سائقو الشاحنات المصريون من رفح: نحن في مهمة إنسانية ووطنية ضمن جهود مصر لنقل المساعدات إلى الأشقاء في غزة.. (صور)
الأحد، 19 يناير 2025 08:13 ممحمد الحر
بفرحة غامر ينتظر الآلاف من سائقو الشاحنات المصريون دورهم للعبور إلى غزة لتوصيل المساعدات الإنسانية والغذائية إلى قطاع غزة ، بعد شهور قضوها مرابطين مع شاحناتهم تمام معبر رفح البري ، دون أن تلين لهم عزيمة ، مؤكدين انهم في مهمة إنسانية ووطنية تعد من ضمن الجهود المصرية لدعم الشعب الفلسطيني في غزة.
احمد صديق أحمد -سائق شاحنة من محافظة الشرقية- ساهم في نقل المياه إلى أبناء غزة. ووصل مدينة العريش ضمن أسطول شاحنات تنقل المياه ومواد غذائية، يقول: “قدت شاحنتي والتي أعمل بها في محافظة المنوفية إلى العريش، لتلبية النداء الإنساني والإغاثي، وافقت على المشاركة فور أن عرض عليّ التوجه بشحنة مياه إلى رفح”. متابعًا أنه ينتظر دوره لدخول القطاع ثانية، يقف بشاحنته على الجانب المصري من المعبر وحيلماةقالة”لن أمل من الانتظار”.
أما سعيد عبد الله السائق الذي ينتمي إلى محافظة الدقهلية، فيقول: إن السائقين هنا يعتبرون أنهم في مهمة إنسانية، ومن ثم فإن أي مصاعب تهون أمام ذلك”.
ويضيف “اعتدت حياة المعابر، أنقل بضائع إلى بلدان عديدة، وقد أضطر للانتظار، هذا جزء من المهمة، لكني أبدًا لم أمكث هذا الوقت الطويل من قبل”.
يشاطره الرأي كلًا من السائقين، محمد صبري درويش، وطارق صبحي، وكلاهما من كفر الشيخ. وجاءا بالمواد الغذائية خاصة “الفول و الطحينة والعسل والبيف”. يعبر السائقون الثلاثة عن هدفهم وأن جُل أحلامهم الآن تتمثل في توصيل تلك الأغذية إلى أبناء القطاع.
تصطف الشاحنات بعضها من مسافة نحو 50 مترًا من معبر رفح، لتمتد إلى نحو كيلومترين، ويعلق الدكتور خالد زايد، رئيس فرع الهلال الأحمر المصري، بشمال سيناء، على المشهد قائلًا: “إن عبارة مسافة السكة لأهلنا في غزة، المكتوبة على الشاحنات، تبدو حقيقية هنا أكثر من أي مكان آخر، وتعبر عن المعدن الأصيل للشعب المصري”.
ويروي السائق محمد مصطفى ، تجربة دخوله قطاع غزة للمرة الأولى ، قبل إغلاق معبر رفح ، قائلًا: “بعد 7 أيام عبرت بشاحنتي المعبر، وكنت ثاني سائق يعبر، وأحمل مساعدات طبية، في البداية انتابني الخوف عميقًا، وزاد من ذلك مشهد الركام المحطم إثر القصف، لكن ما إن رأيت الأشقاء في غزة، والفرحة في عيونهم، تبدد كل خوفي”.
ويوضح السائق علي النجار ، من المنصورة ، أن السائقين يقطعون الوقت الطويل في لعب الكرة أو إعداد الطعام، وبعضهم يلعب “الكوتشينة”، أو يعد الطعام، أو ينشغل بغسيل شاحنته، وهكذا نتجاوز الرتابة والملل.
يجلس السائق محمد الديداموني، على الأرض الرملية أمام مخزن الطهي “أو المطبخ”، وهو ينظر إلى بوابة المعبر، يقول: بعد 120يوما من وجودي بالمنطقة اللوجستية بجانب المعبر، صارت شاحنتي مختفية بعيدا رغم أنني كنت بالصف الأول استعدادا لدخول غزة ، لكن مهما تكن المصاعب، فإنني أؤدي مهمة إنسانية، ومستعد للانتظار إلى “آخر العمر” وفق تعبيره.
ويضيف “من موقعي هذا أستطيع أحيانًا أن أرى سحب الدخان وأسمع دوي القصف الإسرائيلي وكأنه يوم القيامة ، لا ولكن لا نملك إلا إرسال المساعدات، والدعاء لهم”.
عدد السائقين ليس أقل من 5000سائقًا، يقول أحمد عبد المحسن وهو منهمك في غسيل شاحنته، ويضيف “أجرنا أقل من الظروف العادية، لكن هذا ليس مهمًا، بل إنه تنازل عن شيء بسيط جدًا من أجل الشعب الفلسطين، وأقسم بالله تعالى إنني مستعد العمل بلا اجر من أجل عيون اخوتنا في غزة ودعما لقيادتنا المصرية التي تدعم القضية الفلسطينية وام تتخلى عن غزة منذ بدء الحرب على غزة.
إلى جوار شاحنة، يجلس السائق حسن عبد الموجود من محافظة الشرقية أرضًا للاحتماء من تيار الهواء البارد ، ويقول : “نعم.. نحن متعبون، لكن لا بأس يهون التعب من أجل دعم الشعب الفلسطيني و"مع مصر وسيادة الريس لو هنموت " .
يصف عدد من سائقي الشاحنات لـ”صوت الأمة” كيف يرتبون حياتهم بما يجعلها أقرب إلى الحياة الطبيعية في يومياتهم أثناء تجهيز الشاحنات مرورًا بالانتظار وانتهاء بالوصول إلى القطاع، حيث يقيمون في مخزن ملحق لجانب الشاحنة وضعوا فيه فرنًا لتحضير الطعام، ومخزونًا من البقالة الجافة، وهناك مؤسسات مجتمعية توفر لمن لا يقدر منهم الوجبات اليومية في الجانب المصري.
السائق حسام محمد، جاء من القاهرة، ويبلغ من العمر نحو 50 عامًا، وبصحبته ابنه الشاب محمد يقول: “كان ضروريًا أن نرتب وسائل العيش بطريقة ما، نحن لا نعلم كم سنمكث هنا، أحضرنا الشاي والقهوة، وأهالي سيناء ودودون معنا، يرحبون بنا، ويدعوننا إلى بيوتهم، ما يهوّن علينا الصعاب كثيرًا”.
ويضيف السائق الذي يحمل في شاحنته موادًا غذائية: “من المتاعب على المعبر، أن شبكات الاتصالات مقطوعة كليًا، ما يرغمني على التحرك كيلومترين للاتصال بأهلي للاطمئنان عليهم، وهذا يحدث مرتين يوميًا، وبطبيعة الحال أتحرك مشيًا لعدم توفر مواصلات، ولعدم إمكانية تحرك الشاحنة من صفها”.
أضاف أنا هنا بالمنطقة اللوجستية أمام معبر رفح منذ ثلاثة شهور ، ولم أغادر مطلقا وشاحنتي ضمن عشرات من الشاحنات تقل خيام وبيوت جاهزة ، هي أهم ما يحتاجه الشعب الفلسطيني الآن ، للحماية من البرد القارس والأمطار واتمنى أن تصل إليهم في اقرب وقت.
السائق إبراهيم سعد يقول إن حمولة الشاحنة تبلغ 45 طنًا، لكن الأزمة في أن الدخول إلى القطاع من خلال معبر كرم أبو سالم يتم بـ”التنقيط”، رغم أن حالة الناس تستدعي سرعة في الإجراءات، وهذا البطء مقصود بالطبع من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
السائق مجدي درويش، عبرت شاحنته قبل فترة، وينتظر إدخال مساعدات للمرة الثانية يقول: “إجراءات التفتيش كرم أبو سالم من جانب الاحتلال مشددة جدًا، في المرة الأولى قضيت ليلة على البوابة من الناحية المصرية، وشاحنتي في الناحية الفلسطينية، وذلك لحين انتهاء إجراءات التفتيش، وبعدما دخلت تكرر التفتيش اليدوي، وبأجهزة الأشعة، “لم يتركوا شبرًا في الشاحنة إلا نبشوه نبشًا”.
فى ظل شاحنة جلس للاستراحة مجموعة سائقين جمعتهم مهمة الوصول لمعبر رفح، ومنهم احمد فهيم من محافظة الشرقية وسيد العربي من الدقهلية، واللذان أكدا أنهما يعتبران أنفسهما فى مهمة مختلفة، حيث يجلسان أمام معبر رفح منذ عدة اشهر يعيشان داخل الشاحنات وعينهما على أرض فلسطين، التي يريدان الوصول إليها ونقل المساعدات لها عاجلا غير أجل. وأجمعوا أنهم جميعا كسائقين شاحنات ، في حالة جاهزية للتحرك وصولا لكل شبر في فلسطين ونقل المساعدات.
شاحنات مواد الإغاثة بأنواعها المتوقفة في مناطق عديدة بشوارع مدينة العريش وخاصة الطريق الدائري ومنطقة الصالة المغطاة وأبو صقل وأمام ديوان المحافظة ومعبر رفح دفعت بها مؤسسات المجتمع المدنى من كل محافظات مصر للعريش. ويتسلم الهلال الأحمر المصرى كل قافلة تصل الى مدينة العريش ويقوم بإعادة تفريغ حمولتها ثم تجهيزها مجددا لتنقل بالمواصفات المطلوبة وتأخذ مسارها نحو معبر رفح لحين التنسيق لدخولها وتسليم الشحنة التي تحملها للهلال الأحمر الفلسطينى بقطاع غزة.
السائق محمد غيث من الشرقيه الذي تحرك بشاحنته من مدينة العاشر من رمضان و التي تحمل المساعدات الموجهة إلى غزة أشار أنه تحرك قبل العاشر من رمضان وصولا إلى جنوب مدينة العريش حيث توقف في نقطة ارتكاز مؤقتة: “نحمل خيام إغاثية ، لافتا إلى أن حمولة الشاحنة قرابة 45 طن.
أضاف: نعيش في الشاحنة الآن، نأكل ونشرب، أحيانا نذهب إلى مدينة العريش للتسوق والعودة. ويشاركه الحديث السائق إبراهيم ابراهيم عبد السلام من العاشر من رمضان، يقول: “انطلقت في رحلة مساعدات إلى غزة بمراتب وبطاطين وعدد من الخيام”، ونتوقف حاليا على الطريق الدائري بالعريش بانتظار إشارة التحرك إلى معبر رفح البري.
وحول بوميانهم التي يقضونها بالشاحنات يقول أسامة جمعة ، جميعنا في مهمة إنسانية تماما ، ونعيش حياة بسيطة بجوار ساحناتنا ، ونقضي الوقت في الجلوس معا مجموعات بجوار الشاحنات وأداء الصلاة ، كنا نتسوق من مدينة العريش ونقوم بتلطهي من خلال أدوات المطبخ والطهي الموجودة في مكان ملحق لجانب الشاحنة ومتنازل الطعام أيضا في مجموعات كل مجموعة تضم عدد من السائقين والمساعدين لجانب أنه تصلنا وجبات جاهزةوساخنة من فاعلي الخير وجمعيات أهلية من العريش.