أشرف العجرمى وزير شئون الأسرى الفلسطينيين الأسبق لـ«صوت الأمة»: احتمالات نجاح ترامب في الضغط لوقف إطلاق النار كبيرة جدا.. و«صفقة القرن» مشروع فاشل ومرفوضة فلسطينيا
السبت، 16 نوفمبر 2024 01:50 ممحمود على
الإدارة الأمريكية الجديدة ستتبنى إدارة مدنية فى غزة تحت قيادة السلطة.. وعملية السلام لن تنجح إلا بانصياع واشنطن للإرادة الدولية
الدعم المصرى للقضية الفلسطينية مهم جدا ومحوري..والفلسطينييون يقدرون دورها المحورى وتحركاتها لوقف مأساة غزة وحل الدولتين
الدعم المصرى للقضية الفلسطينية مهم جدا ومحوري..والفلسطينييون يقدرون دورها المحورى وتحركاتها لوقف مأساة غزة وحل الدولتين
أكثر من 400 يوما من القتل والتدمير والترويع والتشريد، يرى العالم فيهم صراخ أطفال غزة وبكاء نسائها وحسرة شيوخها على مرارة الفقدان التى طالت الشباب والرجال والصغار، وبينما يظل العالم ساكنا دون أن يتحرك لوقف هذه الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى قطاع لا تزيد مساحته على 360 كم، ينتظر الجميع استلام الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب السلطة فى 20 يناير المقبل، لتجيب سياساته عن الكثير من الأسئلة المطروحة على الطاولة، هل يستطيع إيقاف العدوان على غزة؟ ما مصير صفقة القرن؟ وما هى خطته لتهدئة الأوضاع فى المنطقة؟ ومستقبل القطاع وعملية السلام فى ولايته الثانية؟ وكيف سيتم استثمار العلاقات العربية الأمريكية لبسط الأمن والاستقرار بالمنطقة؟
أسئلة عدة طرحناها على الدكتور أشرف العجرمى، وزير شئون الأسرى الفلسطينيين الأسبق، وإلى نص الحوار:
عام 2020 طرح دونالد ترامب صفقة القرن، هل عودة ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى ستعيد الحديث عن نفس الصفقة؟ أم سيتغير مضمونها لمحاولة استمالة الموقف العربى والفلسطينى بشأنها؟
إذا عاد الرئيس ترامب مرة أخرى لـ«صفقة القرن» فهذا يعنى أنه سيذهب إلى مشروع فاشل، لأن صفقة القرن ليست مقبولة من الفلسطينيين ولن يتنازلوا عن أى جزء من أراضيهم المحتلة، وصفقة القرن تمنح الإسرائيليين ضم حوالى نصف مناطق ج بالضفة الغربية، وإذا ذهب ترامب إلى العودة لهذه الصفقة مرة أخرى فهذا يعنى أنه يبحث عن مشروع فاشل، ولا يمكنه أن يحقق إنجازا فى هذا السياق.
ألم يغير ترامب من مضمون الصفقة التى طرحت فى ولايته الأولى حتى تكون مقبولة؟
لدى الرئيس ترامب خطة فيما يتعلق بالحل فى غزة، بإنشاء إدارة مدنية أو محلية فى قطاع غزة مرتبطة بطريقة ما بالسلطة الفلسطينية والحكومة فى رام الله، لكن فى إطار تدخلات عربية وإقليمية ودولية سواء فى مجال الأمن أو فى مجال الاقتصاد لتمكين الإدارة القادمة فى غزة للقيام بواجباتها اتجاه حل الأزمات الإنسانية فى غزة وإعادة الإعمار فى القطاع، وأيضا فى إطار محاولة تهدئة الأمور فى الضفة الغربية؛ وليس واضحا إذا ما كان سيكتب لمثل هذه الأفكار أو الخطة النجاح أم لا.
وفى ما يخص الموقف العربى ومحاولة الضغط على ترامب لتعزيز الهدوء فى المنطقة؟
على الأغلب الدول العربية ستحاول التوصل إلى تفاهمات مع الرئيس الأمريكى المنتخب ترامب، من أجل تحقيق الاستقرار والأمن فى المنطقة وتحقيق مصالح مشتركة لكل الأطراف، خاصة للدول العربية، وهذا سيقوم أساسا على صفقات بشأن عدد من القضايا التى تهم المنطقة ومنها القضية الإيرانية وملف فلسطين وما يحدث فى لبنان وغيرها من الملفات.
هل تدخل هذه التفاهمات التى تتحدث عنها ضمن ما يناديه ترامب بتوسيع دائرة الاتفاقيات الإبراهيمية؟
الإدارة الأمريكية بالتأكيد ستكون معنية بأن يكون هناك تطبيع بين السعودية وإسرائيل فى المرحلة المقبلة، وفى حالة تمسكت المملكة بموقفها فيما يتعلق بأن التطبيع مرتبط بقيام دولة فلسطينية وعلى الأقل الذهاب نحو عملية سياسية ذات مغزى تؤدى إلى قيام دولة فلسطينية، باعتقادى هذا سيشكل اختراقا كبيرا، ولكن هل تنجح المملكة؟ فى رأيى سيكون هناك ضغط كبير من الإدارة الأمريكية على السعودية للتسوية وإتمام إجراءات التطبيع أيا كان الثمن حتى ولو على حساب الفلسطينيين.
ما توقعاتك حول أزمة غزة بعد فوز ترامب.. هل تحدث انفراجة بوقف العدوان بالفترة القريبة المقبلة؟
وقف إطلاق النار ممكن جدا الآن بسبب أن الإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب وعدا الشعب الأمريكى ووعدا العالم بوقف كل الحروب ومنها الحرب الأوكرانية والحرب فى غزة ولبنان، وبالتالى ترامب أبلغ بنيامين نتنياهو فى لقائه معه فى شهر يوليو الماضى بأنه يريد أن ينهى هذه الحرب قبل أن يتولى منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية فى حالة فوزه، واعتقد أن الحديث الذى دار بين الرئيس الأمريكى الجديد ورئيس الوزراء الإسرائيلى حيث كانت هناك ثلاث مباحثات بينهما تناولت هذا الموضوع، وإسرائيل على ما يبدو ستذهب باتجاه التوصل إلى وقف إطلاق النار ضمن صفقة ما برعاية أمريكية.
هذا فى غزة ولكن باستقراء السنوات الأربع التى سبق أن قضاها الرئيس ترامب فى البيت الأبيض.. هل هناك آمال معقودة لإحياء عملية السلام وحل القضية الفلسطينية بشكل عام؟
فى الواقع لا يمكن وضع آمال كبيرة على الرئيس ترامب أو أى إدارة أمريكية طالما لم تغير سياستها التى تعتمد على الوقوف إلى جانب إسرائيل ظالمة أو مظلومة وضمان تفوقها وضمان تقديم الدعم العسكرى والمادى والدبلوماسى والسياسى لها فى كل المجالات.
هذا فى الواقع يعيق التوصل إلى أى تغييرات حقيقية فى الرؤية الأمريكية وأيضا فى إمكانية اختراق حقيقى فى ملف السلام، الشرط الأساسى لتحقيق اختراق هو أن تنصاع الولايات المتحدة الأمريكية إلى الإرادة الدولية وأن تذهب إلى تطبيق العدالة بمفهوم الحد الأدنى الذى يوافق عليه الشعب الفلسطينى، وتطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة بالقضية الفلسطينية والتى تنص على حقوق الشعب الفلسطينى وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967.
الأيام المقبلة ستكشف لنا كيف سيتعامل البيت الأبيض مع هذه القضية الحساسة بعد تولى الرئيس ترامب مقاليد الحكم، ولكن لا يبدو أنه سيذهب بعيدا إلى درجة التوصل إلى حل واقعى للصراع وإلزام إسرائيل بالموافقة على هذا الحل.
ما رؤيتك حول الرأى الاستشارى الصادر عن محكمة العدل الدولية والذى أكد على وجوب انتهاء الاحتلال خلال الـ12 شهرا؟ وهل يمكن أن يضع حدا للإبادة الجماعية فى غزة؟
للأسف الرأى الاستشارى الذى صدر عن محكمة العدل الدولية لم يكن مقبولا من الحكومة الإسرائيلية ولم يكن مقبولا أيضا من الإدارة الأمريكية، حيث إن الأخيرة لا تقيم وزنا لكل المحافل الدولية باستثناء مجلس الأمن نسبيا بحكم أنها تمتلك حق النقض الفيتو، ولا يخرج عن مجلس الأمن بيان أو قرار أو أى منشور إلا بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها فى نفس الوقت ترفض التعامل مع محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ولا تقيم وزنا لقراراتها، وهذا ما يجعل إسرائيل تتمرد على هذه المؤسسات الدولية ولا تنصاع لها ولا تنفذ قراراتها ولا تلتزم بالآراء والقرارات التى تصدر عنها ما جعلها فى موقف ضعف.
وما هى قدرة فلسطين لتجهيز ملف لمحاكمة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية ومسار مذكرات الاعتقال التى يطالب بها رئيس المحكمة فى حق نتنياهو؟
الطرف الفلسطينى يحاول بقدر الإمكان توثيق الجرائم الإسرائيلية والتقدم إلى المحافل الدولية سواء المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية أو مجلس حقوق الإنسان أو حتى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لإدانة إسرائيل ووقف إجرامها ضد الشعب الفلسطينى، لكن الأمر كله مرتبط بقدرة هذه المؤسسات على تجريم إسرائيل وتقديمها للمحاكمة واتخاذ خطوات ضدها، وهذا للأسف غير حاصل، ولا توجد إمكانية لمثل هذا الأمر فى هذه الأيام، ولكن على المدى البعيد هذا الجهد مهم جدا، وهذا يمكن البناء عليه فى عزل إسرائيل وفرض عقوبات عليها.
وما رؤيتك حول مستقبل قطاع غزة فى ظل ما يطرح على الطاولة بما يعرف باليوم التالى خاصة بعد وصول ترامب للسلطة؟
فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة، من الواضح أن الكل يتحدث الآن عن محاولة التوصل إلى حل خاص بقطاع غزة ربما يكون معزولا عن القضية الفلسطينية بشكل عام، ربما يقود بطريقة أو أخرى إلى فتح الطريق للبحث فى مصير القضية الفلسطينية، وهذا عكس ما يريده الفلسطينيون، وهم يريدون وقف إطلاق النار وحل المشكلات الإنسانية وإعادة إعمار قطاع غزة وتوحيد القطاع مع الضفة الغربية تحت سلطة واحدة، والذهاب إلى عملية سياسية تفضى فى نهاية المطاف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 67، ولكن لا يبدو أن كل الخطط المطروحة لمعالجة الوضع فى قطاع غزة تذهب بعيدا باتجاه عملية سياسية جادة وحقيقية، بل يذهبون إلى حلول آنية للمشكلات العاجلة التى يواجهها قطاع غزة، قد تقود إلى ترتيبات سياسية وقد لا تقود.
كيف رأيت القمة العربية الإسلامية التى انعقدت بالرياض ومخرجاتها؟
بدون شك القمة العربية الإسلامية مهمة، والموقف الذى صدر عنها مهم، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمعات الغربية عموما لا تفهم الحديث المباشر عبر المطالبات الداعية لوقف مأساة الفلسطينيين، هى تحتاج لوسائل ضغط أخرى تتمثل فى وضع مصالحها على المحك فى ما يتعلق بسياستها الداعمة للاحتلال الإسرائيلى وإجرامه ضد الشعب الفلسطينى، وللأسف نحن لن نصل إلى مستوى أن تتخذ الدول العربية والإسلامية وسائل ضغط حقيقية على الدول الغربية لتجبرها على اتخاذ مواقف رادعة ضد إسرائيل أو ممارسة عقوبات عليها ولكن فى الإطار المعنوى والسياسى العام هى جهود سياسية جيدة بدون أدنى شك.
وكيف ترى مستقبل حركة حماس فى ظل التضييقات التى تمارس عليها خاصة بعد فوز ترامب؟
حركة حماس غير مقبولة على الإطلاق من كل الإدارات الأمريكية، لا من الإدارة الديمقراطية الحالية أو من إدارة ترامب، والإدارة المنتخبة الجديدة خاصة لديها موقف حاد ضد حركة حماس، لذلك لن تكون مقبولة فى أى إطار فلسطينى شرعى، وبالتالى فإن التضييق على حماس سيكون ليس فقط باستمرار العمل الإسرائيلى ضدها، بل عبر ممارسة الإدارة الجمهورية الجديدة على الأغلب ضغوط على الدول العربية والإسلامية التى تفتح أراضيها مقرات ومنبرا للحركة، ما يعنى تزايد المضايقات على الحركة والدول الراعية لها فى المنطقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
أكدت هيئة شئون الأسرى أن الاحتلال أعدم 3 أسرى من غزة بالرصاص فور الإفراج عنهم.. كيف ترى المعاناة التى يعيشها الأسرى فى القطاع والضفة الغربية؟
موضوع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين فى الواقع موضوع شائك جدا، خاصة إن إسرائيل بدأت بانتهاج سياسة منذ تولى إيتمار بن غفير وزارة الأمن القومى التى كانت تسجل سابقا وزارة الأمن الداخلى المسئولة عن مصلحة السجون، مطبقة سياسية تضييق خطيرة جدا على الأسرى، حيث يتعرضون لتنكيل كبير لتقليص كل حقوقهم بما فى ذلك الطعام والماء والهواء وزيارات الأهالى، وصولا إلى عمليات التعذيب والقتل، وهناك عدد كبير من الأسرى قتلوا بعد أن تم اعتقالهم على يد جيش الاحتلال أو اغتيلوا على يد مجرمى مصلحة السجون الإسرائيلية، وبالتالى نحن نتحدث عن سياسة إجرامية لا تقيم وزنا لأى مواثيق أو أعراف دولية أو أى قرارات صادرة عن هيئات دولية ذات وزن، وبالتالى إسرائيل ستذهب الآن فى ظل غفلة من العالم لتطبيق سياسة القتل سواء بكل مباشر وفورى أو القتل التدريجى للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين ومصادرة حقوقهم بشكل كامل ومعاقبتهم كما تعاقب كل الشعب الفلسطينى.
كيف ترى وتقييم الدور المصرى وتحركات القاهرة الدائمة الساعية إلى الدفاع عن القضية الفلسطينية وعدم تصفياتها نهائيا؟
لا شك أن الشقيقة مصر تحمل على عاتقها القضية الفلسطينية منذ نشأتها، وقدمت الكثير من أجل دعم الشعب الفلسطينى وتقوم مصر الآن بدور محورى ومهم جدا فى الوساطة من أجل حل مشكلات قطاع غزة والضغط باتجاه وقف إطلاق النار، والذهاب نحو حل المشكلات الإنسانية والعملية السياسية جادة تفضى لحل الدولتين.
الدعم المصرى مهم جدا ومحورى، ومصر دولة مركزية ومهمة جدا فى منطقة الشرق الأوسط، وهذا الدعم له أثر بالغ على القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطينى يقدر ذلك بشكل كبير جدا.