البرلمان يلجأ إلى دراسة حول ملف قوانين «الإيجار القديم» لتنفيذ حكم الدستورية العليا

السبت، 16 نوفمبر 2024 01:34 م
البرلمان يلجأ إلى دراسة حول ملف قوانين «الإيجار القديم» لتنفيذ حكم الدستورية العليا
سامى سعيد

تقرير مشترك بين الحكومة ومجلس النواب يتوصل إلى تصور جديد لمسودة مشروع قانون متوازن وعادل
لجنة المحليات: سيصدر قانون لبحث زيادة القيمة الإيجارية وسننظر لآراء الملاك والمستأجرين.. ولجنة الإسكان: نقف على مسافة واحدة بين طرفى الانتفاع

 
ملف شائك، ينتظره قطاع عريض من المصريين، سيطرح قريبا على مائدة مجلس النواب ولجانه النوعية، بعد حكم المحكمة الدستورية العليا، الصادر السبت الماضى، فى القضية رقم 24 لسنة 20 قضائية دستورية، والمتضمن: «عدم دستورية الفقرة الأولى فى كل من المادتين رقمى 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981، فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص فى إقامتها لأغراض السكنى، اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون».
 
وأكد مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، أنه تابع وبكل اهتمام حكم المحكمة الدستورية العليا، لافتًا فى بيان له، إلى أن المحكمة استندت فى قضائها على أن القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن المرخص فى إقامتها لأغراض السكنى، تنطوى على قاعدتين: أولهما الامتداد القانونى لعقود إيجارها، والأخرى التدخل التشريعى فى تحديد أجرتها، وكلاهما ليس عصيًا على التنظيم التشريعى، فإذا كان الامتداد القانونى قد حدد نطاقًا بفئات المستفيدين من حكمه، دون سواهم، فإن تحديد الأجرة، يتعين دومًا أن يتساند إلى ضوابط موضوعية، تتوخى تحقيق التوازن بين طرفى العلاقة الإيجارية.
 
وأكد مجلس النواب على اهتمامه الخاص بالقوانين الاستثنائية، التى تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمعروفة بـ«قوانين الإيجار القديم»، بحسبانها تمس العديد من الأسر المصرية، لا سيما أنه كانت هناك محاولات سابقة لتناولها، إلا أنها تعثرت لظروف عديدة؛ لذا كلف مكتب المجلس، خلال دور الانعقاد العادى الرابع، لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بإعداد دراسة مستفيضة عن ملف قوانين «الإيجار القديم»، بما فى ذلك تقييم أثرها التشريعى، على أن يتم ذلك وفق محددات أقرها مكتب المجلس، من أهمها: دراسة الخلفية التاريخية للتشريعات الخاصة، وكذلك الاطلاع على أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بهذا الشأن كافة، مع دراسة وتحليل كل البيانات الإحصائية، التى تسهم فى وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة، التى تتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق فى المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية، واتصالا بذلك؛ فقد أعدت لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بالمجلس، تقريرًا مبدئيًا عن الموضوع المشار إليه؛ بذات الضوابط والمحددات، التى أقرها مكتب المجلس فى هذا الشأن، ومن المقرر عرضه على المجلس خلال الجلسات العامة القادمة.
 
واستطرد: مجلس النواب، وهو الحارس الأمين لحقوق الشعب، سيواصل مناقشة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن، والتعديلات التشريعية اللازمة، لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المُشار إليه؛ بروح من التوازن والعدالة، ملتزمًا بحماية مصالح جميع الأطراف، دون تغليب مصلحة طرف على حساب طرف آخر؛ فالأمر لا يتعلق فقط بضبط العلاقة بين المالك والمستأجر، بل بخلق بيئة قانونية، تعزز من الاستقرار الاجتماعى، وتدعم النسيج المجتمعى.
 
وبعد 43 عامًا من التطبيق، قضت المحكمة الدستورية العليا، السبت الماضى، برئاسة المستشار بولس فهمى، حكما فى غاية الأهمية، يهم ملايين المؤجرين والمستأجرين، بعد أن قضت بعدم دستورية المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، الخاص بتأجير الأماكن السكنية، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر «قانون تحديد أجرة الأماكن».
 
وينظم القانون رقم 49 لسنة 1977، إجراءات ومدة وبنود عقود تأجير وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما ينظم القانون رقم 136 لسنة 1981، معايير تحديد قيمة أجرة تأجير الأماكن وزيادتها السنوية، وتمثل قوانين الإيجار القديم قنبلة موقوتة لما تتضمنه من أمرين: أولهما هى مدة العقد وامتداد هذه المدة للورثة، وثانيهما أجرة الإيجار وزيادته السنوية.
 
أولا: مدة العقد، حيث أن عقد إيجار الشقق السكنية لم يكن محددا فيه مدة انتهائه والمعروف بـ«تأبيد عقود الإيجار»، «أى تستمر إلى أبد الآبديين»، وبالتالى، فإن الشقة تظل يتوارثها ورثة المستأجر الأصلى حتى الدرجة الثالثة، لكن فى 14 نوفمبر 2002، تصدت المحكمة الدستورية لذلك، وقضت الحكم بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، فيما لم تتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار، الذى يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق فى شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها سواء بالوفاة أو الترك، وفى عام 2011، فسرت المحكمة الدستورية الحكم بأن تكون لمرة واحدة.
 
وأثر هذا الحكم، هو عدم جواز امتداد العقد إلى أقارب المستأجر المقيمين معه بحيث يكون مقتصرا على جيل واحد فقط من ورثة المستأجر الأصلى وهو «الأبناء والزوجات والوالدين»، ويبدأ العقد معهم وينتهى بوافاتهم، بشرط الإقامة الهادئة المستقرة لمدة سنة على الأقل قبل وفاة المستأجر الأصلى.
 
ثانيا: تحديد أجرة الإيجار، فقد نص القانون على تشكيل لجنة فى كل محافظة، وتحدد قيمة الإيجار المناسب لكل منطقة والزيادة السنوية لها، بشرط لا يتم زيادة قيمة الزيادة السنوية للإيجار على 7% من قيمة الأرض عند الترخيص، والمبانى طبقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء، وعرف ذلك بـ«تأبيد الأجرة وزياتها»، وبالتالى يقوم المستأجر أو ورثته من الدرجة الأولى بدفع قيمة إيجارية زهيدة مع حظر زيادتها على 7% كل عام، كما أن هذا الحكم يخص الأماكن السكنية فقط، مثل الشقق السكنية، وليست للأغراض التجارية والصناعية كالمحال.
 
ووفقا لمنطوق الحكم، فإن موعد تنفيذ الحكم، سيكون فى اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى الحالى لمجلس النواب، وهو ما يعنى ضرورة قيام البرلمان من الآن وحتى فض دور الانعقاد بصياغة مشروع قانون بتعديل الفقرتين الأولى من المادتين 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 الخاص بقيمة الزيادة السنوية للإيجار بالنسبة للوحدات السكنية المؤجرة بهذا القانون، علما بأن دور الانعقاد العادى بدأ فى شهر أكتوبر 2024 الجارى، ويستمر لمدة تسعة أشهر، وعقب انتهائه، يبدأ تنفيذ الحكم أى يرجح فى يونيو أو يوليو 2025.
 
وهناك أثران على المواطنين سواء مالكين للشقة السكنية أو مستأجرين بالإيجار القديم، الأول إذا أصدر مجلس النواب قبل يوليو 2025 تشريعا، ينظم نسبة الزيادة فى قيمة الأجرة، بحيث تكون هناك زيادة فى ضعف الزيادة الحالية بالنسبة للعقارات المبنية قبل تاريخ القانون عام 1981، كذا زيادة ضعف الزيادة الحالية بالنسبة للعقارات المبنية بعد القانون، ومن ثم تكون هناك زيادة فى الأجرة، وكذا رفع الزيادة السنوية، وتطبيقها من المدة التى سيحددها التشريع الجديد.
والثانى، أما إذا لم يصدر مجلس النواب تشريعا، وتم تنفيذ الحكم، فإنه من حق الملاك تقديم دعاوى طرد للمستأجر، استنادا لحكم الدستورية، وعدم تنفيذه.
من جانبه، قال النائب محمد الفيومى، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن حكم الدستورية ملزم لجميع مؤسسات الدولة سواء الحكومة أو البرلمان، وبالتالى، سوف يحرك الملف بوتيرة أسرع، لافتا إلى أن أول تحرك من لجنة الإسكان بمجلس النواب، هو قراءة حكم المحكمة الصادر بشأن قانون الإيجار القديم بشكل تفصيلى، ودراسته وبحثه، وبناء على ذلك سوف تتحرك اللجنة، مشيرا إلى أن لجنة الإسكان، قد أصدرت عددا من التوصيات بشأن قانون الإيجار القديم، تتمثل فى ضرورة تنفيذ التكليفات الرئاسية بتعديل القوانين، التى تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فى ظل قوانين الإيجارات القديمة، بهدف إقامة التوازن، الذى غاب عن تلك العلاقة التعاقدية لعقود طويلة، فى الحقوق والالتزامات.
 
وأوضح الفيومى، أن حسم مشروع قانون الإيجار القديم، لتوفير توازن فى العلاقة بين المستأجر والمؤجر، من أهم التشريعات، التى يجب خروجها للنور، مؤكدا أنه سيصدر قانون لبحث زيادة القيمة الإيجارية، وأن القانون سيصدر متوازنا، وسيتم النظر لآراء الملاك والمستأجرين، مشيرا إلى وجود تكليف للجنة الإسكان لدراسة موضوع الإيجارات فى الإيجار القديم، وتم عمل دراسة محترمة، تساعد فى اتخاذ القرار، وتمت دراسة أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة فى هذا الشأن والقوانين التى صدرت من 1920 وحتى الآن، وإحصاءات عدد الشقق والمساكن، وعدد ما يتم شغله للسكن أو غير السكن سواء تجارى أو صناعى أو تجارى وعدد الشقق المغلقة، أى أن جزءا كبيرا من المهمة جاهز، ولن تتم مساواة القيمة الإيجارية لشقة فى جاردن سيتى بأخرى فى بولاق أو شبرا، ولدينا الكثير من الحلول والآراء، التى ستحدث التوازن بين طرفى العقد.
 
وشدد الفيومى على أن مجلس النواب حريص على تحقيق التوازن والعدالة فى مناقشة ملف قانون الإيجار القديم، موضحا أن رئيس المجلس سيحيل تفاصيل الحكم للجنة، وسيستكمل بحث الملف من أجل تحقيق دراسة مستفيضة للملف بكل أبعاده فى ضوء الحكم، تمهيدا لإقرار مشروع قانون جديد، مشددا أنه تم عقد سلسلة كبيرة من الحوار المجتمعى، وأصبح لدى المجلس تصورات مختلفة من طرفى العلاقة، تساعد على وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة، التى تتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق فى المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية.
 
من جهته، أكد النائب أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن حكم المحكمة الدستورية العليا تاريخى وملزم ويستحق الإشادة، خاصة أنه رفع الحرج عن الجميع، ووضع المالك والمستأجر أمام حالة مرضية للطرفين، موضحا أن هناك تقريرا جاهزا بالفعل بشأن ملف قوانين «الإيجار القديم»، بما فى ذلك تقييم أثرها التشريعى، تم إعداده من قبل مجموعة عمل، تم تشكيلها بين الحكومة والبرلمان خلال السنوات الماضية، وضمت رئيسى لجنة الإدارة المحلية، ورئيس لجنة الإسكان آنذاك، والتى وصلت لتفاهمات طيبة بشأن تصور جديد لمسودة مشروع قانون، ضمت أفكارا مختلفة، إضافة إلى تقرير لجنة الإسكان الحالية فى البرلمان، والذى أعدته على أثر تكليف المستشار حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب لها فى دور الانعقاد الرابع.
 
ولفت «السجينى» إلى أن الأمر سيخرج بتوازن، خاصة أن البرلمان يقف على مسافة واحدة بين طرفى الانتفاع، ويحرص على تحقيق حقوق الملاك مع الحفاظ على السلم الاجتماع، منوها بأنه سيتم عمل دراسة مستفيضة للحيثيات، وبناء عليه سيتم العمل على التشريع، قائلا: «النهج الرئيسى هو أن ما لا يدرك كله، لا يترك كله، أما التساؤلات حول مبدأ امتداد العقود، فهذا الأمر محسوم، ومقيد بحكم سابق للمحكمة الدستورية، محدد فيه فئات المستفيدين بالامتداد».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق