ترامب يتاجر بالحرب: نريد 500 مليار من أوكرانيا لتسوية سلام مع بوتين

"لديهم عناصر أرضية ثمينة جداً، ونحن نريدها.. أخبرت الأوكرانيين أننى أريد ما قيمته 500 مليار دولار من المعادن النادرة مقابل ما قدمناه من دعم لجهود الحرب ضد روسيا".. بهذه العبارة تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الثمن الذى ينبغي على أوكرانيا أن تدفعه ضمن جهوده لإنهاء الحرب الروسية ـ الأوكرانية، إلا أن حرص ترامب وتحركاته التى لا تتوقف لإقرار السلام لا يقتصر فقط على إدراج هذا الاتفاق ضمن قائمة إنجازات أول 100 يوم رئاسة في الولاية الثانية، ولا يعكس فقط رغبته فى الاستفادة من ثروات كييف، إلا أن أهداف ترامب أبعد كثيراً من ذلك، ففي القلب منها تأتى الصين.

 

 

وخلال الأسبوع الجاري ، تزايد الحديث عن تسوية الحرب الأوكرانية، حيث أعلن ترامب الأربعاء عن لقاء مرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المملكة العربية السعودية لمناقشة سبل إنهاء الحرب، وهو الإعلان الذى جاء بعد أيام قليلة من حديث ترامب عن "الثمن" الذى ينبغى على أوكرانيا أن تدفعه لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.

 

 

وبعد الإعلان عن لقاء بوتين وترامب المرتقب، قال الرئيس الأمريكي في تصريحاته : من غير المرجح أن تستعيد أوكرانيا كامل أراضيها، ولا اعتقد أنه من العملي أن تنال عضوية الناتو.. لم أتعهد بالذهاب إلى أوكرانيا.. ويتوجب على أوكرانيا اللجوء إلى السلام قبل أي شيء".

 

وقبل أقل من أسبوع، قال ترامب في البيت الأبيض إنه "يريد من أوكرانيا أن تزود الولايات المتحدة بمعادن أرضية نادرة كوسيلة للدفع مقابل الدعم المالي لجهود الحرب ضد روسيا.. أوكرانيا مستعدة لذلك، وأنا أريد تسوية مقابل ما يقرب من 300 مليار دولار من الدعم المقدم من واشنطن".

 

وتابع ترامب: "نقول لأوكرانيا إن لديها عناصر أرضية نادرة ثمينة جدا، ونحن نتطلع إلى عقد صفقة حيث يمكنهم تغطية ما نقدمه لهم مقابل عناصر أرضية نادرة وأشياء أخرى".

 

ومساء الثلاثاء، جدد ترامب ضغوطه على أوكرانيا، موضحاً إنه لا يستبعد أن تصبح "روسية" يوماً ما. وقال في مقابلة مع فوكس نيوز: "أخبرت كييف أنني أريد ما قيمته 500 مليار دولار من المعادن النادرة.. المسئولون الأوكرانيون يمتلكون أرضا ذات قيمة هائلة من حيث المعادن النادرة، ومن حيث النفط والغاز، ومن حيث أمور أخرى".

 

وأضاف ترامب: "قد يعقدوا صفقة، وقد لا يعقدوا صفقة. قد يكونوا روسا يوما ما، أو قد لا يكونوا روسا يوما ما. لكننا سنحصل على كل هذه الأموال هناك وأقول مرة أخرى إنني أريد استعادتها".

 

 

 

وتمتلك أوكرانيا مخزونات كبيرة من اليورانيوم والليثيوم والتيتانيوم، رغم أن أيا منها لا يعتبر من بين أكبر 5 مخزونات في العالم من حيث الحجم، وتشير تقارير حكومية أوكرانية إلى أن أوكرانيا تضم 117 من أصل 120 نوعا من المعادن التى تستخدمها البشرية.

 

وبخلاف امتلاكها ثاني احتياطي من الغاز بعد روسيا، كشفت مجلة "فوربس أوكرانيا" إن أراضي أوكرانيا تحتوي على 111 مليار طن من الموارد المعدنية، بما تبلغ قيمته نحو 15 تريليون دولار.

 

 

وبحسب تصريحات لنائب مدير المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في كييف ياروسلاف جاليلو فإن أوكرانيا تضم في أراضيها رواسب 22 معدن من أصل 50 تصنفها الولايات المتحدة "بالغة الأهمية"، وبمقدمتها الليثيوم والتيتانيوم  والتي تعد من المكونات الرئيسية في إنتاج الهواتف الذكية والطائرات المقاتلة، وهي معادن تستورد أمريكا 80% من احتياجاتها منها من الصين، الغريم التجاري الأول لدونالد ترامب.

 

 

وفى حال إبرام ترامب لصفقة المعادن مع أوكرانيا ، فإن الصناعات الأمريكية ستتخلي وبشكل كبير عن احتياجها للمواد الخام والمعادن الصينية، وتمنح ترامب هامشاً أكبر للمناورة مع بكين وفرض المزيد من الرسوم الجمركية دون تحمل عواقب.

 

وتمتلك أوكرانيا ثاني أكبر احتياطي من الغاز بعد روسيا، كما تمتلك ثروات معدنية وكميات وافرة من معادن تقليدية مثل البريليوم، الزئبق، الليثيوم، واليورانيوم، وكذلك التيتانيوم، الزركونيوم، والهافنيوم والتنتالوم والنيوبيوم والكوبالت والتنجستن والموليبدينوم والفاناديوم والإتريوم والجرمانيوم والسكانديوم.

 

وبحسب سي إن إن، تستورد أمريكا القليل جدا من الصلب مباشرة من الصين، أكبر منتج للصلب في العالم. وقد أدت التعريفات الجمركية على الصلب بنسبة 25% التي تم فرضها في إدارة ترامب الأولى واستمرت خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن إلى تحول المستوردين الأمريكيين إلى مصادر أخرى.

 

ومع ذلك، فإن الصلب الصيني يشق طريقه إلى الولايات المتحدة عبر أطراف أخرى. حيث يتم شراء بعضه من قبل دول أجنبية وإعادة شحنه إلى الولايات المتحدة. وبعضه يتم وضع ملصقات غير صحيحة عليه، ويُعاد بيعه عبر قنوات مختلفة.

 

 

ولم تعد الولايات المتحدة الاقتصاد الذي يركز على التصنيع كما كانت في السابق، ولكنها لا تزال تستهلك عشرات الملايين من الأطنان من الفولاذ والألمنيوم سنويا. ويمثل الصلب عنصرا أساسيا في كل شيء من السلع الاستهلاكية مثل السيارات والأجهزة إلى مشاريع البنية الأساسية الضخمة، مثل ناطحات السحاب ومنصات النفط وخطوط الأنابيب والجسور والطرق. كما يُعد الألومنيوم عنصرا أساسيا في سلع مثل علب الأغذية والمشروبات والسيارات والطائرات التجارية، فضلا عن البنية الأساسية الرئيسية مثل خطوط الكهرباء عالية الطاقة.

 

 

وفى بكين، رحب متحدث الخارجية الصينية الخميس بالتقدم في مفاوضات انهاء الحرب الأوكرانية، معرباً عن تأييده للمحادثات المرتقبة بين ترامب وبوتين.

 

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية الخميس إن روسيا والولايات المتحدة قوتان مؤثرتان، والصين ترحب بجهودهما لتعزيز الاتصالات والحوار بشأن مجموعة من القضايا الدولية، وتابع أن الرئيس الصيني شي جين بينج، كان يهدف منذ البداية إلى التوصل لحل سياسي.

 

 

وأضاف المتحدث جو جياكون :"روسيا والولايات المتحدة بلدان نافذان رئيسيان. والصين سعيدة في رؤية روسيا والولايات المتحدة تعززان التواصل والحوار على صعيد سلسلة من المسائل الدولية.. وتتواصل بكين مع الأطراف المعنية بشأن تصريحات ترامب حول المحادثات مع موسكو بشأن كييف.

 

 

وشدد المتحدث على أن موقف الصين يري أن الحوار والتفاوض هما السبيل الوحيد القابل للتطبيق لحل الأزمة الأوكرانية.