بدائل الحبس الاحتياطى.. خطوة نحو تحقيق عدالة أكثر إنصافا بقانون الإجراءات الجنائية
السبت، 07 ديسمبر 2024 04:55 م
أقر المُشرع في قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي يجري مناقشته خلال الجلسات العامة لمجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، من حيث المبدأ علي مدار سلسلة من الجلسات، بدائل متعددة للحبس الاحتياطي ضمن الإصلاحات المهمة التي تضمنها التشريع الحديد بهدف تحقيق العدالة الجنائية بشكل أكثر إنصافًا وفعالية.
وجاءت فكرة البدائل لتوفير خيارات قانونية توازن بين حماية المجتمع وضمان حقوق المتهمين، مع الحد من الآثار السلبية للحبس الاحتياطي على الأفراد والأسر، وتقليل العبء على منظومة السجون، وتلك البدائل ليست فقط خطوة نحو إنسانية أكبر في التعامل مع المتهمين، بل أيضًا وسيلة لتحسين كفاءة النظام القضائي وترشيد استخدام الموارد.
وفي هذا الصدد، جاءت المادة (113) من مشروع قانون الاجراءات الجنائية الجديد، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية اتخذته الحكومة مشروع قانون مقدما منها، وخصص له سلسله من الجلسات العامة لمناقشته من حيث المبدأ، لتقضي بأنه يجوز لعضو النيابة العامة في الاحوال المنصوص عليها بالمادة 112 من هذا القانون، وكذلك في الجنح الاخرى المعاقب عليها بالحبس أن يصدر بدلا من الحبس الاحتياطي أمرا مسببا بأحد التدابير الآتية: 1- إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه 2 - إلزام المتهم بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة. 3- حظر ارتياد المتهم أماكن محددة.
يشار إلي أن المادة (112) نظمت أمر الحبس حيث تنص علي إذا تبين بعد استجواب المتهم أن الأدلة كافية، وكانت الواقعة جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنة، جاز لعضو النيابة العامة من درجة وكيل نيابة على الأقل بعد سماع دفاع المتهم أن يصدر أمراً مسبباً بحبس المتهم احتياطياً وذلك لمدة أقصاها أربعة أيام تالية للقبض على المتهم أو تسليمه للنيابة العامة إذا كان مقبوضاً عليه من قبل، وذلك إذا توافرت إحدى الحالات أو الدواعي الآتية: 1- إذا كانت الجريمة في حالة تلبس ويجب تنفيذ الحكم فيها فور صدوره. 2- الخشية من هروب المتهم. 3 - خشية الإضرار بمصلحة التحقيق سواء بالتأثير على المجني عليه أو الشهود، أو العبث في الأدلة أو القرائن المادية، أو بإجراء اتفاقات مع باقي الجناة لتغيير الحقيقة أو طمس معالمها. 4- توقي الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذي قد يترتب على جسامة الجريمة. وفي جميع الأحوال، يجوز حبس المتهم احتياطيًا إذا لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في مصر وكانت الجريمة جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس.
وتطرق التقرير البرلماني، للمناقشات الهامة التي جرت حول تلك المادة داخل اللجنة المشتركة التي استعرضت بدائل الحبس الاحتياطي الواردة بالقانون الحالى، وكافة الأفكار المطروحة من مختلف الجهات لإضافة بدائل أخرى، واستبان أن الإشكالية الحقيقية لا تتعلق بزيادة بدائل الحبس الاحتياطي بقدر توافر الإرادة الجادة على تطبيق هذه البدائل على أرض الواقع.
وكان من أهم المقترحات على هذه المادة إضافة المراقبة الإلكترونية كأحد بدائل الحبس الاحتياطي، حيث تبين للجنة المشتركة أن هذا البديل يحتاج إلى امكانيات مادية كبيرة ولوجستية معقدة قد لا تتوافر لدى الدولة ويصعب تطبيقها، خاصة أن الدولة فى أى مرحلة حال رغبتها في تطبيق هذه المراقبة فإنه لا يوجد ما يمنع قانونا ودون تدخل تشريعي من تطبيقه من خلال البديل الوارد بالقانون القائم بإلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه باعتبار أن هذا البديل يمكن تحقيقه بالوسائل التقليدية أو الوسائل الالكترونية، فضلاً عن أن الأسورة الإلكترونية كأحد البدائل المتفرعة عن المراقبة الإلكترونية، وفى ضوء الدراسات البحثية المتخصصة التي أعدتها اللجنة الفرعية لبيان مدى نجاح هذه الفكرة في الأنظمة التي طبقتها ومدى قابليتها للتطبيق فى مصر - فقد تبين أن الدول المطبق فيها هذه الفكرة مختلفة تمامًا من حيث الظروف والإمكانيات عن مصر سواء من حيث الإمكانيات المادية أو أعداد الموطنين أو حتى طبيعة الأماكن، أضف إلى ذلك أن عدداً من هذه الدول بالفعل تراجعت عن تطبيق هذه الفكرة والبعض الآخر خفف من نطاق تطبيقها تدريجيا وصولاً إلى إلغائها.
من جانبه أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن توصية الحوار الوطني بشأن بدائل الحبس الاحتياطي موجّهة بشكل أساسي إلى وزير العدل، وأعضاء النيابة العامة، والسلطة القضائية، مع التأكيد على أهمية التقدير الدقيق عند استخدام هذه البدائل.
وأضاف وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن مجلس النواب هو الجهة المختصة بدراسة واعتماد البدائل المناسبة.
وأشار فوزي إلى وجود صعوبات فنية تواجه بعض البدائل المطروحة، موضحًا أن الحوار الوطني ركّز على أهمية النظر إلى بدائل الحبس الاحتياطي بنفس الجدية التي يُنظر بها إلى الحبس نفسه، دون وجود تعارض بينهما.
وأكد "فوزي" أن الحوار الوطني لن يتدخل في التفاصيل الفنية الدقيقة لهذه المسألة، لأنها من اختصاص المشرع والجهات القضائية.