يوسف أيوب يكتب: القوات المسلحة قوة الاستقرار الرئيسية
السبت، 30 نوفمبر 2024 03:16 م
- الجيش خط الدفاع الأول.. والتسليح الحديث والتدريب والحفاظ على الكفاءة عنوان الجاهزية العالية
- القاهرة قالتها صريحة: غطرسة القوة لن تحقق الأمن والاستقرار.. والخيارات العسكرية ثبت فشلها
-
الحفاظ على الدولة ومؤسساتها الوطنية ورفض التدخل في الشئون الداخلية أهم مبدأين استطاعت مصر تحقيقهم في المنطقة الملتهبة
الخميس قبل الماضى، وخلال لقائه بعدد من قادة القوات المسلحة، بمقر القيادة الاستراتيجية في العاصمة الإدارية الجديدة، قال الرئيس عبد الفتاح السيسى، جملة في غاية الأهمية، تحمل في طياته عدد من الحقائق المهمة والكاشفة أيضاً.
الرئيس السيسى قال إن القوات المسلحة هي أهم ركيزة للاستقرار في مصر والمنطقة في ظل الأزمات والصراعات التي تحيط بالبلاد على كافة حدودها.
هي حقيقة ندركها جميعاً، ويدركها كل من تابع ويتابع أداء قواتنا المسلحة، طيلة السنوات الماضية، من اجل الحفاظ على وجود الدولة المصرية.
في هذا اللقاء، أعرب الرئيس السيسي عن اطمئنانه تجاه الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار مصر، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة تمثل الركيزة الأساسية للأمن والاستقرار في البلاد، وأكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة، وأن مصر تعد عامل استقرار مهم في ظل الأحداث الراهنة والتطورات الجارية في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، في كافة حدود الدولة الغربية والجنوبية والشرقية والشمال الشرقي.
كما أكد الرئيس السيسى أن سياسة مصر الخارجية تتمتع بالاعتدال، وأن القوات المسلحة تسهم بشكل كبير في الحفاظ على الاستقرار الوطني والدولي، حيث يعتبرها العالم قوة استقرار رئيسية، وأن القوات المسلحة لا تقتصر مهمتها على التدريب العسكري فحسب، بل تتفاعل أيضًا مع الوضع السياسي والأمني في الداخل والخارج، لذلك أكد الرئيس السيسى لأبناء القوات المسلحة، أهمية الاستمرار في العمل والتدريب للحفاظ على الكفاءة والجاهزية العالية، كما أكد أن أمن مصر وسلامتها مسؤولية الجميع، وخاصة رجال الجيش الذين يمثلون خط الدفاع الأول.
وسط كل التحديات والتعقيدات الإقليمية والدولية، والتي تلقى بتبعاتها السلبية على الداخل المصرى، بقيت وستظل مصر الدولة الوحيدة المستقرة، وهذا يفضل القوات المسلحة وكل مؤسسات الدولة الوطنية، التي وضعت لنفسها خطا ونهجا لم تحيد عنه، وهو الحفاظ على الدولة.
الحفاظ على الدولة، هو العنوان الرئيسى، ومن تحته كثير من التفاصيل، التي لم تقتصر الدولة المصرية على تطبيقها في الداخل، وإنما جعلتها في صدارة استراتيجيتها التي تحدد سياستها الخارجية، لأن مصر تدرك أن وجودها وسط أقليم مستقر وأمن، هو أكثر ضمانه لاستمرار الأستقرار المصرى الداخلى، والشواهد على ذلك كثيرة، يكفى أن نشير لما حدث في 2011، فقد أريد للمنطقة أن تخلع رداء الوطنية، وترتدى رداء ما سمى وقتها بالإسلام السياسى، الذى كان عنوانا لمشروع كبير استهدف منح السيطرة لجماعة الإخوان الإرهابية على دول المنطقة، وبالفعل بدأت هذه الجماعة تفعيل الاستراتيجية والخطة والمقترح، انطلاقاً من مصر ووصولاً إلى سوريا وليبيا واليمن والسودان وبقية دول المنطقة، لكن كان مصر هي حائط الصد الذى استطاع أن يحمى المنطقة من هذا الوباء الإخوانى، والفضل في ذلك يرجع إلى مؤسسات الدولة الوطنية وفى مقدمتها القوات المسلحة، المؤمنة بعقيدة واحدة لم تتخلى عنها أبداً، وهى الحفاظ على الدولة ضد أية مخاطر أو أخطار سواء كانت داخلية أو خارجية، ولإن الإخوان كانوا الخطر الأكبر داخليا وخارجيا أيضا لامتدادات الجماعة الخارجية، فقد تصدت القوات المسلحة، ومعها الشرطة وبقية مؤسسات الدولة لهذا الوباء، إلى أن قضت عليه في مصر، ولم تكتف مصر بذلك، بل عملت ولا تزال على مد يد العون والمساعدة للدولة الشقيقة التي تعانى من ظروفا سياسية وامنية صعبة، لكى تستعيد هذه الدول عافيتها من خلال مؤسساتها الوطنية، وفى مقدمتها القوات المسلحة.
كما أن مصر كانت ولا تزال تقف ضد اى محاولات خارجية للتدخل في شئون الدول الداخلية، وللرئيس عبد الفتاح السيسى، مواقف عدة كاشفة عن هذا التوجه الوطنى المحترم والمقدر من الجميع، حينما كرر أكثر من مرة رفض مصر اى تدخل في شئون الدول الداخلية، وأيضاً دعوته للحفاظ على المؤسسات الوطنية للدول، وخاصة قواتها المسلحة، لأنها القادرة على مجابهة ومواجهة أي تهديدات، وبدونها ستقع دولنا فريسة للأطماع، ولا يخفى علينا ما حدث في ليبيا وسوريا واليمن ومن قبلهم العراق، حينما استهدف التدخل الخارجي جيوش هذه الدول أولاً، مما أدى إلى سقوطها في براثن الإرهاب، وجعلها مرتع لجماعات وميليشات إرهابية.
ومن واقع التجربة المصرية التي بدأت في 2014 ومستمرة معنا حتى اليوم، فإن مصر وضعت وحددت أهدافها، ولا تخفيها، لأنها ببساطة شديدة هدفها واحد وهو الحفاظ على استقرار الدول.
الأهداف التي حددتها مصر وتعمل عليها يمكن تلخيصها في الاتى:
أولاً: أهمية الحفاظ على الدولة الوطنية، وهى رسالة ليست لنا في مصر فقط، وإنما لكل الأشقاء العرب، والأصدقاء في منطقتنا الملتهبة والساخنة، لإنه بدون هذه الدولة، فإن السقوط والأنهيار سيكون مصير أي دولة.
ثانياً: أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة وفى القلب منها القوات المسلحة.
ثالثاً: رفض مصر التام لأي عدوان على أي دولة عربية، وأن هذا هو دائما الموقف المصري الواضح والصريح والثابت للوضع في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وغيرها.
رابعاً: رفض التدخل في الشئون الداخلية للدول، وأن كل دولة أدرى بشأنها والأقدر على إيجاد الحلول المناسبة، وأن أي تدخل خارجى لن يكون حلاً وإنما سيزيد المشاكل والأزمات تعقيداً.
خامساً: أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن والاستقرار لأى دولة في المنطقة، لذلك فإن النهج والسياسة المصرية الواضح، هو أن قواتنا المسلحة رشيدة تتسم بالتوازن الشديد، مع التأكيد أن التوازن الكبير للقوات المسلحة فى إدارتها لأمورها وفهمها للواقع السياسى والأمنى داخل الدولة وخارجها، يمثل عامل الاستقرار المهم.
سادساً: أن الخيارات العسكرية ثبت فشلها ولا تحقق السلام والاستقرار في المنطقة، وأنه لا غنى عن الحلول الدبلوماسية، ومعالجة جذور عدم الاستقرار في المنطقة، وهي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وهنا يجب الإشارة إلى أن مصر التى تحملت مسئولية إطلاق مسار السلام فى المنطقة منذ عقود، وحافظت عليه رغم التحديات العديدة ما زالت متمسكة بالسلام، كخيار إستراتيجى، ووحيد لمنطقتنا، وهو السلام القائم على العدل، واستعادة الحقوق المشروعة، والالتزام الكامل بقواعـــد القــانون الــــدولى.
هذه هي المبادئ والمحددات المصرية الواضحة، التي دوما يعلنها الرئيس السيسى، في كل الفاعليات الدولية والإقليمية، ولا يقولها فقط، وإنما تعمل الدولة المصرية على تطبيقها فعلياً، من واقع الأحداث المتسارعة التي تشهدها منطقتنا، فالتدخل المصرى دوما يكون لصالح إنهاء أي صراع، وتجنيب المدنيين ويلات هذا الصراع، ويكفى هنا الإشارة إلى ما يحدث في السودان الشقيقة، فمنذ تصاعد الأحداث عسكرياً، وخروج ميليشيا الدعم السريع عن النسق السودانى الوطنى، واختياره المواجهة المسلحة في وجه السودانيين، كان الموقف المصرى ولا زال واضحاً، أنه لا بديل عن العودة إلى طاولة المفاوضات، وان الحل يجب أن يكون سودانيا سودانيا، نعم هناك دور لدول بتسهيل وتهئية الأجواء، لكن لا يجب لها أن تتعمق بأكثر من ذلك، وعليها ان تترك الأشقاء يختاروا ما يرونه مناسباً لهم، مع التأكيد مجدداً على أن الحفاظ على القوات المسلحة السودانية، هو السبيل الوحيد للحفاظ على دولة السودان الموحدة والمستقرة.
وللموقف المصرى قبول كبير بين الأشقاء السودانيين، وأصبحت القاهرة ملتقى للأشقاء، من كافة التوجهات، لأنهم وجدوا أن القاهرة توفر لهم الأجواء ولا تتدخل، ورغم ما يصيبها من تلميحات كاذبة، لكنها مستمرة في موقفها، وفى نفس الوقت فتحت أبوابها أمام الأشقاء، ومدت يد العون والمساعدة إلى المنكوبين في المدن السودانية، بتسيير خطوط مساعدات غذائية وإنسانية وطبية على مدار اليوم.
ما حدث من مصر تجاه السودان يتكرر في اليمن وسوريا ولبنان وفلسطين، وكل الدول العربية الشقيقة، لأن المبدأ واحد ولا يتجزأ.. نريد أقليما امنا مستقراً.