وتعيشي يا وحدة مصر.. الكنائس تزدان بتبادل التهنئة بين المسلمين والمسيحيين

السبت، 11 يناير 2025 03:30 م
وتعيشي يا وحدة مصر.. الكنائس تزدان بتبادل التهنئة بين المسلمين والمسيحيين
عنتر عبداللطيف

الرئيس السيسى من داخل الكاتدرائية: أسباب حماية بلادنا هو محبتنا لبعضنا البعض.. ومخزون المحبة بيننا يزيد يوما بعد يوم
البابا تواضروس: "لن يستطيع أحد الدخول بيننا".. ومحبة البابا وشيخ الأزهر صفعة على وجه المتشددين والإرهابيين

 
رئيس مصر مهنئاً من داخل كاتدرائية ميلاد المسيح في العاصمة الإدارية الجديدة، مشهد اعتدنا عليه منذ 2015، بعدما رسخ الرئيس عبد الفتاح السيسى، لهذا الطقس، الذى احتفظ الرئيس السيسى بكونه الرئيس الوحيد الذى يظهر بين المسيحيين من داخل الكاتدرائية مهنئاً ومشاركاً في احتفالاتهم.
هذا المشهد الذى تابعه العالم كله مساء الأثنين الماضى، حينما حل الرئيس السيسى ضيفاً على الكاتدرائية، يعكس اهتمام القيادة السياسية بكل المصريين، فلا فرق بينهم في عقلية الرئيس بسبب الدين او العرق او أي شيء.. فالجميع مصريين، تحكمهم مبادئ المواطنة التي رسختها الدولة منذ 2014 وحتى  اليوم.
ما رأه العالم من داخل الكاتدرائية تجسد في كل الكنائس المصرية، التي شهدت أقبالاً كبيراً من المسلمين لمشاركة المسيحيين في قداس عيد الميلاد، وازدانت الكنائس بصور المحبة والمودة بين كل المصريين، التي أنتقلت أيضاً إلى البيوت، بتوافد المصريين على منازل المسيحيين لتهنئتهم.
وقطعت زيارة شيخ الأزهر فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، لقداسة البابا تواضروس الثاني، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية،في مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية للتهنئة بأعياد الميلاد، الطريق على المزايدين المتشددين والإرهابيين وعكست وحدة المصريين في مواجهة تجار الدم والإرهابيين الذين يحاولون النيل من نسيج الوطن الواحد.
كل هذه المشاهد تؤكد أن «وحدة المصريين» مسلمين وأقباط ستظل خط الدفاع الأول الذي يحول دون تمرير مخططات علنية لم تعد خافية على أحد تستهف دول المنطقة جمعاء.
وبالتزامن مع أعياد عيد الميلاد المجيد يروّج المتطرفون عبر  مواقع «السوشيال»، آراء تزعم «عدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم. الدكتور «الطيب» وجه صفعة قاسية لهؤلاء، إذ دائما ما يؤكد الأزهر أن مثل هذه الآراء «غير صحيحة وغير منضبطة، وصادرة من أشخاص غير مختصين»، وتابع الطيب: «ما تربينا عليه في الأزهر، وتأسس في وجداننا، من ثناء القرآن الكريم ورسول الإنسانية والسلام بإخواننا المسيحيين؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، فقالوا يا رسول الله كيف؟ قال الأنبياء إخوة من علات، وأمهاتهم شتى، ودينهم واحد»، مشيراً إلى أن القرآن الكريم «لا توجد فيه كلمة الأديان؛ إنما هو دين واحد متعدد الرسالات، التي يبعث بها الأنبياء».
فيما أكد قداسة البابا تواضروس أن الزيارة «تعكس الروح الأخوية التي تجمع المصريين؛ مسيحيين ومسلمين»، وقال بهذا الخصوص: «أشعر بمقدار الود والمحبة والمشاعر الطيبة، التي تربطني بشيخ الأزهر، ونحن نتبادل الأحاديث والنقاشات حول مختلف القضايا، وهو ما يكشف قدر الوحدة والأخوة الموجودة على أرض مصر».
ورافق شيخ الأزهر خلال زيارته، وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، ومفتي الديار المصرية، الدكتور نظير عياد، ووكيل الأزهر، محمد الضويني، ورئيس جامعة الأزهر، سلامة داوود، وقال القمص موسى إبراهيم متحدث الكنيسة القبطية الارثوذكسية، إن أجواء الزيارة كانت طيبة للغاية كالمعتاد، حيث ضمت الزيارة كل القيادات الدينية الأسلامية.
ومن داخل الكاتدرائية، أكد الرئيس السيسي، أن أول أسباب حماية بلادنا هو محبتنا لبعضنا البعض، وأن مخزون المحبة بين كل المصريين يزيد يوما بعد يوم، وأن حجم الوعي والفهم الموجود عند المصريين ضخم جدا، ويجعل المصريين لديهم الوعي في التعامل مع أي أمر سواء داخل مصر أو خارجها.
وعكست كلمات الرئيس السيسى إدراكه لأهمية المحبة بين نسيجي الأمة مضيفا: «عام سعيد وسنة بفضل الله سبحانه وتعالي أفضل من الأعوام السابقة»، لافتا إلى أنه يتابع كل الأمور وكافة ردود الأفعال، والقلق ربما يكون مبررا، وتابع:«أنا أحدث العالم من خلالكم، وأن الأعوام الماضية كان يوجد بها قلق ولكن كل الأمور مرت بسلام»، وقال الرئيس السيسى «نحن لا ننسى وجود ربنا، يمكن حد ينسى مع الظروف ويتهيأ له أن الأمور ليست مسيطر عليها مش بينا احنا كبشر ولكن برب البشر.. الدنيا ليست متروكة هكذا ،نحن جميعا نؤمن بالله ،ولا ننسى أن ربنا موجود ولا أحد يستطيع أن يفعل أي شيء في الوجود إلا بأمر الله سبحانه وتعالى».
وأضاف «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوما عن يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار.. نحن كدولة وأنا كانسان مسؤول عنكم، أطمئنكم أنني أتعامل مع كل الأمور بشرف كبير وأمانة ونزاهة كبيرة، لو كان المسؤول عنكم إنسان مش كويس خافوا على بلدكم، لو أيده ملوثة بدم الناس خافوا على بلدكم،ولو أيده تأخذ أموال الناس خافوا على بلدكم.. والحمدلله مفيش حاجة من هذا موجودة».
وفى أعقاب الزيارة الرئاسية، شدد قداسة البابا تواضروس الثاني، على وحدة المصريين وتكاتفهم في عائلة واحدة، وهي "عائلة مصر"، مؤكدا أنه "لن يستطيع أحد الدخول بيننا"، وعدد البابا تواضروس الثاني مظاهر وحدة المصريين منذ "أيام الفراعنة" ثم توالي العصور القبطية والإسلامية حتى اليوم، حيث كان "نهر النيل" سببا رئيسا في إيجاد وحدة وطنية طبيعية، معتبر أن فرحة عيد الميلاد المجيد؛ ليس عيدا كنسيا أو مسيحيا فقط لكن مصر كلها تحتفل به؛ فهو إجازة رسمية تسعد الجميع.
وأكد البابا، أن "الفرحة"؛ تزداد أكثر بتهنئة الرئيس السيسي، لجموع المصريين من الكاتدرائية، "فهي لمحة طيبة ولفتة جميلة، لاسيما وأنها ليست محصورة في يوم العيد لكنها تطال العام الجديد"، مؤكداً: "لا نستطيع التمييز بين المصريين في شيء؛ فالجميع واحد؛ وطالما نظل متكاتفين في عائلة واحدة (عائلة مصر)؛ لن يستطيع أحد الدخول بيننا".
وقدم قداسة البابا تواضروس الثاني للرئيس السيسي لحضوره إلى كاتدرائية ميلاد المسيح وتهنئته للأقباط بعيد الميلاد المجيد، لافتا إلى أن حضوره سبب بهجة وفرحا للجميع، مقدما الشكر لكل المسئولين على جهودهم وتعبهم في حفظ أمن واستقرار مصر، في عالم يسوده التوتر والحروب، وقال: "علينا أن نكون واحدا وأن نتجنب كل ما يجرح هذه الوحدة، وأن نحافظ على بلادنا العظيمة والغالية، وإن كل بلاد العالم في يد الله، ولكن مصر في قلب الله، ونحن على الدوام نصلي من أجل كل انسان في مسئولية ليعطي الله سلام وبركة، وأن يديم هذه المحبة والسلام على أرض بلادنا".
وسبق أن بعث الرئيس السيسي ببرقية تهنئة إلى البابا تواضروس الثاني؛ بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، قال خلالها: أغتنم هذه المناسبة الطيبة كي أشيد بالوحدة الوطنية الراسخة التي تربط بين أبناء هذا البلد العزيز على مر التاريخ، فجميع أبناء مصر الذين يطمحون لمستقبل مشرق وغد أفضل للأجيال القادمة يدركون أن صلابة بناء المجتمع المصري وقوة التلاحم بين أبنائه، كانت وستظل هي الدرع الحامي والحصن المنيع لهذا الشعب العظيم من أجل الحفاظ على مكتسباته ومقدراته. وأدعو الله العلي القدير أن يحفظ مصر وأن يرعى شعبها، وأن يديم عليها نعمة التآخي والترابط بين جميع أبنائها، وأن يوفقنا جميعًا لكل ما فيه الخير لهذا الشعب الأبي الكريم".
وفي إطار جهود بناء الجمهورية الجديدة، أولت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بتعزيز مفهوم المواطنة وترسيخ مبادئ المساواة وعدم التمييز بين جميع المواطنين، إيمانًا منها بأن المواطنة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المجتمعية الشاملة والمستدامة، علاوة على تعزيز وحدة النسيج المجتمعي وتكريس مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية، وذلك من خلال سن التشريعات والقوانين التي تكفل حرية ممارسة الشعائر الدينية لمختلف أفراد المجتمع وممارسة حقوقهم، ومن بينها العمل على تقنين أوضاع الكنائس، فضلًا عن اهتمام الدولة المصرية بإحياء مسار العائلة المقدسة الذي يعد رمزًا للتعايش بين الأديان ويعكس مكانة مصر كمقصد ديني وسياحي عالمي. 
وأشار تقرير للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء، إلى مواصلة اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس توفيق وتقنين أوضاع الكنائس المصرية، حيث تم صدور28 قراراً من قبل اللجنة المعنية، منذ مايو 2018 وحتى الآن تطبيقاً لقانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن تنظيم بناء وترميم الكنائس، لافتاً إلى تقنين أوضاع 3453 كنيسة ومبني.
استعرض التقرير قرارات تقنين أوضاع الكنائس، حيث تم صدور 4 قرارات بإجمالي 508 كنيسة ومبنى عام 2018، حيث تم صدور قرارات تقنين أوضاع 53 كنيسة ومبنى في شهر مايو، وكذلك 167 كنيسة ومبنى في الشهر نفسه و120 كنيسة ومبنى في شهر أكتوبر، و168 كنيسة ومبنى في شهر ديسمبر من نفس العام.
ووفقاً للتقرير تم صدور 8 قرارات لعدد 814 كنيسة ومبنى عام 2019، حيث تم صدور قرارات بتقنين أوضاع 119 كنيسة ومبنى في شهر يناير، و156 كنيسة ومبنى في شهر مارس، و111 كنيسة ومبنى في شهر أبريل، و127 كنيسة ومبنى في يوليو، و88 كنيسة ومبنى في سبتمبر، و62 كنيسة ومبنى في أكتوبر، و64 كنيسة ومبنى في نوفمبر، و87 كنيسة ومبنى في ديسمبر من نفس العام.
وجاء في التقرير، أنه تم صدور 5 قرارات بإجمالي 416 كنيسة ومبنى عام 2020، موضحاً أنه تم إصدار قرارات تقنين أوضاع 90 كنيسة ومبنى في شهر يناير، و82 كنيسة ومبنى في فبراير، و74 كنيسة ومبنى في أبريل، و70 كنيسة ومبنى في مايو، و100 كنيسة ومبنى في أكتوبر من نفس العام.
ولفت التقرير إلى صدور 4 قرارات بإجمالي 283 كنيسة ومبنى عام 2021، لتشمل 62 كنيسة ومبنى في يناير، و82 كنيسة ومبنى في مايو، و76 كنيسة ومبنى في أغسطس، و63 كنيسة ومبنى في نوفمبر من نفس العام.
واستكمالاً لما سبق، أبرز التقرير أنه في عام 2022 تم إصدار 3 قرارات بإجمالي 505 كنيسة ومبنى، لتشمل 141 كنيسة ومبنى في يناير، و239 كنيسة ومبنى في مايو، و125 كنيسة ومبنى في ديسمبر من نفس العام. 
وأشار التقرير إلى صدور قرارين في عام 2023 بإجمالي 447 كنيسة ومبنى، لتشمل صدور قرارات تقنين أوضاع 73 كنيسة ومبنى في شهر فبراير، و374 كنيسة ومبنى في يونيو، كما تم صدور قرارين عام 2024 بإجمالي 480 كنيسة ومبنى، حيث تم إصدار قرارات بتقنين أوضاع 187 كنيسة ومبنى في شهر فبراير، و293 كنيسة ومبنى في نوفمبر من نفس العام.
وأبرز التقرير جهود الدولة لإحياء مسار العائلة المقدسة، والذي يعد مسارًا سياحيًا يمتد من سيناء إلى أسيوط، وذلك بهدف تعزيز السياحة الدينية وتطوير البنية التحتية عبر 11 محافظة، موضحاً أن المسار يمتد على طول 3500 كم ذهاباً وعودة، ويتضمن 25 نقطة، لافتاً إلى أن تكلفة أعمال التطوير ورفع كفاءة المسار بلغت 463.6 مليون جنيه، بالإضافة لمساهمات كافة المحافظات من خططها الاستثمارية، في حين خصصت وزارة السياحة والآثار 60 مليون جنيه لصالح المشروع.
كما استعرض التقرير خريطة المسار، لتبدء بالعريش، ثم الفرما، ثم الزقازيق، يليها تل بسطا، ثم بلبيس، ثم مسطرد، ثم منية سمنود، يليها سمنود، ثم سخا، ثم وادي النطرون (دير الأنبا بيشوي - دير البراموس - السريان - أبو مقار)، يليها عين شمس (مطرية)، ثم بابليون مصر القديمة، يليها المعادي، ثم البدرشين (منف)، ثم البهنسا، ثم بني مزار، يليها سمالوط، ثم دير العذراء (بجبل الطير)، و الأشمونين، وملوي، يليهم ديروط، ثم القوصية، ثم مير، يليها دير المحرق (جبل قسقام)، ثم أسيوط (جبل درنكة) وهو موضع بدء رحلة العودة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة