واشنطن تلوح بالنار.. ما تأثير بيع رادارت لتايوان على العلاقات الأمريكية الصينية؟
السبت، 30 نوفمبر 2024 04:28 م
أعلنت الولايات المتحدة الموافقة على صفقة محتملة لبيع قطع غيار لطائرات مقاتلة من طراز اف-16 وأنظمة رادار ووسائل اتصال إلى تايوان، تقدر قيمتها بأكثر من 380 مليون دولار، وذلك قبل يوم من مغادرة الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي في جولة مدتها أسبوع في منطقة الهادئ تنتهي في الولايات المتحدة.
وأضاف البنتاغون أن وزارة الخارجية وافقت أيضا على إمكانية بيع نظام لتايوان يوفر خدمات اتصال آمنة عبر الأجهزة اللاسلكية بقيمته 65 مليون دولار، في صفقة سيكون المتعاقد الرئيسي لها شركة جنرال دايناميكس التي صممت النظام خصيصا للجيش الأمريكي.
شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في حدة التوترات، التي تخللتها أزمات دبلوماسية وتجارية ذات أبعاد استراتيجية. وقد ساهمت عدة أحداث محورية، مثل الحرب التجارية وسياسات الاحتواء التكنولوجي، في تعقيد المشهد.
وفي الآونة الأخيرة، أثارت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة، نانسي بيلوسي، لتايوان موجة جديدة من الخلافات، ما دفع بالعلاقات الثنائية إلى مستويات أكثر توتراً.
مؤشرات الأزمة: تصعيد مستمر
أدى التصعيد الأخير، المتمثل في زيارة بيلوسي، إلى تحركات حاسمة من بكين، شملت تدريبات عسكرية واسعة حول تايوان وتعليق التعاون مع واشنطن في مجالات حيوية كالتغير المناخي. وتشير هذه التطورات إلى تداعيات محتملة قد تتجاوز البعد السياسي، لتؤثر على مسارات التعاون الاقتصادي بين البلدين.
تحديات اقتصادية على الجانبين
تباطؤ النمو الاقتصادي
الصين: واجه الاقتصاد الصيني في الربع الثاني من 2022 نموًا متواضعًا بنسبة 0.4% فقط، وهو الأدنى منذ عامين، ما دفع مؤسسات مثل "جولدمان ساكس" إلى خفض توقعاتها للنمو الصيني إلى 3% لهذا العام.
الولايات المتحدة: أظهر الاقتصاد الأمريكي انكماشًا بنسبة 0.9% خلال نفس الفترة، مع توقعات بنك "جي بي مورجان" بحدوث ركود اقتصادي بنسبة 75% خلال 18 شهرًا.
تعاني الصين أزمة عقارية خانقة مع تفاقم مشكلات ديون شركات التطوير العقاري. كما أدت قيود الإغلاق المتكررة بسبب تفشي كورونا إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي وتعطيل الخدمات.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية تواجه ارتفاع تكاليف الطاقة والضغوط التضخمية، مما يزيد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
فرضت الصين قيودًا تجارية على بعض المنتجات التايوانية، لكنها لم تتخذ خطوات اقتصادية شاملة ضد الجزيرة، مما يعكس نهجًا محسوبًا لتجنب تصعيد أكبر.
شمل تعليق التعاون مجالات كالمناخ والمخدرات والجريمة، وهو خطوة رمزية أكثر منها اقتصادية أو استراتيجية، ما يعكس رغبة الصين في الاحتفاظ بقنوات للحوار.
لا تزال الصين ترصد بعناية التحركات الأمريكية بشأن تايوان، خاصة فيما يتعلق بمفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين واشنطن وتايبيه. ورغم التحذيرات الصينية، يبدو أن الطرفين يحاولان تجنب استفزازات قد تخرج عن السيطرة.
مع أن الخطاب السياسي الصيني يحمل نبرة حادة، إلا أن الانخراط في حرب مفتوحة ضد تايوان يظل خيارًا مستبعدًا. فالوضع الحالي يشكل ضغطًا كبيرًا على الاقتصادين الصيني والأمريكي، وهو ما يجعل التصعيد العسكري مخاطرة يصعب تحملها.
قد تستمر الصين في اتخاذ إجراءات محدودة للضغط على الولايات المتحدة وتايوان دون أن تصل إلى مواجهة مباشرة.
من المتوقع أن تبقى قنوات الحوار بين الطرفين مفتوحة، وإن كانت تعاني من الجمود، في ظل استمرار الخلافات الجوهرية حول تايوان وقضايا أخرى.
التوترات قد تؤثر سلبًا على التعاون الاقتصادي بين الصين وأمريكا، وهو ما سيزيد من تعقيد الأوضاع في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.
الصراع بين الصين والولايات المتحدة يتجاوز كونه خلافًا سياسيًا ليشمل جوانب اقتصادية واستراتيجية عميقة. ومع استمرار التوترات، تظل العلاقة بين القوتين العالميتين رهينة للتوازن بين التصعيد المدروس والحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار.