مصر وقبرص.. شراكة استراتيجية لصالح أمن المنطقة وأوروبا

الإثنين، 17 فبراير 2025 03:11 م
مصر وقبرص.. شراكة استراتيجية لصالح أمن المنطقة وأوروبا

علاقات قوية وتاريخية ممتدة لعقود طويلة تربط بين مصر وقبرص، عززتها العلاقات الاقتصادية الحالية، لتكون نموذجًا ناجحًا للشراكة الإقليمية في مجال الغاز الطبيعي، حيث تمتلك مصر بنية تحتية متميزة تشمل محطات إسالة الغاز وشبكات النقل، والتي يمكن من خلالها تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين والاستفادة المثلى من موارد الغاز المكتشفة.
 
وتشكل شراكة مصر مع قبرص محورًا مهمًا لتحقيق تكامل اقتصادي بين البلدين في مجال الطاقة وبالأخص الغاز الطبيعي، وبوابة استراتيجية لاستثمار المقومات المتاحة من موارد غازية وبُنية تحتية متميزة، وصولًا لتحقيق المنافع المشتركة، وتعظيم استغلال تلك المقومات،  حيث تستهدف مصر تعظيم الاستغلال الاقتصادي لبنيتها التحتية في مجال الغاز الطبيعي من خطوط ومجمعات استقبال الغاز الطبيعي وإسالته وتصديره على ساحل البحر المتوسط، واستثمار طاقتها الاستيعابية الكبيرة.
 
وتسببت الظروف الجيوسياسية الراهنة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى الحرب على غزة، في أن تكون منطقة شرق المتوسط ذات أهمية كبرى وبالأخص إلى دول الاتحاد الأوروبي الباحثين عن مصادر غاز بديلة عن الغاز الروسي.
 
وسارعت مصر وقبرص، في إزالة أي عقبات تواجه الإسراع في خطوات تنفيذ مشروع خط الأنابيب الذي سيربط حقل  أفروديت القبرصي بمحطات الإسالة المصرية تمهيدًا للتصدير للأسواق الأوروبية، وتعزيز التعاون  في إنشاء ممر موثوق للطاقة من شرق البحر المتوسط إلى أوروبا لنقل الغاز الطبيعي والطاقة الخضراء، بالإضافة إلى بحث سبل تعزيز التعاون لاستغلال اكتشافات الغاز الطبيعي في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.
 
واتخذت مصر خطوات جادة لتطوير قطاع الغاز الطبيعي، حيث استثمرت في حقول غازية متعددة مثل ظهر ونورس وأتول، بالإضافة إلى العديد من الخطوات الاستباقية في غرب البحر المتوسط بتكثيف عمليات البحث والاستكشاف في جزء حيوي ومهم من البحر المتوسط ، وبهدف استطلاع إمكانات المنطقة من احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط الخام.
 
وتدرس مصر بالتعاون مع قبرص إنشاء خط أنابيب بحري بطول يبلغ حوالي 90 كيلو مترًا، وذلك لربط حقل أفروديت بتسهيلات الإنتاج البحرية لحقل ظهر بالمياه الإقليمية المصرية، لضخ الغاز القبرصي بالشبكة القومية للغازات، وفقًا للبيانات المعلنة،  تسعى مصر لاستغلال السعة المتاحة بتسهيلات حقل ظهر من خط أنابيب ومحطة معالجة الغاز البرية، وذلك بعد الانخفاض الطبيعي لإنتاج الحقل لنحو 1.6 مليار قدم مكعب غاز يوميًا مقارنة بنحو 3.2 مليارات قدم في عام 2020.
 
وحقل أفروديت القبرصي يحتوي على ما يقدر بحوالي 3.6 تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ويقع في منطقة بلوك 12، على بعد نحو 170 كم قبالة شاطئ ليماسول بدولة قبرص، التي تخطط لإرسال الغاز الطبيعي المستخرج من حقل أفروديت إلى مصر خلال الفترة من 2027 إلى 2028، كما هو موضح في الشكل التالي.
 
وعليه، إن ربط حوالي مليار قدم مكعب من الغاز يوميًا كإنتاج متوقع،  من حقل أفروديت على الشبكة القومية للغاز الطبيعي بمصر، سوف يسهم في تطوير احتياطيات الغاز الطبيعي في قبرص باستخدام البنية التحتية الحالية في مصر، ونقل الغاز من المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص إلى مصر؛ لتسييله وتصديره إلى الأسواق العالمية، ويحول فقر البنية التحتية دون تحقيق حلم قبرص بالتحول إلى مركز للطاقة في شرق المتوسط؛ مما يدفعها إلى الاعتماد على مصر في تصدير الغاز المكتشف في حقولها البحرية إلى أوروبا. 
 
وتجدر الإشارة إلى أن مصر الدولة الوحيدة التي تمتلك محطات إسالة في شرق المتوسط،  إذ تعد محطات إسالة الغاز في دمياط وإدكو من أهم الركائز الرئيسية في التسهيلات والبنية التحتية التي تمتلكها مصر لتجارة وتداول الغاز الطبيعي، وتفوق قدراتهما الإنتاجية 12 مليون طن سنويًا، وبالنظر إلى قرب المسافة بين قبرص ومصر، قد تستفيد الأولى من قدرات الإسالة في مصر، كونها الوحيدة في منطقة شرق المتوسط، حيث يحول فقر البنية التحتية دون تحقيق حلم قبرص نحو إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي، وهو الأمر الذي يدفعها إلى الاعتماد على مصر في تصدير الغاز المكتشف في حقولها البحرية إلى دول الاتحاد الأوروبي.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة