مشروع قانون الإجراءات الجنائية.. تحقيق العدالة الناجزة
السبت، 04 يناير 2025 04:22 مسامى سعيد
رئيس مجلس النواب: المشروع متكامل بجميع مواده.. والمجلس يستمع برحابة لكل المقترحات
الموافقة على ضمانات دخول وتفتيش المنازل وتفتيش الأشخاص وحماية حقوق المتهم حال القبض عليه
واصل مجلس النواب عبر جلساته العامة، الأسبوع الماضى، في مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، بشكله الجديد، بمناقشة 61 مادة، على مدار جلسات الأسبوع المنصرم، بعدما شهدت اللجان النوعية في المجلس نقاشا موسعا وحوارا شارك فيه المعنيين بالقانون "قضاة ومحامين وحقوقين وسياسيين وحزبيين وخبراء"، في وقت أكد فيه المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، على وجوب قراءة مشروع القانون كوحدة واحدة، فهو قانون متكامل بجميع مواده تكمل بعضها البعض.
وأشار الجبالى إلى أن هناك تعديلات مقدمة من النواب تخلط بين سلطة النيابة العامة في الاستجواب والاتهام، مشيراً إلي أن سلطة مأمور الضبط القضائي مجرد جمع الاستدلالات أي يستمع لأقوال المتهمين، وأرجو عدم الخلط، وقراءة مشروع القانون كوحدة واحدة، وبالمقارنة بالنصوص الدستورية، ولا أريد أن أذهب لأبعد مدي، بأن تكون قراءته مقارنة بأحكام القضاء لاسيما المحكمة الدستورية، مشدداً علي ضرورة التزام النواب بطريقة المناقشات التي سبق تحديدها طبقا للائحة الداخلية وما هو متبع، لإنجاز مشروع القانون في وقت مناسب وبالدقة المناسبة وسعة الصدر المناسبة، مطالبا إياهم ذكر التعديل أولا ثم الحصول علي الوقت الكافي في شرح مبرراته وأسبابه.
كما وجه المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، الشكر لاهتمام الحكومة ووزير العدل وأعضاء اللجنة الفرعية، التى أعدت مشروع قانون الإجراءات الجنائية على حرصهم حضور مناقشات مشروع القانون، وقال إن "هذا جهد عظيم وأشكر المعارضة أيضا على مقترحاتهم سواء تمت الموافقة عليها أو تم رفضها فكلنا واحد وكلنا وطنيون وكلنا نشارك فى قانون مهم للحقوق والحريات".
ويستهدف القانون تحسين النظام القضائي وتوفير حماية أفضل للمتهمين والمدعى عليهم، بجانب تعزيز حقوق الدفاع وتوفير إجراءات أكثر فعالية للتحقيق والمحاكمة، بجانب حقوق المدعى عليهم، وتأتي هذه التعديلات بهدف تسريع عمليات الإجراءات الجنائية وضمان العدالة الناجزة في ظل التغيرات الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية التي شهدها المجتمع.
وأقر مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، ضمانات بشأن دخول وتفتيش المنازل وتفتيش الأشخاص، وضمانات لحماية حقوق المتهم حال القبض عليه، والتي وردت في المواد من 31 حتى 61 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، والتي تحظر القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، إلا بأمر قضائي مسبب، وأوجبت على مأمور الضبط القضائي بإبلاغ المتهم بسبب التهم المنسوبة إليه، وأن يحيطه بحقوقه كتابة، ويمكنه الاتصال بذويه وبمحاميه.
كما أقر مجلس النواب، المادة (32) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، والتي تنظم حالات التلبس بالجريمة، والتي تقضي بأن تكون الجريمة مُتلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة، وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك.
ووافق مجلس النواب على المادة (33) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، والتي تنظم انتقال مأمور الضبط القضائي والنيابة العامة إلي محل الواقعة في حالة التلبس بجناية أو جنحة، وتقضي، بأنه يجب على مأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة أن ينتقل فوراً إلى محل الواقعة، ويعاين الآثار المادية للجريمة، ويحافظ عليها، ويثبت حالة الأماكن والأشخاص، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، ويسمع أقوال من كان حاضراً، أو من يمكن الحصول منه على إيضاحات فى شأن الواقعة ومرتكبها، و"يجب عليه أن يُخطر النيابة العامة فوراً بانتقاله وعليها بمجرد إخطارها بجناية متلبس بها الانتقال فوراً إلى محل الواقعة متى اقتضى الأمر ذلك"، كما وافق المجلس على حق مأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بالجرائم، منع الحاضرين من مغادرة محل الواقعة، حتي يتم تحرير المحضر.
وتقضي المادة 34 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية حسبما انتهى مجلس النواب، بأن يجوز لمأمور الضبط القضائي عند انتقاله في حالة التلبس بالجرائم أن يمنع الحاضرين من مبارحة محل الواقعة أو الابتعاد عنه حتى يتم تحرير المحضر، وله أن يستدعي في الحال من يمكن الحصول منه على إيضاحات في شأن الواقعة.
ووافق المجلس على المادة (35) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، والتي تقضي بحق النيابة العامة في إصدار أمر جنائي بتغريم مخالف أمر مأمور الضبط القضائي بمنع الحاضرين من مبارحة محل الواقعة في حالة التلبس أو عدم المثول لاستدعاء شخص يمكن الحصول منه علي إيضاحات، كما وافق على المادة (36) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية والتي نصت على أنه فيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق.
وكل من يُقبض عليه أو يُحبس أو تقيد حريته، تجب معاملته بما يحفظ عليه کرامته، ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً. وللمتهم حق الصمت، وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يُهدر ولا يعول عليه
كما شهدت الجلسة العامة موافقة المجلس على حرمة المنازل، وعدم جواز دخولها ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها، إلا بأمر قضائي مسبب يحدد المكان والتوقيت، والغرض منه، وتقضي المادة (45)، بأنه للمنازل حرمة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها، إلا بأمر قضائي مسبب يحدد المكان والتوقيت، والغرض منه، ويجب تنبيه من في المنزل عند دخوله أو تفتيشه، واطلاعه على الأمر الصادر في هذا الشأن، وذلك كله على النحو المبين في القانون، وأيضا، منح رجال السلطة العامة دخول المنازل وغيرها من المحال المسكونة في حالات الخطر والاستغاثة، حيث تقضي المادة 47 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، بأنه استثناءً من حكم المادة 46 من هذا القانون لرجال السلطة العامة دخول المنازل وغيرها من المحال المسكونة في حالات الخطر أو الاستغاثة.
وخلال مناقشة القانون حضر عدد من الخبراء والمختصين بمجلس النواب من بينهم وزير الشئون النيابية والقانونية، ووزير العدل، ونقيب المحامين، وأمين عام نقابة المحامين، وممثلين عن مجلس الشيوخ، مجلس القضاء الأعلى، هيئة مستشاري مجلس الوزراء، وزارة الداخلية، المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأساتذة القانون.
وتأتي هذه المناقشات استكمالا لسلسلة من الجلسات سبق عقدها مجلس النواب بحضور عدد من النقابات والأحزاب للاستماع لرؤيتهم حول مشروع القانون، والفعل تم الاستجابة لبعض المقترحات لعل أبرزها مقترحات نقابة الصحفيين والمحاميين، بجانب التوصيات التي تقدم بها مجلس أمناء الحوار الوطني، خاصة فيما يتعلق بملف الحبس الاحتياطي ومدته، وبدائله، والموقف في حال تعدد الجرائم وتعاصرها، والتعويض عن الحبس الخاطئ، وكذلك التدابير المصاحبة له.
وأشاد عدد من الأحزاب والنواب بمشروع القانون، معتبرين أنه يمثل نقلة نوعية في تحقيق العدالة الناجزة وتعزيز حقوق الإنسان، وأشاروا إلى أن التعديلات تهدف إلى تحديث الإجراءات المتبعة أمام المحاكم بما يتماشى مع التطورات الحديثة.
ويهدف مشروع قانون الإجراءات الجنائية، إلى تحقيق فلسفة جديدة تتسق مع دستور 2014، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ويتلافى العديد من الملاحظات والتوصيات الصادرة عن بعض الأجهزة التابعة للمنظمات الدولية الرسمية، وبما يتواكب مع التطور التكنولوجي، ويضع تنظيم متكامل ومنضبط لحالات التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي وتنظيم متكامل لنظم الإعلان، بما يواكب تطور الدولة نحو التحول الرقمي بجانب الإعلان التقليدي، وإنشاء مركز للإعلانات الهاتفية بدائرة كل محكمة جزئية يتبع وزارة العدل، ومتصل بقطاع الأحوال المدنية لإرسال الإعلانات الهاتفية والإلكترونية، مما يحقق طفرة في نظام الإعلان القضائي في مصر.
وخلال النقاش، أرجأ مجلس النواب الموافقة على المادة (39) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية لدراسة اقتراح المستشار عدنان الفنجرى، وزير العدل الذي طالب بأن يكون فى الفقرة الأخيرة النص على: إذا لم يكن المتهم حاضراً في الأحوال المبينة في المادة 38 من هذا القانون جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره، ويثبت ذلك في المحضر. وفي غير الأحوال المبينة في المادة 38 المشار إليها إذا وجدت قرائن كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعدٍ شديد ومقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وأن يطلب فوراً من النيابة العامة أن تصدر أمراً بالقبض عليه. وفي جميع الأحوال تنفذ أوامر الضبط والإحضار والإجراءات التحفظية بواسطة أحد معاوني التنفيذ أو بواسطة رجال السلطة العامة.
واقترح وزير العدل تعديل فى الفقرة الأخيرة من المادة بإضافة كلمة يجوز قبل تنفيذ، بحيث تكون الفقرة نصها: يجوز تنفيذ أوامر الضبط والإجراءات التحفظية بواسطة أحد معاوني التنفيذ او بواسطة رجال السلطة.
وطالب النائب إيهاب الطماوى رئيس اللجنة الفرعية بتأجيل المادة لدراسة الاقتراح والرد عليه، وهو ما وافق عليه المجلس، وشهدت المادة قبل إرجاء الموافقة عليها اقتراح النائبة أميرة ابو شقة، بحذف كلمة الشديد الواردة بعد التعدي,
وقال وزير العدل إن هذه المادة تحمل استثناء من القاعدة العامة التى تنص على أنه لا يجوز القبض على شخص إلا بأمر قضائي مسبب، موضحاً أن الاستثناء فى القانون هو أنه يجوز لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم في حالة التلبس والاستثناء الآخر هو الوارد في الفقرة الثانية وهى أن تكون الواقعة جناية مقاومة السلطات المنصوص عليها فى المادة 137 مكرر، وفى الجنح التى تثير الرأي العام كالسرقة والنصب ومقاومة مأموري الضبط القضائى وأن يكون الجريمة لها طابع الشدة والجسامة ومقاومة لمأمورى الضبط والسلطة العامة والتعدي الشديد هو لمصلحة المتهم.
الدكتور طارق خضر، أستاذ القانون الدستوري بأكاديمية الشرطة، أكد أن أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية شهد المشاورة والحوار بغزارة علمية شديدة من مختلف الفئات من المحامين والخبراء، وأساتذة القانون الجنائي وتم وضع الأمور في نصابها الصحيح، مشيرا إلى أنه من أبرز إيجابيات مشروع القانون الجديد، والتي يقوم بتدريسها حاليا لطلبة كلية الشرطة تخفيض مدد الحبس الاحتياطي والتعويض عن الضرر أدبيا او ماديا، حيث أنه طالب المشرع بالتعويض المادي إذا ما تم حبس الشخص احتياطيا ثم قضى بالبراءة أو صدر أمر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى، لافتاً إلى أن مشروع القانون جاء مكتملا ويوضع الثراء في الأفكار، وأن تلك المناقشات والحوارات أثبتت جدواها في مناقشات العديد من القوانين وأن تلك الممارسات توضح الديمقراطية، لافتا أنه يتوقع أن تؤتى تلك الممارسة والثراء السياسي ثمارها، بحيث يكون لدينا قبل انقضاء دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب قانون إجراءات جنائية مكتمل، وعلى قدر يليق بمكانة مصر ودستورها.
وأكد النائب إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية تحمل الكثير من الضمانات والحريات لأطراف الدعوة الجنائية سواء متهم أو مجني عليه، موضحا أن ما تم مناقشته هى المواد الأولى للقانون والأمور الخاصة بالقبض والتفتيش في أحوال التلبس، كما لفت إلى أن مشروع القانون أعطى ضمانة جديدة لم تكن موجودة من قبل وهي في أحوال القبض على المتهم أنه لا بد للضابط أو مأمور الضبط القضائي أن يسمح للمتهم الاتصال بذويه و بمحاميه ولابد أن يحدث الاتصال فور القبض عليه، مؤكدا أن هذا أمر جديد لم يكن موجود من قبل.
وأضاف رمزى: حديثت بعض التعديلات فيما يخص مأمور الضبط القضائي وتعريفاته بما يتفق مع قانون الشرطة وحدثت تعريفات وإعادة مسميات، ومن قال هناك زيادة في توسع صلاحيات لمأمور الضبط القضائي هذا غير صحيح ولم يعطي سلطة جديدة وهي نفس السلطات السابقة في القانون القديم"، لافتا إلى أن مواد الحبس الاحتياطي لم تناقش بعد ستناقش في الجلسات القادمة.