تأهب لمواجهة فيروس HMPV.. ولا إصابات

السبت، 11 يناير 2025 03:04 م
تأهب لمواجهة فيروس HMPV.. ولا إصابات
أحمد سامي

الصحة: الفيروس لا يشكل خطرًا بالغًا ونعمل على رصد انتشاره.. وعلاجه متوفر 
أطباء يحذرون من استخدام المضادت الحيوية.. ويؤكدون: لا تعالج الفيروسات وتضعف المناعة

 
 
قلق واضطراب يشهده العالم في الآونة الأخيرة بعد تزايد الإصابات بالمتحور الجديد، فيروس الجهاز التنفسي البشري HMPV، الذي بدأ انتشاره في بعض الدول الآسيوية مثل الصين، ليعيد للأذهان الشهور العصيبة التي مر بها العالم منذ الإبلاغ عن انتشار فيروس كورونا المستجد في عام 2020، وأثار هذا الارتفاع في الإصابات قلقًا عالميًا بشأن إمكانية انتشاره إلى دول أخرى، بما في ذلك مصر، ومع استمرار التحديات الصحية التي يواجهها العالم، تسعى السلطات المصرية إلى تكثيف استعداداتها لمواجهة أي تهديدات صحية جديدة، وضمان سلامة المواطنين من خلال اتخاذ تدابير وقائية فعّالة.
 
فيروس HMPV، الذي تم اكتشافه لأول مرة في هولندا عام 2001، يعد من الفيروسات التنفسية التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي والسفلي، ويمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة لدى الأطفال وكبار السن وأصحاب المناعة الضعيفة، تبدأ أعراض الإصابة به عادةً بالسعال والحمى وصعوبة التنفس، وقد تتطور لتصبح أكثر شدة، ومع ارتفاع معدل الإصابة في بعض المناطق، تتزايد أهمية الإجراءات الاحترازية لمكافحة الفيروس والحد من انتشاره على المستوى العالمي.
 
ورغم أن مصر لم تسجل بعد أي حالات إصابة مؤكدة بفيروس HMPV، إلا أن وزارة الصحة أعلنت حالة تأهب قصوى لمواجهة الفيروس، ووضعت الوزارة خطة متكاملة تشمل الوقاية والرصد والتعقيم في الأماكن العامة والمرافق الصحية، تهدف هذه الإجراءات إلى ضمان جاهزية البلاد لمواجهة أي تطور في انتشار الفيروس، والحد من دخول أي حالات مصابة إلى البلاد في مرحلة مبكرة,
كما كثفت وزارة الصحة من إجراءات الفحص في المنافذ الحدودية، سواء الجوية أو البحرية أو البرية، للكشف المبكر عن أي حالات مشتبه فيها، يتم استخدام أجهزة قياس الحرارة بالإضافة إلى أخذ عينات عشوائية لإجراء الفحوصات المخبريّة من الوافدين من الدول التي تشهد تفشيًا للفيروس، في الوقت نفسه، تم تعزيز المرافق الصحية عبر تجهيز المستشفيات والمراكز الصحية بالأدوات الطبية اللازمة مثل أقنعة الوجه، وأجهزة تنفس صناعي، لضمان جاهزية النظام الصحي في حال ظهور إصابات حادة.
وأكد الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، أن فيروس "إتش إم بي في" يتسبب في التهابات الجهاز التنفسي وينتشر عادةً في فصلي الشتاء والربيع، وإن فترة الحضانة للفيروس تتراوح بين 3 أيام إلى 6 أيام، ويُمكن أن تستمر الأعراض من يوم إلى 3 أسابيع، كما ينتشر من خلال الرذاذ التنفسي الذي يتم إطلاقه عند السعال أو العطس، وكذا بسبب مُلامسة الأسطح الملوثة بالفيروس ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين، موضحاً أن الفئات الأكثر عُرضة للإصابة هي: الأشخاص أصحاب ضعف المناعة، والأطفال، وكبار السن.
وأضاف "عبدالغفار" أن أكثر الأعراض ظهورًا بين المصابين بالفيروس تتمثل في صعوبة التنفس في الحالات الشديدة، والكحة، واحتقان الأنف، والحكة، والحُمى، والعطس، والتهاب الحلْق، مؤكداً أنه يتم فحص الفيروس ضمن مواقع منظومة ترصد الأنفلونزا والأمراض التنفسية منذ عام 2023، مشيرًا إلى أنه خلال عام 2024، كانت نسبة فيروس "إتش إم بي في" تتراوح بين 2% إلى 4% من الفيروسات التنفسية.
وشدد عبد الغفار على أنه "لا توجد زيادة في أعداد حالات الأمراض التنفسية الحادة المُبلغة خلال عام 2024 مقارنة بالعام السابق له، وأن الارتفاع الملحوظ منذ نهاية شهر سبتمبر 2024 حتى الآن يحدث سنوياً في فصلي الخريف والشتاء".
وأطلقت وزارة الصحة حملة توعية عبر وسائل الإعلام المختلفة، لتوعية المواطنين بأهمية اتباع الإرشادات الصحية مثل ارتداء الكمامات، غسل اليدين بشكل دوري، وتجنب الأماكن المزدحمة، وفي إطار التعاون الدولي، تنسق مصر مع منظمة الصحة العالمية لتبادل المعلومات حول تطورات فيروس HMPV، مما يساهم في تعزيز استعداد البلاد لمواجهة أي تطورات صحية على المستوى العالمي.
وفي إطار تطمينات وزارة الصحة بشأن انتشار فيروس "HMPV"، نشر الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي للوزارة، مقطعًا صوتيًا على حسابه الرسمي في "فيسبوك" ينفي وجود أي خطر بالغ يتعلق بالفيروس، وأوضح أن هناك العديد من الفيروسات التنفسية المنتشرة حالياً مثل الإنفلونزا، والفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، و"كوفيد-19"، إلى جانب فيروس "HMPV"، الذي سجلت بعض حالات الإصابة به في شرق آسيا وأمريكا، وأشار إلى أن الفيروس قد يؤدي إلى مضاعفات تنفسية في بعض الحالات، خاصة لدى الأطفال دون سن الخامسة وكبار السن الذين يعانون من ضعف المناعة، ومع ذلك، أكد أن الفيروس لا يتسبب عادة في وفيات، ويمثل نسبة صغيرة من الحالات التنفسية الحادة، في الوقت نفسه، نبه عبدالغفار إلى أن الفيروس يمكن أن يتسبب في إصابات مزدوجة مع فيروسات أخرى، مما قد يطيل فترة الأعراض.
من جانبه، أكد الدكتور عمرو قنديل، نائب وزير الصحة والسكان، أن HMPV لا يعد فيروسًا جديدًا، كونه يشبه في تأثيره الفيروسات الأخرى مثل الفيروس المخلوى والإنفلونزا، حيث يصيب الجهاز التنفسي العلوي والسفلي، مشيرًا إلى أن العلاج متوفر وسهل ولا داعي للقلق، لافتاً إلى أن الفيروس يشكل نسبة تتراوح من 2 إلى 4% من الفيروسات التنفسية المنتشرة في المجتمع خلال فترات الشتاء.
وأشار قنديل إلى أن الوزارة تمتلك نظامًا متقدمًا لرصد انتشار الفيروسات التنفسية على مستوى الجمهورية، حيث يتم تتبع حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي عبر 36 موقعًا مختلفًا في كافة أنحاء مصر، هذا النظام يتيح للوزارة متابعة تردد المرضى على هذه المواقع وجمع البيانات اللازمة لرصد معدل انتشار الفيروسات التنفسية، بما في ذلك فيروس HMPV، الذي يُسجل نشاطًا ملحوظًا في موسم الشتاء، وتتمثل الأهمية الرئيسية لهذه المنظومة في قدرتها على تقديم استجابة سريعة لأي زيادة ملحوظة في حالات الإصابة، مما يساعد على السيطرة على التفشي السريع للفيروسات وحماية المواطنين.
وعلى الرغم من أن فيروس HMPV قد يسبب أعراضًا تنفسية شديدة في بعض الحالات، إلا أن الدكتور عمرو قنديل طمأن المواطنين بأن العلاج متوفر وسهل، وقال إن معظم الحالات تكون خفيفة ويمكن معالجتها بالأدوية المتاحة في الصيدليات، ولا تستدعي الدخول إلى المستشفى إلا في حالات نادرة ومعقدة.
في نفس السياق، أكد الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا، أن فيروس HMPV موجود منذ 2001، لكنه شهد مؤخرًا زيادة في النشاط خاصة في شرق آسيا، الفيروس لا يزال يتسبب في مخاوف صحية نظرًا للأعراض التي يشابهها مع الإنفلونزا، خاصة بين الأطفال، موضحاً أنه يصيب الجهاز التنفسي السفلي وقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مما يتطلب رعاية صحية دقيقة، ونصح باتباع الإجراءات الوقائية مثل الحفاظ على المسافة الآمنة، تجنب الأماكن غير المهواة، وارتداء الكمامات خاصةً للمصابين.
وشدد حسني لـ"صوت الامة" على أن الفيروس لا يزال يفتقر إلى علاج محدد، لكنه لم يصل إلى مصر بعد، ورغم انتشاره في دول شرق أسيا إلا أنه لا يُتوقع أن يتحول إلى جائحة عالمية كما حدث مع فيروس كورونا، وبيّن أن الإجراءات الوقائية المستمرة، بالإضافة إلى الوعي الصحي المتزايد، يمكن أن تحد من انتشاره بشكل كبير، وسيمنعان تكرار أزمة كورونا في المستقبل، مشيرًا إلى أهمية تلقي الرعاية الطبية المناسبة، خاصة لذوي الأمراض المزمنة.
من جهته أكد الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، أن الصين تعد نقطة انطلاق رئيسية للعديد من الفيروسات والأوبئة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم، موضحا أن الظروف في الصين تسهم بشكل كبير في تسريع انتشار الفيروسات، حتى تلك التي لا تنشأ في الصين، فإنها تنتشر فيها بشكل أسرع مقارنة ببقية الدول، مشيراً إلى أن موجة فيروس HMPV بدأت العام الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الفيروس انتشر بشكل أكبر وأسرع في الصين، وهناك زيادة في انتشار الفيروسات التنفسية بشكل عام خلال فصل الشتاء، بما في ذلك الإنفلونزا وHMPV، مما يزيد من المخاوف حول تأثيرها على الأفراد.
وأشار عنان إلى أن المشكلة تكمن في احتمالية إصابة الشخص بعدة عدوى في نفس الوقت، مثلًا، يمكن أن يصاب الشخص بفيروس HMPV وأيضًا بالإنفلونزا في وقت واحد، مما قد يزيد من صعوبة العلاج ويشكل خطرًا أكبر على الصحة العامة، لافتاً إلى أن الحكومة الصينية أصدرت تحذيرات بضرورة ارتداء الكمامات، خاصة في الأماكن المزدحمة وللأشخاص كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وهذه التدابير تأتي في إطار الوقاية من انتقال العدوى بين الأفراد، وأكد أنه خلال الموسم الشتوي الماضي، كان هناك إنذار بضرورة اتخاذ الاحتياطات الصحية، بما في ذلك ارتداء الكمامات.
من جانبه حذر الدكتور أمجد الحداد رئيس قسم الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح من استخدام الحقن مثل حقن البرد أو حقنة "هتلر"، مؤكدًا أن 80% من العدوى المنتشرة حاليًا هي عدوى فيروسية لا تتطلب العلاج بالمضادات الحيوية، لأنها تؤدي إلى تأثيرات صحية سلبية، إذ لا تجدي هذه الأدوية في علاج الفيروسات، وبالتالي قد يكون لها آثار جانبية ضارة على الجهاز المناعي، موضحا أن العلاج الفعال لهذه العدوى يعتمد على الراحة والحرص على تناول الأدوية الخافضة للحرارة مثل الباراسيتامول وفيتامين سي.
وشدد الحداد لـ"صوت الأمة" على أن تناول المضادات الحيوية لعلاج نزلات البرد أو الإنفلونزا أو كورونا خطأ كارثي، لأن هذه الأمراض تُسببها فيروسات لا يمكن القضاء عليها بالمضادات الحيوية، مؤكداً أن الإفراط في استخدام هذه الأدوية قد يضعف المناعة الطبيعية للجسم ويعرض الشخص لخطر الإصابة بمشاكل صحية أخرى، مثل الصدمة الحساسية الناتجة عن الحقن غير المبررة.
ولفت الحداد إلى أن معظم الأشخاص يتحسنون خلال أسبوعين من الإصابة، بينما قد يعاني بعض الأفراد، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة أو المناعة الضعيفة وكبار السن، من فترة تعافٍ أطول.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الصحة والسكان عن إصدار 3 ملايين و934 ألفًا و336 قرار علاج على نفقة الدولة، بتكلفة تجاوزت 24 مليارًا و210 ملايين و719 ألف جنيه، خلال 2024،ويأتي ذلك تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تهدف إلى تخفيف العبء عن المواطنين، وتيسير حصولهم على الرعاية الصحية الشاملة.
أوضح الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن عدد المستفيدين من قرارات العلاج على نفقة الدولة بلغ 2 مليون و344 ألفًا و603 مواطنين،مشيرًا إلى أن القرارات شملت مجموعة من التخصصات الطبية، منها أمراض الدم، الأورام، الجراحة، أمراض النساء، الباطنة، الأنف والأذن، العظام، المسالك البولية، بالإضافة إلى الأمراض الجلدية والعصبية، موضحاً أن عدد المواطنين الذين تم مناظرتهم عبر تقنية الفيديو كونفرانس بلغ 7,545 شخصًا، تنفيذًا لتوجيهات الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، بتيسير إجراءات حصول المرضى على خدمات طبية وعلاجية على أعلى مستوى، على نفقة الدولة، دون الحاجة إلى الحضور شخصيًا إلى المجالس الطبية المتخصصة ودون تحميل المرضى أي عناء.
ولفت عبد الغفار إلى أن تنفيذ قرارات العلاج على نفقة الدولة يتم من خلال المستشفيات التابعة للوزارة على مستوى جميع محافظات الجمهورية، وبالتعاون مع المستشفيات الجامعية، بالإضافة إلى التعاقد مع المستشفيات الخاصة والأهلية، والجمعيات والمؤسسات ومنظمات العمل الأهلي، وذلك بهدف خدمة الفئات الأكثر احتياجًا.
وأشار الدكتور محمد زيدان، رئيس الإدارة المركزية للطب العلاجي ومدير إدارة المجالس الطبية المتخصصة، إلى أن المواطنين الراغبين في الحصول على خدمات العلاج على نفقة الدولة يجب عليهم التوجه إلى أقرب مستشفى لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة لتشخيص حالتهم تمهيدًا لتحرير "تقرير اللجنة الثلاثية"، وبعد ذلك، تقوم المستشفى بتسجيل بيانات المريض على الشبكة الإلكترونية للمجالس الطبية المتخصصة، مع تضمين صورة البطاقة الشخصية، تقرير اللجنة الثلاثية، بالإضافة إلى التقارير والفحوصات الطبية الحديثة، وذلك دون تحميل المريض أي مشقة، موضحاً أن الموافقة على طلب العلاج على نفقة الدولة تتم إلكترونيًا من المركز الرئيسي للمجالس الطبية المتخصصة، وبعد ذلك، يتم إصدار القرار وإخطار المريض عبر رسالة نصية على هاتفه المحمول ليتمكن من التوجه إلى المستشفى لتلقي الخدمة العلاجية المقررة،ويشترط للحصول على العلاج على نفقة الدولة أن لا يكون المريض من المنتفعين بمنظومة التأمين الصحي.
 
بالتوازى مع ذلك أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بأهمية العمل على تعظيم الاستفادة من مشروع تطوير صيدليات الإسعاف، وتأمين وتوفير احتياجات المواطنين من الأدوية والمستلزمات الطبية، من خلال وجود شبكة واسعة الانتشار لهذه الصيدليات؛ لإتاحة وسد احتياجات المواطنين من الأدوية في حالة ظهور أي أزمة أو نقص.
وأشار مدبولي إلى الدور المهم لصيدليات وزارة الصحة، وكذا الصيدليات التابعة للمستشفيات الجامعية في التعامل مع أي أزمة أو مشكلة تخص أي نقص في الأدوية المطلوبة للمواطنين، موضحاً اهتمام الدولة بصناعة الدواء، والحرص على المتابعة المستمرة لمختلف إجراءات وخطط توطين هذه الصناعة المهمة، إلى جانب بذل مختلف الجهود لتوفير المواد الخام اللازمة للنهوض بصناعة الدواء في مصر، وإتاحة مخزون آمن من هذه المواد بصورة مستمرة، بما يمكن من تفادي حدوث أي أزمات أو نقص في كميات واصناف الأدوية المطلوبة للمواطنين.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق