الدكتور عمار دويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الفلسطينية لـ«صوت الأمة»: دفعنا ثمنا كبيراً في حرب الإبادة لكن انتصارنا الأكبر في بقاء الفلسطينيين على أرضهم

السبت، 25 يناير 2025 03:00 م
الدكتور عمار دويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الفلسطينية لـ«صوت الأمة»: دفعنا ثمنا كبيراً في حرب الإبادة لكن انتصارنا الأكبر في بقاء الفلسطينيين على أرضهم
الدكتور عمار دويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الفلسطينية
محمود علي

رفض القاهرة القوى لمخطط تهجير الفلسطينيين منع حدوث نكبة جديدة كانت ستمهد لتصفية القضية 
نجمع ملف توثيقى بجرائم الاحتلال في غزة منها استخدامه أسلحة محرمة دولياً وعمليات الإعدام الميداني وتعذيب الأسرى 
مصر شريك أصيل في الحفاظ على الهوية الفلسطينية وحماية الشعب الفلسطيني من مشاريع تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في القطاع 

 
 
أكبر انتصار تحقق للفلسطينيين في قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار، يراه الدكتور عمار دويك، رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الفلسطينية، متمثلاً في الإرادة القوية للفلسطينيين وبقاءهم على أرضهم، رغم الدمار الشامل والإبادة الجماعية التي كان يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على مدار 15 شهراً.
 
الدويك قال لـ"صوت الأمة"، إن الفلسطينيين لديهم إرادة عظيمة جداً، المهم أنهم بقوا في أرضهم، يعني هذا الانتصار الأكبر، لكن للأسف الثمن كان كبير جداً، مشيراً إلى أن يالتاريخ سُسجل لمصر أنها كانت عاملًا رئيسيًا في إنفاذ المساعدات الإنسانية وفي إيصال صوت الفلسطينيين إلى المجتمع الدولي، ووقوفها بقوة ضد فكرة تهجير الفلسطينيين، وقال إن مصر أثبتت أنها شريك أصيل في الحفاظ على الهوية الفلسطينية وحماية الشعب الفلسطيني من مشاريع تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في القطاع. وإلى نص الحوار..
 
الذي ألقى الضوء على أبعاد الدور المصري، وتطلعات الشعب الفلسطيني، وتحديات المرحلة المقبلة. وإلى نص الحوار.

كيف كان وقع اتفاق وقف إطلاق النار على نفوس المواطنين الفلسطينيين في غزة؟
لا شك أن الفلسطينيون بعد مرور 470 يوم على حرب الإبادة الجماعية وصلوا لمرحلة من الإنهاك والتعب والإرهاق والمعاناة التي لا يتحملها بشر، وبالتالي شعروا بفرح شديد وارتياح كبير بعد وقف إطلاق النار. لأول مرة منذ عام وثلاثة أشهر يبيت سكان غزة دون أن يكون هناك قصف إسرائيلي ودون أن يخشون على أنفسهم أن يقتلوا بأي لحظة هم وعائلاتهم أو أن يبادوا، لكن في المقابل رافق هذا الفرح شعور عميق بالألم والغصة والحزن على كل من استشهد في هذه الحرب وعلى المصابين والجرحى.
 
بدأ سكان القطاع يتحركون ويبحثون عن العودة للحياة الطبيعية، لكن لم يجدوا الحياة الطبيعية بسبب أنه بيوتهم دمرت، مدارسهم وجامعاتهم، المؤسسات التي كانوا يعملون بها، المدارس التي كانوا يذهبون إليها أبنائهم، الأحياء التي كانوا يقيمون فيها تغيرت معالمها، بيوتهم التي كانوا يقيمون فيها مسحت من على وجه الأرض وأصبحت ركام، وبالتالي الحياة الطبيعية الآن سكان غزة التي يتمنون أن يعودون إليها غير موجودة.
 
الآن أيضاً تحديات كبيرة تواجههم في العودة إلى الحياة الطبيعية، إلى استئناف العملية التعليمية، إلى استئناف العمل، كل هذا الآن غير موجود، لكن سكان غزة لديهم إرادة عظيمة جداً، المهم أنهم بقوا في أرضهم، يعني هذا الانتصار الأكبر، لكن للأسف الثمن كان كبير جداً، الشعب الفلسطيني وتحديداً في قطاع غزة دفعوا ثمن كبير وعظيم غير مسبوق في هذه الحرب، حتى في النكبة لم ندفع مثل هذا الثمن.

ما توقعاتك حول ما سيقدمه المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لدعم غزة؟
الآن هناك مسؤولية على المجتمع الدولي بنجاح هذه الهدنة، لانتقالها إلى المرحلة الثانية، ومن ثم بعد انتهاء المرحلة الثانية نتوجه إلى تهدئة مستدامة تفتح المجال لعملية سلام شاملة تضع حد لمعاناة الفلسطينيين وتعيد لهم حقوقهم.
في فترة وقف إطلاق النار يجب على المؤسسات الدولية والحقوقية أن تتحرك بشكل أكبر في توثيق الجرائم التي ارتكبت خلال الفترة الماضية، والتي لم يكن بالإمكان توثيقها بسبب استمرار العمليات الحربية والقصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع. هناك كثير من الأدلة التي يجب الحفاظ عليها، هناك كثير من القضايا التي يجب كشفها، جرائم لم نكن نعرف أبعادها الآن بدأت تتكشف.
 
على سبيل مثال وجود جثث متبخرة، أنواع أسلحة محرمة دولياً، اختفاء قسري لمئات بل آلاف الفلسطينيين، التعذيب الذي تعرض له الأسرى، كل هذه القضايا الآن بدأت تتكشف، ومنها أيضاً عمليات الإعدام الميداني، عمليات استخدام مدنيين دروع بشرية، الآن بدأ المواطنين يتحدثون عن هذه الجرائم، يجب أن يتم توثيق كل هذه القضايا، تمهيداً لتقديمها كملفات للمحكمة الجنائية الدولية وغيرها من الهيئات الدولية المعنية بتلك الجرائم.

وماذا عن توقعاتك لمستقبل قطاع غزة في الفترة المقبلة؟
صحيح هناك تخوفات كبيرة من سلوك الاحتلال الإسرائيلي المتأصل بعدم احترام الاتفاقيات، فبعد اتفاق وقف إطلاق النار بساعات ارتكبت بعض المجازر. وكان هناك تخوفات أن الاحتلال سيعود للقتال أو للاغتيالات أو للقصف في أي لحظة، وهذا يحتاج أولاً أن تستمر الجهات الضامنة للاتفاق بمتابعتها القريبة والحثيثة لتذليل أية عقبات، المجتمع الدولي الآن يجب أن يقدم الدعم الكبير لقطاع غزة لإنعاش الحياة وتقديم المساعدة والإغاثة، حيث يعتبر جميع سكان القطاع بحاجة لإغاثة ومساعدة. كما أنه يجب أن يكون هناك اتفاق فلسطيني فلسطيني وبأسرع وقت حول شكل إدارة القطاع، فلا يقبل أن تستمر حالة الانقسام والمناكفات والاختلافات التي يدفع ثمنها في النهاية المواطن الفلسطيني في غزة.
 
يجب أن نفكر جميعاً كفلسطينيين وخاصة النخب السياسية وقادة الفصائل، وتحديداً قادة حماس وفتح عند التفكير في أي أمر يخص المستقبل، يجب أن يضعوا في عيونهم حاجة المواطن الفلسطيني في غزة واحتياجاته أولاً، أن يكون المواطن الفلسطيني هو مركز تفكيرهم وليس موضوع من يسيطر ومن يحكم.

ما هي الآن أولويات المواطن في غزة؟ 
أن يعود لحياة طبيعية، وأن يتم إعادة إعمار القطاع، أن يتم إعادة من هجروا إلى خارج غزة إلى القطاع مرة أخرى، أن يتم إعادة بناء القطاع الصحي والقطاع التعليمي، هذا ما يريده أهالى غزة في المرحلة القادمة، وبالتالي هذا بحاجة إلى اتفاق فلسطيني وأن تكون المرجعية الحكومة الفلسطينية والرئيس محمود أبو مازن، على اعتبار أنه هو الجهة التي يعترف بها العالم ويتعامل معها من أجل تسهيل تدفق المساعدات.

ما مدى أهمية اتفاق وقف إطلاق النار في تغيير الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة؟
الاتفاق يمثل بارقة أمل حقيقية للشعب الفلسطيني، خاصة في ظل الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشها القطاع نتيجة العدوان المستمر والحصار المفروض منذ سنوات. وقف إطلاق النار ليس مجرد هدنة، بل هو خطوة نحو التخفيف من معاناة السكان، حيث بدأت المساعدات الإنسانية والغذائية بالدخول من الجانب المصري. كما يتيح الاتفاق إعادة تأهيل المستشفيات والبنية التحتية المدمرة، وعودة النازحين إلى منازلهم. نحن نرى في هذا الاتفاق فرصة لإنعاش القطاع اقتصاديًا وإنسانيًا، ونعبر عن شكرنا العميق لمصر التي لم تدخر جهدًا لدعم أشقائها الفلسطينيين.

كيف تقيمون الدور المصري في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
الدور المصري كان محوريًا ورياديًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب على غزة، كانت مصر حاضرة على كافة الأصعدة، تقود جهودًا مكثفة لإنهاء التصعيد العسكري ووقف نزيف الدم الفلسطيني. هذه الجهود لم تتوقف طيلة 15 شهرًا، حيث عملت القاهرة بالتعاون مع وسطاء دوليين مثل قطر والولايات المتحدة للوصول إلى صيغة تضمن تهدئة الأوضاع وبدء مرحلة جديدة من الاستقرار. يُسجل التاريخ لمصر أنها كانت عاملًا رئيسيًا في إنفاذ المساعدات الإنسانية وفي إيصال صوت الفلسطينيين إلى المجتمع الدولي.

وكيف ترون موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟
موقف مصر في هذا الشأن يُظهر التزامها التاريخي بدعم حقوق الشعب الفلسطيني. رفض القاهرة القاطع لفكرة تهجير الفلسطينيين منع حدوث نكبة جديدة كانت ستمهد لتصفية القضية الفلسطينية. مصر أثبتت أنها شريك أصيل في الحفاظ على الهوية الفلسطينية وحماية الشعب الفلسطيني من مشاريع تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في القطاع. هذا الموقف الصلب يُضاف إلى سجل مصر الحافل في نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عنها في كافة المحافل الدولية.

ما رأيكم في طبيعة عملية تبادل الأسرى ضمن الاتفاق؟
عملية تبادل الأسرى تُعد واحدة من أهم محاور الاتفاق، وهي لحظة إنسانية بالغة الأهمية. ونحن في الهيئة المستقلة نعتبر الإفراج عن أي أسير فلسطيني انفراجة كبرى، خاصة أن الأسرى الفلسطينيين يُعاملون وفق القانون الدولي كأسرى حرب، ويجب إطلاق سراحهم فور انتهاء العمليات العسكرية. ومع ذلك، تواصل إسرائيل تجاوزها للقوانين الدولية، وهذا ما نعمل على مواجهته قانونيًا وسياسيًا.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة