إقليم مشتعل يتجه إلى حرب مفتوحة
السبت، 28 ديسمبر 2024 03:46 ممحمد الشرقاوي
ضبابية المشهد ينذر بتوسع مخاطر الصراع في المنطقة وتأثيره على دول الشرق الأوسط
مفهوم الدولة الوطنية الوحيد القادر على مواجهة المخاطر والتحديات وتمدد الجماعات الإرهابية
العالم في انتظار شكل سوريا "ما بعد بشار" واتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتهدئة للصراعات المسلحة في ليبيا والسودان واليمن
يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا إقليميًا غير مسبوق، حيث تتشابك الأزمات في مسارات معقدة تعكس حالة من الاحتقان السياسي والصراع العسكري المتصاعد.
وتتمثل أبرز ملامح هذا التصعيد في استمرار الحرب في قطاع غزة، وتوسيع رقعة الصراع لتشمل اليمن بعد استهداف إسرائيل لميناء الحديدة، وتفاقم الوضع في لبنان نتيجة الضغوط الاقتصادية والسياسية، فضلًا عن التوترات المستمرة في سوريا، حيث تمثل هذه التفاعلات تمثل تحديًا كبيرًا للاستقرار الإقليمي، وتطرح تساؤلات حول مخاطر اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
وبدأ التصعيد في المنطقة أواخر أكتوبر من العام 2023، واستمر على مدار العام المنقضي، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي استمر لفترة طويلة وأدى إلى سقوط آلاف الضحايا المدنيين، ما أثار ردود فعل غاضبة من الأطراف الإقليمية والدولية.
ومع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية الحيوية في غزة، ردت الفصائل الفلسطينية بهجمات صاروخية استهدفت مدنًا إسرائيلية رئيسية، ما زاد من حدة الصراع، حيث هذا الوضع دفع العديد من القوى الإقليمية، مثل مصر والأردن، إلى التحذير من تداعيات استمرار العدوان وتأثيراته على الاستقرار في المنطقة.
وفي اليمن، اتسع نطاق التصعيد ليشمل البحر الأحمر بعد الهجمات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، التي جاءت كرد فعل على ضربات الحوثيين ضد أهداف إسرائيلية، بما في ذلك تل أبيب وميناء إيلات، وهو ما يعكس ارتباط الصراعات المحلية بالأزمات الإقليمية، ويشير إلى احتمال جر المنطقة إلى نزاعات أكثر تعقيدًا تشمل دولًا وجهات متعددة.
بينما لبنان، تواجه أزمة مزدوجة، حيث تعاني البلاد من انهيار اقتصادي غير مسبوق وتوتر سياسي داخلي حاد، في ظل وجود جماعات مسلحة قوية مثل حزب الله، الذي يُنظر إليه كفاعل رئيسي في أي تصعيد إقليمي مستقبلي، يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الضغوط الإسرائيلية على لبنان مع تصاعد حدة التصريحات والتحركات العسكرية على الحدود.
أما في سوريا، فإن استمرار الصراع وتداخل المصالح الإقليمية والدولية يزيد من تعقيد المشهد، مع وجود قوى كبرى متنافسة، وبالتالي تحولت مركزًا للتوتر الإقليمي وصراع النفوذ.
وتتسم الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط بتشابك غير مسبوق بين القضايا الإقليمية، حيث يشير التصعيد المتسارع إلى احتمال اندلاع حرب مفتوحة تشمل عدة جبهات، ما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا للحد من التوترات وتجنب كارثة إقليمية قد تمتد آثارها إلى العالم بأسره، وهو ما حذر منه الرئيس عبدالفتاح السيسي.
يقول الدكتور عبدالمنعم السعيد، عضو مجلس الشيوخ المصري والمفكر الاستراتيجي، في مقالة نشره مؤخراً إن الشرق الأوسط يُشكل وحدة استراتيجية متكاملة، إذا ما اشتكى فيه عضو تداعى له كل الأعضاء بالسهر والحمى.
سوريا ما بعد بشار
يشكل سقوط الدولة السورية منعطفًا خطيرًا في المشهد الإقليمي والدولي، حيث يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ويمكن أن يحدث السقوط عبر سيناريوهات متعددة، منها انهيار النظام المركزي بشكل كامل بسبب الضغط العسكري أو الاقتصادي، أو انحسار سلطة الدولة إلى مناطق محددة مع سيطرة فصائل مسلحة على باقي الأراضي، هذا التفكك سينتج عنه تداعيات كبيرة تتجاوز الحدود السورية لتؤثر على الجوار والإقليم ككل.
أحد أبرز التداعيات هو تصاعد النفوذ الإقليمي للفاعلين غير الدوليين، حيث يخشى العالم من حدوث حالة فراغ أمنية قد تستغله جماعات متطرفة مثل تنظيم "داعش" الذي يمكن أن يعاود الظهور بقوة، مستغلًا الفوضى الأمنية والسياسية، في الوقت الذي تتزايد فيه سيطرة بعض الفصائل المسلحة المدعومة إقليميًا أو دوليًا، ما يزيد من حدة الانقسامات الداخلية ويفتح الباب أمام صراعات جديدة على النفوذ.
وتواجه سوريا وضعًا إقليميًا معقدًا ومتشابكًا يمثل تحديًا متعدد الأبعاد يستدعي معالجة شاملة على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. مع استمرار غياب الاستقرار، يتفاقم الفراغ القيادي الذي خلفه انهيار الدولة، مما يمهد الطريق لصعود نفوذ الميليشيات والجماعات المسلحة المحلية والإقليمية. هذه القوى، التي برزت خلال سنوات الحرب، تسعى إلى فرض سيطرتها على الأراضي السورية، مما يهدد بتفاقم الخلافات بين الفصائل المسلحة ويعقد جهود بناء دولة موحدة.
ويتسم المشهد السياسي بتوترات عميقة بين مختلف الفصائل، مثل هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري، اللذين يختلفان في الأيديولوجيات والرؤى السياسية، حيث تسعى الأولى إلى فرض مشروع إسلامي متشدد، في حين يروج الجيش الوطني السوري لفكرة قومية معتدلة، في الوقت ذاته، يبرز الأكراد، ممثلين بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، كلاعب رئيسي يسعى لتحقيق حكم ذاتي أو كيان فيدرالي، ما يضيف طبقة جديدة من التعقيد للصراع الداخلي.
وعلى الصعيد السياسي، تتطلع البلاد إلى مرحلة انتقالية تشمل تنظيم انتخابات حرة وإعداد دستور جديد يضمن تمثيلًا عادلًا لجميع الأطياف، ومع ذلك، تعترض هذه المرحلة عقبات عديدة، من بينها رفض المجتمع الدولي الاعتراف بشرعية بعض الفصائل مثل هيئة تحرير الشام، والتي تصنف كمنظمة إرهابية، ويتطلب ذلك وضع إطار قانوني جديد يضمن العدالة والمشاركة السياسية لجميع المكونات، بما فيها العرقيات والطوائف المهمشة.
واستطرد عليبة، في مقالة نشرها مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، تمثل عودة اللاجئين تحديًا بارزًا، حيث يحتاج اللاجئون إلى ضمانات أمنية واقتصادية للعودة إلى ديارهم، في ظل دمار شامل للبنية التحتية يجعل من الصعب استئناف الحياة الطبيعية دون توفير دعم مالي كبير لإعادة الإعمار وتوفير فرص العمل.
غزة.. دماء لا تتوقف للعام الثاني
يشهد قطاع غزة تصعيدًا مستمرًا في العدوان الإسرائيلي الذي يطال المدنيين والبنية التحتية الحيوية، مما يزيد من معاناة السكان المحليين، منذ بداية عام 2024، تستمر القوات الإسرائيلية في شن غارات جوية على غزة، مستهدفة مواقع متفرقة تتراوح بين المساكن والمرافق العامة، مما أسفر عن مئات القتلى والجرحى، وتؤدي هذه العمليات إلى تدمير واسع في البنية التحتية، مما يفاقم أزمة المياه والكهرباء ويزيد من صعوبة الحياة اليومية للسكان.
في ظل هذه الأوضاع القاسية، تواصل حركات المقاومة الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس والجهاد الإسلامي، استخدام الأسلحة المتطورة مثل الصواريخ والطائرات المسيرة لمواجهة الهجمات الإسرائيلية، وتواجه هذه الجماعات تهديدات متصاعدة من قبل إسرائيل التي تسعى لتدمير قدراتها العسكرية والبنية التحتية التابعة لها، ومع ذلك، لا يزال هناك تصاعد في الهجمات المتبادلة، مما يعكس استمرار المقاومة رغم التكلفة البشرية والمادية العالية.
ولا يقتصر الصراع في غزة على التداعيات المحلية فقط، بل يمتد ليؤثر في العلاقات الإقليمية والدولية، حيث بدأت بعض الدول العربية في إعادة تقييم مواقفها تجاه إسرائيل في ظل تصاعد العدوان بعض الدول، التي كانت قد أبرمت اتفاقات تطبيع مع إسرائيل، تجد نفسها أمام ضغوط داخلية وخارجية للوقوف مع الفلسطينيين، مما يهدد استقرار بعض الاتفاقات، في الوقت نفسه، تتزايد التوترات في المنطقة بسبب هذا العدوان، مما يعقد الجهود الدولية للتوصل إلى حل طويل الأمد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
يستمر الوضع في غزة في التأثير على الوضع الأمني والإنساني في المنطقة، مع ارتفاع أعداد الضحايا من المدنيين والتدمير المستمر لمرافق البنية التحتية، مما يزيد من تعقيد الوضع الداخلي والخارجي لفلسطين والدول المجاورة.
ملامح جديدة للشرق الأوسط
تقول ورقة بحثية للدكتور محمد عباس ناجي، بعنوان: "فجوة الأدوار: ملامح جديدة للشرق الأوسط بعد حرب غزة الخامسة"، إنه منذ السابع من أكتوبر 2023، تواصل إسرائيل شن حربها في قطاع غزة ولبنان، مما أحدث تأثيرات مباشرة على الوضع في منطقة الشرق الأوسط، سواء من حيث تطور التفاعلات الإقليمية أو من حيث الدور الذي تلعبه القوى الفاعلة في هذه المنطقة.
وأفاد أن هذه الحرب أظهرت عمق الخلل الأمني الذي تعاني منه دول عدة، خاصة بعد عملية "طوفان الأقصى" التي سلطت الضوء على الثغرات الأمنية في تل أبيب، ثم اغتيال بعض قادة "محور المقاومة" مثل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي اغتيل في طهران، والأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي اغتيل في بيروت مع نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، عباس نيلفروشان.
كما تبرز هذه الحرب بشكل واضح دور الميليشيات المسلحة، مثل حركة حماس، حزب الله، ميليشيات الحوثيين في اليمن، ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، وغيرهم من الفصائل المدعومة من إيران في مختلف أنحاء المنطقة، وهو ما يساهم في زيادة التساؤلات حول مصير هذه الميليشيات وآليات التفاعل معها في المستقبل.
وبحسب ناجي، تجدر الإشارة إلى أن الحرب كشفت عن فجوة واضحة في أدوار القوى الدولية في المنطقة، فقبل الحرب، كانت هناك تكهنات عن تراجع دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لصالح قوى منافسة مثل الصين وروسيا، لكن مع مرور الوقت ظهرت المعطيات على الأرض التي تؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال القوة الكبرى التي تؤثر في المنطقة، حيث سارعت إلى تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط، خاصة في البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي، مقدمة الدعم العسكري لإسرائيل في مواجهة حماس وحزب الله والحوثيين والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا.
وفي هذه الأثناء، واجهت روسيا تحديات بسبب انشغالها بالحرب في أوكرانيا، بينما فضلت الصين التركيز على الملفات الفلسطينية والمصالحة بين السعودية وإيران دون التدخل المباشر في الأزمات الأخرى، يضيف ناجي، بحسب مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إنه رغم التصعيد العسكري، لا يزال النمط التهدوي يحتفظ بدوره المهم في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يتضح من تحسن العلاقات بين مصر وتركيا، كما في الزيارتين اللتين قام بهما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى البلدين في فبراير وسبتمبر 2024، وكذلك خطوات جديدة نحو تعزيز التقارب بين السعودية وإيران، مثل زيارة رئيس هيئة الأركان العامة السعودية إلى طهران في نوفمبر 2024، مستطرداً في المجمل، توضح هذه التطورات أن منطقة الشرق الأوسط ماضية نحو استحقاقات استراتيجية كبيرة في 2025، مع وجود ملفات حساسة مثل البرنامج النووي الإيراني، مما يعني أن التنافس بين النزاعات والصراعات من جهة، والتعاون والتفاهمات السياسية من جهة أخرى، سيظل سمة بارزة في التفاعلات الإقليمية المقبلة.
إرهاب نشط في أفريقيا وأوروبا
تواجه دول منطقة الساحل الأفريقي منذ بداية العام الجاري تداعيات خطيرة نتيجة للأنشطة الإرهابية المتزايدة، لا سيما في المنطقة الحدودية بين ثلاث دول حيث تشهد تصاعدًا في الهجمات الإرهابية. تُعتبر هذه المنطقة الأكثر تأثراً بالإرهاب على مستوى العالم وفقًا للتقارير الدولية التي تركز على تأثيرات الصراعات في هذه المنطقة.
أشار متخصصون في الشؤون الأفريقية إلى أن المنطقة شهدت تصاعدًا ملحوظًا في عمليات الإرهاب خلال السنوات الأخيرة، مع زيادة واضحة في الهجمات هذا العام. يعود ذلك إلى الفراغ الأمني والسياسي الذي تعاني منه بعض الدول في هذه المنطقة، ما سمح للتنظيمات الإرهابية بتوسيع نشاطاتها.
وتبين أن هناك عدة عوامل ساهمت في تحول الساحل الأفريقي إلى بؤرة رئيسية للأنشطة الإرهابية، بما في ذلك تكرار الانقلابات العسكرية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان المحليين، ما أسهم في زيادة القبول والنشاط بين الجماعات الإرهابية في المنطقة.
وخلال عام 2024، شهد إقليم غرب أفريقيا في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في معدلات العمليات الإرهابية وضحاياها، حيث كانت معظم هذه التنظيمات قد نشأت في إطار الظروف المحلية ثم أصبحت فروعًا للتنظيمين العالميين "القاعدة" و"داعش".
وتشهد المنطقة تنافسًا محمومًا بين هذه الجماعات على النفوذ المكاني والعسكري، بالإضافة إلى السيطرة على الموارد الطبيعية. هذا الوضع يثير العديد من التساؤلات حول أسباب تحول دول غرب أفريقيا إلى بؤر تمركز ونشاط هذه التنظيمات الإرهابية، وتحوّل سكانها إلى أعضاء محتملين في هذه الجماعات في المستقبل، رغم الجهود المتعددة لمكافحة الإرهاب التي تُبذل على الصعيدين الإقليمي والدولي.
في مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، سجلت خمس دول أفريقية في قائمة الدول العشر الأكثر تعرضًا لخطر الإرهاب في عام 2023، بما في ذلك الصومال وأربعة دول من غرب أفريقيا.
وشهد عام 2024 تطورات ملحوظة في مشهد الإرهاب بفرنسا وبلجيكا، إذ تفاقمت التهديدات من جماعات متطرفة متعددة المصادر، شملت التطرف الإسلاموي، السلفية الجهادية، والإسلام السياسي، إلى جانب صعود موجة جديدة من التطرف اليميني.
وبحسب دراسة حديثة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، جاءت هذه التحديات متزامنة مع سياقات دولية معقدة، أبرزها حرب غزة وحرب لبنان، التي ألقت بظلالها على الأمن القومي والدولي، وأثارت ردود فعل عاطفية واسعة النطاق، خاصة بين المجتمعات المسلمة، بينما تسعى السلطات في فرنسا وبلجيكا لتشديد قوانين مكافحة الإرهاب وتعزيز التدابير الأمنية، تظهر تحديات متزايدة أمام احتواء العمليات الإرهابية، لا سيما تلك المرتبطة بـ"الذئاب المنفردة"، التي يصعب التكهن بتحركاتها.
وتشير الإحصائيات إلى أن فرنسا وبلجيكا تواجهان تحديات متزايدة من التطرف الإسلاموي، وقدر عدد الأفراد الذين يشكلون تهديداً إرهابياً في فرنسا بـ (5,000) شخص تحت المراقبة الفعلية في عام 2024، مع استمرار تصاعد الأنشطة الجهادية، بينما تواجه بلجيكا، ظاهرة مشابهة حيث تم تصنيف أكثر من 100 فرد كمتطرفين ذوي مخاطر عالية من قبل السلطات الأمنية.
كما شهد العام 2024 تصاعداً في التهديدات والتحديات الأمنية في ألمانيا والنمسا، مع زيادة في المخططات الإرهابية في سياق الأزمات الجيوسياسية الراهنة، وذلك بالرغم من الجهود والإجراءات الأمنية الألمانية بقت التهديدات المرتبطة بالجماعات المتطرفة وكذلك الهجمات السيبرانية من أبرز القضايا التي تهدد ألمانيا والنمسا، بينما في النمسا، فإنه على الرغم من الاستقرار النسبي إلا أن تهديدات الإرهاب المتطرف تظل قائمة، لا سيما من الجماعات اليمينية والدينية المتشددة، التي تحاول استغلال الصراعات في الشرق الأوسط وأوروبا.
رؤية استشرافية لـ 2025
ويتوقع أن يشهد الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط في عام 2025 تحولًا ملحوظًا في ظل التوترات المتزايدة والنزاعات المستمرة، مما سيكون له تأثيرات مباشرة على مصر على مختلف الأصعدة، وبالتالي يتعين على مصر مواجهة هذه التحديات المتعددة في سياقها الإقليمي، ما يتطلب تكيفًا استراتيجيًا مرنًا لتأمين مصالحها الوطنية وتعزيز استقرارها.
ومن أبرز الملفات التي تهدد الأمن الإقليمي في 2025، استمرار الصراعات في دول الجوار المباشر مثل ليبيا والسودان، ففي ليبيا، من المتوقع أن تظل حالة الانقسام السياسي والصراع المسلح بين الميليشيات المختلفة، بما يهدد الاستقرار في غرب ليبيا ويعرقل جهود بناء الدولة.
أما في السودان، فيظل الوضع في البلاد هشًا، ومع استمرار تصاعد التوترات الداخلية بين المجموعات العسكرية والسياسية، سيكون لتداعيات هذه الأزمة تأثيرات مباشرة على الأمن المصري، مع تزايد احتمالية انتشار الجماعات المسلحة عبر الحدود.
إقليمياً، سيكون الوضع في قطاع غزة وجنوب لبنان أحد العناصر الرئيسية التي تؤثر على الأمن المصري، في ظل الصراع المستمر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وقد تزداد فرص التصعيد العسكري في المنطقة، مع استمرار فشل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وهو ما سيزيد من حجم التهديدات الأمنية لمصر خاصة على الحدود الشرقية، خاصة في ظل استمرار التهديدات الأمنية القادمة من البحر الأحمر ومضيق باب المندب أيضًا تحديًا رئيسيًا للأمن المصري في 2025، واستمرار الصراعات في اليمن، وزيادة التوترات بين القوى الدولية، وتزايد حالة النشاط العسكري في المنطقة.
وإجمالًا، في عام 2025، سيتعين على مصر تكثيف استعداداتها الأمنية لمواجهة مجموعة من التحديات المترابطة التي تتعلق بالصراعات، بالإضافة إلى التهديدات المرتبطة بالتطرف والإرهاب، لذا فإنه من المؤكد أن تستمر مصر في اعتماد استراتيجية دفاعية نشطة تعتمد على تعزيز الأمن الداخلي، وتطوير قدراتها العسكرية والاستخباراتية، وتحقيق الاستقرار السياسي في المنطقة بما يضمن مصالحها الاستراتيجية في البحر الأحمر وشرق البحر الأبيض المتوسط، كما سيكون لها دور محوري في تحقيق التوازن الإقليمي في مواجهة هذه التحديات.
كما أن مفهوم الدولة الوطنية الذى أطلقته مصر، وتعمل عليه منذ 2014 يظل الوحيد القادر على مواجهة المخاطر وتمدد الجماعات الإرهابية، كونه يستهدف الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، ويمنحها القدرة على مجابهة كل المخاطر والتحديات.