هيئة تحرير الشام.. عودة إرهابية مقصودة لأسباب سياسية غامضة
الإثنين، 02 ديسمبر 2024 07:00 م
عادت التنظيمات الإرهابية المسلحة بتحركات متزامنة في محاولة لاستعادة نفوذها في المنطقة من خلال فرض تهديدها على الدول الوطنية، ويبدو أن المنطقة على أعتاب موجة من الإرهاب عابر الحدود أكثر عنفا من ذي قبل.
وفي سوريا عادت جبهة النصرة على هيئة متحور (هيئة تحرير الشام)، وفي السودان وعلى الملأ أعلن القيادي بجماعة الإخوان عبد الحي يوسف تدريب عشرات الآلاف من الشباب على يد إرهابيي التسعينيات للقتال في السودان، لتطرح تلك العودة المفاجأة عدة تساؤلات من بينها لماذا في هذا التوقيت؟ وأين كانت هذه التنظيمات طوال تلك المدة؟ ومن مولها بالسلاح والملابس شبه العسكرية؟ لتظهر مجدداً على ساحات الصراع المسلح بالمنطقة.
تبدو من قراءة المشهد للوهلة الأولى، أن هذه العناصر لم تخرج من الصراع بالأساس أو جرى تحييدها على الأقل في السنوات السابقة، وما يثير الشكوك أن هجمات تلك العناصر لم تكن عشوائية، وحسب بل جرى إعدادها وتجهيزها، والتدريب عليها بشكل منظم، وإمدادها بكل مستجدات الصراع والتقنيات العسكرية الجديدة، ما يشير إلى قدرة وقوة الطرف المسئول عن إعادة توزيع هذه العناصر، وتشكيل ملامح خريطة جديدة لمتركزات التنظيمات الإرهابية بالشرق الأوسط.
تكليفات ومهام محددة.. من تلك النقطة تنطلق تلك العناصر لإثارة القلاقل، والتلويح بالعنف والفوضى واستخدامهم كورقة ضغط سياسية في المقام الأول لتحقيق الأهداف والمكاسب المطلوبة من وراء انتشارها، قبيل أسابيع قليلة من عودة دونالد ترامب لكرسي البيت الأبيض، خاصة وأنه تعهد بإيقاف كل الحروب المشتعلة حول العالم، ومن بينها صراعات لإقليم الشرق الأوسط، ليصبح الرئيس الأمريكي الجديد أمام أول تحد جاد لتنفيذ وعوده الانتخابية.
وبينما يتهيأ العالم لساكن البيت الأبيض الجديد، ظهر الوافد الجديد الذي يمكن اعتباره نسخة مستحدثة من تنظيم جبهة النصرة، وللمصادفة تدرجه الولايات المتحدة الأمريكية على قوائم الإرهاب، فما تاريخ نشأة هذا التنظيم، الذي تموضع في سوريا منذ 2011؟
تأسست جبهة النصرة بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011، من بين تنظيمات أخرى. وقد صنفتها الحكومة الأمريكية جماعة إرهابية في ديسمبر 2012. ثم، في 30 مايو 2013، قرر مجلس الأمن بالإجماع إدراجها على قائمة العقوبات للكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيم القاعدة.
مرت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حالياً) بعدة مراحل منذ تأسيسها، ونشطت في بدايتها بدعم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بين الأعوام 2012-2013، ثم انفصلت عن (داعش) وأعلنت مبايعتها لتنظيم (القاعدة) منتصف عام 2013 حتى عام 2016، ثم قطعت جبهة النصرة علاقاتها مع القاعدة مطلع عام 2017، لتتحالف عسكريا مع فصائل محلية وهي: ( جبهة فتح الشام-حركة نور الدين الزنكي - لواء الحق - جبهة أنصار الدين - جيش السنة) وباسمها الحالي (هيئة تحرير الشام) متبنيه فكراً جهادياً لا يختلف عن تنظيمي (القاعدة) و (داعش)، وإن كانت تدعي خلاف ذلك، ثم انفصلت عنها هذه الفصائل في السنوات الأخيرة، وبقيت هيئة تحرير الشام وحدها بقيادة الجولاني.
ومنذ انفصالها الفكري والتنظيمي عن تنظيم القاعدة، عاد عناصر هيئة تحرير الشام إلى نشاطهم المحلي المقتصر على الداخل السوري فقط، واحتلوا موقع التنظيمات الإرهابية المسلحة في إدلب وحلب بعد الضربات التي استهدفت تلك التنظيمات وأجبرتها على التراجع.
ودفعت التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة هذه التنظيمات للتحرك من جديد، في محاولة لاستعادة الزخم في سوريا، وتحقيق مكاسب على الأرض من شأنها أن تكون جزءً من المعادلة على الساحة، خاصة بعد سنوات أقل ما توصف به "العائدة من الموت".