طريق الكباش.. من ركام الزمن إلى تحفة أثرية تعيد سحر الفراعنة
الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024 10:43 صريهام عاطف
يعد "طريق الكباش" في مدينة الأقصر واحدًا من أروع المعالم الأثرية التي تحمل في طياتها تاريخًا عريقًا يعود إلى العصور الفرعونية. كان الطريق الممتد بين معبد الأقصر ومعابد الكرنك، والذي يبلغ طوله 2700 متر، يشكل ممرًا احتفاليًا يشهد مواكب الفراعنة في أعيادهم الكبرى اليوم، وبعد آلاف السنين من الإهمال والدمار، بدأ مشروع "إحياء طريق الكباش" ليعيد لهذا المعلم التاريخي بريقه ويعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة.
منشأ الطريق واستخداماته التاريخية
في العصور الفرعونية، كان "طريق الكباش" يمتد من معبد الأقصر إلى معبد الكرنك، محاطًا بسلسلة من تماثيل أبو الهول أو الكباش التي كانت تزينه، كان هذا الطريق شاهدًا على العديد من الاحتفالات الملكية مثل "عيد الأوبت" و"عيد تتويج الملك"، وكان الفراعنة يسيرون في مواكبهم عبره وسط أجواء من البهجة والاحتفالات، بينما كانت الشعب يتجمع على جوانب الطريق مهللين ومبتهجين. كان هذا الطريق يمثل تجسيدًا للسلطة الملكية وللارتباط الوثيق بين الملوك وآلهتهم.
الإحياء بعد الفناء
مع مرور الزمن، تعرض الطريق للكثير من الأضرار نتيجة العوامل الطبيعية والإهمال، فقد دمرت معظم تماثيل الكباش القديمة، وتعرضت بعض أجزائه للعبث من قبل الأهالي الذين استغلوا بعض التماثيل لبناء منازلهم، ورغم ذلك، بفضل جهود الدولة المصرية وجهود علماء الآثار، بدأ مشروع "إحياء طريق الكباش" ليعيد الطريق إلى ما كان عليه في أبهى صوره.
التحقيقات والتنقيب عن الكباش
بدأت أعمال التنقيب عن الطريق في القرن الماضي، حيث قام العديد من العلماء مثل الدكتور زكريا غنيم والدكتور محمد عبد القادر بالكشف عن تماثيل الكباش وإجراء الحفريات اللازمة لإظهار المزيد من التماثيل المدفونة، في العقود الأخيرة، تم تكثيف أعمال التنقيب والترميم، حيث تمكن الباحثون من استعادة ما يقرب من 1200 تمثال كبش، إضافة إلى إعادة تأهيل الموقع بالكامل.
مشروع إحياء طريق الكباش
تُعد عملية إعادة إحياء الطريق جزءًا من أكبر مشروع قومي في الأقصر، يهدف إلى تعزيز السياحة وتعريف العالم بثراء الحضارة المصرية القديمة، المشروع يتضمن إعادة تركيب التماثيل الأصلية، وترميم أجزاء الطريق، وإنشاء مناطق سياحية حوله، مما أتاح للسياح من مختلف أنحاء العالم الاستمتاع بمشاهدة هذا المعلم التاريخي في أقصى درجات جماله.
دور طريق الكباش في السياحة الثقافية
يُعد "طريق الكباش" الآن من أبرز الوجهات السياحية في الأقصر، حيث يُعتبر نقطة جذب رئيسية للسياح الذين يزورون مصر، لا يقتصر دوره على كونه معلمًا أثريًا فحسب، بل أصبح جزءًا من الذاكرة الثقافية والهوية المصرية، مما يعكس عظمة التاريخ المصري ويساهم في تعزيز السياحة الثقافية التي تمثل أحد الركائز الأساسية للاقتصاد المصري.
إعادة إحياء "طريق الكباش" ليس مجرد مشروع ترميم بل هو استعادة لحكاية حضارة فرعونية عظيمة، تعيد للأذهان سحر الفراعنة الذي ما زال يعيش في آثارهم، وبفضل هذا المشروع، يُتوقع أن يصبح طريق الكباش علامة فارقة في حركة السياحة العالمية، ويظل شاهدًا على عظمة مصر القديمة للأجيال القادمة.