"الشفافية" شعار البرنامج الحكومى.. مواجهة التحديات وإعادة بناء المستقبل.. استراتيجية الوزارة لتحقيق العدالة الاجتماعية

السبت، 02 نوفمبر 2024 03:09 م
"الشفافية" شعار البرنامج الحكومى.. مواجهة التحديات وإعادة بناء المستقبل.. استراتيجية الوزارة لتحقيق العدالة الاجتماعية
هبة جعفر

منذ تولى حكومة «مدبولى» المسئولية فى يوليو الماضى، أعلنت عن نفسها كحكومة «تحديات»، حيث واجهت ظروفا صعبة فى وقت تمر به مصر والعالم بأزمات اقتصادية متلاحقة، عملت الحكومة على تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية، بدءا من قضايا الأمن القومى، مرورا ببناء الإنسان المصرى، وتعزيز الوعى الثقافى والاجتماعى، وتلبية احتياجات المواطنين من الخدمات الأساسية، خاصة التعليم والصحة، كما تواصل الحكومة مسار الإصلاح الاقتصادى وتسعى لإنهاء المشاريع والمبادرات التى بدأت فى السنوات السابقة، كما تركز جهودها على الحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، فى إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادى فى جميع القطاعات.
تتبنى الحكومة سياسة جديدة تتمثل فى الشفافية الكاملة، حيث تُعلن بوضوح عن خطواتها وإجراءاتها للمواطنين، موضحة الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية، وخطتها لمواجهة التحديات، ويتم بث اجتماعات أسبوعية تُناقش فيها القرارات الحكومية وآليات التعامل مع الأزمات، مع تحديد مدد زمنية لإنهائها، من بين الملفات المهمة، تسعى الحكومة للتحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى، موضحة كيفية تحقيق ذلك على مدار عام ونصف، كما أكدت على شروط صندوق النقد الدولى، مشيرة إلى أنه سيتم تحريك أسعار المواد البترولية لتتناسب مع التكلفة، مع توجيه الدعم لمستحقيه، مع ضمان عدم رفع أسعار المحروقات خلال الستة أشهر المقبلة، ما يعكس التزام الحكومة بالشفافية واستقرار الأسعار، والتحديات التى تواجه البرنامج الحكومي.
وخلال تقديم وشرح البرنامج الجديد للحكومة بعنوان «معا نبنى مستقبلا مستداما» استعرض رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس النواب طبيعة التحديات التى تواجه الدولة، وإنها ذات وجوه متعددة؛ الأول يرتبط بـ«تطوير البنية التحتية، ومشروعات الطاقة، واستصلاح الأراضى وتطوير الصناعة، وتطوير العشوائيات، وتوفير الإسكان الاجتماعى لقطاعات عريضة من السكان، وإتاحة شبكة حماية اجتماعية متكاملة للفئات الأكثر احتياجا، وتطوير خدمات الصحة والتعليم مع تقديم مبادرات تنموية كبرى».
وحين وضعت الحكومة البرنامج لم تكن بمعزل عن الأحداث السياسية التى يشهدها العالم من حروب إقليمية ألقت بظلالها على الأوضاع الاقتصادية فى مصر، بداية من الأزمة الاقتصادية العالمية التى ترتبت على الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من تعطل لحركة الأسواق العالمية، وتسببت فى زيادة غير مسبوقة فى الأسعار، وأثرت على مستوى العرض لسلع بعينها بالإضافة للصراعات التى يشهدها الإقليم، والتى كان آخرها الحرب الظالمة التى تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة الغربية، وتبذل مصر جهودا كبيرة فى مواجهة هذه التحديات الإقليمية ولعبت مصر دورا كبيرا عربيا ودوليا لوقف الحرب فى غزة والعمل على إعلان دولة فلسطين المستقلة، وكان لهذه الحرب تداعياتها شديدة السلبية على موارد الاقتصاد المصرى، وعلى رأسها إيرادات قناة السويس، والتهديدات الحالية لحركة التجارة الدولية فى منطقة البحر الأحمر».
وعود وأهداف البرنامج الحكومى
وضعت الحكومة مواعيد زمنية واضحة لتحقيق أهداف برنامجها الجديد، حيث تسعى خلال ثلاث سنوات لتحقيق الاستقرار السياسى وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد وتعزيز دور المحليات من خلال إصدار قانون الإدارة المحلية الجديد، هذا القانون سيوضح اختصاصات المستويات المحلية ويعزز أنظمة التخطيط التشاركى، وتنمية الإيرادات الذاتية للمحافظات، وزيادة مساهمة قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى 38% من الناتج المحلى الإجمالى بحلول عام 2026-2027، مع خفض معدل البطالة إلى 6.7%، وهو أدنى مستوى خلال عشرين عاما، وتحقيق معدل نمو يبلغ 4.2%.
اقتصاديا، تستهدف الحكومة جذب 30 مليون سائح بحلول عام 2028 وزيادة الصادرات بنسبة تزيد على 15% سنويا، وتحقيق مكاسب اقتصادية تتراوح بين 10 و18 مليار دولار من مشاريع الهيدروجين الأخضر، وأن تصبح مصر مركزا عالميا لإنتاج هذا الغاز بحلول عام 2030، كما تضمن البرنامج توفير حلول عاجلة لمشكلات المجتمع، خاصة أزمة انقطاع الكهرباء، والقضاء على هذه المشكلة نهائيا خلال النصف الأول من البرنامج، بتدبير 2.5 مليار دولار لضمان استقرار التيار الكهربائى، وتعهدت أيضا بتوفير السلع والخدمات الغذائية فى الأسواق مع تعزيز الرقابة عليها.
ماذا قدمت الحكومة للشعب من برنامجها الجديد؟
تسعى الحكومة إلى دعم المواطنين، وخاصة الأسر الأكثر احتياجا، من خلال تعزيز برامج الحماية الاجتماعية. فى هذا السياق، تم تخصيص 150 مليار جنيه لمبادرة «حياة كريمة» فى موازنة العام المالى الحالي. تهدف هذه الزيادة إلى تخفيف آثار التضخم على الأسر الضعيفة وتحسين مستوى المعيشة بشكل عام. خلال الثلاثة أشهر الماضية، تمت إضافة 173 ألف أسرة جديدة إلى البرنامج، ما يعكس التزام الحكومة بتوسيع نطاق المساعدة الاجتماعية وتلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفا.
كما أطلقت الحكومة مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» كجزء من جهودها لتحسين جودة الحياة فى جميع المحافظات، تعتبر هذه المبادرة من أهم عناصر مشروع «رؤية مصر 2030»، التى تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، تشمل أهداف المبادرة تحسين جودة التعليم والصحة والثقافة، بالإضافة إلى توفير فرص العمل. يتطلب ذلك تعاونا تكامليا بين الجهات الحكومية والمجتمع المدنى، مما يسهم فى بناء أجيال قادرة على الإبداع والابتكار من خلال تعزيز المهارات البشرية وتطوير البنية التحتية الاجتماعية.
ونجحت الحكومة فى الوفاء بوعودها بتوفير السلع الغذائية بأسعار منخفضة، وهو ما يسهم فى ضبط حركة الأسواق، قامت وزارة التموين بطرح جميع السلع الأساسية مثل الأرز واللبن والزيت والسكر بأسعار مخفضة، وذلك من خلال 1060 منفذا موزعة على مستوى الجمهورية، علاوة على ذلك، تم التعاون مع مبادرة «حياة كريمة» لتوفير اللحوم والدواجن بأسعار مخفضة من خلال منافذ متنقلة، وهو ما لاقى إقبالا جماهيريا واسعا.
وفى إطار دعم الحكومة للقطاع الخاص، تم اتخاذ خطوات هامة لتسهيل التوسع فى هذا القطاع، أصدرت الحكومة قرارات تمنع غلق أى منشأة صناعية إلا بعد صدور قرار وزارى، ما يعزز من استقرار البيئة الصناعية، كما تم وضع ضوابط للتفتيش على المصانع وقرارات غلقها، ومن خلال تحديد ضوابط لعدم التنازل عن الأراضى الصناعية، تسعى الحكومة إلى التصدى لمشاكل السماسرة وضمان عدم بيع الأراضى إلا بعد استيفاء الشروط اللازمة.
ولتعزيز الثقة بين مجتمع الأعمال ومصلحة الضرائب، أصدرت الحكومة حزمة جديدة من التسهيلات الضريبية، تهدف هذه الحزمة إلى فتح صفحة جديدة تقوم على الشفافية، مما يعزز من فرص المستثمرين فى التوسع وزيادة الإنتاج، كما تركز هذه التسهيلات على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 التى تهتم بجذب الاستثمارات.
وتعد مسألة توفير العلاجات الناقصة فى الأسواق من التحديات التى واجهت الحكومة، إلا أن رئيس الوزراء أكد أن الأزمة ستحل خلال ثلاثة أشهر، فى الأسبوع الماضى، تم إعلان توافر 95% من الأدوية الأساسية، بما فى ذلك أدوية الضغط والسكر. كما تغطى الدولة 91% من إنتاج الأدوية محليا، وهو ما يعد من النسب المرتفعة عالميا، تسعى الحكومة أيضا إلى توطين صناعة الأدوية البيولوجية وأدوية الأورام، فى ظل الحاجة الملحة لمواجهة التكاليف المرتفعة لهذه الأدوية.
تطوير سيناء
تمثل سيناء أحد الخطوط المهمة فى الاستراتيجية الحكومية لتحقيق الأمن القومي. ولأول مرة منذ أكثر من 50 عاما، عادت حركة القطارات إلى سيناء، بتدشين خط قطارات يربط بين غرب وشرق القناة، لربط جميع المناطق التنموية بشبكة النقل، ما يعزز من جهود الحكومة فى تنمية سيناء بأسرع معدل ممكن.
وفى الإسكان، تركز الحكومة على التوسع فى إنشاء مدن الجيل الرابع وتوفير وحدات الإسكان لمتوسطى ومنخفضى الدخل ضمن مبادرة «سكن لكل المصريين» خلال أيام، ستعلن وزارة الإسكان طرح أكبر عدد من الوحدات السكنية فى مختلف المحافظات كما تم اتخاذ خطوات لتخفيف الأعباء المالية على المواطنين، مثل الإعفاء من 70% من غرامات التأخير على الأقساط المستحقة، وهو ما يسهم فى تحسين قدرة المواطنين على تسديد مستحقاتهم.
وتعتمد الحكومة على التعاون الفعال بين جميع جهات الدولة لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال التنسيق بين مختلف القطاعات، تسعى الحكومة إلى تحقيق نتائج ملموسة فى كافة المجالات، مما يعكس رؤية شاملة للتنمية، يُظهر ذلك التزام الحكومة بتحقيق تقدم مستدام يساهم فى تحسين حياة المواطنين بشكل عام.
وتولى الحكومة أهمية كبيرة للتعليم والرعاية الصحية، حيث تُعتبر هاتان المجالان ركيزتين أساسيتين فى أى برنامج تنموى، تستهدف الحكومة تحسين مستوى التعليم من خلال تطوير المناهج وتوفير بيئة تعليمية مناسبة، بالإضافة إلى تعزيز الرعاية الصحية من خلال زيادة مخصصات وزارة الصحة وتطوير المستشفيات والمراكز الصحية.
وفى خطوة إيجابية، شهد الدين العام الخارجى لمصر اتجاها نزوليا قويا، حيث أظهرت المؤشرات الأخيرة تراجعه بأكثر من 15 مليار دولار، نحو 15.149 مليار دولار، ما يمثل انخفاضا بنسبة 9.9% خلال النصف الأول من العام الجارى «يناير إلى يونيو» مقارنة بنهاية ديسمبر الماضى، وتوقع صندوق النقد الدولى تحسنا كبيرا فى عجز الميزانية العامة للدولة، حيث يتوقع أن يبلغ العجز 7.0% من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2024، ومع استمرار الإصلاحات المالية، يُتوقع أن ينخفض إلى 2.7% بحلول عام 2029.
أما على صعيد الإيرادات الحكومية، فمن المتوقع أن ترتفع من 20.3% من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2024 إلى 21.7% بحلول عام 2029، كما أعلن البنك المركزى عن ارتفاع الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية خلال شهر سبتمبر الماضى بنحو 139 مليون دولار، ليصل إلى 46.736 مليار دولار، مقارنة بـ46.597 مليار دولار فى أغسطس السابق، هذه التطورات تشير إلى تحسن ملحوظ فى الوضع المالى والاقتصادى للبلاد، ما يعكس نجاح الحكومة فى تنفيذ استراتيجياتها الاقتصادية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق