دموع حميدتي
الإثنين، 14 أكتوبر 2024 03:10 م
ميليشيات "الدعم السريع" هي ميليشيا شبه عسكرية سودانية نشأت مؤخرا في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، بل وأصبحت لاعبًا رئيسيًا في الساحة السياسية والعسكرية في السودان.
منذ عدة ساعات قامت قيادات هذه الميليشيا بالتطاول على مصر ووجهت لنا اتهامات بالهجوم الجوي علي مواقع لهم، وذلك في إطار تصعيد متزايد بين الميليشيا وبين عدة أطراف داخل وخارج السودان.
ولعلنا نريد أن نفهم أكثر هذه التطورات، ولمعرفة أسبابها لا بد من تسليط الضوء على أصول هذا التشكيل، ودعمه القبلي والعسكري، وجرائمه في السودان، وقياداته.
نشأت قوات الدعم السريع كقوة مسلحة مدعومة من الحكومة السودانية وقتها بهدف مواجهة التمرد في إقليم دارفور الذي اندلع في أوائل الألفية، و يعود أصلهم إلى ميليشيات "الجنجويد" التي اشتهرت بارتكاب فظائع ترقي إلي حد الإبادة الجماعية، بما في ذلك القتل والتهجير والاعتداءات على المدنيين.
كانت هذه الميليشيات تعتمد على دعم الدولة السودانية، وسرعان ما تحولت إلى قوة منظمة تحت اسم "الدعم السريع"، بقيادة شخص يدعى محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" والذي بدء حياته كتاجر للجمال ثم أصبح أحد أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية في السودان.
تتلقى قوات الدعم السريع دعماً كبيراً من بعض القبائل العربية في إقليم دارفور، الذين يرتبطون تاريخياً بمليشيات الجنجويد، مثل قبائل الرزيقات التي ينتمي إليها حميدتي نفسه، كما أن الدعم السريع تلقى في بعض الفترات تمويلًا خارجيًا وتسليحًا من دول إقليمية تسعى لتحقيق مصالحها في السودان، وسط تنافس إقليمي على النفوذ في البلاد.
تتمتع قوات الدعم السريع بترسانة عسكرية تتضمن عربات مدرعة وأسلحة متوسطة وثقيلة، حيث اعتمدت في السابق على دعم الجيش السوداني بعد الإطاحة بالبشير في 2019، ثم أصبح لهذه القوات نفوذ واسع في السودان، وشاركت في العمليات الأمنية داخل الخرطوم وفي مناطق أخرى.
كما اشتهرت قوات الدعم السريع مؤخرا بارتكابها العديد من الجرائم ضد المدنيين، وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من بينها القتل الجماعي، والاغتصاب، والتهجير القسري، وخلال الثورة السودانية في 2019 وحتى الآن، كما تورطت هذه القوات في قمع المتظاهرين السلميين، مثل مجزرة القيادة العامة في يونيو 2019، التي راح ضحيتها عشرات المتظاهرين الذين كانوا يعتصمون أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم.
علاوة على ذلك، تعد قوات الدعم السريع متورطة في صراعات محلية عديدة، وتستخدم الترهيب والضغط العسكري لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية. لها دور كبير في تجارة الذهب والموارد الطبيعية الأخرى، مما يمنحها مصادر تمويل إضافية خارج الدولة.
حميدتي الذي أصبح نائبا لرئيس مجلس السيادة في السودان بعد الإطاحة بالبشير هو شخصية مثيرة للجدل في السياسة السودانية؛ فهو قائد ميليشيا قوية، لكنه يسعى لتقديم نفسه كزعيم سياسي وطرف رئيسي في المستقبل السياسي للبلاد حيث يسعى إلى تعزيز نفوذه الداخلي بل وتمديده الي خارج الحدود السودانية من خلال بناء علاقات إقليمية مع بعض القوى الخارجية.
مؤخرا سمعنا صرخات ودموع اطلقها حمداي نفسه مدعيا بأن مصر تشارك في دعم الجيش السوداني ضده ميليشياته المنشقة، هذه الاتهامات تفتقر إلى أدلة ملموسة كمحاولة لتمهيد خسارته التي تقترب ولتأليب الرأي العام الداخلي والإقليمي ضد مصر، والاستفادة من تصعيد الأزمة للحصول على مكاسب سياسية.
هذه الدموع وهذا الندب لن يثني مصر عن مساندة الشرعية ووحدة المؤسسات الوطنية السودانية، فالسودان المستقر هو امتداد لأمن مصر القومي الذي يجب أن نحافظ عليه.
مهندس حسام الدين علي
النائب الأول لرئيس كتلة الحوار ورئيس حكومة الظل