المرصد المصري: تصريحات ترامب تعد تطهير عرقي وانتهاك لميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف

الثلاثاء، 18 فبراير 2025 01:44 م
المرصد المصري:  تصريحات ترامب تعد تطهير عرقي وانتهاك لميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف
هانم التمساح

قالت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات، إن بنود القانون الدولى المختلفة، والمعاهدات التى وقعت عليها الولايات المتحدة ذاتها، تضع تصريحات الرئيس الأمريكى فى خانة الخروج على الجماعة الدولية التى تمتلك الولايات المتحدة حق النقض على قراراتها فى مشهد يغلفه الكثير من الدهشة.
 
وأوضحت الدراسة أن  التبعات القانونية لتصريحات الرئيس الأمريكى ترامب عن إعادة توطين سكان قطاع غزة المدمر لتشكل سابقة خطيرة صادرة عن القوة العالمية العظمى، وتعد خروجًا محتملًا على كافة المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والمجرمة للتهجير القسرى، وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وذلك فى ظل أوضاع كارثية يعيشها سكان قطاع غزة، وتوترات متصاعدة فى الشرق الأوسط سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية أو فى الجولان.
 
 
ورصدت الدراسة التداعيات القانونية لتلك التصريحات فى عدة بنود وهى أن الولايات المتحدة استخدمت  منذ 7 أكتوبر 2023 حق الفيتو لصالح إسرائيل وضد فلسطين 6 مرات منهم ثلاث مرات ضد قرارات وقف إطلاق النار فى غزة والسماح بدخول مساعدات إنسانية وفك الحصار عليها لقوات الاحتلال الإسرائيلى، إلا أنه إذا قرر الرئيس ترامب المضى قدمًا فى خطة التهجير القسرى لسكان القطاع أو دعم تلك الخطة بشكل علنى فذلك بلا شك سيحول دور الولايات المتحدة فى النزاع (الفلسطينى – الإسرائيلي) من كونها وسيطًا، ويجعلها طرفًا مباشرًا فى النزاع.
 
وقالت الدراسة أن  ما تنوى الولايات المتحدة فعله يشكل عدة جرائم دولية؛ منها جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية وجريمة تطهير عرقى ومخالفة لكافة القرارات والمواثيق الدولية؛ حيث يحظر القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى النقل القسرى للسكان ويعتبره جريمة دولية؛ مما يحملها المسئولية الدولية عن أى فعل يجرمه القانون الدولى أو القانون الدولى الإنسانى.
 
وأضافت الدراسة أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 فى المادة 49 تضمنت حظر النقل القسرى الفردى أو الجماعى للأشخاص المحميين أو ترحيلهم من الأراضى المحتلة إلى أراضى القوة المحتلة أو إلى أراضى أى دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أيًا كانت دوافعه ولا يجوز أن يترتب على مثل هذه الإخلاءات تهجير الأشخاص المحميين خارج حدود الأراضى المحتلة، وهو ما يشكل عدة جرائم دولية وهي:
 
 - جريمة حرب: وهو ما تضمنه ميثاق روما الأساسى مادة (8) الخاصة بجرائم الحرب حيث يعتبر جريمة حرب أى انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة أغسطس 1949 وأى فعل من الأفعال ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة، ومن تلك الأفعال؛ الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو أبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.
 
 - جريمة ضد الإنسانية: فقد عرفت المادة (7/2/د) من ميثاق روما الأساسى أن إبعاد السكان أو النقل القسرى للسكان بأنه” نقل الأشخاص المعنين قسرًا من المنطقة التى يوجد فيها بصفة مشروعة بالطرد أو بأى فعل قسرى آخر دون مبررات يسمح بها القانون الدولي”.
 
 - جريمة تطهير عرقى لما تمثله من استبعاد منهجى ومقصود للسكان من أوطانهم من قبل طرف مهيمن عن طريق استخدام القوة أو تدمير الممتلكات المدنية بهدف القضاء على تلك الجماعة لإحداث تغيير ديمغرافى مطلوب بالمنطقةـ وهى بذلك تعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولى الإنسانى وتعتبر جريمة دولية ولا يتمتع فاعلها بأى حصانة قانونية ولا يعفى من المسئولية كونها جريمة تمس أمن وسلامة المجتمع الدولى.
 
وهو ما تؤكده قرارات الأمم المتحدة 242 لسنة 1967 والقرار رقم 194 لسنة 1948 على رفض الاستيلاء على الأراضى بالقوة وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة، فلا يوجد أى سبب أو دافع قانونى أو مشروع لإجازة مثل هذه التصرفات نظرًا لما تتركه من انعكاسات جسيمة على المنقولين لإبعادهم عن ديارهم وفقدان ممتلكاتهم والتأثير فى أمنهم واستقرارهم، فنقل السكان المدنيين من أماكنهم المعتادة إلى أماكن أخرى دون مبررات يسمح بها القانون الدولى هو أمر محرم، أيًا كان المكان الذى سوف يُنقلون إليه، ويؤدى ذلك إلى نتـائج خطيـرة تـؤدى إلى إذابـة الكيان القـومى للسكان الأصليين لقطاع غزة.
 
و بين الدراسة أن كل ما سبق يخضع ذكره للتجريم ويدخل فى اختصاص المحكمة الجائية الدولية حتى بالنسبة للدولة التى تستند إلى قوانين من صنعها أو تحت دواعى الأمن طالما أن الفعل لا یسمح به القانون الدولى، وهو ما فعلته دولة الاحتلال الإسرائيلى بإبعاد الفلسطينيين عن موطنهم، فالعبرة بإرغام السكان قسرًا على نقلهم من مكان لآخر دون رضاهم ويكون الإرغام ليس بالقوة المادية فقط، فممكن أن يتخذ أشكالًا أخرى كالتهديد باقتراف أفعال إجرامية ضدهم فالإبعاد القسرى الذى تود الولايات المتحدة فعله مع سكان القطاع بنقلهم إلى دول أخرى يشمل الإخلاء القسرى والترحيل القسرى وإجبار السكان على الابتعاد عن موطنهم وأملاكهم، والضغط عليهم حتى يفرون خارج حدود الدولة.
 
وترى  دراسة "المرصد المصرى" أن أى خطة لترحيل الفلسطينيين قسرًا خارج الأراضى المحتلة ضد إرادتهم هى جريمة حرب، وعندما تُرتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجى على السكان المدنيين، فإنها تشكل جريمة ضد الإنسانية، حيث يمثل تهجير ونقل سكان غزة انتهاك صريح لميثاق الأمم المتحدة فى المادة (2/4) حيث نصت على امتناع أعضاء الهيئة جميعًا فى علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضى أو الاستقلال السياسى لأى دولة أو على أى وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة، وهو ما أكده الملحق الأول الإضافى للاتفاقية والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة.
 
وأكدت أن أركان وجود الدولة تتمثل فى ( شعب – إقليم – سلطة سياسية ) وهو ما يعنى أن نقل السكان بقطاع غزة لأماكن خارج حدود دولتهم هو إخراج قطاع غزة من السيادة الفلسطينية وبتهجير سكان القطاع سوف يفرغ من السكان، وكذلك عدم وجود سلطة سياسية بالقطاع يفقده وصف إقليم تابع للدولة فكيف يمكن بقاء دولة دون وجود شعب على إقليمها، فالتهجير يهدف إلى اقتلاع الشعب الفلسطينى من جذوره التاريخية وتحويل الأرض إلى مشروع استيطانى إسرائيلى ويؤدى إلى إنهاء وتصفية القضية الفلسطينية؛ مما يجعل أى مسار نحو حل الدولتين مستحيلًا، فكيف يمكن الحديث عن دولة فلسطينية دون وجود شعب على إقليمها؟،فليس من المنطق أو العدالة أن يتم تهجير سكان من أرضهم ووطنهم بحجة أن المكان غير صالح للمعيشة.
 
  وأكدت الدراسة أن الولايات المتحدة الأمريكية بفعلها ذلك ستكون أمام المجتمع الدولى شريكًا فى هذه الجريمة الدولية؛ مما يمكن معه ملاحقة الولايات المتحدة أمام محكمة العدل الدولية، إذا أقيمت دعوى التهجير القسرى ضد الولايات المتحدة وليس إسرائيل فقط على غرار القضية التى أقامتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل والتى تتهمها بارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين وخاصة قطاع غزة، وهو ما لا يمكن للولايات المتحدة معه الانسحاب من المحكمة على غرار انسحابها من مجلس حقوق الإنسان أو التهديد بالانسحاب من منظمات دولية أخرى تابعة للأمم المتحدة؛ حيث إنها بذلك الانسحاب ستكون منسحبة من ميثاق الأمم المتحدة وهو ما يمثل وضع الولايات المتحدة لنفسها وبكامل إرادتها فى عزلة دولية.
 
وتحاول  الدولة المصرية وحدها فى خضم الأحداث  الوصول لحل شامل وعادل للقضية الفلسطينية ورفع المعاناة عن سكان قطاع غزة باعتزامها التعاون مع الشركاء والأصدقاء فى المجتمع الدولى لتنفيذ إعادة الاعمار بغزة خلال إطار زمنى محدد ودون خروج الفلسطينيين من القطاع فالتهجير القسرى لسكان قطاع غزة ظلم لا يمكن أن نشارك فيه، فى عصر سادت فيه المصالح السياسية على حساب تطبيق العدالة.
 
و قالت الدراسة أنه كانت نية الإدارة الأمريكية هي إعادة إعمار غزة وإحلال السلام بين الدولتين فالمعضلة ليست فى وجود الفلسطينيين على أرضهم بل فى استمرار الاحتلال الإسرائيلى والحصار الخانق على قطاع غزة، فالتنمية الاقتصادية التى ترغب الإدارة الأمريكية فى خلقها بغزة لا تكون بتهجير صاحب الأرض، فإحلال السلام بين الدولتين يكون بمنح الفلسطينيين حقهم غير القابل للتصرف فى تقرير مصيرهم وحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما تم النص عليه فى قرارات الأمم المتحدة رقم 181، 194 كذلك قرارات مجلس الأمن 242، 338، فالنظام العالمى العادل لن يتحقق إلا عندما تعم العدالة على جميع البشر دون تفرقه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق