الحكومة تفتح خط تواصل مع صندوق النقد لمراجعة توقيتات ومستهدفات البرنامج
السبت، 26 أكتوبر 2024 02:44 م
الصندوق يتوقع تراجع التضخم فى مصر إلى 21.2% نهاية يونيو.. ونمو بنسبة 4.1% فى العام المالى الحالى
توجيهات واضحة وصريحة وقوية بعث بها الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة من أجل التفاوض مع خبراء صندوق النقد الدولى، لمراجعة شروط الحصول على حزمة الدعم التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق، والتي بمواجبها تحصل على 8 مليارات دولار.
والأسبوع الماضى، أكد الرئيس السيسي في مداخلة خلال جلسة حوارية على هامش النسخة الثانية من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية، أن الأزمة الاقتصادية ومسار الإصلاح الاقتصادي الذي اتخذته مصر من خلال برنامج في 2016 نجاحنا فيه لا يعود فقط إلى الجهود التي بذلناها، ولكن أيضا إلى استقرار الأوضاع الإقليمية والدولية وهذا ليس واقعًا الآن، منبهاً إلى مخاطر التداعيات الدولية على الاقتصاد المصري وفي العالم، وقال "هناك حديث عن ركود اقتصادي محتمل خلال السنوات القليلة القادمة نتيجة التداعيات على الساحة الدولية، ونحن جزء من اقتصاد العالم وبالتالي فإن برنامجنا الاقتصادي الذي نعمل عليه حاليا، ونضع في الحسبان أن هناك تحديات نتيجة فقد 6 أو 7 مليارات دولار خلال الأشهر العشر الأخيرة، ويحتمل استمرار ذلك لمدة عام جديد حال استمرار التداعيات الدولية الراهنة، ولابد من مراجعة هذا البرنامج في حال ولد ضغوطًا على الناس بشكل لا يتحملونه".
وقال الرئيس السيسي "اتفقنا مع صندوق النقد وهذا أمر مهم، وأقول للحكومة ولنفسي أنه إذا كان هذا التحدي سيجعلنا نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس لابد من مراجعة الموقف ولابد من مراجعة الموقف مع الصندوق".
من جهته أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة تنظر مع صندوق النقد الدولى كيفية مراجعة التوقيتات والمستهدفات لبرنامج مصر، بما يتوافق مع المصلحة المصرية، مشيراً إلى أن الدولة تعي تماماً تأثير ارتفاع الأسعار على المواطن، ولا توجد حكومة ترغب في زيادة الأسعار، ولكن الحكومة تلجأ لذلك في إطار دراسة المنظومة، وانطلاقاً من إدراك حجم العبء المالي الكبير الذي تتحمله الدولة والحكومة، منوهاً إلى أن الدولة تحرص على تحمل الجزء الأكبر من الأعباء عن المواطن.
والأسبوع الماضى، توجه الوفد المصري برئاسة رئيس البنك المركزي ووزراء المالية والتخطيط والتعاون الدولى والاستثمار ورؤساء البنوك وممثلين لقطاعات حكومية وقطاع خاص إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، للمشاركة في الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولى، محملا برسالة واضحة، بضرورة التوصل إلى تعديل في الشروط المفروضة من صندوق النقد الدولى.
ويأتي التفاوض في ظل التزام مصر بسداد كافة الالتزامات المالية واقساط الديون في مواعيدها القانونية دون تأخير، ولكن الظروف الجيوسياسية المحيطة بالدولة تؤثر على المواطن المصري وتتسبب في ارتفاع الأسعار.
من جهته أكد الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب وعضو صندوق النقد الدولى سابقا، إن حديث الرئيس السيسي يؤكد مدى مراعاته لرجل الشارع البسيط وادراكه لمعاناته، وبالتالي فإن الأمر يشكل ضغط كبير على رجل الشارع ويرفع الأسعار بطريقة ترهق المواطن، لذا فإن حرص الرئيس على توفير حياة كريمة للمواطنين دفعته لمطالبة الحكومة بمراجعة شروط صندوق النقد الدولي، موضحا إن من حق مصر بالتأكيد التوجه بطلب مراجعة بعض شروط برنامج الإصلاح الاقتصادي، بفعل التبعات السلبية للتوترات الجيوسياسية بالمنطقة الخارجة على إيراداتها.
وقال الفقى لـ"صوت الأمة" إن مصر ملتزمة في سداد الديون واقساطها ولا تؤجل ذلك، ولكن خلال الفترة الحالية فإن الدولة تواجه مخاطر وتحديات كبرى وتداعيات ثلاث صدمات خارجية صعبة، منذ صدمة كورونا ثم الحرب الروسية الاوكرانية، وحاليا الوضع الأقليمى المتوتر في غزة ولبنان، فأصبحت مصر محاطة إقليمياً بمخاطر لا تتعرض لها اى دولة ناشئة فى العالم، وهناك المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة المتجددة والمشتعلة فى منطقة الشرق الأوسط، ونحن فى قلب وبؤرة هذا الصراع، فمن المؤكد ان يكون لها تداعيات على خطوط الامداد وبالتالى ارتفاع الاسعار، بالاضافة إلى توترات البحر الأحمر التى كان من تداعياتها ان فقدت مصر نحو 60% من إيرادتها المعتادة .
وتابع الفقي، ومن الطبيعى بناء على مثل تلك الظروف وفقا للأعراف الدولية، عندما تواجه دولة ظروفا خارجية غير متوقعة مثل الحروب أو التوترات الجيوسياسية الخارجة عن إرادتها، فيمكن لها التقدم إلى صندوق النقد الدولي لطلب مراجعة لبعض شروط البرنامج بالتخفيف أو التاجيل وليس الالغاء، وتعتبر مثل تلك الطلبات جزءًا من علاقة التعاون المستمرة بين الدولة والصندوق، حيث يسعى كل من الحكومة والصندوق إلى تحقيق توازن بين تنفيذ الإصلاحات الضرورية والحفاظ على الاستقرار والسلام الاجتماعي.
وأضاف الفقى، إن بشائر توجيهات الرئيس جاءت بتصريح من رئيس الوزراء بعدم رفع أسعار المنتجات البترولية لمدة 6 أشهر تخفيفا عن كاهل المواطنين.
ومن جانبه كشف النائب أحمد سمير زكريا، عضو الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، إن توجيهات الرئيس السيسى كانت بمثابة رسالة هامة، خاصة إن الاشتراطات الخاصة بالصندوق لابد من مراجعتها بشكل يتوافق مع الظروف المحيطة بالدولة، فالأوضاع الأقليمية، والجميع يدرك حجم التحديات التي تواجه الدولة المصرية.
وشرح زكريا، لـ"صوت الأمة" كواليس مشاركته بفعاليات الاجتماعات السنوية لـ صندوق النقد والبنك الدولى، وقال إنه تم استعراض الموقف المصري، وتلقى ردودًا إيجابية جدًا من أحد المسئولين بالصندوق، الذي أبدى تفهمه لبعض الملاحظات حول مراجعة الاشتراطات الخاصة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر وتوقيتات تنفيذها.
جاء ذلك فيما توقع صندوق النقد الدولى، تراجع التضخم فى مصر إلى 21.2% فى العام المالى الحالى 2024 - 2025 أى بنهاية يونيو المقبل، انخفاضا من نسبة 33.3% خلال العام المالى الماضى 2023 - 2024.
وتوقع الصندوق أن يحقق الاقتصاد المصرى نسبة نمو 4.1% فى العام المالى الحالى 2024 - 2025 ارتفاعا من نسبة 2.7% خلال العام المالى الماضى 2023 – 2024، لافتا إلى أن الاقتصاد المصرى حقق نسبة نمو فى الناتج المحلى الإجمالى 3.8% خلال العام قبل الماضى.
وقال صندوق النقد الدولى، خلال مؤتمر صحفى خاص بتقرير آفاق الاقتصاد العالمى، إنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمى نسبة نمو بنسبة 3.2% فى بنهاية العام الحالى 2024 وأيضاً بنفس النسبة خلال العام المقبل 2025، كما توقع أن يحقق الاقتصاد الأمريكى نسبة نمو 2.2% فى عام 2025 انخفاضا من نسبة 2.8% خلال عام 2024 لافتا إلى أن الاقتصاد الأمريكى حقق نسبة نمو فى الناتج المحلى الإجمالى 2.9% خلال العام الماضى 2023.
ويعد تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر عن صندوق النقد الدولى أحد أبرز التقارير التى يصدرها صندوق النقد خلال الاجتماعات السنوية الحالية التى انطلقت الأسبوع الماضى فى العاصمة الأمريكية واشنطن.
وانطلقت الأسبوع الماضى، فعاليات الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولى بحضور وفد مصرى رفيع المستوى يضم كبار المسؤولين من البنك المركزى المصرى ووزارات المالية والتخطيط والتعاون الدولى والاستثمار ورؤساء البنوك وممثلين لقطاعات حكومية وقطاع خاص وإعلام، وبمشاركة محافظى البنوك المركزية، ووزراء المالية والتنمية، وبرلمانيين، وكبار المسؤولين من القطاع الخاص، وممثلى منظمات المجتمع المدنى، وأكاديميين لمناقشة القضايا موضع الاهتمام العالمى، ومنها الآفاق الاقتصادية العالمية، واستئصال الفقر، والتنمية الاقتصادية، وفعالية المعونات.
وقال أحمد كجوك، وزير المالية، إن الرؤية التى تنفذها وزارة المالية وبالتعاون رفيع المستوى مع مختلف الجهات الحكومية ومجتمع الأعمال تستهدف تنفيذ سياسات اقتصادية ومالية ونقدية داعمة للقطاع الخاص لزيادة دوره فى النشاط الاقتصادى بما يرفع من معدلات النمو والتوظيف، ودعم الإنتاج المحلى والتصدير، لافتاً إلى أنه سيتم تقديم الكثير من الحوافز للمستثمرين وتشمل تسهيلات ضريبية وحوافز خاصة بممارسة الأعمال داخل الاقتصاد المصرى، بما يعمل على جذب تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر.
وأشار وزير المالية إلى أن الاجتماعات التى يعقدها خلال لقاءات صندوق النقد الدولى سوف تتطرق إلى خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تنفذه مصر، وتتناول بشكل تفصيلى لحزمة الحوافز الضريبية الجديدة التى تم الإعلان عنها وبما تتضمنه من تيسيرات جديدة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، مشيراً إلى أنه سيتم عقد لقاءات مع مسؤولى صندوق النقد الدولى بشأن برنامج التمويل الحالى بين مصر والمؤسسة المالية الدولية، وأكد أهمية صياغة وتنفيذ سياسة ضريبية داعمة للنشاط الاقتصادى والتأكيد على مفهوم الثقة والشراكة بين مجتمع الأعمال والممولين ومصلحة الضرائب، مشيراً إلى توسيع نطاق تأثير وعمل السياسة المالية ليشمل استهداف استدامة أوضاع المالية العامة والمديونية الحكومية وبالتوازن والتكامل دفع تنافسية الاقتصاد المصرى وزيادة الإنتاجية والتصدير واستهداف استراتيجية وطنية طموحة ومتكاملة لخفض وتحسين كل مؤشرات استدامة المديونية الحكومية وتتميز بتنوع الأدوات والإجراءات وكذلك بالاستباقية واستهداف استخدام كل الإصلاحات والإجراءات الممكنة فى هذا الشأن.