«مسافة السكة» القاهرة تمد شريان الحياة للأشقاء الفلسطينيين.. جسر بري متواصل لتخفيف مرارة الحرب
السبت، 25 يناير 2025 02:04 مرفح محمد الحر
كعادتها تمد مصر يد العون مجددًا للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مجسدة دورها التاريخي في دعم القضايا العربية والإنسانية، فمن الساعات الأولى في ظل الأوضاع الإنسانية المتفاقمة نتيجة التصعيد العسكري في القطاع، انطلقت قوافل المساعدات عبر جسر بري متواصل، محملة بالإمدادات الطبية والغذائية الأساسية في ترسيخ حقيقي لدورها المحوري الداعم الرئيسي للشعب الفلسطيني، وسعيها الدائم لتخفيف المعاناة عن الأشقاء في مواجهة ظروف الحرب القاسية.
وتأتي هذه المبادرات المصرية في إطار التزامها الإنساني والتاريخي تجاه القضية الفلسطينية، حيث تحرص القاهرة على تقديم الدعم المتواصل رغم التحديات السياسية والأمنية المحيطة، حيث تمثل جهود الإغاثة رسالة واضحة بأن مصر لن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه الأشقاء الفلسطينيين، مؤمنة بأهمية توفير سبل الحياة الكريمة لهم في أوقات المحن.
وتزامنت اللحظات الأخيرة لإتمام وقف إطلاق النار، اصطفت الشاحنات المصرية أمام معبر رفح، لتبدأ من اللحظات الأولى إدخال المساعدات، تنفيذاً لتوجيهات توجيهات القيادة السياسية بالبدء الفوري لإدخال المساعدات، بالتنسيق بين الهلال الاحمر ووكالة غوث اللاجئين الأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني.
واصطفت شاحنات المساعدات على الطريق المواجهة لمعبر رفح بطول نحو 2 كيلو متر على كلا الجانبين، فيما أطلقت الشاحنات القريبة من بوابة المعبر الصافرات ابتهاجاً بالتحرك، بعد انتظار امتد لأشهر، باتجاه غزة فيما رفع سائقو الشاحنات أياديهم بشارة النصر وأعلام مصر.
في البداية دخلت الشاحنات إلى قطاع من معبر كرم أبو سالم، بإشراف دولي، حيث أشرف مسؤولو بعثة الاتحاد الأوروبي، على ترتيب إجراءات دخول 200 شاحنة إلى معبري كرم أبو سالم والعوجة، محملة بالسلع الغذائية والوقود، والمواد اللوجستية كالخيام والأبنية الجاهزة والكرفانات والألبسة.
ومنذ نهار الأحد وحتى الخميس واصلت شاحنات المساعدات الإنسانية القادمة من مختلف أنحاء المحافظات المصرية تدفقها على قطاع غزة وبلغ حد الشاحنات التي دخلت من مصر عبر معبر رفح البري نحو 1600 شاحنة خلال خمسة أيام محملة بكافة الاحتياجات الإنسانية من مواد غذائية ومياه والبان أطفال، ولوجستية من خيام وملابس شتوية وكرفانات.
بالإضافة إلى إعادة تجهيز مختلف أنواع المساعدات من المخازن اللوجستية بمدينة العريش بواسطة شباب وفتيات متطوعون من الهلال الأحمر المصري بشمال سيناء، ومن ثم إعادة نقلها بواسطة الشاحنات إلى معبر رفح البري ومنه إلى الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة.
اللواء دكتور خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، تفقد الثلاثاء معبر رفح البري ومستشفى الشيخ زويد المركزي ومستشفى العريش العام ومخازن المساعدات، للاطمئنان على توافر الأدوية والمستلزمات الطبية وفرق العمل في إطار متابعة استعدادات المحافظة لاستقبال الأشقاء الفلسطينيين.
وقال اللواء خالد مجاور، إن مصر ستعمل على تسيير القوافل الإنسانية، لإعادة الحياة الإنسانية إلى مسارها الطبيعي داخل القطاع، مؤكدا أنه تم استئناف مرور الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والطبية والمياه ومعدات الطواقم الطبية والبيوت الجاهزة "كرفانات" لتسكين الأسر المشردة، عبر معبر رفح، بما يضمن بقاء الفلسطينيين داخل أراضيهم، موضحاً أنه فور دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صدرت التعليمات لكافة الأجهزة التنفيذية بالمحافظة لإعلان حالة الطوارئ وإنهاء الإجازات للعاملين بها، مؤكدًا أن هناك تخطيط مسبق لإدخال المساعدات إلي قطاع غزة على مستوى كافة القطاعات، وأن المحافظة استعدت لذلك جيدا، وأضاف أنه تم تخصيص مجموعة من الوحدات السكنية الخالية، لاستقبال مرافقي المصابين، وأسرهم بشكل مؤقت، كما حددت المحافظة مجموعة من مراكز الشباب، لإقامة مستشفيات ميدانية بها، لاستيعاب أعداد المصابين الكبير الذين سيخرجون من القطاع، سواء الذين سيتم علاجهم بشكل كامل، أو الذين سيتم تجهيزهم للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج هناك.
وفي ساعة مبكرة من صباح الأربعاء وصلت إلى معبر رفح البري، قافلة التحالف الوطني للعمل الاهلي التنموي إلى المنطقة المواجهة لمعبر رفح البري، والتي تعد القافلة الإنسانية والاغاثية التاسعة وتضم نحو 200 شاحنة تقل على متنها 3000 طناً من المساعدات الطبية العاجلة في القافلة التاسعة إلى معبر رفح.
وقالت السفيرة نبيلة مكرم، رئيس الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، إن القيادة السياسية ثمنت أهمية دور منظمات المجتمع المدني في مصر، وأن هذه التحالف الوطني للعمل التنموي كام له دور في دعم هذا الدور خارج حدود الدولة، مشيرة إلى أن أول دور للتحالف الوطني كان في أكتوبر 2023، ووصلنا اليوم إلى القافلة رقم 9 التي تعبر إلى فلسطين، مرينا بـ 8 قوافل لأشقائنا في غزة، واليوم سعداء من أمام المعبر والشاحنات بكل منظمات المجتمع المدني وذلك لسد الاحتياجات الأسر الفلسطينية، موضحة أن الدولة المصرية لم تغفل دورها في مساندة القضية الفلسطينية، مؤكدة على أن الفوج الأول من القافلة التاسعة ضم 200 شاحنة مقدمة لأهالي قطاع غزة.
وقال أحمد علوي، من مؤسسة العربي للتنمية الأهلية، عضو التحالف، إن مؤسسته تشارك لمجموعة من الشاحنات التي تضم مستلزمات طبية وأدوية وخيوط جراحة ومطهرات وأدوات جراحة خاصة بغرف العمليات، مشيراً إلى أن المساعدات المقدمة تضم جزء من الالتزام الثابت بتقديم الدعم الإنساني للأشقاء في غزة، وأن هذه المساعدات الطبية ستساهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء عن القطاع الصحي في غزة، وتوفير الرعاية الصحية اللازمة للمرضى والجرحى.
وأكد أن شاحنات قافلة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، تحمل مساعدات متنوعة جرى اختيارها بعناية وحسب حاجة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وتضم القافلة 200 شاحنة تحمل على متنها المواد الغذائية والطبية والمياه، وحفاضات الأطفال واللبن، والأحذية بكميات كبيرة إلى جانب المواد المعقمة والمطهرة .
وفي سياق متصل، دفعت وزارة الصحة بفرق طبية إضافية في تخصصات الجراحة العامة، وجراحة العظام، إلى مستشفيات العريش، وبئر العبد، والشيخ زويد، والإسماعيلية، مع البدء في توجيه كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية لمخازن تلك المستشفيات، وتشكيل غرفة عمليات بالمحافظة، تنسيق الجهود.
وتعكس مشاركة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، حرصها على مد يد العون للأشقاء في غزة، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تتطلب تضافر الجهود لتقديم الدعم اللازم وتخفيف المعاناة عن كاهل الأسر المتضررة، وتلبية احتياجاتها من مأكل وملبس ومساعدات إغاثية تتضمن خيام إيواء لحمايتهم من الظروف الجوية وحالة الطقس القارس في شتاء غزة، حيث تم وضع خطة محكمة يتم بموجبها إدارة عملية توزيع الوفود الطبية الأجنبية والعربية المتطوعة ضمن عمليات إغاثة غزة على المستشفيات العامة، والميدانية.
وفي مطار العريش الدولي، جرى إعلان حالة الطوارئ، ورفع درجة الاستعداد للقصوى، تمهيداً لاستقبال طائرات المساعدات، والطائرات الطبية المخصصة لنقل المصابين. وفي ميناء العريش تم تخصيص أرصفة للمساعدات، وشحنات المنازل الجاهزة، حيث من المقرر أن يصل نحو 600 الف "كرافان" ضمن عمليات الإغاثة وتوفير مساكن بديلة لسكان القطاع الذين فقدوا منازلهم.