يوسف أيوب يكتب: 4 مبادئ أعلنتها مصر بوضوح لدعم ومساندة سوريا
السبت، 11 يناير 2025 03:32 م
القاهرة تقف بجانب السوريين وإرادتهم.. وتدعو للحفاظ على مقدرات الدولة ووحدتها وسلامة أراضيها
دعوة الأشقاء لبدء عملية سياسية شاملة تضم جميع مكونات الشعب السوري وبملكية وطنية بعيداً عن أي إملاءات خارجية
دعوة الأشقاء لبدء عملية سياسية شاملة تضم جميع مكونات الشعب السوري وبملكية وطنية بعيداً عن أي إملاءات خارجية
منذ 2014 وحتى اليوم، يعد الموقف المصرى الأكثر ثباتا واتزانا تجاه تطورات الأوضاع في سوريا الشقيقة، فلا انحياز لطرف على الأخر، ولا هدف الا أن تستعيد الدولة السورية العربية الشقيقة الأمن والاستقرار بما يضمن سيادته ووحدة وسلامة أراضيه.
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضى، وتولى المعارضة المسلحة مسئولية الإدارة الانتقالية في سوريا، والموقف المصرى واضح ولم يتغير، القائم على 4 مبادئ وأهداف رئيسية لا نقاش حولها، وهى:
1- الوقوف إلى جانب الشعب السوري ودعم إرادته
2- الحفاظ على مقدرات الدولة السورية ووحدتها وسلامة أراضيها
3- بدء عملية سياسية شاملة تضم جميع مكونات الشعب السوري
4- أن تكون عملية الانتقال السياسي شاملة وبملكية وطنية بعيداً عن أي إملاءات خارجية
وسارعت القاهرة عبر أذرعها الدبلوماسية إلى طرق كل أبواب العواصم العالمية للتأكيد على هذا الموقف، وتأكيد الرفض الكامل لاية مساعى من جانب أطراف أقليمية إلى أحداث تغيرات ديموغرافية في سوريا، استغلالاً للحظة الدقيقة التي تعيشها في الوقت الراهن، خاصة من جانب الاحتلال الإسرائيلي الذى استغل الإنشغال السورى الداخلى، وعمل على توسيع انتشاره وسيطرته على الاراضى السورية المحتلة، مزيداً من قبضته الاحتلالية على جبل الشيخ، وهو ما تصدت له القاهرة من خلال موقف واضح، سارت خلفها عواصم عربية وإقليمية رأت فيما يحدث نذير خطر بالمستقبل.
لذلك فإن القاهرة وهى تدرس وتقرأ ما يحدث في سوريا، ضمن سياق أقليمى مضطرب، كانت تدرك منذ البداية خطورة التطورات اذا لم يتم السيطرة عليها. خاصة في ظل وجود أعداء تريد انتهاز أية فرصة تتاح لها، لتنفذ منها إلى العمق، وهو ما فعلته إسرائيل فعلياً بعد 8 ديسمبر، ضمن خططها التوسعية بالمنطقة.
وقد تسأل كثيرون عن تأخر الاتصال المصرى بالإدارة الانتقالية في سوريا، ولم يأخذ هؤلاء في الاعتبار أن الدولة المصرية لا تنظر إلى الأمور الشكلية، لأنها تركز على التحركات الفعلية التي تعمل من خلالها على حفظ أمن ووحدة الأراضى السورية.
فمن الخطأ تقييم الموقف المصرى بالنظر فقط إلى توقيت الاتصال الهاتفى الذى جمع وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطى، بوزير الخارجية المعين بالحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا "أسعد الشيبانى"، على أنه بداية الانخراط المصرى في الوضع السورى، لأن مصر متواجدة قبل ذلك بكثير، منذ 2014، موجودة ليس للتأثير على هذا الوضع الداخلى، بل للدعم والمساندة، والمقصود هنا ليس دعم أو مساندة نظام، بل الشعب السورى بأكمله، وخير دليل على ذلك استضافة القاهرة لاجتماعات عدة للمعارضة السورية طيلة السنوات الماضية، كما حاولت تنسيق الجهود بين الأطراف المعارضة المختلفة، لتكوين رؤية موحدة، تفيد في بدء خارطة طريق واضحة تحدد شكل ومستقبل الدولة السورية.
نعم الاتصال بين عبد العاطى والشيبانى أجرى يوم 31 ديسمبر الماضى، لكنه كان فرصة مناسبة، لكى تعرف الإدارة الانتقالية من القاهرة مباشرة، تأكيدها على وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السورى الشقيق ودعم تطلعاته المشروعة، مع دعوة كافة الأطراف السورية في هذه المرحلة الفاصلة إلى إعلاء المصلحة الوطنية، ودعم الاستقرار فى سوريا والحفاظ على مؤسساتها الوطنية ومقدراتها ووحدة وسلامة أراضيها، كما تامل مصر أن تتسم عملية الانتقال السياسي فى سوريا بالشمولية، وأن تتم عبر ملكية وطنية سورية خالصة دون إملاءات أو تدخلات خارجية، وبما يدعم وحدة واستقرار سوريا وشعبها بكل مكوناته وأطيافه، ويحافظ على هويتها العربية الأصيلة.
وأيضاً التشديد المصرى على أهمية أن تتبنى العملية السياسية مقاربة شاملة وجامعة لكافة القوى الوطنية السورية، تعكس التنوع المجتمعى والدينى والطائفى والعرقى داخل سوريا، وأن تكون سوريا مصدر استقرار بالمنطقة، مع إفساح المجال للقوى السياسية الوطنية المختلفة لأن يكون لها دور في إدارة المرحلة الانتقالية وإعادة بناء سوريا ومؤسساتها الوطنية لكى تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية التي تستحقها.
الرسالة المصرية وصلت بالفعل إلى الإدارة الانتقالية السورية، التي أبدت ترحيبها بهذا الاتصال والتواصل، وادركت من خلالها الأهداف المصرية، وأضحت على صورة واضحة تجاه التحركات التي تقوم بها القاهرة، فلم يكن أبداً هدف القاهرة "اللقطة" او الشو والا لكانت أول من أرسلت مسئول إلى دمشق، لكن القيادة المصرية تعلنها بكل وضوح، أنها مع السوريين في تحديد شكل مستقبلهم، وفق المبادئ والأهداف التي أبلغها وزير الخارجية للمسئول في الإدارة الانتقالية السورية.
وهذه الأهداف تم إعلانها لكل الأطراف الدولية والمعنية، سواء في لقاءات أو اتصالات مباشرة، او عبر أبدائها في مناسبات إعلامية لتصل إلى كل من يعنيه الامر.
ويكفى هنا الإشارة إلى بعض المناسبات التي شهدت إعلان هذا الموقف، ففي 16 ديسمبر، وخلال القمة المصرية الأردنية بالقاهرة، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، أهمية دعم الدولة السورية، خاصة مع عضوية مصر والأردن في لجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا، وضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وأمن شعبها الشقيق، وأهمية بدء عملية سياسية شاملة لا تقصي طرفاً، وتشمل كافة مكونات وأطياف الشعب السوري.
وفى 19 ديسمبر، وخلال مؤتمر الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، وتحديداً أثناء ترأسه للجلسة الثانية التي خصصت لمناقشة الكارثة الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة ولبنان، أشار الرئيس السيسى إلى ما تشهده سوريا من "انتهاكا صارخا لسيادتها على خلفية استيلاء إسرائيل على المزيد من الأراضى السورية مؤخرا، وشن اعتداءات على الأراضى السورية وإعلانها من طرف واحد، عن إلغاء اتفاق فض الاشتباك لعام 1974"، مؤكداً أدانه "مصر بأشد العبارات تلك الممارسات، وتؤكد دعمها التام لوحدة واستقرار سوريا، وسيادتها وسلامة أراضيها، كما تؤكد مصر دعمها لكل جهد، يسهم فى إنجاح العملية السياسية الشاملة فى سوريا بمشاركة الشعب السورى بكل مكوناته وشرائحه، ودون إملاءات أو تدخلات خارجية".
وعلى هامش هذه القمة، أكد الرئيس السيسى لنظيره التركى رجب طيب أردوغان، على ضرورة الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا وسلامة أراضيها، وتدشين عملية سياسية سورية تضم كافة أطياف المجتمع وقواه لتحقيق مصالحة وطنية وضمان نجاح العملية الانتقالية.
وقبل سقوط نظام الأسد بيوم، وتحديداً في السابع من ديسمبر، وجه الرئيس السيسى، وزير الخارجية بدر عبد العاطى للمشاركة الاجتماع الوزاري الذي عُقد في العاصمة القطرية الدوحة لمناقشة التطورات الخطيرة والمتسارعة في سوريا، وكيفية التوصل إلى وقف للقتال والتحرك نحو عملية سياسية تقود إلى حل للأزمة للحفاظ على وحدة سوريا وتكامل أراضيها وسيادتها، وهو الاجتماع الذى وعُقد بحضور وزراء خارجية مصر وقطر والأردن والعراق والسعودية ومجموعة أستانا التي مثلها وزير خارجية تركيا ووزير خارجية ايران والمبعوث الروسي الخاص لسوريا.
وأكد عبد العاطي في كلمته على أهمية الحفاظ على سوريا موحدة كخط أحمر للجميع، والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية من الانهيار والتفكك ووقف إطلاق النار كأمر هام لإيجاد مناخ يسمح بإطلاق عملية سياسية بموجب قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، علاوة على منع الطائفية لما تمثله من مدخل لمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. كما أكد على أهمية الحيلولة دون تمدد الإرهاب في سوريا، إضافة لأهمية معالجة مسألة النازحين واللاجئين وعودتهم الطوعية والآمنة إلى مناطقهم في سوريا.
وسبق هذا الاجتماع تأكيد الخارجية المصرية على موقف مصر الثابت الداعم لأمن واستقرار ووحدة الأراضي السورية وسيادة سوريا على أراضيها، وأهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية للحيلولة دون مزيد من التصعيد وانزلاق الأوضاع إلى منعطفات خطيرة تهدد أمان ومستقبل الشعب السوري الشقيق، مع دعوة القوى الدولية الي التعامل مع الموقف بصورة تعلي مصالح عموم الشعب السوري وتحفظ مقدراته ووحدته، وبما يسمح بعودة الاستقرار على كامل الأراضي السورية وتغليب النهج السياسي بما يضع حداً نهائياً لمعاناة الشعب السوري الشقيق.
وبعد سقوط الأسد، وتحديدا في العاشر من ديسمبر الماضى، نقل عبد العاطى لنظيره التركى هاكان فيدان، عناصر الموقف المصري تجاه التطورات الأخيرة في سوريا فيما يتعلق بضرورة أن تكون العملية السياسية بملكية سورية خالصة دون أية تدخلات خارجية وتقطع الطريق أمام أية محاولة لاستغلال الأوضاع الحالية في سوريا للمساس بمصالح سوريا وسيادتها ووحدتها الإقليمية، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية أن تكون هذه العملية السياسية شاملة وتعكس التنوع المجتمعي في سوريا، وأن ترتكز على عدم إقصاء أية أطياف وطنية، وتتبنى مفهوم المقاربة الشاملة التي ترمي إلى تمهيد الطريق لعودة الاستقرار إلى سوريا والاضطلاع بدورها في محيطها الإقليمي وعلى الصعيد الدولي.
وهو نفس الموقف الذى تم نقله أيضاً إلى واشنطن وتحديداً وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، مع نقل رسالة مهمة له تتضمن رفض مصر لاستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة مع سوريا والمواقع القيادية المجاورة لها، مع التشديد على ان هذه التحركات تعد احتلالاً لاراض سورية وانتهاكاً سافراً لسيادتها، وتمثل خرقاً للقانون الدولي، مؤكداً على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته لوقف هذا الاعتداء على الدولة السورية.
وفى 14 ديسمبر الماضى، شاركت مصر عبر وزير خارجيتها في اجتماع لجنة الاتصال العربية حول سوريا بمدينة العقبة الأردنية، وأكد عبد العاطى أهمية تدشين عملية سياسية شاملة بملكية سورية خالصة تضم كل مكونات المجتمع وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية لتحقيق مصالحة وطنية وضمان نجاح العملية الانتقالية، كما أكد رفض مصر الكامل لتوغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا، وأدان احتلال إسرائيل للأراضي السورية، وانتهاك اتفاق فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام ١٩٧٤، بما يمثل خرقًا للقانون الدولي. كما أدان الغارات الإسرائيلية الممنهجة التي استهدفت البنية التحتية للجيش السوري وقدراته العسكرية.