لعبة «القط والفأر» بين طهران وتل أبيب تدفع المنطقة نحو الحرب

الأحد، 03 نوفمبر 2024 06:16 م
لعبة «القط والفأر» بين طهران وتل أبيب تدفع المنطقة نحو الحرب

حالة من التوتر تشهدها المنطقة بأسرها، جراء التوسع المتعمد في رقعة الصراع، من قبل الاحتلال، والذي يتحرك نحو إشعال حرب إقليمية، وهو ما بدا واضحا في التحولات التي شهدتها المنطقة منذ ما يقرب من ثلاثة عشرة شهرا، وتحديدا مع اندلاع طوفان الأقصى، وما تبعه من العدوان على غزة، والذي شهد العديد من الامتدادات الجغرافية، نحو لبنان وسوريا مرورا باليمن، وحتى المناوشات مع إيران، وهو الأمر الذي ينذر بكوارث كبرى، حال العجز الدولي عن احتواء الأوضاع في المنطقة، والتي لن تقتصر بأي حال من الأحوال على المنطقة، وإنما قد تمتد في تداعياتها إلى العديد من المناطق الأخرى، خاصة فيما يتعلق بالبعد الاقتصادي، والتداعيات المترتبة على الصراع في العديد من القطاعات الحيوية.
 
ولعل دخول إيران على خط الصراع، في منطقة الشرق الأوسط، خلال المواجهات الأخيرة، يمثل هدفا إسرائيليا بامتياز، وهو ما بدا على العديد من الأصعدة، ربما أبرزها محاولات الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو استقطاب التعاطف الدولي، بعدما تراجع دعم حلفاء تل أبيب الغربيين خلال الأشهر الماضية، جراء النهج المتعنت التي تتبناه في إدارة المعركة في غزة، ناهيك عما ارتكبته قوات الاحتلال من انتهاكات تندى لها الأجبان، في حين أنها لم تسفر لشهور طويلة في تحقيق الأهداف المعلنة من الحرب، وعلى رأسها القضاء على الفصائل.
 
استدعاء «الشبح» الإيراني بدا واضحا في الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونجرس في يوليو الماضي، حيث أكد مرارا وتكرارا أمام الأعضاء من الجمهوريين، والمعروفين بتشددهم تجاه طهران، في ظل مقاطعة ديمقراطية، أن معركة إسرائيل ليست في مواجهة الفصائل في فلسطين ولبنان، وإنما في واقع الأمر أمام الدولة الفارسية التي تمثل الظهير الأكبر لهم، وهو الأمر الذي يهدف إلى تعزيز التعاطف الشعبي في الداخل الأمريكي مع إسرائيل من جانب، بالإضافة إلى تهيئة الإدارة الجديدة، حال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، نحو انتهاج سياسات داعمة لتل أبيب، تهدف في الأساس إلى إطالة أمد المعركة، وهو ما يصب لصالح نتنياهو شخصيا، والذي يسعى للبقاء على رأس السلطة.
 
بينما تبقى المواجهة مع إسرائيل بمثابة استثمار سياسي بدا رابحا لسنوات بالنسبة للنظام الإيراني، في ظل حاجة طهران إلى مواصلة تقديم نفسها باعتبارها القائد الفعلي لما يسمى بـ «الممانعة»، ومن خلال تبادل الضربات مع إسرائيل، من قبل عبر أذرعها في المنطقة، بينما تحولت الأمور إلى الضربات المباشرة، حتى وإن كانت دون جدوى على صعيد التأثير العسكري أو السياسي.
 
إلا أن استمرار المواجهة بين إسرائيل وإيران، وإن كان يحقق مصالح ضيقة لصالح شخص نتنياهو أو على نطاق الزمرة الحاكمة في طهران، فإنه يحمل تداعيات كارثية، ربما أبرزها على الأوضاع الداخلية في كلا منهما، فكلاهما يواجه أوضاع اقتصادية صعبة وغضب شعبي، ناهيك عن تراجع كبير في المشهد الأمني مع الاختراقات العسكرية المتبادلة، مع تبادل إطلاق الصواريخ، وما يحمله ذلك من تهديد صريح لأمن المواطنين سواء هنا اوهناك.
 
في حين تبقى المنطقة بأسرها على شفا حرب إقليمية شاملة، قد تأكل الأخضر واليابس، وهو ما يساهم بصورة كبيرة في تراجع أي أمل في خلق حالة من الثقة بين شعوب المنطقة، والقوى المتصارعة، سواء كانت إيران أو إسرائيل، وذلك بعد جهود بذلتها كلا منهما في السنوات الأخيرة لتطبيع العلاقة مع دول المنطقة، وعلى الأخص الدول العربية، خاصة وأن استمرار ما يمكن تسميته بـ «لعبة القط والفأر» بين طهران وتل أبيب لن يفيد على صعيد القضية الفلسطينية، بينما سيحمل آثارا صعبة على الصعيدين الأمني والاقتصادي.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق