات تاريخية ممتدة منذ عقود، زادتها الأزمات الجيوسياسية وما تتعرض له منطقة الشرق الأوسط والمتوسط من تحديات، مع توافق الرؤى، في الكثير من القضايا، آخرها قضية فلسطين ورفض تهجير سكان قطاع غزة، وشهدت السنوات الأخيرة لقاءات رفيعة المستوى جمعت الرئيس السيسي وقادة إسبانيا، تم خلالها التأكيد على قوة العلاقات الثنائية بين البلدين، وحرص البلدين على مواصلة أطر التعاون القائمة وتوسيعها، خاصة ما يتعلق بتعزيز التبادل التجاري والتعاون التنموي والاستثماري.
وحملت زيارة الرئيس السيسي إلى إسبانيا العديد من الدلالات، في ضوء العديد من الأزمات التي تحل بالعالم في الفترة الراهنة، والتي لم تعد قاصرة على مجرد منطقة بعينها، وإنما باتت تتسم بتمددها وامتدادها، سواء على النطاق الزمني أو الجغرافي، وهي الأزمات التي تتراوح بين الأوضاع في فلسطين، والحديث المتواتر في قطاع غزة، بالإضافة إلى الأوضاع في أوكرانيا وما سوف تؤول إليه الأيام المقبلة، حيث تحمل إسبانيا وضعاً خاصاً في ضوء موقف مدريد الرافض لمسألة التهجير، وما سبقها من اعترافها بالدولة الفلسطينية، وهو ما يمثل ضربة قوية للاحتلال الإسرائيلى، خاصة وأن إسبانيا تعد إحدى الدول المحسوبة على المعسكر الغربى المحسوب على الدولة العبرية، وهو ما أضفى الكثير من الزخم إلى الخطوة، والتى اتخذتها دولا أخرى، من بينها النرويج وسلوفينيا وغيرهم، مما أثار امتعاض تل أبيب.
وزار رئيس الوزراء الأسبنى، بيدرو سانشيز مصر 4 مرات، وفي إحداها، في نوفمبر 2023، أعلن عند معبر رفح أن إسبانيا ستعترف بفلسطين كدولة إذا لم يوافق الاتحاد الأوروبي على القيام بذلك بشكل مشترك، وبعد أشهر، وتحديداً في 28 مايو 2024، اتخذت إسبانيا خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى جانب أيرلندا ودولة أوروبية أخرى غير عضو في الاتحاد الأوروبي هي النرويج، في قرار لاقى ترحيبا من الدول العربية، بما في ذلك مصر.
وشهدت الزيارة توقيع الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الأسباني بيدرو سانشيز، بمقر الحكومة في العاصمة الإسبانية مدريد، الأربعاء الماضى، الإعلان المشترك لترفيع العلاقات المصرية الإسبانية إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية".
وعقد الرئيس السيسي، وسانشيز جلسة مباحثات بمشاركة وفدي البلدين، تناولت مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع الإقليمية، حيث أكد رئيس الحكومة الأسبانية اتفاق أسبانيا الكامل مع موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين، مؤكداً أن أسبانيا ترفض بشكل حاسم وقاطع تهجير الفلسطينيين، وأنها ستدعم كل ما سوف يصدر عن القمة العربية المرتقبة، التي سوف تعقد بمصر، بشأن مسالة إعادة إعمار قطاع غزة والخطة المصرية في هذا الشأن وبما يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، مشدداً على ضرورة تطبيق حل الدولتين.
وحول العلاقات التجارية مع مصر، قال سانشيز، إن هذه الشراكة الاستراتيجية ستسمح بتعزيز العلاقات فى مجالات مهمة جدا بالنسبة إلى مواطنينا فى التجارة والاستثمار والتعاون الانمائى والشؤون الداخلية والهجرة والدفاع والثقافة والزراعة والصيد، كما أن شركات إسبانية كثيرة ترغب فى المشاركة بالمشاريع الاستراتيجية التى تطلقها حكومة مصر وهناك إمكانيات كبيرة لتعزيز هذا الحضور، مؤكدا أن منتدى الأعمال فرصة لاكتشاف المزيد من فرص الاستثمارية.
وأكد الرئيس السيسى، أن هذه هى زيارته الثانية إلى مدريد، "وهو ما يعكس الرغبة الصادقة، فى تعزيز العلاقات التاريخية الراسخة بين بلدينا، والتعاون المثمر بينهما، على أساس مشترك من الاحترام والتفاهم المتبادلين. وفى إطار العلاقات الثنائية الوثيقة بيننا، وسعينا المتواصل لتطويرها، وقعنا وثيقة لترفيع العلاقات المصرية الإسبانية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، والتى نتطلع إلى تطبيقها بشكل فعال، جنباً إلى جنب، مع جميع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المبرمة بيننا، بهدف تعميق التعاون الاقتصادى والاستثمارى، وزيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين، وهى الأمور التي حظيت بأهميــــــة كبيـــــرة، خـــــلال مباحثاتنـــــــا، حيث أكدنا على ضرورة تعزيز تواجد الاستثمارات الإسبانية، والبناء على قصص نجاح الشركات الإسبانية العاملة فى مصر، كما أبدينا حرصنا، على تكثيف التعاون فى توطين الصناعة بمصر، فى كافة المجالات، بما فى ذلك مجالات الطاقة المتجددة والنظيفة، والنقل، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى تبادل الخبرات والمعلومات، فى موضوعات إدارة وتنمية الموارد المائية، فى ظل ما تمثله مسألة الأمن المائى، من أهمية بالغة لمصر".
وأشار الرئيس السيسى من مدريد إلى أن تأكيده مع سانشيز على ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، واستمرار تبادل الرهائن والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية اللازمة، لإنقاذ أهالى غزة من الأوضاع المأساوية التى يعانون منها، مشيداً "بقرار إسبانيا الشجاع والتاريخى، الذى انحاز إلى الحق والعدل، عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير"، لافتاً إلى الاتفاق المصرى الأسبانى على ضرورة السعى والدفع لإحياء عملية السلام، بهدف إقامة دولة فلسطينية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
وقال الرئيس السيسى: كما أكدنا على أهمية دعم المجتمع الدولى، وتبنيه خطة إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير الشعب الفلسطيني، وأكرر دون تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه التى يتمسك بها، ووطنه الذى لا يقبل التفريط فيه، وبما يضمن البدء الفورى فى عمليات الإغاثة والتعافى المبكر، وأكدنا كذلك، على ضرورة دعم المنظمات الدولية، العاملة فى المجال الإنسانى بالقطاع، وفى مقدمتها وكالة "الأونروا" التى لا يمكن الاستغناء عنها، فى تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية للشعب الفلسطيني".
وتناولت المباحثات المصرية الأسبانية التطورات التى تشهدها سوريا، وقال الرئيس السيسى: أكدت دعم مصر الثابت للشعب السورى الشقيق، والوقوف إلى جانبه، لتحقيق تطلعاته المشروعة، وتوافقنا فى هذا الإطار، على أهمية الحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، مع أهمية بدء عملية سياسية شاملة فى سوريا، بمشاركة كافة مكونات الشعب السورى، فضلا عن رفضنا التام للانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية، وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للجولان، كما تناولنا أيضا الأوضاع فى لبنان، حيث رحبنا بانتخاب رئيس جمهورية جديد، ورئيس حكومة جديد، وأكدنا على أهمية الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضى اللبنانية، كما اتفقنا على أهمية تكثيف التعاون، لوقف الهجمات ضد السفن التجارية فى باب المندب وتبادلنا وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، فى منطقتى القرن الإفريقى والساحل".
ووجه الرئيس السيسى، الدعوة إلى ملك وملكة اسبانيا ورئيس الوزراء الأسبانى، للمشاركة فى حفل افتتاح المتحف المصرى الكبير.
من جانبه قال ملك إسبانيا فيليب السادس، إن منطقة الشرق الأوسط تعانى من بعض الأزمات ومنها الأزمة فى فلسطين، مشيرا إلى أن هذه الأزمة لا تؤثر على الشرق الأوسط فحسب ولكن تؤثر أيضا على العالم أجمع.
ووصف ملك أسبانيا، مصر بأنها دولة صديقة لبلاده ومحورية في القارة الأفريقية وشريك استراتيجي في الشرق الأوسط، مؤكداً على أن موقف مصر في الاستقرار الإقليمي ودورها في الحوار الآن أهم من أي وقت آخر، لافتاً إلى أن إسبانيا تعتبر منطقة الشرق الأوسط هي مهد السلام، ومنذ زيارة الرئيس السيسي الى إسبانيا قبل عدة سنوات، عمل البلدان على توطيد السلام والرؤى المشتركة، وأن مصر وإسبانيا على أعتاب فصل جديد في التعاون من أجل أن تعم الفائدة على البلدين.
من جهته أكد الرئيس السيسي اعتزازه بالعلاقات التاريخية مع إسبانيا على المستويين الحكومي والشعبي، معربا عن تطلعه للعمل المشترك لتنفيذ كافة محاور الشراكة الاستراتيجية مع إسبانيا، خاصة فيما يتعلق بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في ظل الفرص والإمكانات التي توفرها البلدين، وقال في كلمة خلال مأدبة غداء أقامها ملك اسبانيا فيليب السادس، إننا نتطلع لاستقبال ملك وملكة إسبانيا في زيارة رسمية الى مصر في أقرب فرصة، ونرحب بتشريفهما بحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير والمقرر في يوليو 2025.
وتضمنت زيارة السيسي جانبا اقتصاديا، حيث بدأها الرئيس بلقاءات مع سيمون بارسيلو، رئيس مجموعة "بارسيلو" الإسبانية، والتي تعد واحدة من أهم الشركات العالمية في قطاع الفنادق والسفر، وريكاردو دومينجيز جارثيا، رئيس مجلس إدارة شركة "نفانتيا" الإسبانية العاملة في مجال بناء السفن وصيانتها ونظم الطاقة المتجددة، فضلا عن عقد منتدى الأعمال المصرى الأسبانى.
وخلال لقاءه مع رئيس مجموعة "بارسيلو" الإسبانية، أكد الرئيس السيسي التزام الدولة المصرية بتقديم كافة التسهيلات اللازمة للشركات الإسبانية المتخصصة في السياحة بجوانبها المختلفة، بما في ذلك الخدمات الفندقية لتيسير عملها والتوسع في السوق المصري، مشدداً على حرص مصر على جذب كبرى السلاسل الفندقية العالمية للاستفادة من خبراتها واستثماراتها في تطوير القطاع الفندقي في مصر، ومعرباً عن التطلع لتعزيز الشراكة مع مجموعة "بارسيلو" الإسبانية في تنظيم الرحلات بهدف زيادة معدلات السياحة الإسبانية إلى مصر.
وتناول اللقاء، استعراضاً للفرص الإستثمارية المتاحة في قطاع السياحة والفنادق في مصر، في إطار خطة الدولة المصرية التي تهدف إلى الوصول بعدد السائحين القادمين إلى مصر إلى 30 مليون سائح، والسعي لوضع عدد من المقاصد السياحية المصرية على خريطة السياحة العالمية، فضلاً عن الجهود المبذولة لمضاعفة الطاقات الفندقية ورفع سعة وأعداد الغرف الفندقية بمصر.
وأكد رئيس مجموعة "بارسيلو" حرص الشركة على استكشاف سبل التوسع في السوق المصري وتعزيز استثماراتها، والاستفادة من الفرص المتاحة في القطاع السياحي والفندقي بمصر، كما أكد أن الشركة لديها خطط استثمارية طموحة تسعى لتنفيذها في مصر، استناداً إلى الإمكانات الواعدة للقطاع السياحي، وهو ما رحب به الرئيس السيسى، مشدداً على أن الدولة سوف تقدم كافة التسهيلات اللازمة لضمان نجاح عمل الشركة في مصر.
واكد الرئيس السيسى لرئيس مجلس إدارة شركة "نفانتيا" الإسبانية العاملة في مجال بناء السفن وصيانتها ونظم الطاقة المتجددة، "ريكاردو دومينجيز جارثيا"، حرص الدولة على توفير كافة التسهيلات والحوافز لضمان جذب وتعزيز الشركات الأجنبية للعمل والإستثمار في مصر، فضلاً عن تذليل أية عقبات أمام المستثمرين.
وكشفت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن وصول قيمة التبادل التجاري بين مصر وأسبانيا إلى 3.1 مليار دولار عام 2024 مقابل 3.2 مليار دولار عام 2023، حيث بلغت قيمــة الصــادرات المصــرية لأسبانيا 1.5 مليار دولار عام 2024 مقابل 1.6 مليار دولار خلال عام 2023، بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من أسبانيا 1.6 مليار دولار خلال عــام 2024 مقابل 1.5 مليار دولار خلال عام 2023.
وشملت أهم المجموعات السلعية التي صدرتها مصر إلى أسبانيا خلال 2024، حديد وصلب بقيمة 227 مليون دولار، أسمدة بقيمة 195 مليون دولار، ملابس جاهزة بقيمة 173 مليون دولار، خضروات وفواكه بقيمة 120 مليون دولار، لدائن ومصنوعاتها بقيمة 115 مليون دولار.
فيما شملت أهم المجموعات السلعية التي استوردتها مصر من أسبانيا خلال 2024، نحاس ومصنوعاته بقيمة 239 مليون دولار، وقود وزيوت معدنية ومنتجاتها بقيمة 188 مليون دولار، منتجات الصيدلة بقيمة 168 مليون دولار، مراجل وآلات وأجهزة آلية بقيمة 133 مليون دولار، وسيارات وجرارات ودراجات بقيمة 81 مليون دولار.
وبلغت قيمة الاستثمارات الأسبانية في مصر 123 مليون دولار خلال العام المالى 2023/ 2024 مقابل 161 مليون دولار خلال العام المالى 2022/2023، بينما بلغت قيمة الاستثمارات المصرية في أسبانيا 61.9 مليون دولار خلال العام المالى 2023/2024 مقابل 63 مليون دولار خلال العام المالى 2022/2023.