نهايته قربت.. نتانياهو أكثر شخصية مكروه في إسرائيل والعالم

السبت، 23 نوفمبر 2024 09:30 ص
نهايته قربت.. نتانياهو أكثر شخصية مكروه في إسرائيل والعالم
نتانياهو
محمود علي

مظاهرات في الداخل تطالب بنهاية "مجرم حرب غزة".. وأوروبا تشتعل ضد تطرف حكومة الاحتلال.. والفاتيكان ينتفض 
 
يبدو أننا أمام مرحلة جديدة في الداخل الإسرائيلي تتبنى خطاباً مختلفاً عن مصير أكثر حكومة إسرائيلية متطرفة جاءت عبر التاريخ، يحكمها رئيس وزراء أقل ما يقال عنه أنه "مجرم حرب" ارتكب مجازر وجرائم خلال عدوانه على قطاع غزة، ستدون في كتب التاريخ، عن مدنيين ظلوا جياع لشهور حتى قبضت أرواحهم، عن أمهات وآباء وأجداد فقدوا فلذات أكبادهم، عن أطفال باتوا يتامى وعائلات بالكامل أصبحت بلا مأوى، عن روايات تفطر القلوب من قطاع جريح ظل يقاوم ويقاوم الإبادة لأكثر من عام وهو على يقين أن قضيته هي "والحق سواء" وقادة إسرائيل إلى مزبلة التاريخ. 
ومع كل هذا الألم الذي يحاط بقطاع غزة، من إرهاب وفوضى ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، تلاحق الجرائم والمجازر المرتكبة يومياً قادة الاحتلال الإسرائيلي وعلى رأسهم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ، الذي بدا واضحاً أن نهايته اقتربت أكثر من أي وقت مضي، حتى أصبح مكروها ليس في داخل إسرائيل فقط ولا من قبل الدول العربية وشعوبها، بل اتسعت رقعة كرهه وعدم احترامه إلى أبعد من ذلك لتصل إلى أوروبا ودول العالم أجمع.
 
نتنياهو غبر مرغوب في استمراره في الداخل الإسرائيلي
كثير هي صرخات المعارضة الإسرائيلية المطالبة بضرورة تغيير نتنياهو والإطاحة به من المنصب نظير ما يرتكبه من سياسيات أدت إلى فتح إسرائيل جبهات عدة في وقت واحد، بينما لم يبذل أي مجهود في سبيل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس في قطاع غزة منذ أكثر من عام، ما يعني أن استمرار حملته الغاشمة على قطاع غزة ما هي إلا محاولة يائسة للحفاظ على منصبه دون أي تفكير في مطالب أهالي المحتجزين ولا الكتل المعارضة المطالبة بالوصول إلى صفقة تقضي بوقف إطلاق النار في القطاع مقابل عودة المحتجزين وإعادة الهدوء لعدد من الجبهات الإسرائيلية المشتعلة.
وكانت أكثر الصرخات حدة تلك المتعلقة برئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت الذي كان صريحاً، وطالب بضرورة قراءة الواقع الإسرائيلي المتأزم في أعقاب أعمال عنف شهدتها مدينة أمستردام قبل نحو أسبوعين، مؤكداً أنها "ناجمة عن الممارسات الوحشية التي نقوم بها (قوات الاحتلال الإسرائيلي) في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، ورأى أن المجتمع الإسرائيلي أحب فكرة الظهور كضحية للكراهية".
أولمرت أضاف مهاجماً قادة حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل "أن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو يحاول الحفاظ على سلطته من خلال إثارة الخوف من إيران في صفوف المجتمع الإسرائيلي، قائلاً "نتنياهو يحاول تأمين بقائه السياسي من خلال إخافة المجتمع الإسرائيلي، ويصور نفسه على أنه منقذ الإسرائيليين".
وأكد أن الحرب في الشرق الأوسط لن تنتهي إلا من خلال المفاوضات التي تقود لاتفاق، وفي إشارة إلى تصرفات حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، بما في ذلك إهمالها المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، أعرب عن قلقه من أن نتنياهو يعتمد على المتطرفين داخل حكومته ويغض الطرف عن أفعالهم.
أولمرت كشف بوضوح واقع سياسات نتنياهو على الداخل الإسرائيلي، لكن ما يفضحه أكثر وأكثر ويضعه دائماً في مرمى الاتهامات ويدفعه سريعاً إلى مشهد النهاية، هو ما يرتكبه من فظائع في غزة، بشكل يوحي أنه لا يضع في حساباته أي نتائج مستقبلية لهذه الحملة الغاشمة سوى حفاظه على المنصب والدفاع باستماته عن استمرار حكومته المتطرفة أكثر وقت ممكن في السلطة دون محاكمة ولا ملاحقة.
وتمتلك حكومة نتنياهو صحيفة سوابق من الجرائم والمجازر التي ارتكبتها على مدار أكثر من عام في حق الفلسطينيين بقطاع غزة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر قبل الماضي، حيث فاقت أعمال الإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال بأوامر رئيس الوزراء الإسرائيلي التوقعات والحدود مخالفة كافة القوانين الدولية والمعايير الإنسانية.
ونفذت إسرائيل ما يقارب من 3700 مجزرة منذ أكتوبر 2023، راح ضحيتها نحو 44 ألف شهيد و104 ألف مصاب، بينهم نحو 17 ألف طفل، وما يقرب من 12 ألف شهيدة من النساء، فمن  مجزرة مستشفى المعمداني إلى مخيم جباليا والمغازي إلى الفاخورة وصولاً لمجزرة الطحين وصلاة الفجر، ارتكبت سلطات الاحتلال بأوامر نتنياهو جرائم يندى لها الجبين استنكارها العالم أجمع حتى ندد بها رئيس وزراء الاحتلال الأسبق إيهود أولمرت.
مفي حواره مع صحيفة «تايمز» البريطانية، قال أولمرت الذى كان رئيسًا للوزراء من عام ٢٠٠٦ إلى عام ٢٠٠٩، إن "هناك مخاوف عميقة بين اليهود من محرقة ثانية، يستغلها «نتنياهو» لمصلحته، مشيرًا إلى أنه يعرفه منذ أكثر من ٤٠ عامًا، مضيفاً أن بنيامين نتنياهو أصبح يصور نفسه كمنقذ للأمة، بينما يسعى إلى «ترهيب» الإسرائيليين من خلال تأجيج القلق بشأن إيران ووكلائها، مؤكداً أن "نتنياهو سياسي لا توجد حدود ولا قيود عليه، وهناك شيء واحد فقط له أهمية حقيقية لديه، وهو نفسه؛ فلا شيء يضاهي احتياجاته ورغباته الشخصية سواء أمن إسرائيل أو بقاؤها"، وتابع: «إسرائيل كانت دولة منفتحة ومتطورة حتى غيّرها نتنياهو، من خلال اللعب على العصب الأكثر حساسية في الروح الإسرائيلية، وهو الخوف من أن نكون ضحايا محتملين لمحرقة جديدة، وقد نجح للغاية في هذا الأمر".
ولم تكن هذه التصريحات الأولى لأولمرت التي كشف فيها مستقبل إسرائيل مع استمرار نتنياهو في الحكم، حيث سبق وقال إن "عدو إسرائيل ليس إيران وحزب الله وحماس بل متطرفون إسرائيليون مع (رئيس الوزراء) بنيامين نتنياهو". وكان أولمرت قد دعا في مايو الماضي الإسرائيليين إلى إغراق الشوارع بملايين المعارضين لمحاصرة ما وصفها بمجموعة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، والتي قالها إنها خارجة عن القانون وتقود إسرائيل إلى الانهيار.
من جانب آخر فإن تصريحات أولمرت تعكس مدى السخط الداخلي الرافض لاستمرار نتنياهو بالسلطة، في الوقت نفسه تشهد إسرائيل حاليًا ضغوطًا داخلية غير مسبوقة على حكومة بنيامين نتنياهو، حيث خرجت مظاهرات عديدة في شوارع المدن الإسرائيلية، تطالب بالإطاحة به وتتهمه بالعمل على تعزيز مصالحه السياسية الشخصية على حساب أمن واستقرار دولة الاحتلال. تتهم الأصوات المعارضة نتنياهو بالتركيز على الحفاظ على حكومته بأي ثمن، مع تجاهل تداعيات العمليات العسكرية في غزة ومعاناة السكان هناك.
رفع المتظاهرون شعارات تطالب نتنياهو بالتوصل إلى صفقة فورية لوقف إطلاق النار. كما تضمنت المطالب صفقة لتبادل المحتجزين مع الفصائل الفلسطينية، خاصة في ظل التقارير التي تشير إلى تفاقم معاناة الأسرى الإسرائيليين في غزة. ويرى المحتجون أن استمرار العمليات العسكرية لن يؤدي سوى إلى مزيد من التصعيد وسقوط الضحايا دون تحقيق أي حلول سياسية مستدامة.
يتهم المحتجون نتنياهو باستخدام الصراع في غزة كوسيلة لتعزيز بقائه السياسي، في وقت تواجه حكومته انتقادات متزايدة من داخل الأوساط الإسرائيلية، بما في ذلك معارضة من بعض شركائه في الائتلاف الحكومي، ويتهم المتظاهرون الحكومة بأنها ترتكب مجازر في غزة لتحقيق مكاسب سياسية، بينما تترك الملفات الإنسانية، مثل قضية المحتجزين، دون حلول عملية.
المظاهرات التي شملت مدنًا كبرى مثل تل أبيب والقدس، أبرزت حالة من الغضب الشعبي العارم ضد سياسات نتنياهو. يحمل المحتجون لافتات تدعو إلى إنهاء "حرب لا هدف لها"، مؤكدين أن هذه السياسات لا تخدم سوى تعزيز الانقسام الداخلي وتفاقم العزلة الدولية لإسرائيل. كما يطالبون بالشفافية والمساءلة بشأن القرارات المتخذة في إدارة الصراع.
وتشير تحليلات إلى أن المظاهرات تعكس تراجع الدعم السياسي لنتنياهو داخل المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك من الدوائر الأمنية والعسكرية التي أعربت عن قلقها من استمرار العمليات دون أفق واضح. فيما يطالب معارضو نتنياهو بتغيير النهج السياسي بعدما باتت حكومة نتنياهو عبئًا على إسرائيل وتعيق تحقيق السلام في المنطقة.
 
ضربات متتالية لنتنياهو من العالم
وشهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدًا كبيرًا في الضغوط الدولية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وسط إدانات متزايدة من دول ومنظمات دولية عديدة ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية. قوبلت هذه الحملة الإسرائيلية بانتقادات حادة وتصعيد في المواقف السياسية من قِبَل العديد من الحكومات الغربية والمؤسسات الدولية.
وبدأت أوروبا في تغيير مواقفها تجاه إسرائيل، نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة. الاتحاد الأوروبي، بقيادة جوزيب بوريل، رئيس السياسة الخارجية، دعا إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد إسرائيل. اقترح بوريل تعليق الحوار السياسي مع إسرائيل، مستشهدًا بانتهاكات حقوق الإنسان المحتملة في غزة، كما طالب بحظر استيراد المنتجات من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية بموجب القانون الدولي، موضحاً أن الاتحاد الأوروبي يشعر بقلق جدي بشأن الانتهاكات المتكررة للقانون الإنساني الدولي، مشيرًا إلى أن إسرائيل لم تستجب بعد لهذه المخاوف. ومع ذلك، يواجه اقتراح بوريل معارضة قوية من بعض دول الاتحاد الأوروبي، حيث وصفه بعض الدبلوماسيين بأنه "إشارة رمزية" لإظهار استياء الاتحاد من السياسات الإسرائيلية.
على صعيد متصل، صعّد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، من لهجته ضد الممارسات الإسرائيلية في غزة وبيروت، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بالقانون الدولي. في منشور على منصة X، أدان ألباريس تكثيف القصف الإسرائيلي الذي أسفر عن عشرات الضحايا المدنيين، مؤكدًا أن إسبانيا تقف دائمًا مع السلام وحماية المدنيين.
كما اتخذت إسبانيا خطوات عملية لتعليق تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل ومنع السفن التي تحمل مواد عسكرية من التوقف في موانئها، في إطار الضغط الدولي على إسرائيل لوقف العدوان.
من جهته، أشار البابا فرانسيس لأول مرة إلى أن ما يحدث في غزة قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، داعيًا إلى تحقيق دولي لتحديد مدى توافق العمليات العسكرية الإسرائيلية مع التعريف القانوني للإبادة. هذه التصريحات، التي وردت في كتابه الجديد، تعتبر سابقة في موقف الفاتيكان تجاه إسرائيل، حيث كان يكتفي سابقًا بإدانة عامة للحرب والدعوة للسلام.
في الوقت نفسه، نشرت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة تقريرًا يصف أساليب الحرب الإسرائيلية بأنها تتوافق مع خصائص الإبادة الجماعية، ومن المقرر تقديم التقرير إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشته بشكل موسع.
وتواجه المساعدات الإنسانية لغزة عراقيل مستمرة من قبل السلطات الإسرائيلية، حيث أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى منع عدة محاولات لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة. ومع ذلك، تستمر إيطاليا بالتعاون مع قبرص والأمم المتحدة في تنفيذ مبادرات إنسانية لإيصال الإغاثة إلى غزة عبر ممرات بحرية، رغم تعقيد الإجراءات.
وتشهد المدن الإيطالية احتجاجات متزايدة ضد تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، مع دعوات لوقف إطلاق النار الفوري والتخفيف من معاناة السكان المدنيين في غزة.
من هنا تزايدت الضغوط الدولية على حكومة نتنياهو وسط إدانات متواصلة من الحكومات والمنظمات الدولية، مما يعكس تحوّلًا كبيرًا في مواقف العديد من الدول الغربية تجاه إسرائيل. هذه الضغوط، رغم التحديات السياسية الداخلية والخارجية، تضع حكومة نتنياهو تحت مجهر الانتقادات العالمية، وتبرز حاجة ملحة لتبني مسار سياسي أكثر احترامًا للقانون الدولي.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق