النيابة العامة تحاصر قضايا تزويج القاصرات.. و«الإفتاء»: الظاهرة تفتقد في مظاهرها وممارساتها معنى الزواج السوى واستمراره
الجمعة، 18 أكتوبر 2024 02:33 م
تحاصر أجهزة الدولة كافة المخالفات التى تواجه المجتمع المصرى، وعلى راسها النيابة العامة، وتضامن معها المؤسسات الدينية فى القضايا التى لها ابعاد دينية، فاصدرت النيابة العامة اليوم بيانا أهابت فيه الكافة إلى الإحجام عن تزويج القاصرات حفاظًا على المرأة وحقوقها وصيانة لحياتها، كما تؤكد أنها ستتصدى لتلك الظاهرة الإجرامية بملاحقة مرتكبيها؛ إيمانًا منها بأهمية العناية بحقوق المرأة والطفل.
وأحبطت تحقيقات النيابة العامة واقعة زواج قاصرة، بعدما رصدت النيابة العامة تداول مقطع مصور بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، لطفلة تظهر بزى زفافها وتصرح بأن عمرها ثلاثة عشر عامًا؛ فباشرت النيابة العامة تحقيقاتها، وسألت الطفلة وخطيبها ووالدها ورجل الإدارة للقرية محل سكنهم، فثبت أن الطفلة طالبة بالمرحلة الإعدادية، وأن حفل خِطبتها قد اقترب ميعاده، وهو ما أيدته تحريات جهة البحث، كما ثبت بتقرير لجنة حماية الطفولة أن والد الطفلة عازم على فسخ خطبتها، ولذلك أوصت اللجنة بتسليمه الطفلة على أن يتعهد بحسن رعايتها وعدم قبول طلبها للزواج قبل بلوغها السن القانونية، وبمتابعة حالتها أسبوعيًا من خلال تلك اللجنة.
وأكدت دار الإفتاء، أنه لا يخفى أن ما نشهده فى العقود الأخيرة من أمر زواجِ القاصرات يجعلنا جميعًا أمام مشكلة اجتماعية خطيرة، تفتقد فى مظاهرها وممارساتها لمعنى الزواج السوى ومقومات استمراره؛ والقاصراتُ جمع قاصر، ويدل فى اللغة على العجزِ وعدم الرشد فى التصرفات ووضع الأمور فى غير مواضعها، ويطلق فى الاستعمال الشائع على من لم يبلغ الحُلُمَ: الصّغير والصَّبى والجارية، وهم مَن دون سن البلوغ الذى حدده أهل القانون فى مصر ببلوغ سن الزوجة أو سن الزوج ثمانى عشرة سنة ميلادية، ومن ثَمَّ فالمراد بزواج القاصرات كمصطلح مركَّب هو تزويجُ من له الولاية البنتَ الصّغيرةَ التى لم تصل السنَّ المحدد فى القانون ببلوغ ثمانى عشرة سنة ميلادية.
وأوضحت دار الإفتاء، لقد حثَّ الشرعُ الشريف كُلًّا من الرجل والمرأة على مراعاة الكفاءة عند العزم على الارتباط وإقامة العلاقة الزوجية بينهما، ورغم أن فقهاء الإسلام قد اتفقوا على أصل مشروعية الكفاءة لكنهم اختلفوا فى تحديد خصالها وسماتها؛ نظرًا لمراعاة النظر فى أغلبها لاختلاف الأحوال والأزمان والأمكنة والأعراف والثقافات، وهى أمور ضرورية تمثل عناصرَ فعالة فى حصول المودة والرحمة والاحترام المتبادل فى الأسرة وعاملًا مساعدًا على أداء الحقوق المتقابلة بين الزوجين.
وتابعت، القول بمنع هذا النوع من الزواج هو المعتمد فى عصرنا ومصرنا شرعًا وقانونًا؛ وذلك استنادًا إلى أقوال بعض أهل العلم من التابعين ؛كالإمام ابن شبرمة والإمام الأصم، ومن المقرر شرعًا أنه يجوز الأخذ بأى قول معتبر من أقوال أهل العلم بما يحقق المصلحة ووفقًا للاختيار الفقهى المنضبط، خاصة أنه قد ثبت ضرره بصورة يقينية، حيث يتضمن هذا النمط من الزواج أمورًا خطيرة ترجع على مبدأ اعتبار الكفاءة بالبطلان؛ حيث امتهان الكرامة وضياع الحقوق، بالإضافة إلى ما يحصل فى بعض صورِه من سوء المعاملة والمعاشرة، مع ما يستتبع ذلك من المضار النفسية والاجتماعية، وما يجره من تهديد الأمن الاجتماعى، وما يفرزه ذلك من أطفال الشوارع ومجهولى النسب، فى بعض الحالات، الذين يمثلون بعد ذلك قنابلَ موقوتة تهدد الأمن والسلام الاجتماعيين.