أمجد الشوا مدير عام شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة لـ«صوت الأمة»: إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية بوابة استقرار المنطقة
السبت، 25 يناير 2025 01:58 ممحمود علي
الفلسطينيون يقدرون الدور المصرى في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وإفشال مخطط التهجير
دمار قطاع غزة غير مسبوق ونحتاج لعقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار وضمانات دولية بعدم تكرار العدوان
نحتاج اليوم لموقف فلسطيني موحد وإنهاء الانقسام الداخلى وتحقيق المصالحة الوطنية إكراماً للشهداء
دمار قطاع غزة غير مسبوق ونحتاج لعقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار وضمانات دولية بعدم تكرار العدوان
نحتاج اليوم لموقف فلسطيني موحد وإنهاء الانقسام الداخلى وتحقيق المصالحة الوطنية إكراماً للشهداء
يعيش قطاع غزة مرحلة حساسة بعد الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي كان قادراً على إيقاف العدوان الإسرائيل الدام على القطاع بعد استمراره لأكثر من 15 شهراً، ما يفتح الباب أمام جهود تهدف إلى تحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية هناك.
ومع استمرار الحصار وتأزم الظروف المعيشية، تبرز أهمية متابعة بنود الاتفاق لضمان تنفيذه بشكل فعّال، بالتزامن مع الدور المصري المحوري في تحقيق التهدئة ودعم إعادة الإعمار. هذا الواقع يطرح تساؤلات حول مستقبل القطاع وإمكانية تحقيق بنود الاتفاق كاملة ومدى جدية الاحتلال في الالتزام بها.
من هنا كان لـ"صوت الأمة" هذا الحوار مع أمجد الشوا، مدير عام شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في قطاع غزة، الذي عاش كل لحظات المعاناة بالقطاع المحاصر ليحكي لنا ويرصد تحليلاته وتوقعاته حول مستقبل الاتفاق في ظل الكثير من التحديات التي يمر بها..
وإلى نص الحوار.
كيف يمكن ضمان التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وعدم تكرار خروقاته؟
لابد من وجود آلية دولية لمتابعة انتهاكات إسرائيل لهذا الاتفاق، خاصة ما حدث خلال الساعات الأولى من تنفيذ الاتفاق عندما قام الاحتلال الإسرائيلي بقتل العشرات من أبناء شعبنا الفلسطيني، فخلال الأيام المقبلة سيكون هناك الكثير من الأحداث والتطورات التي يجب متابعتها وبخاصة جدية الاحتلال بالالتزام بالاتفاق، في ظل وجود وزراء من حكومة الاحتلال يطالبون بضرورة استمرار الحرب على قطاع غزة.
من الضرورة بذل كل الجهود من أجل إدامة وقف إطلاق النار والعمل على إنهاء كل أشكال العدوان على الشعب الفلسطيني، وهذا سيتم تحقيقه من خلال موقف دولي حازم وحاسم، وفي هذا الإطار نحن نعول على الدور المصري في إطار الدور القوي الذي بذلته القاهرة للوصول لهذا الاتفاق، لمتابعة نتائجه بالإضافة إلى باقي الوسطاء الذين كانوا لهم جميعا الدور المهم في الوصول لصفقة أدت إلى وقف هذا العدوان.
ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي لضمان تحقيق استقرار دائم؟
الاستقرار الدائم في المنطقة كلها يتم من خلال حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، من خلال الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، تنفيذاً للقرارات الدولية. من خلال ذلك فقط سيكون هناك استقراراً إقليميا، وعلى المجتمع الدولي أن يلعب دوراً أساسياً في الضغط من أجل تنفيذ هذه القرارات، وإلزام دولة الاحتلال الإسرائيلي بها، وأيضاً العمل باتجاه ضمان استمرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أولاً من خلال استمرار جهود الإغاثة العاجلة، وثانياً البدء في عملية إعادة إعمار غزة وما دمره الاحتلال الإسرائيلي.
هل ترون أن هناك اهتماماً دولياً كافياً بتوفير أجواء مناسبة لتنفيذ ومتابعة آليات مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار؟
منذ بداية هذا العدوان وللأسف المجتمع الدولي أخذ موقف متخاذل تجاه المجازر التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي وجرائم الإبادة التي ترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وللأسف هذا الموقف مستمر في ظل ازدواجية المعايير وأيضاً عدم توفر الإرادة الدولية حتى لتطبيق قرارات محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنائية الدولية التي تتعلق بجرائم الإبادة، وأيضا مساءلة وتوقيف رئيس وزراء دولة الاحتلال ووزير جيشه الأسبق. هناك حاجة لتحقيق العدالة لضحايا هذا العدوان الدامي، من خلال العمل على توفير آليات ملزمة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وأيضاً أن يكون هناك جهة رقابية دولية على تنفيذ هذا الاتفاق، ومصر باستطاعتها أن تلعب هذا الدور ولديها الإمكانيات ولديها الثقة منا جميعا باتجاه تنفيذ هذا الأمر.
في ضوء حديثك عن الدور المصري.. كيف تنظر إليه وما تقييمك لتحركات مصر على المستوى السياسي والإنساني؟
نحن ننظر بتقدير كبير للدور والجهود المصرية التي بذلت منذ بدء العدوان على شعبنا الفلسطيني، سواء في الضغط لوقف هذا العدوان من خلال الوساطة المصرية التي قامت بها على كافة المستويات، إلى أن تم التوصل لوقف إطلاق النار، وأيضاً الجهود المقدمة من أجل التخفيف من تداعيات العدوان على الشعب الفلسطيني، سواء بإرسال المساعدات أو العمل باتجاه إخلاء المرضى من القطاع، وتقديم كل ما يمكن تقديمه من أجل إسناد الشعب الفلسطيني، وهنا لابد من الإشارة إلى الجهود الدبلوماسية المصرية التي كان لها دور مهم لوقف هذا العدوان على كل المستويات وفضح كافة الانتهاكات الإسرائيلية ضدنا، ونأمل أن يستمر هذا الجهد المصري لتحقيق كل الخير لشعبنا الفلسطيني.
وفي هذا الإطار أؤكد أن الشعب الفلسطيني جميعاً متأكد من شمولية الموقف المصري وتحركه المتواصل باتجاه استمرار وإدامة وقف إطلاق النار، والوصول إلى هدوء دائم حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وكذلك العمل باتجاه مرحلة مهمة وهي إعادة إعمار قطاع غزة.
ونحن نؤكد أن صمود شعبنا الفلسطيني بدعم الموقف المصري القوي هو ما منع مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وهذا جهد نؤكد على أهميته حيث كان الموقف المصري قادراً على إفشال المخطط الإسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني والذي كان يستهدف بالأساس تنفيذ عمليات التهجير لتصفية القضية الفلسطينية.
كيف تقيّمون حجم الدمار الذي لحق بالقطاع ؟ وما الأولويات الحالية لإعادة الإعمار؟
الدمار الذي حدث في قطاع غزة غير مسبوق بمعنى الكلمة، الاحتلال دمر تاريخ الشعب الفلسطيني ليس فقط تاريخ الفلسطينيين بل تاريخ البشرية، من خلال استهدافه لكل الأماكن التاريخية القديمة والتي عمرها آلاف السنوات، بالإضافة إلى ذلك دمر حاضر الفلسطينيين ببيوتهم ومكونات البني التحتية الخاصة بهم، المساجد والمدارس والكنائس، كل شيء دمر في قطاع غزة، وهذا حول القطاع إلى أكوام وجبال من الركام في ظل معاناة إنسانية غير مسبوقة، تقريباً 95% من سكان غزة نزحوا عن منازلهم، ومعظمهم نزح لأكثر من مرة، والآن يعيشون واقع إنساني صعب متواصل ويستمر لفترة طويلة إلى حين البدء في عملية الإعمار.
الخطوات الأساسية الآن في توفير مقومات الصمود هو من خلال الإغاثة العاجلة وتقديم المساعدات الإنسانية بكل أشكالها، وأيضاً العمل باتجاه البدء في إصلاح بعض الأضرار التي يمكن إصلاحها، ومن ثم المرحلة المقبلة الانتقال إلى مرحلة الإنعاش المبكر وتوفير الإمكانيات للذهاب باتجاه إعادة إعمار القطاع بشكل كامل، وهنا لابد من الدعوة لعقد مؤتمر دولي لإعمار قطاع غزة وتمويل هذا الإعمار على أن يكون هناك ضمانات بعدم تكرار هذا العدوان على الشعب الفلسطيني مرة أخرى.
ما التحديات التي تواجه إعادة الإعمار في ظل استمرار الحصار على القطاع؟
التحديات كثيرة، لاسيما ونحن نتحدث عن عملية إعمار ضخمة جداً تستهدف كل شيء في ظل تواصل المعاناة التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني الذين سيمكثون في الخيام ومراكز الإيواء المختلفة لفترة، في ظل واقع إنساني صعب مع اعتماد السكان على المساعدات لفترة طويلة من الوقت، أول تحدي هو مدى جدية المجتمع الدولي في الضغط على دولة الاحتلال لاستمرار هذا الاتفاق. وثانيا أن يكون هناك ضمان لتنفيذ آليات متابعة بنود الاتفاق. وثالثاً أن يكون هناك تمويل لإعمار غزة، بما في ذلك ضمان استمرار عمل وكالة الأونروا بصفتها أحد أعمدة العمل الإنساني في قطاع غزة. كما من الضروري رفع الحصار لأنه يعتبر أحد الشروط الأساسية من أجل الإسراع في عملية إعادة الإعمار، وكذلك التعامل مع أكثر من 50 مليون طن من الركام الذي نتج عن هذا الدمار الكبير، وهناك إشكاليات في التعامل مع هذا الركام، وكيف يمكن التعامل معه، لكن لابد من التحرك للبدء في تلك العملية التي ربما تأخذ فترة ليست بالقليلة.
ما هي السيناريوهات المحتملة لمستقبل غزة في ظل هذه التطورات؟
أحد السيناريوهات التي يجب التحضير والاستعداد لها للتعامل معها في أي وقت، هو أن نشهد انتكاسة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار بقطاع غزة وأن تذهب إسرائيل إلى التحريض على الفلسطينيين والذهاب باتجاه الحرب مجدداً، وهذا أحد السيناريوهات التي يمكن أن يشهدها القطاع في الفترة المقبلة، وهذا سيكون مؤشر خطير جداً وسيكون له تداعيات كارثية على الفلسطينيين وعلى ما تبقى في غزة، ولربما سيكون الهدف الأول للاحتلال هذه المرة هو تنفيذ مخططه بتهجير الفلسطينيين من القطاع، والضغط نحو نزوح الشعب خارج غزة.
والسيناريو الآخر أن يستمر هذا الاتفاق مع مواصلة الاحتلال لعملية حصار غزة لعرقلة عملية الإعمار، وعرقلة أيضاً أي تحسين للظروف الإنسانية في القطاع وأن يعيش شعبنا الفلسطيني واقعاً إنسانيا صعباً في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي، وعدم توفر الإمكانيات بأي شكل من الأشكال.
والسيناريو الأقرب أن يتم تنفيذ هذا الاتفاق مع تحسينات في إدخال المساعدات بأشكالها المختلفة، وهذا يتطلب صراحة بأن يكون هناك موقف فلسطيني موحد، وأن يتم انتهاء الانقسام السياسي الفلسطيني من خلال توحيد الجهود لدعم قطاع غزة من خلال جهد فلسطيني واحد، وهنا نشيد بالموقف المصري الساعي دائماً إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية إكراماً للشهداء والمأساة الإنسانية التي شهدها الشعب الفلسطيني.
توقعاتك لتعامل الرأي العام الإسرائيلي في المستقبل القريب مع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
الرأي العام الإسرائيلي يتجه نحو اليمين المتطرف، الذي برز بوضوح مؤشراته مع بداية هذا العدوان، وما سبقه من إقامة انتخابات إسرائيلية وتشكيل حكومة نتنياهو التي تعكس مكوناتها الرأي العام الإسرائيلي، وبالتالي يجب أن يكون هناك تغيير في الداخل الإسرائيلي باتجاه دعم اتفاق وقف إطلاق النار ودعم أيضاً حل عادل للقضية الفلسطينية، وعدم الذهاب لتصدير هذا العدوان باتجاه الضفة الغربية لضمها إلى الاحتلال كما يريد هذا اليمين المتطرف.