من 2014 حتى 2024.. الإنجازات تواجه الشائعات.. المشروعات القومية الكبرى والنقلة الحضارية في ملفات الصحة والطاقة والصناعة والإسكان توجه الضربة القاضية لمروجي الأكاذيب
السبت، 16 نوفمبر 2024 01:22 ممحمد الشرقاوى
استمرار الإصلاحات مع التوترات الإقليمية والأوقات العصيبة دليل قدرة الدولة على مواصلة التقدم والنمو
شهدت مصر خلال السنوات العشر الماضية، منذ 2014 وحتى 2024، تحولا جذريا فى مختلف القطاعات، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أكد مرارا أن التوقف عن التنمية يعاكس طبيعة التحديات والتغيرات المحيطة.
ومن هذا المنطلق، انطلقت جهود ضخمة لتأهيل البنية التحتية وإطلاق مشروعات قومية كبرى تستهدف تحسين واقع الدولة وإرساء دعائم «الجمهورية الجديدة»، وهو ما ارتكزت عليه جهود الدولة فى تحقيق نقلة نوعية فى القطاعات الأساسية كالصحة، والطاقة، والصناعة، والإسكان، لتشمل التنمية الشاملة كل أرجاء البلاد.
وفى ضوء هذه التحولات، حققت مصر إنجازات شاملة انعكست بشكل ملموس على واقع الحياة اليومية للمواطن المصرى، ما يجعل من هذه الفترة علامة فارقة فى مسيرة الدولة نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا، وكانت هذه الإنجازات ولا تزال هى أقوى رد على حرب الشائعات التى تستهدف الدولة المصرية.
وشهد الاقتصاد المصرى خلال العقد الأخير تحديات كبيرة وضغوطا متعددة، بدءا من الأزمات العالمية مثل جائحة كورونا وحرب روسيا على أوكرانيا، وصولا إلى أحداث إقليمية متصاعدة، ورغم هذه التحديات استطاع الاقتصاد المصرى أن يحقق تقدما ملحوظا، خاصة فى تعزيز الاحتياطى النقدى الأجنبى الذى قفز إلى مستويات قياسية، حيث بلغ 46.1 مليار دولار فى مايو 2024، بزيادة قدرها 29.5 مليار دولار مقارنة بعام 2014.
وركزت القيادة السياسية على تحسين الاقتصاد من خلال إصلاحات جذرية، مثل تحرير سعر صرف الجنيه المصرى فى 2016، مما ساهم فى القضاء على السوق السوداء للدولار وزيادة تدفقات النقد الأجنبى، ورغم الأزمات استمرت السياسات النقدية فى تعزيز الاحتياطى، حيث تم تنفيذ برامج إصلاحية هيكلية مع صندوق النقد الدولى، مما أسهم فى تحقيق استقرار الاقتصاد المصرى.
وتعد هذه الإنجازات، رغم الأوقات العصيبة، دليلا على قدرة الدولة على مواصلة التقدم والنمو حتى فى ظل الأزمات العالمية، مع التأكيد على ضرورة استمرار الإصلاحات لضمان استدامة النمو الاقتصادى.
وفى قطاع الأعمال، تركزت جهود الدولة على تطوير الشركات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، بهدف تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتشمل هذه الجهود مشاريع فى قطاعات متنوعة مثل الطاقة، حيث تم تطوير محطة طاقة شمسية لتغذية شركة مصر للألومنيوم، مما يسهم فى زيادة الإنتاج وتوسيع الصادرات، وفى قطاع الغزل والنسيج يتم تنفيذ مشروع تطوير شامل يشمل 65 مصنعا لزيادة الإنتاج وتحسين جودة المنتجات المصرية.
كما تم تحديث قطاع الأدوية عبر رفع كفاءة خطوط الإنتاج وتوسيع الأسواق المحلية والدولية، بينما تسعى وزارة قطاع الأعمال إلى تطوير الصناعات المعدنية والتعدينية لزيادة الإنتاج المحلى والصادرات.
كما نجحت الدولة خلال العشر سنوات الماضية فى تعزيز بيئة الاستثمار عبر تحسين البنية التحتية وتوفير مشروعات استثمارية جاهزة بأسعار تنافسية، بالإضافة إلى منح حوافز ضريبية وغير ضريبية لجذب الاستثمارات، ففى عام 2023 حققت مصر أعلى تدفق استثمارى فى أفريقيا، حيث بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 10 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز 40 مليار دولار بحلول نهاية 2024.
واتخذت الحكومة عدة قرارات لتسهيل جذب الاستثمارات، بما فى ذلك تخفيض تكاليف تأسيس الشركات، إصدار الرخصة الذهبية، وتوسيع نطاق التملك للأجانب، كما تم تعديل بعض التشريعات لتسهيل الإجراءات وتحفيز القطاع الخاص، مثل تسريع رد الضريبة على القيمة المضافة وتحسين ترتيب مصر فى مؤشر سهولة ممارسة الأعمال.
وبلغ صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر 10 مليارات دولار فى العام المالى 2023/2022، بزيادة 12.4 % مقارنة بالعام السابق. وتجاوزت مصر مستهدفاتها لعام 2024 بفضل مشاريع مثل رأس الحكمة ومشروعات الهيدروجين الأخضر.
انتعاشة سياحية بأياد مصرية
لم يكن قطاع السياحة ببعيد، فقد شهد خلال السنوات الأخيرة نموا كبيرا بفضل الدعم الحكومى والمبادرات المختلفة التى شملت تحسين الخدمات السياحية وتنشيط السوق المصرى، وتم تطوير المنتج السياحى المصرى ليشمل سياحات متنوعة مثل الشواطئ، الثقافة، الدين، المغامرات، والغوص، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات استراتيجية مثل إطلاق البوابة المصرية للحج والعمرة، وتيسير الإجراءات لدخول مصر لأكثر من 180 جنسية، مما ساهم فى زيادة الحركة السياحية.
كما اهتمت الدولة بتطوير قطاع الآثار من خلال العديد من الاكتشافات الأثرية والترميمات، وكذلك تنظيم معارض دولية مثل معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» الذى حقق نجاحا كبيرا فى سيدنى، أستراليا، وهذه المعارض تسهم فى الترويج للمقصد السياحى المصرى، خاصة السياحة الثقافية.
كما عملت الحكومة المصرية على تحسين بنية قطاع السياحة من خلال توفير بيئة استثمارية جذابة وداعمة، وتم إصدار قوانين جديدة مثل القانون رقم 27 لسنة 2023، لتنظيم الغرف السياحية وتعزيز كفاءتها، بما يسهم فى تطوير السياسات السياحية وزيادة عدد المنشآت السياحية، بالإضافة إلى ذلك اعتمدت وزارة السياحة والآثار على تكنولوجيا حديثة لتحسين تجربة السياح، مثل ميكنة الخدمات وتوفير سرعة الإنترنت فى المنشآت السياحية، ما يرفع من جودة الخدمة ويعزز القدرة التنافسية لمصر كوجهة سياحية عالمية.
وشهدت وزارة السياحة والآثار اهتماما خاصا بتطوير السياحة الداخلية من خلال حملات ترويجية مبتكرة مثل «شتى فى مصر»، التى شجعت المواطنين على اكتشاف المقاصد السياحية المحلية، وقد أسهمت هذه المبادرات فى زيادة الوعى السياحى المحلى وتعزيز الثقافة السياحية لدى الجمهور المصرى، بالإضافة إلى استقطاب مزيد من السياح من الأسواق العالمية المتنوعة، بما يعزز من مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية.
تحسين التعليم وتطوير المناهج
أولت القيادة السياسية لملف التعليم اهتماما خاصا، حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات لتحسين وتوسيع فرص التعليم للجميع، بما يشمل إنشاء المدارس وتطوير المناهج الدراسية، فقد تم تنفيذ 7630 مشروعا لبناء مدارس جديدة بتكلفة 39 مليار جنيه، مع التركيز على محو الأمية، حيث تم محو أمية 5 ملايين شخص، كما تم تسليم 3.3 مليون تابلت مزود بخدمة إنترنت 4G للطلاب، فضلا عن تجهيز 9246 مختبرا وتوفير آلاف الشاشات الذكية فى المدارس، مما يعزز استخدام التكنولوجيا فى العملية التعليمية، بالإضافة إلى إطلاق عدة مبادرات للنهوض بالتعليم الفنى والعالى، حيث تم تدشين استراتيجية لإصلاح التعليم الفنى وتطوير المناهج، بالإضافة إلى التوسع فى مدارس STEM للمتفوقين.
وفى إطار المبادرات الرئاسية، تم تنفيذ مشاريع تعليمية تحت إطار «حياة كريمة»، حيث تم توفير تعليم للطلاب فى القرى الأشد احتياجا، كما عملت الدولة على تعزيز التعليم الأزهرى بما يتوافق مع العصر، بالإضافة إلى تخصيص حقوق التعليم للأشخاص ذوى الهمم وفقا لقانون رقم 10 لسنة 2018.. ومن ناحية أخرى أطلقت مشروعات لتطوير التعليم الفنى بما فى ذلك إنشاء هيئة مستقلة لضمان الجودة والاعتماد، لتحسين المخرجات التعليمية وتواكب احتياجات سوق العمل.
صحة المصريين فى يد أمينة
شهد قطاع الصحة فى مصر تطورا ملحوظا خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث تم تعزيز الخدمات الصحية عبر مبادرة «100 مليون صحة»، التى ساعدت فى فحص نحو 70 مليون مواطن، كما شهد القطاع زيادة كبيرة فى الإنفاق، حيث بلغ 128.1 مليار جنيه فى 2022-2023 مقارنة بـ30.8 مليار فى 2013-2014، فقد تم تنفيذ 1139 مشروعا لتطوير المستشفيات والمراكز الصحية بتكلفة 91.5 مليار جنيه، إضافة إلى تطوير منشآت صحية حيوية مثل مستشفيات الحميات والصدر بميزانية إجمالية بلغت 967 مليون جنيه.
وطورت الدولة العديد من المنشآت الصحية، من بينها مستشفيات جامعية، حيث ارتفع عددها إلى 125 مستشفى فى 2023، كما تم تعزيز كفاءة الفرق الطبية من خلال تدريب أكثر من 100 ألف ممرض وممرضة، وإطلاق مبادرات صحية مثل تطوير الزمالة المصرية. إلى جانب ذلك، تمت مواجهة جائحة كوفيد- 19 بزيادة الطاقة الاستيعابية للمستشفيات وتحسين إجراءات الحجر الصحى، فضلا عن التوسع فى مشاريع التأمين الصحى الشامل الذى بدأ فى 2019.
ومن بين المشروعات القومية الصحية، تم تنفيذ 1214 مشروعا بتكلفة تجاوزت 144.8 مليار جنيه، تضمنت إنشاء وتطوير مستشفيات ومراكز طبية فى جميع أنحاء البلاد، تتضمن هذه المشروعات 810 مشروعات تم الانتهاء منها و404 مشروعات جار تنفيذها، يتوقع أن يتم الانتهاء من العديد من المشاريع فى 2025-2026، بما فى ذلك مستشفيات جديدة ومراكز طبية مجهزة بطاقة استيعابية كبيرة.
طفرة فى قطاع النقل والمواصلات
شهد قطاع النقل فى مصر خلال السنوات العشر الماضية إنجازات ضخمة فى إطار الخطة الشاملة لتطوير المنظومة، بتكلفة إجمالية وصلت إلى 2 تريليون جنيه. من بين هذه التكلفة تم تخصيص 530 مليار جنيه لقطاع الطرق والكبارى، و225 مليار جنيه للسكك الحديدية، و1100 مليار جنيه للأنفاق والجر الكهربائى، و129 مليار جنيه للموانئ البحرية، و15 مليار جنيه للموانئ البرية والجافة، و4 مليارات جنيه للنقل النهرى.
فى مجال الطرق والكبارى، تم إنجاز العديد من المشاريع الضخمة مثل المشروع القومى للطرق، الذى يهدف إلى ربط شبكة الطرق بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى تقليل تكاليف المحروقات الناجمة عن الاختناقات المرورية، فقد تم إنشاء 7000 كم من الطرق الجديدة بتكلفة 175 مليار جنيه، ونفذت 6300 كم منها بتكلفة 155 مليار جنيه، كما تم تطوير وازدواج 10 آلاف كم من الطرق الحالية بتكلفة 130 مليار جنيه.
أما فى مجال السكك الحديدية، فشهدت تطويرات كبيرة تهدف إلى زيادة الطاقة الاستيعابية لنقل الركاب والبضائع، وشملت المشاريع تطوير الوحدات المتحركة مثل توريد جرارات وقطارات جديدة، بالإضافة إلى تجديد السكك وصيانة المزلقانات، وتطوير محطات السكك الحديدية.
فى مجال مترو الأنفاق والجر الكهربائى، تم تنفيذ مشاريع مهمة مثل افتتاح المرحلتين الأولى والثانية من القطار الكهربائى LRT، بالإضافة إلى توسيع شبكة المترو، كما تم تنفيذ خطين للمونوريل، إضافة إلى مشاريع للقطارات السريعة.
يشير هذا التطوير الشامل إلى التزام الحكومة المصرية بتحقيق تقدم ملموس فى مجال النقل لتلبية احتياجات النمو السكانى وتعزيز الاقتصاد، مع التركيز على توفير بيئة أكثر أمانا وأقل تلوثا.
ريادة إقليمية وثقل دولى
شهدت السياسة الخارجية المصرية فى عهد الرئيس السيسى تحولا استراتيجيا، حيث نجحت مصر فى تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية من خلال التوازن فى العلاقات الدولية واحترام سيادة الدول، فقد ركزت مصر على تطوير العلاقات مع أفريقيا، حيث دعمت الأمن والتنمية فى القارة وسعت لتوطيد روابطها الاستراتيجية، وخاصة فى ملف الأمن المائى، وفى الدائرة العربية لعبت مصر دورا حيويا فى تسوية الأزمة الليبية ودعمت الحقوق الفلسطينية بشكل ثابت.
كما عملت مصر على توسيع تعاونها الاقتصادى مع آسيا، وخاصة مع الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق، مستفيدة من موقعها الاستراتيجى، وفى أوروبا أسهم تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط والتحالفات مع اليونان وقبرص فى تعزيز نفوذ مصر الإقليمى بمجال الطاقة، أما مع الولايات المتحدة، فاستأنفت مصر الحوار الاستراتيجى لتشجيع الاستثمارات، وسعت لتعميق التعاون مع أمريكا اللاتينية عبر اتفاقيات تجارية، ما يعكس تحول السياسة المصرية إلى نموذج متوازن يدعم مصالحها ويعزز استقلالها.
وبخصوص السياسة تجاه أوروبا تسعى مصر لجذب الاستثمارات الأوروبية لتنفيذ مشروعات قومية كبرى، مثل مشروعات البنية التحتية والطاقة المتجددة، كما تعمل على زيادة الصادرات المصرية إلى أوروبا وتعزيز التبادل التجارى بين الجانبين، بالإضافة إلى تحقيق التعاون فى مجالات الحفاظ على الأمن والاستقرار، ومعالجة قضايا الهجرة، وتعزيز الحوار الثقافى.
ومنذ 2014، أعادت مصر بقيادة الرئيس السيسى بناء دورها الريادى فى أفريقيا، مدافعة عن حق القارة فى السلام والتنمية، من خلال سياسة خارجية توازن بين الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، عززت مصر علاقاتها الإقليمية، خاصة مع الدول الأفريقية والعربية، وأسهمت فى حل الأزمات ودعم مشاريع التنمية.
وتأكيدا على انتمائها الأفريقى، تولت مصر قيادة ملفات مهمة كإعادة الإعمار والتنمية فى أفريقيا، واستضافت مقرات لوكالات الاتحاد الأفريقى، ما يعزز دورها المحورى، وركزت السياسة المصرية على التكامل مع أفريقيا، مستندة إلى رؤية شاملة للتعاون فى مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة، بما يسهم فى تحقيق التنمية الشاملة للقارة.