هرمجدون ليست أكذوبة.. فاستعدوا

السبت، 28 ديسمبر 2024 02:57 م
هرمجدون ليست أكذوبة.. فاستعدوا
حمدي عبد الرحيم يكتب:

ما نسمعه أن دولة الاحتلال قاعدة عسكرية متقدمة لأوروبا والأمريكان كلام صحيح لكن الأصح هي أنها تعبير حاد عن رؤية دينية 
 
 
كنت أسمع وأقرأ أ عن معركة" هرمجدون"، ولم أكن أصدق شيئًا مما أسمع أو أقرأ، وذلك لأن القائلين والكاتبين كانوا في معظمهم من أدعياء القوميين والعروبيين، وكانوا للحق يكذبون في معظم كتاباتهم، فلماذا أصدقهم وهو يتناولون أمورًا كانت بالنسبة لي ملغزة.
 
ثم حدث أن يسر الله لي قراءة كتاب "يد الله" لمؤلفته الأمريكية جريس هالس، ومن ترجمة المترجم القدير الأستاذ محمد السماك، وصاحبة الكتاب ليست اسمًا عابرًا فقد كانت قريبة جدًا من دائرة الحكم الأمريكي. كانت كاتبة خطابات ليندون جونسون الرئيس الأمريكي الأسبق، وفي المقدمة العظيمة التي كتبها المترجم ذكر أنه تحرج من الالتزام بترجمة العنوان كما كتبته صاحبته، لأن العنوان على حقيقته كان "إجبار يد الله".
 
لقد وجدت في الكتاب تفاصيل الرؤية الأمريكية والغربية لمعركة هرمجدون، بل وجدت وصفًا تفصيليًا لتدريبات طيارين أمريكان من المتطوعين لقصف المسجد الأقصى.
 
سطور كتاب "يد الله" أكدت أن معركة هرمجدون مكون رئيس من مكونات الثقافة الأوربية والأمريكية، وإليها يرجع كل ما تتخذه تلك الإدارات من قرارات تدعم بها دولة الاحتلال الصهيوني.
 
ثم وقع في يدي كتاب يحمل عنوان "الصهيونيون المسيحيون/ على الطريق إلى هرمجدون" لمؤلفه ستيفن سايزر وهو قس بريطاني مشهور، وقد عوقب على حياده بعزله من الكنيسة التي ينتمي إليها!
 
غلاف الكتاب لا يحمل اسم المترجم ، وهو من منشورات دار الشر الأسقفية بالقاهرة.
 
في مقدمة الكتاب التي كتبها المترجم القدير الأستاذ محمد السماك، ذكر قصة ترجمة الكتاب فقال: إن نشر هذا الكتاب يندرج ضمن الأنشطة التي يقوم بها الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي، الذي عقد اجتماعه الأول في بيروت في العام 1995.
 
الكتاب يضع المزيد من الملح على الجرح الذي سببه كتاب جريس هالس!
 
هرمجدون حقيقة عميقة راسخة، والتغاضي عنها لن يكون أبدًا جزءًا من الحل بل سيكون جالبًا لمشكلات أشد تعقيدًا.
 
في بداية الكتاب سنقرأ ملخصًا لكتاب شائع هو كتاب "كوكب الأرض القديم الرائع" لمؤلفه القس هول ليندسي، الذي يعد من كبار منظري الصهيونية المسيحية. رسم هول في كتابه سناريو معركة هرمجدون التي تعد نهاية الزمن معتمدًا على سلسلة من الأحداث رتبها كما يلي:
1 ـ قيام دولة إسرائيل
2 ـ عودة اليهود من بلاد الشتات إلى أرض الميعاد (فلسطين)
3 ـ إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى.
4 ـ تعرض إسرائيل إلى هجوم كبير من الكفار (من المسلمين وأنصارهم)
5 ـ قيام ديكتاتور يكون أسوأ من هتلر أو ستالين أو ماوتسي تونج يتزعم القوات المهاجمة.
6 ـ خضوع مناطق واسعة من العالم لسيطرة هذا الدكتاتور الذي يعادي اليهود.
7 ـ وقوع معركة هرمجدون النووية التي تتسبب في كارثة بيئية ضخمة.
8 ـ ارتفاع المؤمنين بالولادة الثانية للمسيح وحدهم بالجسد وبمعجزة إلهية فوق أرض المعركة ونجاتهم من الكارثة، بينما تذوب بقية البشر في الحديد المنصهر.
9 ـ حدوث كل ذلك في غفلة عين.
10 ـ نزول المسيح بعد سبعة أيام من الأرض وحوله جميع المؤمنين به.
11 ـ تحول 144 ألف يهودي إلى المسيحية الإنجيلية بحيث يصبح كل واحد منهم مثل بيلى جراهام (القس الإنجيلي الأمريكي المعروف) ينشترون في العالم لتحويل بقية الشعوب إلى الديانة الإنجيلية.
12 ـ يحكم المسيح العالم لمدة ألف عام مع عدل وسلام حتى تقوم الساعة.
 
ولأن السيناريو مرعب فإن الأستاذ السماك ينبه إلى حقيقة يجب أن نتوقف جميعًا أمامها، وهى: "أن المسيحية في قيمها ومثلها وأخلاقها تتناقض مع الصهيونية، وأن الحركة الصهيونية لا تمثل الكنائس الانجلية في أمريكا وخارجها، بل أن معظم الكنائس الإنجيلية الكبرى تعارض الصهيونية بشدة، وتعتبرها خارجة عن التعاليم المسيحية ولذلك فمن الخطأ تعميم الحكم على هذه الحركة على الكنائس الانجلية سواء في أمريكا أو في العالم أو في مشرقنا العربي".
 
يقول الأستاذ شامل محسن هادي مباركه، في مقال له عن هرمجدون: "ذُكرت كلمة هرمجدون مرةً واحدةً في سفر الرؤيا للقديس يوحنا البطمين في الإصحاح السادس عشر – الآية ١٦: “فَجَمَعَهُمْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى بِالْعِبْرَانِيَّةِ هَرْمَجَدُّونَ”، حيث قدّم يوحنا صورة كاملة عن المعركة النهائية التي ستُخاض في هرمجدون بالتحديد. كتب يوحنا في رؤياه: تهاوت الامم وتناثرت الجزر وتلاشت الجبال.
 
هرمجدون هي كلمة عبرية مكونة من مقطعين، هر أو هار: بمعنى جبل، ومجدون اسم وادٍ في فلسطين المحتلة يقع على بعد ٥٥ ميلاً شمال تل أبيب و٢٠ ميلاً جنوب شرق حيفا، وتبعد ١٥ ميلاً عن البحر المتوسط.
 
كما تردد ذكر هرمجدون في حرب تموز ١٩٦٧، خلال رئاسة جيمي كارتر ورونالد ريجان.
 
قال الرئيس الأمريكي رونالد ريجان متحدثا إلى الإنجيلي جيم بيكر في عام ١٩٨٠: "ربما نكون الجيل الذي سوف يرى هرمجدون".
قد يسأل سأل: وأين المشكلة؟
 
المشكلة تظهر في ثلاث صور.
 
الصورة الأولى هي التفسير الحرفي للتوراة والإنجيل، فوفق هذا التفسير فإن الأرض التي بين النيل والفرات هي منحة إلهية لإبراهيم وأولاده، وأولاد الخليل عليه السلام هم أولاده من إسحاق فقط، أما أولاده من إسماعيل فليس لهم سوى الذبح!
 
الصورة الثانية وأنقلها من الكتاب: "يقوم هؤلاء القادة المسيحيون (يقصد الامريكان الصهيونيون) ومنظماتهم وجمعياتهم بالاتصال المنتظم مع أكثر من 100 مليون مسيحي أمريكي، ومع أكثر من 100 ألف قسيس، ولهم ميزانية مشتركة تزيد عن 300 مليون دولار في السنة.
 
إنهم يشكلون تحالفا عريضا وقويا للغاية. وهذا التحالف يرسم صورة السياسة الخارجية للولايات المتحدة نحو الشرق الأوسط ويعطيها الدافع القوي، كما يعطي الحافز لدعم المسيحين لإسرائيل اليوم".
 
الصورة الثالثة والأخيرة، هي في جعلهم الصراع على الأرض صراع ديني في أول الأمر ونهايته، وما أقسى وأصعب المعارك الدينية، لأنها تتحول إلى معارك وجودية أو معارك صفرية، ولا تسمح بطبيعتها بالتوصل إلى حل وسط.
 
إن كل ما نسمعه عن كون دولة الاحتلال قاعدة عسكرية متقدمة لأوروبا والأمريكان هو كلام صحيح، ولكن الأصح هي أنها تعبير حاد عن رؤية دينية تقوم على محو الآخر بعد شيطنته، وشيطنة الفلسطيني ثم محوه نجن نراها منذ يوم الثامن من أربعة عشر شهرًا، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة