الأهرامات THE BEST في فيديو Mr Beast

 

السياحة تحرز هدفا ثمينا بلعبة السوشيال ميديا في الترويج للأثار والاستعانة باليوتيبرز العالميين

 

 

في عالم يتزايد فيه تأثير منصات التواصل الاجتماعي على صناعة السياحة والثقافة، تُعد زيارة الشخصيات المؤثرة إلى المعالم التاريخية فرصة ذهبية للترويج للوجهات السياحية. والأسبوع الماضى، قام "مستر بيست"، اليوتيوبر الأمريكي الشهير الذي تجاوز عدد متابعيه 300 مليون متابع على يوتيوب، بزيارة إلى أهرامات الجيزة في مصر. هذه الزيارة لم تكن مجرد رحلة ترفيهية، بل كانت حدثًا عالميًا سلط الضوء على مصر كواحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم.

لا تزال حلقة اليوتيوبر الأمريكي الشهير، التي تم تصويرها داخل أهرامات الجيزة تثير مزيدا من التفاعل وتحقق ملايين المشاهدات على منصة "يوتيوب"، حيث تخطى عدد مشاهديها الـ80 مليون في أول أربعة أيام.

 

وعن تفاصيل تصوير الحلقة كشف مدير عام لجنة مصر للأفلام، أحمد سامي بدوي، أن التصوير استغرق حوالي 100 ساعة، واصفا الحدث بأنه كان نقطة تحول إيجابية كبيرة في تنشيط السياحة المصرية، لافتاً إلى أن الفيديو حقق ملايين المشاهدات خلال ساعات قليلة، ما يعكس تأثيره الكبير.

 

وأشار إلى أن الدولة قدمت تسهيلات غير مسبوقة لإنجاز هذا المشروع، حيث قامت وزارتى السياحة والآثار، والداخلية، بالحصول على الموافقات اللازمة في وقت قياسي، موضحاً أن التصوير داخل الأهرامات تضمن فتح أبواب لأول مرة بعد أن كانت مغلقة أمام الجمهور من قبل، مما منح الفرصة لإظهار عظمة هذا المكان وتاريخه، كما أن وجود الدكتور زاهي حواس في التصوير منح الحلقة بعدا تاريخيا استثنائيا، حيث قدم حواس شرحا مفصلا حول الأهرامات، مما عزز من قيمة الفيديو وأثره على المشاهدين.

 

وحقق برنامج اليوتيوبر الشهير مستر بيست نجاحا غير مسبوق في أحدث حلقاته التي تم تصويرها داخل أهرامات الجيزة، حيث جذبت الحلقة أكثر من 61 مليون مشاهدة في يوم واحد فقط، ولاقت الحلقة التي حملت عنوان "قضيت 100 ساعة داخل الأهرامات" تفاعلا واسعا، بعد ساعات قليلة فقط من نشرها.

 

أوضح عالم الآثار المصرية الشهير زاهي حواس، أنه قبل لقائه بـ"مستر بيست"، واسمه الحقيقي جيمي دونالدسون، أبلغه أن ظهوره بهذا البرنامج ممكن "شريطة أن يؤكد للعالم أجمع أن المصريين هم بناة الأهرام"، خاصة أن لدى الأخير ملايين المتابعين عبر منصات التواصل الاجتماعي من أعمار مختلفة، مشيراً إلى أنه اصطحب "مستر بيست" وفريقه عند تمثال أبو الهول، حيث نزلوا نفق موجود خلف التمثال، وأكد للعالم أن النفق يرجع تاريخه إلى عام 500 قبل الميلاد، ومن ثم، اتجهوا إلى مقابر عمال بناة الأهرامات، حيث نقبوا عن هيكل عظمي، حتى يُطلع حواس، "مستر بيست" على أن المصريين هم بناة الأهرامات، بحسب البيان.

 

وكشف حواس أن المغامرة الأخطر مع "مستر بيست" خاضها فوق الحجرات الخمس داخل الهرم الأكبر، أي الهرم الملك خوفو، حيث شكّل الصعود تحديا كبيرا، وفقا للبيان، وهناك، قام حواس بالكشف لـ "مستر بيست" عن اثنين من أسماء عُمال كُشف عنهم منذ فترة، كما قام بقراءة كتابات من عام 13 تابعة لحكم الملك خوفو، التي تنفي كل ما يُقال عن الأهرامات من أكاذيب وخرافات، وتؤكد أن المصريين هم بناة الأهرامات، بحسب البيان.

 

وأعرب حواس عن سروره بأن مقطع الفيديو حصد ملايين المشاهدات في جميع أنحاء العالم، مؤكدا أن "هذا البرنامج يُعد من أهم البرامج التي تبين حقيقة الآثار المصرية وما يشاع عن الأهرامات، ويُعد بمثابة أفضل دعاية للسياحة المصرية".

 

وقامت الصفحة الرسمية للسياحة في مصر بإعادة نشر الصور التي شاركها "مستر ببيست" عبر حسابه الرسمي على "إنستجرام"، وعلقت: "أحد أكثر مقاطع الفيديو التاريخية التي صورها على الإطلاق، حيث استكشف كل شبر داخل الأهرامات الثلاثة في مصر!".

 

بالتأكيد حلقة مستر بيست كان لها تأثير إيجابي كبير على السياحة المصرية، وهو ما يتضح في ردود الأفعال العالمية، مع ارتفاع ملحوظ في عدد المهتمين بزيارة مصر وخاصة من الولايات المتحدة وأوروبا، وهي الفئات التي يستهدفها مستر بيست بشكل أساسي، حيث أشارت تقارير في دوريات أجنبية مهتمة بمجال السياحة إلى أن الحلقة ساهمت في تغيير الصورة النمطية عن مصر في الخارج، حيث ركزت على الجوانب الإيجابية للبلد، مثل تاريخها العريق وثقافتها الغنية وكرم شعبها.

 

لم يقتصر التفاعل على الجمهور العالمي فقط، بل لاقى الحدث ترحيبًا كبيرًا من المصريين. تفاعل الكثيرون مع الحلقة على وسائل التواصل الاجتماعي، معربين عن فخرهم بتراثهم الثقافي. كما قام العديد من المؤثرين المصريين بمشاركة اللحظات البارزة من الحلقة، مما ساهم في زيادة انتشارها، وقال أحد المتابعين المصريين على تويتر: "أخيرًا، العالم يرى مصر بعيوننا. شكرًا لمستر بيست على هذه اللفتة الرائعة."

 

ولم تكن الحلقة مجرد مغامرة ترفيهية، بل حملت رسائل عميقة حول أهمية الحفاظ على التراث الإنساني، من خلال التحدي الذي طرحه مستر بيست، تم تسليط الضوء على الجهود الهائلة التي بذلها المصريون القدماء لبناء الأهرامات، مما أثار اهتمامًا جديدًا بعلم المصريات، كما أشار مستر بيست إلى أهمية السياحة المستدامة، حيث تم استخدام مواد صديقة للبيئة في التحدي، ودعا زوار مصر إلى احترام المواقع الأثرية والحفاظ عليها للأجيال القادمة.

 

وبعد النجاح الكبير للحلقة، أعلنت وزارة السياحة عن خطط لاستضافة المزيد من المؤثرين الدوليين في مواقع أثرية مختلفة، مثل معبد أبو سمبل ووادي الملوك، كما تم الإعلان عن شراكات جديدة مع منصات التواصل الاجتماعي لتعزيز السياحة المصرية رقميًا، وقالت الوزارة: "نحن نعيش في عصر الرقمنة، وعلينا أن نستفيد من هذه الأدوات لتقديم مصر للعالم. مستر بيست كان بداية رائعة، ولكننا لن نتوقف هنا."

 

ووفقا للإحصاءات الرسمية، حققت السياحة المصرية إنجازات عديدة وأرقاما غير مسبوقة خلال عام 2024، حيث كشفت الإحصاءات الرسمية عن أن مصر استقبلت العام الماضي نحو 15.7 مليون سائح كأعلى رقم يزور مصر خلال عام واحد، كما حققت السياحة المصرية رقما قياسيا في الإيرادات تخطت حاجز الـ15 مليار دولار رغم الظروف الجيوسياسية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط بسبب الحرب على غزة.

 

وقدّمت الدولة أوجه الدعم كافة فضلا عن العديد من المبادرات التي ساهمت في ازدهار السياحة المصرية وعودة مصر إلى المكانة التي تستحقها على خارطة السياحة العالمية، حيث شهد العام الماضي العديد من القرارات والمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع السياحي، أبرزها موافقة مجلس الوزراء على اعتماد صرف 12 دفعة من صندوق إعانات الطوارئ للعمال، للعاملين بالقطاع السياحي بفنادق طابا ودهب ونويبع، وذلك في إطار تقديم الدعم لهم نظراً للظروف الراهنة بتلك المناطق، تأثراً بالأوضاع الجيوسياسية بالمنطقة.

 

وشهد العام الماضي موافقة مجلس الوزراء على الصيغة النهائية لوثيقة اشتراطات ومحددات وآليات تنفيذ مبادرة دعم قطاع السياحة الجديدة، بتمويل من وزارة المالية لتشجيع قطاع السياحة على الإسراع في التوسع في الاستثمار في بناء الغرف الفندقية، ضمن مُبادرة دعم القطاعات الإنتاجية.

 

كما شهد 2024 موافقة الحكومة على استمرار إصدار تأشيرة الترانزيت المجانية للمسافرين لمدة 96 ساعة حتى نهاية أبريل 2025 بجميع المطارات المصرية، مع إضافة شركات الطيران المصرية الأخرى لشركة مصر للطيران، فضلا عن الموافقة على طلب وزارة الطيران المدني، بشأن مد الإعفاء من مقابل الجُعل حتى 31 مايو 2025، لجميع دول العالم، تشجيعًا لشركات الطيران وسعيًا لزيادة الحركة الجوية من أجل تنشيط السياحة الوافدة لمطارات الجذب السياحي لمصر.

 

وشهد العام الماضي إعلان المجلس الأعلى للآثار عن نحو 17 كشفا أثريا جديدا ساهم في زيادة الحركة السياحية الوافدة لمصر، فضلا عن إعادة تسليط الضوء على الحضارة المصرية القديمة، كما شهد عام 2024 استرداد مصر العديد من القطع الأثرية التي خرجت من مصر بطرق غير مشروعة، فضلا عن تنظيم نحو 4 معارض أثرية مؤقتة بعدد من دول العالم.

 

كما شهد العام الماضي وللمرة الأولى انخفاضا في اعتماد المجلس الأعلى للآثار على التمويل من الموازنة العامة للدولة والذي وصل إلى صفر تقريبا خلال العام المالي 2023-2024، رغم زيادة الإنفاق الاستثماري للمجلس والموجه إلى الإنفاق على تحسين التجربة السياحية بالمواقع الأثرية والمتاحف وصيانة وترميم الآثار حفاظا عليها.

 

وشهد العام الماضي افتتاح مشروعات بقطاع الآثار والمتاحف، حيث جرى افتتاح محطات الطاقة الشمسية في 5 مواقع للتراث العالمي المصري ومتاحف وهي مركز الزوار بمنطقة أهرامات الجيزة، وقصر محمد علي بالمنيل، ومتحف شرم الشيخ، ومتحف الإسكندرية القومي، ومتحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية، فضلا عن العديد من الافتتاحات بالعديد من المناطق الأثرية بعد الإنتهاء من ترميمها .

 

وبالنسبة للمتحف المصري الكبير، بلغ حجم الإنجاز في أعمال هذا المشروع نحو 99.75%، شملت (100% من الهيكل الإنشائي، و99% من التشطيبات الداخلية، و98% من أعمال الأرضيات الساحات الخارجية والزراعات، و96% من أعمال أنظمة الإلكتروميكانيك، و93% من أعمال الطرق الخارجية المحيطة بالمشروع، و99.8% من واجهات المتحف ومن قاعة توت عنخ آمون)، فضلا عن نقل وترميم أكثر من 56 ألف قطعة أثرية إلى المتحف.

 

وحصل مشروع المتحف المصري الكبير على الشهادة الدولية EDGE Advance إيدچ المتطورة للمباني الخضراء والمعتمدة من مؤسسة التمويل الدولية أحد مؤسسات مجموعة البنك الدولي، كأول متحف أخضر في إفريقيا والشرق الأوسط، كما فاز المتحف المصري الكبير بجائزة فيرساي العالمية ضمن أجمل 7 متاحف في العالم لعام 2024.