كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم
الإثنين، 30 ديسمبر 2024 06:10 م
في رحلة الحياة تراودنا تساؤلات دائمة تبدأ بلماذ!.. لماذا لا تسير الأمور كما نريد؟.. لماذا تأتي الرياح بما لا تشتهي سفننا؟.. لماذا قابلنا هؤلاء الأشرار؟.. لماذا يعطي البعض أنفسهم الحق في أذيتنا أو التدخل في شؤوننا الخاصة؟.. والكثير من التساؤلات التي قد لا نجد لها إجابة، لكن الحقيقة التي يجب أن ندركها هي أننا وإن كنا لا نملك تغيير القدر والناس والأيام إلا أننا نملك البدء بأنفسنا، فالتغيير الحقيقي يبدأ من داخلنا، وإذا أردنا أن تتحسن الأيام فعلينا أولاً أن نحسن من أنفسنا، فقد قال تعالى: "إن الله لا يغير ما بنفس حتى يغيروا ما بأنفسهم".
وكما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لا تنتظر من الأيام أن تكون أفضل، بل اجعل نفسك أفضل فتأتيك الأيام بما يليق بك"، فالحياة تعطي بقدر ما نقدم لها.
وها هو عام ينقضي وعام جديد على الأبواب يتمنى فيه الجميع تبدل أحوالهم للأفضل ويطلبون من الأيام أن تكون أجمل مما مضى، وينشر البعض تجاربهم السلبية وبخاصة الاجتماعية في العام المنصرم وما لاقوه من جحود البعض وأذاهم وما إلى ذلك، مع دعوات بأن يبعد عنهم الله الظالمين وذوي النفوس المريض.
بالطبع نأمل جميعا في مستقبل أجمل وأيام أسهل وهو أمر قد نتصور أننا لا نملك فيه سوى الأماني والدعاء، إلا أننا يمكننا بالفعل أن نُحلي الأيام ونجعلها أكثر سهولة على أنفسنا وعلى الآخرين فقط إن بدأنا الارتقاء بدواخلنا وتنقية قلوبنا، وتعديل سلوكنا في معاملة الآخرين.
نحتاج جميعنا إلى أن نتغير ونبدأ في تقبل الآخر واختلافاته، وأن نضع المعذرة للمُقَصِر وأن نرحم الضعيف ونساعد المحتاج، نحن في أشد الحاجة لنشر الأمل بين الناس وتضميد جراح المتألمين والمرضى والفاقدين.
ومن أسهل الطرق التي يمكن أن نبدأ بها هي الكلمات الطيبة، فالكلمة ليست مجرد صوت عابر، بل هي قوة قادرة على تغيير النفوس وتهدئة القلوب، وإلا ما وصانا بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأكد لنا قوة منزلتها باعتبارها صدقة، فاللطف في الحديث يمكن أن يكون بذرة الخير التي تزرع السلام في قلوب الآخرين، ورُب كلمة طيبة منك تنساها أنت قد تبقى عالقة في نفس أحدهم تمنحه الثقة والراحة لآخر يوم في عمره.
والحال نفسه بالنسبة للابتسامة، فقد يستصغر البعض أثر ابتسامته في وجه القريب والغريب جهلا منه بأن مفعولها في بعض الأحيان يشبه السحر.
وقد يعتبر البعض سؤالهم ومؤازرتهم للآخر في محنته أمراً هيناً وإنه لو تعلمون عظيم، فقد يكفي البعض الشعور بأن هناك من يهتم ويشعر بهم ويرأف بحالهم، فكم من وحيد خرج من عزلته بفضل أصدقاءه، وكم من مريض انتصر على مرضه بمساندة من حوله، وكم من فاشل بدأ رحلة نجاحه بفضل كلمة تشجيع.
قد لا يعلم البعض أن كلماتهم الطيبة فقط غيرت مسار إنسان وحياته وأفكاره للأفضل، وأيقظت غافل وأحيت أمل، وقد يشعر البعض أن المساعدة التي يستطيعون تقديمها لن تجدي نفعا مع أنها قد تكون طوق النجاة وباب الفرج لأحدهم.
نحن في رحلة الحياة مجرد ضيوف عابرون، لن نترك سوى الأثر ولن نحمل معنا سوى نتاج أفعالنا، فهنيئا لم يملك القلوب ويدخلها دون استئذان، ومفتاح القلوب يكمن في حسن المعاملة والخلق الكريم واللين والذوق ونظافة القلب وحب الخير لكل خلق الله إنسان كان أو حيوان، والقلوب بطبيعتها تميل إلى من يعاملها بلطف واحترام، فالكلمة الطيبة والسلوك الحسن لهما قدرة عظيمة على كسب النفوس وجعلها أكثر قربًا وحبًا، إن حسن المعاملة والخلق الرفيع من أعظم الفضائل التي تدل على رقي الإنسان وأخلاقه، وهما السبيل الأنجح لبناء علاقات قوية ودائمة مع الآخرين.
فإذا كنا نتمنى مستقبلاً أفضل وأياماً أجمل وأناساً أطيب فلنبدأ بأنفسنا قبل أن نتوقع ذلك من الآخرين، ولنعمل بمقولة المهاتما غاندي: "كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم".
ولنتذكر حكمة كونفوشيوس: "إذا أردت أن تسير حياتك في الاتجاه الصحيح، ابدأ بتصحيح خطواتك أنت" .
اللهم اجعل العام الجديد 2025 عام التغيير للأفضل على جميع المستويات الخاصة والعامة.