هشام النجار الخبير في شئون الجماعات الإسلامية لـ«صوت الأمة»: الشائعات سلاح «الإرهابية» الرئيسي ضمن مخطط «الإفشال والإرهاق» لضرب الدولة المصرية

السبت، 18 يناير 2025 04:00 م
هشام النجار الخبير في شئون الجماعات الإسلامية لـ«صوت الأمة»: الشائعات سلاح «الإرهابية» الرئيسي ضمن مخطط «الإفشال والإرهاق» لضرب الدولة المصرية
هشام النجار، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية
أمل غريب

الجماعة تاريخيا تغتال الخصم أو الكيان السياسي أو الدولة بحملات التشوية والتحريض تمهيداً للتصفية الجسدية
الإخوان ركن أساسي من مشروع الشرق الأوسط الجديد لتنفيذ مشروع تفكيك الدول والجيوش.. واستعانوا بخطة سيد قطب لتدمير المرافق العامة والحيوية
 
 
 
أكد هشام النجار، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، أن من ضمن أدوات جماعة الإخوان الإرهابية، هو استخدام وسائل إفشال المسار الوطني، مستخدمة سلاح "الشائعات"، مؤكداً ان هذا السلاح بالنسبة للإخوان ليس جديد على الجماعة، حيث سبق ان لجئوا إلى استخدامه في فترات سابقة من تاريخهم، إلا أن ما يحدث الأن لا يمكن أن يسمى حرب شائعات أو حروب إسلام سياسي، بينما هو في الحقيقة تنفيذ دقيق للغاية لمخطط إسقاط الدول وتفكيك الجيوش.
 
في حواره مع "صوت الأمة" يتحدث النجار عن سياسة الجماعة الإرهابية في استخدام الشائعات كسلاح ضد المصريين والدولة المصرية، مستهدفين تدمير الدولة التي لفظتها ورفضت تواجدهم على الحكم. 

وإلى نص الحوار.. 
كيف تستخدم جماعة الإخوان الإرهابية سلاح الشائعات لتفتيت المجتمعات؟
بالإضافة إلى الأسلحة التقليدية التي تستخدمها جماعة الإخوان، فإنها تمتلك سلاح "الشائعات" ضمن أسلحتها الرئيسية، حيث لديها الخطط والأدبيات والمناهج التفسيرية التي تضعها، وكذلك مناهج العنف التي تُشيعها في التنظيمات، سواء التنظيم الرئيسي الذي تشكله أو التنظيمات الرديفة الحليفة لها، وفي حال إذا لم تأتي هذه الأدبيات ثمارها، وتم تهميش الجماعة أو إقصائها من المشهد أو إفشال مشروعها في السلطة، كما خلال حدث ثورة 30 يونيو 2013 مثلًا، فإنها تستخدم سلاح الشائعات.
 
وبعدما صعد نجم جماعة الإخوان على المستوى السياسي والشعبي إبان ثورة 25 يناير 2011، كشفهم الشعب المصري خلال عاما واحدا فقط فى 2012، وثارت ضدهم ثورة شعبية رافضا الوجه المزيف الذي استترت خلفه الجماعة الإرهابية وأعضائها من أجل الاستيلاء على مقاليد الحكم، فلجأت الجماعة إلى استخراج سلاحها الإضافي "الشائعات"، وهو سلاح يُعرف في أدبياتهم ضمن مخطط  كبير عنوانه "الإفشال والإرهاق".
 
لماذا تستخدم سلاح الشائعات؟
من ضمن أدوات الجماعة استخدام وسائل إفشال المسار الوطني هو سلاح الشائعات، وهو قديم وليس جديدً عليها، حيث لجأوا إلى استخدام نشر الأكاذيب والإشاعات في فترات سابقة من تاريخهم، خلال مشوارهم ومنذ نشأة الجماعة، كونها أحد الأدبيات الموجودة داخل كُتبهم، فمثلا نجد أن أحد كتبهم بعنوان "نُقط على الحروف" للكاتب أحمد عادل كمال، عضو الجماعة وأحد قيادات التنظيم الخاص- الفصيل المسؤول عن تنفيذ العمليات المسلحة"، يشرح فيه تفصيليًا كيف كانت الجماعة تستخدم هذا السلاح ضد خصومها السياسيين، إلى جانب سلاح التصفية الجسدية، وكيف كان يتم اختيار هذا الخصم، وشروط اختياره، والتي منها أنه لابد وأن يكون خصما قويا، من أجل اغتياله معنوياً أولا، ثم يتم تصفيته جسديًا في المرحلة الثانية والأخيرة، ما يعني أن الجماعة تغتال الخصم أو الكيان السياسي أو الدولة المحددة أو المستهدفة، ببث الشائعات والأكاذيب وتشويه سمعتها والتحريض ضدها وتزييف الحقائق بشأن تاريخها، حتى يتم اغتيال هذا الكيان سواء دولة أو نظام سياسي أو حكومة أو شخصية سياسية أو عسكرية وتصفيتها معنويًا، ولدينا أمثلة كثيرة، على هذا، ومنها على سبيل المثال فقد استخدمت الجماعة سلاح الشائعات ضد النقراشي باشا، لتصفيته معنويا قبل تنفيذ عملية اغتياله، وكذلك ضد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذي استهدفته الجماعة 13 مرة، حسب الوثائق البريطانية، بخلاف محاولتهم لاغتياله في حادثة المنشية بالإسكندرية، فكانوا يشيعوا عنه أنه كافر وضد الإسلام والأمة الإسلامية وقضاياها إلى آخر كل هذه الشائعات.
 
وتلجأ جماعة الإخوان الإرهابية إلى تصفية خصومها معنويا قبل تنفيذ محاولة التصفية الجسدية، من خلال تطبيق برنامج ممنهج لتشويهه سمعة الخصم، حتى تُبرر لنفسها والمجتمع ما اتخذته من إجراء عنيف ضده، ولدينا مثالا هو الأقوى، فقد حاولوا اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، معنويا وتشويه صورته، سواء بيد الجماعة نفسها أو من خلال الجماعات التي كانت تعمل تحت يديها، وهو أقوى مثال عُرف في التاريخ الحديث من برامج لتشويه السمعة السياسية، كما أنه يعتبر أكثر شخصية تعرضت لحملات شائعات ممنهجة تم واستهدافه معنويا، وقالوا عنه أنه عميل للغرب والأمريكان وزيارته للقدس كانت لعقد صفقة مع إسرائيل، على الرغم من أن الرئيس السادات، هو الذي ساند جماعة الإخوان وأخرجهم من السجون، حتى أنه هو ذاته استغرب بسبب من هذه الحملة الضارية التي شنوها ضده، نالوا منه ومن شخصه في مجلة "الدعوة" المملوكة لهم، وقال في خطاب شهير له عام 1981 تحت قبة البرلمان قبل اغتياله: "دي أعداد من مجلة الدعوة، وأنا اللي عاملها لهم وبيشتموني ويشوهوا سمعتي فيها"، وكل هذا تمهيدًا معنويا قبل تنفيذ عملية اغتياله جسديا.
 
وما هي الخطة التي تستخدمها الجماعة لتنفيذ مخطط الشائعات؟
حدثت تطورات خطيرة، داخل جماعة الإخوان الإرهابية، حتى تتواكب مع الأحداث والتطورات الجارية في المنطقة العربية والشرق الأوسط تحديدا، حيث تغير المشهد السياسي، وكذلك الأدوات التي تستخدمها الجماعة لنشر الشائعات ضد خصومها، فقد كانت تشوه شخصيات سياسية أو زعماء..إلخ، بينما الأن تحول الأمر بعد ثورات ما يسمى بـ"الربيع العربي" إلى الهجوم على الدول ذاتها والأنظمة الحاكمة، خاصة تلك التي تقف أمام تنفيذ مخططات الجماعة، كما أنهم كانوا قديما يستخدمون الوسائل التقليدية المتاحة من أجل نشر شائعاتهم، كالتجمعات الاجتماعية أو المجلات الخاصة أو المنشورات، إلا أنهم تطوروا مع التطور التكنولوجي الهائل الذي جرى في مطلع الألفينات، مما مكنهم من مواكبة العصر، فاستخدموا وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة، واليوتيوب وبرامج البودكاست، كما استطاعوا إطلاق قنوات فضائية تبث من الخارج، وتكوين جروبات وصفحات خاصة بهم، ووظفوها في تنفيذ مخططات الإفشال والإرهاق، ووجهوا سهامهم نحو نشر الشائعات ضد الشخصيات العامة والسياسية وأجهزة الدولة -الجيش والشرطة- والأنظمة الحاكمة والدول المستقرة.
 
وكيف استطاعت تطوير أدواتها في نشر الشائعات؟
منذ انطلاق جماعة الإخوان كان أعداد أعضائها كثيرة، لكن الدعم المادي اللازم للإنفاق على أنشطتها محدود، ثم بدأ تكوين تنظيم دولي خلال فترة الستينات، إلا أن التطور الأضخم حدث مع بداية تنفيذ المؤامرات الكبرى ضد الأمة والدول العربية، بعدما أصبحت الجماعة ركن أساسي من مشروع الشرق الأوسط الجديد بدايةً من منتصف التسعينات، والذي بدأ تنفيذه على أرض الواقع في 2011 إلى الأن، فلم يكن هناك قبل هذا التاريخ أي استعانة للجماعة في تنفيذ مشروع تفكيك الدول والجيوش، إنما تم الاستعانة بالتنظيم ليكون أداة في يد قوى غربية وأجهزة استخبارات غربية وإقليمية معروفة، ولها نفوذ واسع جدًا، ومنذ بدايةً 2011 إلى الأن، جماعة الإخوان وحلفائها ومنهم تنظيم القاعدة والتنظيمات الأخرى التي انشقت عنه أو خرجت من رحمه، منخرطين جميعا في مشاريع حقيقية وموثقة، وباعتراف مسؤولين أمريكيين ودوريات ووثائق أمريكية لهدم الدول وتفكيكها وتفكيك جيوشها، إذا فإننا لم نعد أمام نفس الجماعة التي كانت موجودة على الساحة خلال فترة الأربعينات والخمسينات والستينات، في فصيل واحد هو الإخوان، إنما تخطت الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، وليصدر عنها فصائل أخرى متعددة، أفرزت عن الجماعات الجهادية والتكفيرية خلال فترة السبعينات والتسعينات، وكنا بنواجه أمنيًا وإعلاميًا ودعائيًا فصيل واحد في كل مرحلة، بينما ما حدث من تحول بعد 2011 كان مهولا، فنجد أننا أصبحنا أمام الإعلان عن تنظيم إرهابي جديد كل سنة لدرجة أنه بات هناك عشرات التنظيمات والتشكيلات العسكرية الإرهابية المسلحة، وأصبحت لا حصر لها ولا عدد.
 
من واقع متابعتك لأداء وسياسات الجماعة الإرهابية، كيف يمكن التعامل معهم؟
كان من السهل جدا تقويض جماعة الإخوان في بداية نشأتها، فعندما نراجع التاريخ السابق للمؤامرات أو المخططات التي حدثت في الستينات مثل مؤامرة تنظيم 65 الذي صنعه سيد قطب وزينب الغزالي، لاغتيال الرئيس عبد الناصر، والانقلاب على حكمه، ونقارنها بالمؤامرات الجارية منذ 2011 إلى الأن، ضد الأمة واستهداف دولة مثل مصر، وما حدث في سيناء، وكل ما يجري بالدول المحيطة، سنجد أنه لا يوجد مقارنة بين تدبير ساذج وضعه شخص حالم مثل سيد قطب في منتصف الستينات لاغتيال أعضاء مجلس قيادة الثورة، ويهدم المرافق العامة ويغرق مصر، بهدم قناة السويس إلى أخر هذه المخططات، وبين ما يتم في الوقت الراهن، إلا أن هذه المؤامرات وجدت اليوم من يطبقها فعليًا، فلم يستطع سيد قطب تنفيذ خططه لأنه كان ساذجا، ولمحدودية تنظيمه، وبعد مرور السنوات، طبقت الجماعة ما وضعه قطب من خطة رد الأعداء في كتابه "لماذا أعدموني؟"، ونفذها أعضاء الجماعة حرفيا في 2014 بالاعتداء على المرافق العامة وشبكات الكهرباء، وها بسبب ما تم توفيره للإخوان من إمكانيات متعاظمة وقدرات عالية واستخدام وسائل تواصل حديثة، إلى جانب دعم مادي هائل جدًا، ودعاية ورعاية من وتحت إشراف أجهزة استخبارات تمدهم بالمعلومات الاستخباراتية وترسم لهم المخططات وتحركهم نحو الأهداف، ووفق تطور الأحداث والخطط في المنطقة.
 
هل ترى أن الشائعات ساهمت بتطور الاحداث في سوريا؟
لم تتطور الأحداث في سوريا، ذاتيا، بينما يتم تجهيز هذا السيناريو ورعاية الفصائل التي ستنفذه وإعداد التسليح اللازم للتنفيذ منذ سنتان، حتى الملابس وتأمين الطعام لهم، وكيف سيتحركون ومن أي اتجاه ومتى وتحت إشراف من، كل ذلك بمعرفة وتخطيط وتعاون كامل من أجهزة استخبارات دول في مقدمتها أمريكا، لذا فنحن أمام حالة مختلفة تماما عن الماضي، ونواجه حربا لا يمكن أن نطلق عليها "إسلام سياسي"، ولا حربا ضد التطرف، إنما هي "حرب بالوكالة" لحساب قوى طامعة تستخدم جيوش وكتائب وميليشيات تكفيرية، تدعي زورًا انتسابها للإسلام والجهاد، وهو منها براء. 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق