وقف إطلاق النار بغزة.. كل الطرق تؤدي إلى الورقة المصرية

الأربعاء، 15 يناير 2025 11:16 ص
وقف إطلاق النار بغزة.. كل الطرق تؤدي إلى الورقة المصرية
طلال رسلان يكتب:

بات واضحا بعد مضي نحو 15 شهرا على الحرب على غزة أن صفقة وقف إطلاق النار التي تقترب من حسم آخر ملامحها، تعود إلى ما طرحته وأكدت عليه ورقة الدولة المصرية لإنهاء الأزمة، بعدما شهد تنفيذها والسعي إلى تحقيقها بكل طرق الضغط على الأطراف المعنية، عوائقَ حالت دون إتمام الاتفاق.
 
تؤكد المعطيات أن الجولة الحالية تشهد ضغوطات أمريكية أكثر من أي وقت مضى على الجانب الإسرائيلي لمحاولة الإخضاع إلى النزول للشروط التوافقية في المفاوضات، بدليل سعي الإدارة الأمريكية بما نقلته وسائل الإعلام الغربية عن الضغوط فيما يتعلق بصفقة تبادل الرهائن وإنهاء الحرب على قطاع غزة لتجنب تصعيد إقليمي واسع النطاق.
 
ما يؤكد أنها فرضية الفرصة الأخيرة في المفاوضات، استمرار الأطراف في العودة إلى ما طرحت ورقة الدولة المصرية منذ البداية وسعت إليه بكافة الطرق لحماية القضية الفلسطينية.
 
على جانب الاحتلال الإسرائيلي فإن وسائل الإعلام العبرية تنقل عن مسؤولين بأن نتنياهو أوصل تل أبيب إلى أسوأ وضع استراتيجي لها على الإطلاق مع احتمال اندلاع حرب كبرى، لافتة إلى أنه "ليس لإسرائيل إطار زمني تعمل وفقه باستثناء احتمال دخول ترامب للبيت الأبيض".
 
ومع كل ما يدور حول مفاوضات وقف النار فإن القاهرة تضغط في جهودها نحو تحقيق الخطوة المنشودة في مفاوضات إنهاء حرب غزة ونزع فتيل القنبلة الموقوتة التي تهدد المنطقة وتنذر باقتتال عالمي يبدأ من الشرق الأوسط.
 
الوضع الحالي يعود بنا إلى الاتصال الهاتفي الذي تلقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي، من نظيره الأمريكي جو بايدن منذ أسابيع لبحث جهود وساطة وقف إطلاق النار في غزة وتبادل المحتجزين، فيما أكد الجانبان أهمية التزام الأطراف المعنية بتذليل العقبات وإبداء المرونة لإتمام الاتفاق، بحسب بيان صادر عن الرئاسة المصرية وقتها.
 
وهذا ما تكرر منذ ساعات، حيث قال البيت الأبيض إن بايدن والسيسي ناقشا المفاوضات المتعلقة باتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة يوم الثلاثاء واتفقا على مواصلة التنسيق الوثيق في الساعات المقبلة.
 
ويحاول مفاوضون وضع اللمسات النهائية على تفاصيل خطة لإنهاء الحرب في غزة، وقالت الأطراف المعنية إن الاتفاق بات أقرب من أي وقت مضى، وتتوسط مصر والولايات المتحدة في المحادثات.
 
وقال بايدن إن الاتفاق بات قريبا. وتشارك إدارة بايدن في المحادثات إلى جانب مبعوث الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
 
وقال البيت الأبيض في بيان بعد الاتصال إن الرئيسين "تعهدا باستمرار التنسيق الوثيق والمباشر وكذلك عبر فريقيهما خلال الساعات المقبلة"، وأضاف أن "الزعيمين شددا على الحاجة الملحة لتنفيذ الاتفاق".
 
الجانب الإسرائيلي نفسه تحدثت وسائله الإعلامية عن دور كبير قدمته مصر لإحداث الانفراج الكبير في المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، للتوصل لصفقة تبادل أسرى ووقف الحرب، وكشفت الصحف الإسرائيلية، أن القاهرة لعبت دورًا هامًا ساهم كثيرًا في إخراج الصفقة إلى حيز التنفيذ وحلحلة نقاط الخلاف.
 
يشكل قطاع غزة جزءًا حيويًا من الأمن القومي المصري، وهو ما يجعل التحركات المصرية تجاه الأوضاع هناك تتسم بالدقة والجدية المستمرة. منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، برزت مصر كأحد أبرز الأطراف الدولية الفاعلة في التعامل مع الأزمة. الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيًا كان يتابع تطورات الأوضاع والمفاوضات بشكل دؤوب، مؤكدًا التزام القيادة المصرية بالبحث عن حلول شاملة ومستدامة. انعقد مؤتمر القاهرة الدولي للسلام في 21 أكتوبر 2023 بحضور ممثلي 34 دولة، حيث قدمت مصر خريطة طريق متكاملة للتعامل مع أزمة غزة والقضية الفلسطينية، مما يعكس الجهد الكبير الذي بذلته القيادة المصرية على المستوى الدولي.
 
 
إبرام الهدنة بين الأطراف في غزة كان ولا يزال عملية بالغة التعقيد. على الرغم من نجاح الهدنة الأولى في 24 نوفمبر 2023، والتي شملت تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية، إلا أنها استمرت لبضعة أيام فقط قبل أن تتجدد المواجهات. هذا الواقع يعكس صعوبة تحقيق توافق دائم بين الأطراف المتنازعة، خاصة في ظل التحديات السياسية والميدانية التي تواجهها المفاوضات.
 
 
لكن القاهرة كانت أول من قدم رؤية شاملة للتعامل مع أزمة غزة، تتسم بالمرونة والتدرج. قامت هذه الرؤية على ثلاث مراحل رئيسية تبدأ بوقف القتال، ثم تبادل الأسرى وتقديم المساعدات، وصولًا إلى إعادة إعمار القطاع. إدراكًا لتعقيد الوضع، صممت هذه الخطة لتُنفذ بشكل مرحلي، ما أتاح مجالًا للتقدم التدريجي في ظل التوترات القائمة.
 
المقترحات التي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن في مايو 2024 استندت في جوهرها إلى الرؤية المصرية، رغم أنها شهدت تعديلات عدة أثناء المفاوضات. هذه التعديلات التي أدخلتها تل أبيب وتسببت في رفض الفصائل الفلسطينية لبعض البنود، ما أدى إلى تأخير طويل في التوصل إلى اتفاق. ومع ذلك، ظلت مصر الطرف الأكثر تأثيرًا في تقريب وجهات النظر، إلى جانب جهود دولة قطر والولايات المتحدة.
 
التوصل إلى الهدنة الحالية، على الرغم من التعقيدات، يُعَدّ إنجازًا كبيرًا للرؤية المصرية، التي أثبتت جدواها حتى مع التعديلات الطفيفة التي طرأت عليها. يبقى التحدي الأكبر في ضمان استمرار هذه الهدنة والعمل على تنفيذ الخطوات اللاحقة وفقًا للنهج المرحلي المقترح. يعكس هذا الجهد الدور المحوري لمصر كقوة إقليمية تسعى دائمًا لتعزيز الاستقرار وحماية أمنها القومي، مع الالتزام بدعم الحقوق الفلسطينية في إطار الحلول الشاملة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق