ترامب يحكم العالم في 2025.. ارتباك غربى من سياسات الرئيس الأمريكي العائد إلى البيت الأبيض.. وخطوات متسارعة لتثبيت الأوضاع قبل 20 يناير

السبت، 04 يناير 2025 04:36 م
 ترامب يحكم العالم في 2025.. ارتباك غربى من سياسات الرئيس الأمريكي العائد إلى البيت الأبيض.. وخطوات متسارعة لتثبيت الأوضاع قبل 20 يناير
يوسف أيوب

 
تعهد دونالد بوقف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا تثير مخاوف أوربا من طريقة واشنطن في معالجة القضايا الدولية
 
 
بكل تأكيد سيكون دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي المنتخب الذى سيدخل البيت الأبيض للمرة الثانية رئيساً في العشرين من يناير الجارى، سيكون هو نجم السياسة الدولية في 2025 وما بعدها، لما لا وقد كان مجرد الإعلان عن فوزه في نوفمبر الماضى، بداية انقلاب في السياسة الدولية، فالخطط تغيرت، والأفكار تبدلت، والحديث في العالم كله بات مقرونا باسم ترامب، وما يمكن أن يحدثه بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
 
وساعد على ذلك أن ترامب نفسه، دخل على الخط، وقال "سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا وسأمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة"، وكـأنه يملك العصا السحرية، مستكملاً أحاديثه السابقة حينما قال "إن أحداث 7 أكتوبر 2023 وحرب أوكرانيا لم تكن لتحدث لو أني كنت رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية".
 
قبل أيام قال ترامب في كلمة ألقاها خلال تجمع في فينيكس بولاية أريزونا إن الولايات المتحدة ستتوقف عن الدخول في الحروب الخارجية التي دخلتها، وأنه سيوجه الجيش لإنشاء منظومة القبة الحديدية لحماية سماء الولايات المتحدة، وسيعمل على إقاف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا، وكذلك منع اندلاع الحرب العالمية الثالثة، مقترحاً عقد اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت مبكر من إدارته سعيا لإنهاء الحرب بين موسكو وكييف، مؤكداً "أن إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا هو أحد الأشياء التي أريد القيام بها بسرعة، وإن الإجتماع مع بوتين قد يأتي في وقت مبكر من ولايتي".
 
ما قاله ترامب بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية، وأيضاً الوضع في الشرق الأوسط، جعله محور الأحاديث الدولية، وزاد على ذلك كما قاله أيضاً خلال الأسابيع الماضية، حول رغبته في ضم كندا كولاية أمريكية، او المطالبة بـ "إعادة قناة بنما للولايات المتحدة الأمريكية بشكل كامل وبدون أي أسئلة"، وقوله إنه "من غير المقبول فرض رسوم عالية على البحرية الأمريكية والسفن الأمريكية عند مرورها في هذه القناة، إننا نتعرض للسرقة في قناة بنما، وتأمينها أمر مهم للتجارة الأمريكية"، وأقتراحه أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على قناة بنما، واصفا إياها بأنها "أصل وطني حيوي"، داعيا بنما إلى إعادة القناة إذا تم انتهاك "المبادئ الأخلاقية والقانونية" للولايات المتحدة التي تسمح لبنما بتشغيل القناة.
 
وتعد هذه ثاني مرة يطرح فيها ترامب هذا الإقتراح، حيث تحدث عن الأمر نفسه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بحجة أن الولايات المتحدة لديها "مصلحة خاصة" في تشغيل القناة دون أن تفرض بنما "أسعارًا باهظة ومعدلات مرور" على السفن التي تديرها شركات وأفراد عسكريون أمريكيون، وقال ترامب "لقد تم التعامل مع بحريتنا وتجارتنا بطريقة غير عادلة وغير حكيمة للغاية ، الرسوم التي تفرضها بنما سخيفة وغير عادلة للغاية، خاصة مع العلم بالكرم الاستثنائي الذي مُنح لبنما من قبل الولايات المتحدة، سيتوقف هذا الإحتيال الكامل لبلدنا على الفور".
 
وأيضاً إعلانه أن الولايات المتحدة ستبدأ أكبر عملية ترحيل في تاريخها، وأنه أبلغ المسؤولين في المكسيك أن ما يجري على الحدود الأمريكية غير مقبول.
كل هذه الأحاديث أثارت موجه من القلق العالمى تجاه الرئيس الأمريكي العائد إلى البيت الأبيض، فللمرة الأولى يثير ساكن البيت الأبيض هذا الجدل العالمى حتى قبل وصوله رسمياً، متجاوزاً حتى الجدل الذى أثاره خلال فترته الرئاسية الأولى، ويعتقد الكثيرون أن ترامب في ولايته الثانية، وبفضل ما يتمتع به من سيطرة على كافة المؤسسات الأمريكية بأغلبية جمهورية مريحة في الكونجرس "مجلسى النواب والشيوخ"، بما يمنحه حرية ومرونة حركة كان يفتقدها في الفترة الرئاسية الأولى، بالإضافة إلى تعمده هذه المرة أختيار شخصيات شديدة الواء له في إدارته الجديدة، ويضاف إلى ذلك النظرة الأمريكية والعالمية أيضاً للفترة الثانية لاى رئيس امريكى، فهى فترة يكون الرئيس متحلل من أية قيود انتخابية، بما يجعله أكثر حرية في قراراته ومواقفه.
 
كل هذه الأمور أثارت قلق العواصم الغربية، التي تنظر لترامب على أنه مصدر قلق وتوتر لها، خاصة بالنظر إلى موقفه للأزمة الروسية الأوكرانية، ودور حلف شمال الأطلنطى "الناتو" واتفاقية المناخ وغيرها، التي يريد ترامب أن يتحلل منها تدريجياً، وأن يدفع الدول الأخرى لتحمل مسئوليتها مباشرة، او أن تدفع لواشنطن مقابل الحماية العسكرية، لان عصر الحماية المجانية قد ولى.
 
القلق الغربى ظهر من خلال تباينات سريعة في دول أوربية، بسقوط سريع للحكومة في فرنسا وتكليف حكومة جديدة، يتوقع الا تستمر طويلاً، وأيضاً تعرض المستشار الألماني أولاف شولتس، لأزمة حزبية دعته إلى إجلاراء انتخابات مبكرة في فبراير المقبل، وهناك دولاً أخرى مرشحة للدخول على خط التوترات انتظارا لوصول ترامب.
 
حتى الشرق الأوسط، شهد الأسابيع الماضية تحركات سريعة، مربوطة برغبة أطراف أقليمية في تثبيت مواقف معينة قبيل استلام ترامب الحكم رسمياً، وأبرز هذه التحركات، السقوط السريع لنظام بشار الأسد في سوريا، وما سبقه من تغيرات جيوسياسية في المنطقة، والمرتبط بأحداث غزة والجنوب اللبناني، والتحركات الإيرانية لإيجاد مخرج لها من ازماتها السياسية العميقة، ومساعيها مع اطراف دولية وإقليمية لأيجاد صيغة ملائمة لبرنامجها النووي، حتى لا تصطدم بترامب.
 
كل هذه الأمور والتحركات والتحولات، تشير إلى أن ترامب سيكون هو رجل العالم في 2025 وربما ما بعدها، خاصة أن الخوف منه ومن سياساتها يتصاعد، وهناك الكثير من التحليلات التي تحاول التنقيب عن توجهاته المستقبلية، لكنها حتى الأن لم تنجح في مسعاها، وهو ما يزيد الغموض ومعه القلق والتوتر، فأروبا لا تعلم حتى الأن موقفه من الناتو واتفاقية المناخ والنووى الإيراني، وقبل كل هذا الوضع في أوكرانيا، لذلك نجد إدارة جو بايدن تسارع الخطى لنقل السلاح والمال لأوكرانيا قبل نهاية فترتها، وقبل وصول ترامب رسمياً، لانهم لا يدركون ما سيفعل.
 
حتى الصين، التي لا تزال ترتب مواقفها، فأنها على ما يبدو في حيرة من أمرها تجاه ترامب، فهو يريد العودة إلى سياسة الإجراءات الحمائية ضد الممنتجات الصينية، لكنه قبل أيام أعرب ترامب عن انفتاحه على السماح بإعادة تشغيل تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى شعبيته الشخصية على التطبيق، وجاء هذا الموقف بعد أن وافقت المحكمة العليا على الإستماع إلى قضية ستقرر ما إذا كانت ستؤيد حظر التطبيق.
 
وأشاد ترامب بشعبيته على التطبيق، حيث انضمت حملته إلي (تيك توك) خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية، موضحا أن المشاهدات على حسابات حملته على التطبيق ساعدت في تحقيق مكاسب انتخابية بين فئة الناخبين الشباب، وقال ترامب "لقد فزنا بفارق 36 نقطة مع الشباب، لذا سيتعين علي أن أبدأ في التفكير في تيك توك، لقد استخدمنا تيك توك، وكان لدينا استجابة رائعة بمليارات المشاهدات، رأيت مخططًا، وكان رقمًا قياسيًا، وكان من الجميل جدًا رؤيته".
هذا الموقف الترامبى تجاه تيك توك، يبدو أن أصاب الصينيين بربكة شديدة، هل العائد إلى البيت الأبيض سيعود إلى سياسة المناكفة مع بكين كما كان الحال في فترته الرئاسية الأولى، ام سينتهج سياسة جديدة تقوم على الحوار، وتحقيق المصالح المتبادلة، والاستفادة قدر الإمكان من القدرات الصينية في بعض المجالات خاصة التكنولوجية. هذا السؤال يتردد كثيراً في العقلية الصينية، ويحاولون البحث عن إجابة سريعة، تمكنهم من فهم ترامب خلال الأربع سنوات المقبلة، وتحدد لهم الطريقة التي سيتعاملون معه بها.
 
الشاهد أن عودة ترامب أحدثت ولا تزال تحدث أضطراباً في السياسة الدولية، والجميع الأن بعدما خرجوا من صدمة عودة ترامب، أصبحوا منهمكين في البحث داخل عقل ترامب وأعضاء إدارته الجديدة، علهم يعرفون فيما يفكر، وكيف سيتعامل خلال الأربع سنوات المقبلة، وهل سيكون القرار الأمريكي بيده هو فقط كما كان قبل أربع سنوات، أم سيتحاور مع الحلفاء والأصدقاء قبل أي قرار أستراتيجى، وبالتالي يقلل من مخاوفهم، ويجعلهم مطمئنين إلى أن السياسة الأمريكية ستواصل مسيرتها في دعم الأصدقاء والحلفاء.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق